View Full Version : ( إن في قصصهم لعبرة .... )
بو عبدالرحمن
19-09-2000, 06:12 AM
_
_
لا شك أن قصص الهداية والعودة إلى الله كثيرة وتتكاثر
وتحت كل سماء مئات القصص في كل يوم وليلة ،
بل أستطيع أن أقول في ثقة : في كل حي قد تجد قصة أو قصصاً عدة
وطرأت في ذهني فكرة مشروع نافع مفيد :
أن أسوق إليكم بين الحين والحين قصة هداية قرأتها أو سمعت عنها
ومع الأيام يتكامل لدينا ملف ضخم فيه عشرات القصص النافعة
ومعلوم ما للقصة من تأثير في النفس البشرية
بل معلوم أن هناك أناساً لا يتأثرون بشيء أقوى من تأثرهم بالقصة
ولا عجب في هذا ..
فنحن نلاحظ أن القرآن الكريم وهو كلام الرب جل في علاه
قد احتوى عشرات القصص النافع المؤثر
ولولا أهمية القصة في تربلية النفس البشرية ما اعتنى القرآن الكريم بالقصة على هذا النحو
وقد قال الله عز وجل ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب )
وفي موضع آخر رتب على القصص تثبيت قلب الرسول صلى الله عليه وسلم :
( وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك )
وقلوبنا في هذا الزمان تحتاج إلى تثبيت كثير ومستمر ..
وأحد المثبتات لهذا القلب : هو القصص الهادف ..
- - -
وعلى اسم الله نبدأ ، وبه نستعين :
بو عبدالرحمن
19-09-2000, 06:15 AM
القصة الأولى :
قال الراوي :
كنت شاباً لا أعرف غير طريق الضلالة واللهو والعبث والركض وراء الشهوات ،
ولا أرى الحياة إلا في هذه الدوائر ..
تعب والدي من نصحي وتحذيري ، حتى نفض يده من إصلاحي ،
غير أني كنت أسمعه كثيراً يدعو لي بالهداية ، فلا أكترث لما اسمع ..
راتبي أنفقه على ملذاتي ، وقبل أن ينتهي الشهر يكون جيبي فارغاً ..
ذات نهار ..
جاءني هاتف.. يخبرني أن أعز أصدقائي مات فجأة وهو على فراشه ،
فانتفض جسمي كله ، ودبت فيّ رعدة شديدة ،
كنت وهذا الصديق نقضي البارحة في صخب حتى قرب الفجر ، كيف مات ، وقد تركته بصحة .؟
لأول مرة أصلي صلاة الميت ،
في المسجد ونحن نتهيأ للصلاة ، حرص أبي أن يكون إلى جانبي ، ولعله رأى ما اعتراني من حالة نفسية شديدة ،
فهمس في أذني : صلّ قبل أن يُصلى عليك !
وكان لهذه الكلمة وقع عنيف على قلبي .. ولذا فقد وجدت نفسي أبكي أثناء الصلاة ،
كنت أتخيل نفسي ذلك الميت ، ثم لا أجد من يصلي عليّ ..
حين انصرف الناس من المقبرة ، بعد أن نفضوا أيديهم من دفن صديقي ،
بقيت وحدي بين المقابر ،
وإذا بي أجهش بالبكاء كالأطفال ، وأنا أرى حولي مدينة كاملة من الأموات ،
كانوا في منتهى قوتهم ، وكانت لهم آمال وأحلام وأمانٍ ، وهاهم لا يؤنسهم حتى أحب الناس إليهم ..!
وأحسب أني لم أخرج من المقبرة إلا بعد أن دفنت ذلك الماضي الأسود من حياتي ،
ومن يومها عرفت الطريق إلى الله عز وجل ، وأقبلت عليه إقبال الظامئ بعد عطش طويل ،
وأدركت أني كنت متوهماً طوال تلك السنوات ، فقد وجدت السعادة الحقيقية في رحاب الله ..
ولله الحمد والمنة ..
وأسأله جل جلاله أن يغفر لي ما مضى ، وأن يحفظني فيما بقى .
الغدير
19-09-2000, 08:08 AM
جزاك الله خيرا
جزاك الله خير على هذه المواعظ القيمة
جعلها في ميزان حسناتك ....
تحياتي وتقديري ..
بو عبدالرحمن
19-09-2000, 05:07 PM
_
القصة الثانية :
قال الراوي : سمعت هذه القصة ترويها ممثلة ذات يوم .. قالت :
عشت سنوات من عمري ، وأنا أحسب أني أعيش في بحبوحة الجنة ..!
الأضواء من حولي حيثما سرت ، المعجبين والمعجبات في كل مكان ،
الصحافة والمجلات والإعلام تتبع أخبار كأي فنانة لامعة ، حفلات صاخبة ،
دخل مادي جيد، سفرات ، هدايا و…و… الخ
ومضيت في طريقي وأنا أحسب أني حورية تقوم بدور كبير في خدمة وطنها ..!
- -
العجب أنني كنت أحسب أن حياتي الصاخبة المنفلتة هذه ، لا تغضب الله عليّ ، ولا تعرضني لسخطه ، لسبب بسيط جداً :
أنني أصلي كلما وجدت فرصة (!) وأصوم رمضان كله (!!)
وأقول دائماً ( لا إله إلا الله ) وعلى لساني يجري ذكر الله …!! أما عدا ذلك فليس للدين دخل فيه ..!
ثم شاء الله بي خيراً ..
تعرّض أخي لحادث مروع _ وكان أحب الناس إلى قلبي _ وكنت أتردد عليه كل يوم في المستشفى ،
وكان في حالة يرثى لها ، وكنت كلما وقع نظري عليه ،لا أملك نفسي من البكاء ،
- -
وفي الليلة التي مات فيها ،
كنت أسهر قرب سريره ، وكان يجالد نفسه ، ويجهد جهداً شديداً ليحدّثني عن الموت وما بعد الموت ،
ثم يطالبني أن أراجع نفسي لأن الموت حق ، ولعلي ألحق به عن قريب ..
كان يرفض مطالبتي أن يسكت ليرتاح ، وبقي يتحدث في هذه المواضيع ،،
ثم نام .. ونمت ، وقبل الفجر كان قد قبضه الله ..!
أصابني انهيار شديد ، وأظلمت الدنيا في عيني ، وانعزلت عن الناس ، وكرهت الدنيا ،
وكانت صورة أخي لا تفارقني أبداً ، وكان كلامه لا زال يرن في أذني ..
وكنت أتخيله في القبر ، وكيف أصبح وحيداً لا ينفعه إلا عمله ..
كانت تأخذني نوبة شديدة من البكاء ، وخاف عليّ أهلي ،
- -
وأخذتني أمي إلى شيخ جليل ، وكان فقيهاً حكيماً ، فأخذ يبشرني أن الله يريد بي خيراً ،
وتحدث طويلاً عن رحمة اله الواسعة ، وواجب العبد ، وضرورة التوبة ..الخ
وكانت البداية .. وما أصعب البداية .
أن أترك كل تلك الحياة الصاخبة ، بما فيها من زينات وشهوات وملذات وشهرة ونجومية ، و..و..الخ ..
ولكني عزمت عزماً أكيداً ، لا رجعة فيه ..
وأقبلت على الله تعالى بصدق ، وشيئاً فشيئاً أخذت أجد حلاوة الحياة الطيبة مع الله تعالى ،
ثم أدركت تماماً أني كنت أعيش في وهم كبير خادع ، أشبه بالسراب يحسبه الظمآن ماء ، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ..
- -
أما الآن فسعادتي القلبية مع الله لا حدود لها ، ويعجز لساني عن التعبير عنها .. والحمد لله رب العالمين .
بو عبدالرحمن
20-09-2000, 05:49 AM
القصــــــة الثــالثـــة :
قال الراوي :
..… واستلمت منه الورقة بفرح طفولي ، ولم أنتظر أن أصل إلى البيت بل شرعت أقرأ ها في السيارة .. فكان فيها :
1) المبادرة إلى الفرائض في أول أوقاتها _ مع الحرص على حضور القلب خلالها _
2) الإكثار من النوافل _ ما استطعت إلى ذلك سبيلاً _ كالصلاة ، والصيام التطوعي ..
بشرط أن لا يصل الأمر إلى الإفراط فيها على حساب واجبات أخرى ..
3) الحرص على أخذ العلم الصحيح من مظانه .. حلقة علم ، كتب مختارة ، مذاكرة مع أخ في الله ، …
4) الإقبال على الذكر الكثير ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) : ويدخل في ذلك : أذكار المناسبات ، وأذكار الصباح والمساء
، والأذكار المطلقة _ كالاستغفار ، والتهليل ، والصلاة على رسول الله … _
5) المناجاة والتضرع والإلحاح في الدعاء ..
6) الاعتكاف بين الحين والحين ، ولو لبعض الوقت .. تخلو مع الله جل جلاله لتفكر في ما يهمك من أمر دينك ..
7) الإقبال على تلاوة القرآن بشكل يومي بالتدبر ، والرجوع إلى التفاسير قدر الاستطاعة ..
8) دراسة السيرة النبوية المطهرة .. وكذلك السنة النبوية الشريفة …
9) قراءة شبه يومية : في سيرة الصحابة رضي الله عنهم .. وفي سير الصالحين وقصصهم وأقوالهم ….
01) الحرص على حضور الحلقات المسجدية : كحلقات العلم ، والوعظ ، والذكر ..من أجل صهر القلب في أجواء ملائكية
خالصة ..
11) محاسبة النفس لتحقيق شروط التوبة التي قررها العلماء ..
21) تحرير الولاء لله ورسوله وللمؤمنين .. وبغض الكفر والكافرين ونفاق والمنافقين ..
31) ضرورة مجاهدة النفس في ميدان التخلية والتحلية _ التخلية من الصفات الذميمة ، والتحلية بأضدادها _
41) ضرورة هجر صحبة السوء ، ومقاطعة أجواءهم لأن البقاء فيها لابد أن يؤثر على القلب ..
51) الارتباط بصحبة خير تعين على الطاعة ، وتحجز عن المعصية ، وتشجع على مزيد من القرب من الله .
61) الانشغال بأمر الدعوة إلى الله تعالى ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن ..
71) المنافسة على أعمال البر والخير في كل ميدان متاح :خدمة المسلمين ، ومساعدة المحتاج .. وغيرها
81) الحرص على بر الوالدين ، والعطف عليهما ، وإظهار مزيد من الحب لهما ..
91) صلة الأرحام بما تيسر ، ولو بكلمة الطيبة ، والسؤال .. ونحو هذا
02) البذل لأجل الله .. كالصدقات على اختلافها .
- - -
أخذت هذه الورقة بإلحاح من صديق كنت أعرفه مسرفاً جداً على نفسه ، ثم تغير تغيراً جذرياً في كل شيء : في كلامه ..
في تصرفاته .. في حرصه على عمله .. في سلوكياته مع الآخرين .. في قراءته … في كل شيء ..
- - -
كنت قد سافرت وهو على انحرافه ، فلما عدت بعد سنة ، وجدته قد تغير كلياً ، فلزمته وتقربت إليه ، حتى أعرف سر هذا
التغيير ، فذكر لي _ ما في هذه الورقة شفوياً _ فألححت عليه أن يكتبها لي لأسير على ضوئها ، لعل الله أن يكرمني كما
أكرمه .. خاصة وقد كان يؤكد لي أنه أصبح يذوق بقلبه معانٍ لم يكن يصدق أن لها وجوداً ..!
وأصبح يحس إحساساً مباشراً بالنور في قلبه ، يفيض على جوارحه ..!
- - -
وصدقته لأني كنت أعرفه من قبل ، ورأيت بعيني هذا الانقلاب في حياته ..
( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .. )
( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) ..
ومن جد : وجد ، ومن سار على الدرب وصل ..
و رحلة الألف ميل تبدأ دائماً بخطوة .. فهل من مشمر .. !؟
يا أخي .. استعن بالله ولا تعجز ، فإنها جنة ورب الكعبة ..
جنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ..( في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) ..
نسأل الله أن يرزقنا محبته .. وحسن الإقبال عليه .
- - -
بو عبدالرحمن
20-09-2000, 05:52 PM
_
القصــة الرابعــة :
( قرأتها منذ سنوات ، ولأنها طويلة فإني أختصرها بصياغة من عندي ) :
كان شاباً بلغ في الانحراف مداه ، أزعج أهل الحي وآذاهم ، حاولوا معه بشتى الوسائل ، وعد ووعيد ، وإغراء وتهديد ،
فلم يفلحوا ، بل عرضوا عليه أن يترك منطقتهم ، على أن يعطوه ما شاء من المال ، فلم يقبل ، دخل السجن مرات ، وكان
يخرج في كل مرة اشد ضرواة ، وأعنف سلوكاً ، وأكثر فساداً ..
قال الراوي : ثم انقطعت عني أخباره لزمن ، وذات يوم وكنت في العاصمة لبعض احتياجات بيتي ، حانت صلاة الظهر ،
فولجت جامعاً كبيراً ، وبينما أنا أنتظر الصلاة ، وأتأمل جوانب المسجد ، حملقت في ذهول وأنا أشاهد شاباً يصلي في
خشوع ، ولم أصدق عيني ، وبقيت أحدق فيه وهو يركع ويسجد في خضوع .. لقد كان ذلك الشاب المسرف على نفسه
بعينه ..!
سبحان الله الهادي ..!! ماذا حدث ؟ هل هذا معقول ؟ وأقيمت الصلاة ، وبقي فكري مشغولاً بقصة الشاب ، ولما فرغنا من
الصلاة أخذت أتلفت ، فإذا الشاب قي انسحب إلى ركن قصي في المسجد ، وسرعان ما تحلقت حوله كوكبة من الصبيان ،
وما هي إلا دقائق حتى شرع يعلمهم القرآن الكريم ، ويحنو عليهم ، ويتلطف بهم .. !!
وهالني ما رأيت ، وشككت فيما أرى ، وقلت : لعله مجرد تشابه ليس غير ، وإلا فأين الثرى من الثريا ، وبقيت أرقب
المشهد ، حتى إذا ختم جلسته وبادر الصغار يصافحونه بحرارة ، وهو يسمح على رؤوسهم ، ويداعبهم ، حتى إذا
انصرفوا هرولت إليه في لهفة أسأله هل هو هو الذي أعرفه ..!؟ فابتسم وهز راسه وأجاب : أنا هو بشحمه ولحمه ..!!
وألححت عليه أن يسمعني قصته ..
وكانت الخلاصة :
أنه كان ذات يوم يجلس وحده ، لحالة ضيق نفسي يعانيها ، فمر به شيخ جليل ومعه جماعة في طريقهم إلى المسجد ،
فوقف الشيخ ووقفوا فسلم على الشاب ، وحادثه قليلاً ، ثم طلب منه أن يسير معهم إلى المسجد ، قال : فوجدت نفسي _
لأول مرة _ انصاع لأحد يطلب مني طلباً كهذا ..
وفي المسجد عقد الشيخ جلسة وعظ وإرشاد ، وتحدث حديثاً عن الله جل جلاله هز نفسي ، وحرك قلبي بقوة إلى الله ،
ومن يومها قررت أن انخلع من حياتي السابقة .. ولزمت الشيخ وبقيت معه أتعلم منه ، وأتلقى عنه العلم والأدب والدعوة
إلى الله تعالى .. حتى صار أمري كما ترى أعلم أبناء المسلمين كتاب الله تعالى ..
………
تعليــــق :
فشلت المدرسة .. وفشل الأهل .. وفشل أهل الحي ..وفشل الإعلام .. وفشل السجن .. وفشل الوعد والوعيد .. وفشل
الإغراء والتهديد ..!
ونجح بامتياز باهر : حلقة مسجد يحف بها الملائكة الأطهار ..!
- - -
بو عبدالرحمن
21-09-2000, 11:16 AM
_
القصــة الخـامســـة :
-.. وهي من أعجب ما قرأت..
شاب كان يعمل كهربائياً ماهراً في شركة خاصة ، أرسل يوماً لتركيب طبق ( دش ) على سطح فيللا ..
قال : في المنزل استقبلني رجل مسن وقور ، عرفت أنه صاحب الفيللا ، فلم يطاوعني قلبي ،
فأخذت أشرح له مضار الدش وسلبياته ، ومخاطره على الأبناء والبنات ..
واسترسلت وبقي الرجل صامتاً ، ثم عقب بكلمات قليلة
فهمت منها أنه مغلوب على أمره ، من قبل الزوجة والأبناء والبنات ، وأنه لا حيلة له ..!!
- -
وصعدت إلى السطح ، لأعاين المكان ، وأهيئ الوضع ، وكان يوماً شديد الرياح ،
واجتهدت أن أتماسك ، حتى أنهي المهمة على خير وجه ، غير أن الله أراد بي خيراً ..
فسقطت من أعلى السطح إلى الأرض بقوة ، فانكسرت ساقي ، وأصبت برضوض عدة ..!!
وتعطل مشروع الطبق .! فقد أقسم الرجل أنه لن يتمم المشروع على اعتبار أن هذا أول الشر !!
- -
في المستشفى بقي الرجل يتعهد الشاب ويرعاه ويتردد عليه ، لشعوره أنه كان سبب الحادث
من جهة ، ولأنه عرف أن الشاب ليس له أحد في هذا البلد من جهة أخرى ..
كان نظام المشفى ، أن كل شخصين في غرفة ، وكان نصيب هذا الشاب
أن يكون معه شاب آخر وضيء الوجه ، مستقيم السلوك ، ملتزم تعاليم الله ،
لا تفوته فريضة ، كثير الذكر والدعاء ، شجي الصوت بالقرآن ..
- -
بالمناسبة _ وهاهنا المفاجأة الكبرى _
بطل قصتنا ، الشاب الذي سقط ، كان شاباً عربياً من بلاد الشام كان .. كان نصرانياً !!
وكان لهذه المفاجأة أثرها البالغ على الرجل صاحب الفيللا حين عرفها
_ في المستشفى عند إدخال الشاب إليه _ نصراني ينصح مسلماً بأن لا يعرّض نفسه للشر !!
- -
قال الشاب : ومن تلك الحجرة في ذلك المستشفى بدأت ولادتي الحقيقية :
كانت مودة بيني وبين رفيقي في الحجرة من جهة ، وبيني وبين صاحب الفيللا
الذي لم ينقطع عني من جهة ، وكانت حوارات ، وكانت مناقشات ، وكانت صلات ،
وتليت علي آيات كان بدني يهتز عند سماعها ، وانتهيت أن أعلنت رغبتي في دخول الإسلام ..!
- -
العجيب أن الشركة التي كنت أعمل بها ، استغنت عن خدماتي ..!
غير أني لم أكترث ، فقد فرحت للغاية بأني عرفت الطريق إلى ربي ، وشرعت ألتزم بتعاليمه ، وشعرت بالنور يغمر قلبي
..
وخرجت من المشفى جديداً على الحياة .. وفتح الله لي أبواب رزق أخرى .. ولله الحمد والمنة ..
---
التعليق :
( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم
والله يعلم وأنتم لا تعلمون )
بو عبدالرحمن
21-09-2000, 05:46 PM
_
القصــة السادسة :
قال الراوي : سمعت هذه القصة ترويها ممثلة ذات يوم [ ونحن نعيد الصياغة هنا ].. قالت :
عشت سنوات من عمري ، وأنا أحسب أني أعيش في بحبوحة الجنة ..!
الأضواء من حولي حيثما سرت ، المعجبين والمعجبات في كل مكان ،
الصحافة والمجلات والإعلام تتبع أخباري كأي فنانة لامعة ،
حفلات صاخبة ، دخل مادي جيد، سفرات ، هدايا و…و… الخ
- -
ومضيت في طريقي وأنا أحسب أني حورية تقوم بدور كبير في خدمة وطنها ..!
العجب أنني كنت أحسب أن حياتي الصاخبة المنفلتة هذه ، لا تغضب الله عليّ ، ولا تعرضني لسخطه ،
لسبب بسيط جداً : أنني أصلي كلما وجدت فرصة (!) وأصوم رمضان كله (!!)
وأقول دائماً ( لا إله إلا الله ) وعلى لساني يجري ذكر الله …!! أما عدا ذلك فليس للدين دخل فيه ..!
ثم شاء الله بي خيراً ..
- -
تعرّض أخي لحادث مروع _ وكان أحب الناس إلى قلبي _
وكنت أتردد عليه كل يوم في المستشفى ، وكان في حالة يرثى لها ،
وكنت كلما وقع نظري عليه ،لا أملك نفسي من البكاء ، وفي الليلة التي مات فيها ،
كنت أسهر قرب سريره ، وكان يجالد نفسه ، ويجهد جهداً شديداً ليحدّثني عن الموت وما بعد الموت ،
ثم يطالبني أن أراجع نفسي لأن الموت حق ، ولعلي ألحق به عن قريب ..
كان يرفض مطالبتي أن يسكت ليرتاح ، وبقي يتحدث في هذه المواضيع ،، ثم نام .. ونمت ،
وقبل الفجر كان قد قبضه الله ..!
- -
أصابني انهيار شديد ، وأظلمت الدنيا في عيني ، وانعزلت عن الناس ، وكرهت الدنيا ،
وكانت صورة أخي لا تفارقني أبداً ، وكان كلامه لا زال يرن في أذني ..
وكنت أتخيله في القبر ، وكيف أصبح وحيداً لا ينفعه إلا عمله ..
كانت تأخذني نوبة شديدة من البكاء ، وخاف عليّ أهلي ،
وأخذتني أمي إلى شيخ جليل ، وكان فقيهاً ، فأخذ يبشرني أن الله يريد بي خيراً ،
وتحدث طويلاً عن رحمة اله الواسعة ، وواجب العبد ، وضرورة التوبة ..الخ
- -
وكانت البداية .. وما أصعب البداية ., أن أترك كل تلك الحياة الصاخبة ، بما فيها من زينات وشهوات وملذات وشهرة
ونجومية ، و..و..الخ .. ولكني عزمت عزماً أكيداً ، لا رجعة فيه ..
وأقبلت على الله تعالى بصدق ، وشيئاً فشيئاً أخذت أجد حلاوة الحياة الطيبة مع الله تعالى ، ثم أدركت تماماً أني كنت أعيش
في وهم كبير خادع ، أشبه بالسراب يحسبه الظمآن ماء ، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ..
أما الآن فسعادتي القلبية مع الله لا حدود لها ، ويعجز لساني عن التعبير عنها .. والحمد لله رب العالمين .
- - -
ma3gool
21-09-2000, 09:19 PM
:(:(:( جزاك الله خير اخي بو عبد الرحمن على التذكير وجعلها الله في موازين حسناتك...والله يهدينا وسائر المسلمين يا رب العالمين..:(
بو عبدالرحمن
22-09-2000, 08:03 AM
_
القصــة السـابعـــة :
قال الراوي :
كان لي صديق أثير إلى نفسي ، تربطنا علاقة مودة قوية ، كنا نتنافس في ميادين كثيرة :
في المدرسة على المراتب الأولى ، في الهوايات الرياضية ، في اللباس ، على اقتناء الأشياء الثمينة ، وعلاقتنا الغرامية
أيضاً _ وإن كانت كذباً ومباهاة ..! _
كنا نحسب الحياة مجرد : ضحك ولعب ولهو وهزل ، وصور من الشقاوة متنوعة ، هذا خارج جدران المدرسة ، أما داخل
المدرسة فجد لا يعرف الهزل ..!
- -
وسافر صديقي ذات صيف ، واستوحشت ، فهذه أول مرة أجد نفسي وحيداً ، كأنما روحي فارقتني !
وبقيت أتلهف لقدومه ..ولما عاد أنكرته ! نعم لا زالت ابتسامته ترف على وجهه ،
ولكنه عاد بغير الوجه الذي ذهب به ، لقد عرف طريق الهداية ، واعتادت قدماه التردد إلى المساجد ، وحلقات العلم ،
وأصبح لسانه يدور بالدعوة إلى الله حيثما كان ..!
وبقي على علاقته بي ، غير أنه كان يجهد ليأخذ بيدي معه إلى عالمه الجديد ،
وبقيت محباً له ، ولكني بقيت مصراً على البقاء في أجوائي المخملية ..!
ولكني كنت إذا جلست وحدي ، وفكرت في سلوكيات صديقي التي تغيرت ، ومفاهيمه التي تبدلت ،
ونظرته إلى الحياة ، وأفكاره التي يطرحها ..
فأزداد إعجاباً به ، وإن كنت أمامه أكابر بقوة ، بل وأسخر منه ، وأتهكم ..!!
- -
فاجأني ذات يوم بأن أعلن لي :
إما أن أتغيّر كما تغيّر ، وإما أن يفارقني إلى غير رجعة ..!
وكابرت أيضاً وأظهرت له عدم المبالاة ..! ومضت أيام ، وتلتها أسابيع ،
وكنت أشعر بفراغ شديد ، كأنما نقص من حياتي شيء عظيم لا أستطيع تعويضه ،
واتصلت به أريد إعادة الجسور فيما بيني وبينه ، وطلبت منه زيارتي لضرورة ،
وكأنما كان ينتظر هذه الخطوة ، ، وما هي إلا لحظات قليلة حتى رن جرس الباب ،
وهرولت إليه ، وأخذ كل منا الآخر بالأحضان ، وطلبت منه الدخول ،
لكنه فاجأني وقال :
لن أدخل الآن ، فقط أحببت أن أعطيك هذا الشريط تسمعه أولاً بعناية ،
وفي المساء سآتي لزيارتك وتناول العشاء معك ، ونتحدث فيما نشاء ..
وأخذ مني عهداً قاطعاً أن أستمع إلى الشريط جيداً .. وذهب ، ودخلت واستمعت إلى الشريط بعناية ،
وشعرت بأن الشيخ المتحدث لم يترك شيئاً مما يدور في نفسي إلا تناوله بالتوضيح والبيان وإقامة الحجة ..!
- -
ولم يأت المساء إلا وقد أعلنت الثورة على أهواء نفسي الأمارة ، وعزمت على التوبة الصادقة ،
وسمرت وصديقي سمراً جديداً ، سالت فيه دموع ، وطالت فيه مناجاة ،
ومنذ تلك الليلة عرفت أن الحياة الحقيقية لن تكون أبداً إلا في رحاب الله عز وجل ..
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ..
بو عبدالرحمن
23-09-2000, 06:02 PM
_
القصـــة الثـامنـــــة :
الراوي هذه المرة من الفليبين ، كان شاباً متميزاً في سلوكه وأخلاقه ، ولاسيما ضبطه للسانه ،
كان يدرس في أحد البلاد العربية ، وسئل ذات يوم عن قصة هدايته فضحك ، ثم قال :
- -
كانت تربطني بصديق علاقة حميمة منذ الصغر ، كان جاري ، وكانت عائلته كعائلتي ، والعكس ،
كان ينام تارة في بيتنا ، وكنت أنام تارة في بيتهم ، لم نكن نفترق إلا نادراً ،
كان البعض يقول عنا : روح سكنت جسدين ..!
كل شيء يجمعنا ، ولم نختلف على شيء ، ولا أذكر أننا تنازعنا شيئاً ،
ورغم أنه في مثل سني غير أني كنت متعلقاً به غاية التعلق ، فقد كان متميزاً عني في أشياء كثيرة
، حتى السفر إلى منطقة قريبة ، لا يمكن أن يسافر أحدنا دون الآخر ،
منذ المراحل الأولى للدراسة كنا في فصل واحد ، بل وعلى ذات الطاولة الخشبية المتواضعة ،
فقد كان كل طالبين يشتركان في طاولة ، وهكذا سارت بقية المراحل الدراسية
حتى إتمام الثانوية العامة ، التي نجحنا فيها بامتياز ،
- -
غير أنا حتى هذه اللحظة : لم نكن نعرف من الدين إلا اسمه ، ولا من المصحف إلا رسمه ، ونحسب أنه يكفي أحدنا أن
يكون اسمه في الهوية من أسماء المسلمين ليضمن دخول الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء ..!!
وتيسرت لنا بعثة للدراسة ، وفرحنا لأننا سنبقى معاً ولن نفترق ،
فقد كان هذا الأمر يقلقنا للغاية ، ومضت السنة الأولى الجامعية ، ونحن كما كنا ،
بل زادتنا الأجواء الجديدة شيئاً من الانجراف مع صور من الشهوات والأهواء ،
- -
في منتصف السنة الثانية
كان صديقي قد تغير ، لقد تعرف على أصدقاء جدد ،
وجلس إليهم وأحب أخلاقهم ، وأعجب بسلوكياتهم ، وأثارته طروحاتهم ، وأفكارهم …الخ
وعزم على أن ينخلع من حياته السابقة بلا تردد ..
وسرعان ما أتلف عشرات المجلات التي امتلأت بصور النساء ..
وأحرق عشرات الأشرطة من الأغاني الغربية وبعضها عربي ،
ومزق صور النجوم التي كانت تملأ غرفته ،
ورمى في غرفتي بعشرات الكتب والروايات التي كانت تملأ مكتبته المتواضعة ..!
بل وغيّر نمط لباسه ، من البدلات الضيقة للغاية ، إلى بدلات تلائم وضعه الجديد .. وهكذا ..
- -
ومن جهة أصبح حريصاً للغاية على الصلاة في أول وقتها ، كما أصبح كثير التلاوة للقرآن الكريم ، مقبلاً بشغف على
الكتب الدينية ..
كنت أرى ذلك وأسأله فيجيب إجابات مختصرة مضمونها :
أنه عرف الطريق ، وقرر أن يسلكه بلا رجعة .. وبقيت كما أنا ،
وأخذ شيئاً فشيئاً يحدثني عما يجده في قلبه من معانٍ راقية ،
ويرغبني أن أسير في الطريق الذي يسير فيه ،
فأقول له في برود : يا أخي الإسلام أبسط مما صوروه لك .. ! الدين يسر ..! .. ونحو هذا .
- -
ذات ليلة دخل عليّ حجرتي كعادته ، غير أنه رفض أن يجلس ،
وبادر يقول في نبرة لا زالت ترن في أذني كلما تذكرت ذلك المشهد قال :
ما جئت الليلة لأجلس ، ولكني جئت لأقول لك ، أني أحببتك أكثر مما أحببت أشقائي ،
ولقد عشت معك عمراً طويلاً ووجدتك نعم الأخ ، ولكني الليلة..
ولكني الليلة أجد نفسي مضطراً أن أقول لك بكل وضوح :
إما أن تسير معي في طريق الهداية في رحاب الله تعالى ، وإما هذا فراق بيني وبينك ..!
فاختر لنفسك يا صديقي .. وسأتركك تفكر بهدوء ..
وأراد أن يخرج ، فأمسكت بكتفه وقلت :
المسألة عندي لا تحتاج إلى تفكير ، أنا معك ، حيثما كنت ، العيش عيشك والموت موتك ..!
وإذا كنت أحببتك وأنت ضال ، فكيف لا أحبك وأنت مهتدٍ ..!؟
- -
ومنذ تلك الليلة تغير كل شيء في حياتي ..
وشيئاً فشيئاً أدركت أنه كانت على بصيرتي غشاوة كثيفة لم أكن أرى بها الحقائق ..
ولكن الحمد لله الذي هداني ، وجزى الله عني صديقي كل الخير ..
- -
بو عبدالرحمن
25-09-2000, 05:34 PM
_
القصــة التاسعـــة :
قال الراوي : كنت أعمل في مؤسسة إعلامية كبرى ،
وكنت أرى أني في كل يوم أصنع شيئاً جديداً ، وأنا أعد المادة وأحررها وأقدمها بعد جهد متعب يستغرق في الغالب إلى
منتصف الليل ..
ولذا فقد كنت أشعر بالنشوة ، وأنا أمشي بين الناس
لاسيما إذا رأيت في أيديهم جرائد الصباح ..
كنت أتقمصُ دور المصلح والأديب والمثقف والمحلل والناقد و… و… الخ
غير أني كنت في غفلة شبه تامة عما افترضه الله عليّ ،
بل لقد ذهبت شوطاً بعيداً في الغفلة ،
حيث أصبحت شعائر الدين في نظري مجرد طقوس روتينية ، وتمتمات شفاه ، وطرقعات مسبحة ، وأشياء أشبه بالشعوذة
التي ينبغي أن تحذف من حياتنا المعاصرة التي بلغت فيها الأمم القمر !! ويكفي الإنسان أن يدخل المسجد في أوقات محددة
يذكر فيها الله فإذا خرج فعليه أن ينسى كل شيء يتعلق بما كان فيه في المسجد !!!!!
- -
ذات نهار ..
وكنت في كامل ( شياكتي ) وأناقتي نزلت كالعادة منتشياً ،
وعلى الدرج المؤدي إلى مخرج البناية ، سمعت تمتمات من خلفي ،
التفت فرأيت شاباً ناضجاً يهبط الدرج ورائي وهو يردد عبارات متصلة
_ عرفت فيما بعد أنها أدعية الخروج من البيت وأذكار الصباح _
سرت خطوات ، وبقي الشاب غير مكترث بي مواصلاً تمتماته ، فالتفتُ مرة أخرى إليه ،
وبرزت على شفتي ابتسامة باهتة ، فإذا به يفاجئني ويقول : خير إن شاء الله ..!؟
هززت رأسي في ارتباك ، ولم أتكلم ، واكتفيت بإشارة من يدي كأني أعتذر ،
وسرت خطوات ، وبقي الشاب يواصل أذكاره ، ولا أدري ما الذي جعلني ألتفت مرة ثانية وأنا أبتسم
فسألني مرة أخرى في حزم : خير .. خير إن شاء الله ، هل هناك شيء !؟
وتمالكت نفسي وقلت : لا ، لا ، فقط .. استرعت انتباهي هذه التمتمات ..
ثم وجدت نفسي اسأل : هل من ضرورة لها ؟
قال الشاب وعلى وجهه ابتسامة عريضة : لولا أن قلبك مريض ما سألت هذا السؤال .!؟
وهالني ما اسمع فقلت : قلبي مريض .. أعوذ بالله .!
ال في ثبات : راجع حالة قلبك الصحية على ضوء الوحي ، لتعرف أنك مريض وأنت لا تشعر ..!
- -
وتركني ومضى .. وبقيت كلماته ترن في أذني ..
ووصلت إلى المؤسسة ، ووجدت نفسي لا أستقر في مكاني ،
واتصلت برجل فاضل يعمل في أحد الأقسام ، يعود إليه أكثر الزملاء لاستشارته ،
وأفضيت إليه بما كان من أمري مع ذلك الشاب ..
وهالني مرة ثانية أنه أخذ _ في أدب جم _ يؤكد ما قاله الشاب ،
ثم استرسل _ بطلب مني وإلحاح _ يحدثني عن عوالم القلب العجيبة ، وكيف يشرق ، وكيف يظلم ، وذكر نصوصاً
وشواهد وأقوالاً و..و…الخ
وكانت نقطة البداية الحقيقية التي غيرت مجرى حياتي فيما بعد ..
- -
لقد انطلقت بشغف أبحث وأنقب وأفتش وأسأل وأتحقق وأحضر حلقات علم ، وأتصل بمشايخ وأعمل بوصايا …
فإذا بي أجد نفسي اكتشف أنني قضيت شطراً من عمري في وهم .. بل في وهم كبير ..!
والحمد لله الذي هداني قبل أن يدهمني الموت وأنا على ذلك الوهم الكبير ..!
- -