الطارق
03-10-2000, 12:56 AM
قرأت هذه القصة التي ذكرتني بقصص الرسوم المتحركة :
( كان في بغداد رجل اسمه أبو القاسم الطنبوري ، وكان له مداس ، وهو يلبسه سبع سنين ، وكان كلما تقطع منه موضع جعل رقعة إلى أن صار في غاية الثقل ، وصار الناس يضربون به المثل .
فاتفق أنه دخل يوماً سوق الزجاج ، فقال له سمسار : يا أبا القاسم ، قد قدم إلينا اليوم تاجر من حلب ، ومعه حِمل زجاج مذهب قد كسد ، فاشتره منه ، وأنا أبيعه لك بعد هذه المدة ، فتكسب به المثل مثلين ! فمضى و اشتراه بستين دينار .
ثم إنه دخل إلى سوق العطارين ، فصادفه سمسار آخر ، و قال له : يا أبا القاسم ، قد قدم إلينا اليوم من نصيبين ( بلدة ) تاجر ، ومعه ماء و رد ولعجلة سفره ، يمكن أن تشتريه منه رخيصاً ، و أنا أبيعه لك فيما بعد ، بأقرب مدة ، فتكسب به المثل مثلين !
فمضى أبو القاسم ، و اشتره أيضاً بستين ديناراً أخرى ، وملأ به الزجاج المذهب وحمله , و جاء به فوضعه على رف من رفوف بيته في الصدر .
ثم أن أبو القاسم دخل الحمام يغتسل ، فقال له بعض أصدقائه : يا أبا القاسم أشتهي أن تغير مداسك هذا فإنه في غاية الشناعة ! وأنت ذو مال بحمد الله ! فقال له أبو القاسم : الحق معك ، فالسمع و الطاعة .
ثم أنه خرج من الحمام ولبس ثيابه فرأى بجانب مداسه مداساً آخر جديداً ، فظن أن الرجل من كرمه اشتراه له ، فلبسه ، و مضى إلى بيته !
وكان ذلك المداس الجديد للقاضي ، وقد جاء في ذلك اليوم إلى الحمام ، و وضع مداسه هناك ، ودخل يستحم !
فلما فتش عن مداسه ، فلم يجده ، فقال : أمن لبس حذائي لم يترك عوضه شيئاً ؟ ففتشوا ، فلم يجدوا إلى مداس أبي القاسم ! فعرفوه ، لأنه يضرب به المثل !
فأرسل القاضي خدمه فكبسوا بيته ، فوجدوا مداس القاضي عنده ، فأحضره القاضي ، و ضربه تأديباً له ، و حبسه مدة ، و غرمه بعض المال و أطلقه !
فخرج أبو القاسم من الحبس ، و أخذ حذاءه ، وهو غضبان ، ومضى إلي دجلة ، فألقاه فيها ، فغاص ( الحذاء ) في الماء .
فأتى بعض الصيادين ورمى شبكته ، فطلع فيها ( هذا الحذاء ) فلما رآه الصياد عرفه ، ظن أنه و قع منه (من أبي القاسم ) في دجلة ! فحمله و أتى به بيت أبي القاسم ، فلم يجده ! فنظر فرأى نافذة إلي صدر البيت ، فرماه منها إلي البيت ، فسقط على الرف الذي في الزجاج ، فوقع وتكسر الزجاج و تبدد ماء الورد .
فجاء أبو القاسم ونظر إلي ذلك فعرف الأمر ، فلطم وجهه ، و صاح يبكي ، و قال و أفقراه ! أفقرني هذا المداس الملعون .
ثم إنه قام ليحفر له في الليل حفرة ، ويدفنه فيها ، و يرتاح منه فسمع الجيران حس الحفر ، فظنوا أن أحد ينقب عليهم ، فرفعوا الأمر إلى الحاكم ، فأرسل إليه ، و أحضره وقال له : كيف تستحل أن تنقب على جيرانك حائطهم ؟ وحبسه و لم يطلقه ، حتى غرم بعض المال !
ثم خرج من السجن و مضى و هو غضبان من المداس ، و حمله إلي كنيف ( حمام ) الخان ، و رماه فيه ، فسد قصب الكنيف ، ففاض و ضجر الناس من الرائحة الكريهة ! و بحثوا عن السبب فوجدوا مداساً فتأملوه ، فإذا هو مداس أبي القاسم فحملوه إلي الوالي ، و أخبروه بما و قع ، فأحضره الوالي ، ووبخه وحبسه ، و قال له : عليك تصليح الكنيف ! فغرم جملة مال ، وأخذ منه الوالي مقدار ما غرم تأديبا له و أطلقه .
فخرج أبو القاسم و المداس معه ، و قال وهو مغتاض منه : و الله ما عدت أفارق هذا المداس .
ثم إنه غسله وجعله على سطح بيته حتى يجف ، فرآه كلب فظنه عظماً فحمله وعبر به إلي سطح آخر ، فسقط من الكلب على رأس رجل ، فآلمه وجرحه جرحاً بليغاً فنظروا و فتشوا لمن المداس ، فعرفوا أنه لأبي القاسم !
فرفعوا الأمر إلي الحاكم ، فألزمه بالعوض ، و القيام بلوازم المجروح مدة مرضه ، فنفذ عند ذلك جميع ما كان له و لم يبق عنده شيء .
ثم أن أبا لقاسم أخذ المداس ، ومضى به إلي القاضي ، و قال له : أريد من مولانا القاضي أن يكتب بيني و بين هذا المداس مبارأة شرعية على أنه ليس مني و لست منه ! و أن كلاً منا بريء من صاحبه ، و أنه مهما يفعله هذا المداس لا أوخذ أنا به !
وأخبره بجميع ما جرى عليه منه ، فضحك القاضي منه و وصله و مضى . )
( كان في بغداد رجل اسمه أبو القاسم الطنبوري ، وكان له مداس ، وهو يلبسه سبع سنين ، وكان كلما تقطع منه موضع جعل رقعة إلى أن صار في غاية الثقل ، وصار الناس يضربون به المثل .
فاتفق أنه دخل يوماً سوق الزجاج ، فقال له سمسار : يا أبا القاسم ، قد قدم إلينا اليوم تاجر من حلب ، ومعه حِمل زجاج مذهب قد كسد ، فاشتره منه ، وأنا أبيعه لك بعد هذه المدة ، فتكسب به المثل مثلين ! فمضى و اشتراه بستين دينار .
ثم إنه دخل إلى سوق العطارين ، فصادفه سمسار آخر ، و قال له : يا أبا القاسم ، قد قدم إلينا اليوم من نصيبين ( بلدة ) تاجر ، ومعه ماء و رد ولعجلة سفره ، يمكن أن تشتريه منه رخيصاً ، و أنا أبيعه لك فيما بعد ، بأقرب مدة ، فتكسب به المثل مثلين !
فمضى أبو القاسم ، و اشتره أيضاً بستين ديناراً أخرى ، وملأ به الزجاج المذهب وحمله , و جاء به فوضعه على رف من رفوف بيته في الصدر .
ثم أن أبو القاسم دخل الحمام يغتسل ، فقال له بعض أصدقائه : يا أبا القاسم أشتهي أن تغير مداسك هذا فإنه في غاية الشناعة ! وأنت ذو مال بحمد الله ! فقال له أبو القاسم : الحق معك ، فالسمع و الطاعة .
ثم أنه خرج من الحمام ولبس ثيابه فرأى بجانب مداسه مداساً آخر جديداً ، فظن أن الرجل من كرمه اشتراه له ، فلبسه ، و مضى إلى بيته !
وكان ذلك المداس الجديد للقاضي ، وقد جاء في ذلك اليوم إلى الحمام ، و وضع مداسه هناك ، ودخل يستحم !
فلما فتش عن مداسه ، فلم يجده ، فقال : أمن لبس حذائي لم يترك عوضه شيئاً ؟ ففتشوا ، فلم يجدوا إلى مداس أبي القاسم ! فعرفوه ، لأنه يضرب به المثل !
فأرسل القاضي خدمه فكبسوا بيته ، فوجدوا مداس القاضي عنده ، فأحضره القاضي ، و ضربه تأديباً له ، و حبسه مدة ، و غرمه بعض المال و أطلقه !
فخرج أبو القاسم من الحبس ، و أخذ حذاءه ، وهو غضبان ، ومضى إلي دجلة ، فألقاه فيها ، فغاص ( الحذاء ) في الماء .
فأتى بعض الصيادين ورمى شبكته ، فطلع فيها ( هذا الحذاء ) فلما رآه الصياد عرفه ، ظن أنه و قع منه (من أبي القاسم ) في دجلة ! فحمله و أتى به بيت أبي القاسم ، فلم يجده ! فنظر فرأى نافذة إلي صدر البيت ، فرماه منها إلي البيت ، فسقط على الرف الذي في الزجاج ، فوقع وتكسر الزجاج و تبدد ماء الورد .
فجاء أبو القاسم ونظر إلي ذلك فعرف الأمر ، فلطم وجهه ، و صاح يبكي ، و قال و أفقراه ! أفقرني هذا المداس الملعون .
ثم إنه قام ليحفر له في الليل حفرة ، ويدفنه فيها ، و يرتاح منه فسمع الجيران حس الحفر ، فظنوا أن أحد ينقب عليهم ، فرفعوا الأمر إلى الحاكم ، فأرسل إليه ، و أحضره وقال له : كيف تستحل أن تنقب على جيرانك حائطهم ؟ وحبسه و لم يطلقه ، حتى غرم بعض المال !
ثم خرج من السجن و مضى و هو غضبان من المداس ، و حمله إلي كنيف ( حمام ) الخان ، و رماه فيه ، فسد قصب الكنيف ، ففاض و ضجر الناس من الرائحة الكريهة ! و بحثوا عن السبب فوجدوا مداساً فتأملوه ، فإذا هو مداس أبي القاسم فحملوه إلي الوالي ، و أخبروه بما و قع ، فأحضره الوالي ، ووبخه وحبسه ، و قال له : عليك تصليح الكنيف ! فغرم جملة مال ، وأخذ منه الوالي مقدار ما غرم تأديبا له و أطلقه .
فخرج أبو القاسم و المداس معه ، و قال وهو مغتاض منه : و الله ما عدت أفارق هذا المداس .
ثم إنه غسله وجعله على سطح بيته حتى يجف ، فرآه كلب فظنه عظماً فحمله وعبر به إلي سطح آخر ، فسقط من الكلب على رأس رجل ، فآلمه وجرحه جرحاً بليغاً فنظروا و فتشوا لمن المداس ، فعرفوا أنه لأبي القاسم !
فرفعوا الأمر إلي الحاكم ، فألزمه بالعوض ، و القيام بلوازم المجروح مدة مرضه ، فنفذ عند ذلك جميع ما كان له و لم يبق عنده شيء .
ثم أن أبا لقاسم أخذ المداس ، ومضى به إلي القاضي ، و قال له : أريد من مولانا القاضي أن يكتب بيني و بين هذا المداس مبارأة شرعية على أنه ليس مني و لست منه ! و أن كلاً منا بريء من صاحبه ، و أنه مهما يفعله هذا المداس لا أوخذ أنا به !
وأخبره بجميع ما جرى عليه منه ، فضحك القاضي منه و وصله و مضى . )