PDA

View Full Version : (سلسلة الدروس المكثفة / 7 _ حقيقة ضخمة _ )


بو عبدالرحمن
05-05-2001, 06:36 AM
-
آخر دروس السلسلة كان على هذا الرابط :
http://www.qal3ah.com/vb/showthread.php3?threadid=31916

وهذا درس جديد رائع ، يحتاج إلى قراءة متأنية ، وعودة إلى قراءته ..
فما أحوجنا جميعا إلى التحقق بمعانيه .. فإنها معاني تزكي العمر وتباركه وتسمو به ..
….. كان الحوار طويلا جدا ، حول ركائز بناء الشخصية الإيمانية ..
- - - - -

… ركيزة أساسية جدا من ركائز الشخصية الإسلامية نوضحه بمثال :
لا يستوي شخصان ..
الأول يقطع رحلته على هذه الأرض الصغيرة ، في عمره المحدود
وهو يستشعر في كل لحظة من لحظات حياته ، أنه بين يدي ربه عز وجل
إذا قام أو قعد .. إذا نام أو استيقظ .. إذا جد أو هزل .. إذا تكلم أو صمت .. إذا فتح عينه أو أغمضهما .. إذا ضحك أو بكى .. إذا كتب أو قرأ .. إذا كان وحده مختلياً ، أم كان في وسط جماهير من الناس ..
في كل نفس من أنفاس حياته ، يستشعر بوضوح وقوة ..
أنه بين يدي ربه سبحانه .. لا يغيب عنه .. ولا يفلت منه .. ولا يهرب منه إلا إليه .


@ ؟؟
حياة هذا الإنسان وسلوكياته ، قطعا لا يمكن أن تستوي مع شخص آخر
ينسى هذه الحقيقة الضخمة .. فيغفل عن ربه .. فلا يستشعر قربه منه ، وإحاطته به ، وإحصاءه عليه ، وحلمه عليه ، وكرمه معه ، وإحسانه إليه ، ..
فيمضي في دنياه لاهيا كأنما الله سبحانه لا يراه ، ولا يدري عنه شيئاً ..!!



@ ؟؟
التربية الإيمانية الصحيحة تزرع تلك الحساسية الشديدة التي رأينا الشخص الأول متحققا بها ..
إن الشعور بقرب الله جل جلاله منك ، رقابته عليك ،
يجعل لحياتك طعماً مختلفاً .. ويجعل لساعات يومك وليلك نكهة مميزة ..
إنك تصبح متميزا ، مباركا حيثما كنت ..
يضع الله لك القبول ، ويضع فيك البركة ..
لأنك أقبلت عليه وحده ، فأقبل هو بقلوب الآخرين إليك ..
ولأنك طرقت بابه هو وحده ، فإنه يفتح لك كل الأبواب ..
حتى إذا تعسرت عليك بعض الأبواب ، فإن الله إكراما لك ، يضع في قلبك ، عزاء وعوضا ، وكرامة ، فلا تذهب نفسك حسرات كما يقع مع غيرك ..!


@ ؟؟
إن الشعور بقرب الله منك ، ومعيته لك ، طوق أمان .. وحبل نجاة ، ومفتاح لكل مغلق .. وما أسهل يومها أن تتمكن من تغيير كثير من سلوكياتك ، لأنك ترى أنها لا ترضي الله عنك .. وأنت لا تحب أن يراك على شيء لا يرضاه منك . فتعمل جاهدا أن تتغير ولو كرهت نفسك .. لسان حالك يردد وأنت تناجي مولاك القريب منك :
إذا رضيتَ فكل شيءٍ هينٌ *** وإذا حصلتَ فكل شيءٍ حاصلُ



@؟؟
إن هذا الشعور بقرب الله منك كنز حقيقي ، وثروة ضخمة ، لا تقدر بثمن ..
فإذا استقرت هذه الحقيقة في شغاف قلبك ، فاعلم أنك قد سموت معارج فوق معارج ، وثق أن الحياة ستطيب لك يومها .. وسيحلو لك أن تقول :
إلهي ! ما طابت الحياة إلا بطاعتك … ولا طابت الدنيا إلا بالإقبال عليك .. ولا طاب النهار إلا بذكرك .. ولا طاب الليل إلا بمناجاتك .. ولا طاب الموت إلا للقائك .. ولا طابت الجنة إلا برؤيتك ..!!


@؟؟
هذه الحقيقة الضخمة حين تستقر في قلبك .. تثمر ثمرا يانعا طيبا شهيا ..
تجعلك تعيش في أنس .. وأنت تتفيأ ظلال قرب ربك من قلبك ..
فيا لروعة هذه الساعات التي تعيش فيها مع هذه الحقيقة الضخمة .. يحس قلبك أنه بين يدي مولاه ، قريبا منه ، لا يلتفت إلا إليه ، ولا ينصرف عنه إلى سواه ..
فيبقى هذا القلب مشغولا حتى الذروة ، بالعيش مع هذه الحقيقة ..ويا لها من حقيقة ضخمة كبيرة ..


@؟؟
فتصبح كل أنفاسه طاعة لله .. لأنه لا يمكن أن يتلفظ بغير ما يحبه الله تعالى .. ناهيك أن يرتكب ما يبغضه الله فيتعرض لسخطه ..
فالله جل الله وتعالى .. بكل بهائه ، وعظمته ، وجماله ، وجلاله ، وكبريائه .
معك .. خطوة ،خطوة .. ونفس نفس ..
يؤنسك .. يراقب تصرفاتك .. ينظر إليك .. يحصي عليك .. يتودد إليك .. يتابع خطواتك .. يسمع ألفاظك .. يرى حركتك وسكونك .. وهمسك وابتسامتك ..

وتصبح : كل خفقة من خفقات قلبك تقول : الله .. الله.. الله
كل رمشة عين في عينيك ، تعلن : الله .. الله ..الله
كل نفس يتردد في صدرك ينشد : الله ... الله .. الله
كل شاردة وورادة تمر بها أو تمر بك تهتف بك : الله .. الله .. الله
كل هباءة طائرة لا تكاد تراها بعينيك تهمس في أذن قلبك : الله .. الله .. الله
كل زقزقة لعصفور ، أو صياح لديك ، أو وصوصة لنجم تردد : الله ... الله .. الله
الخ ..الخ

@؟؟
هذا لا يعني أن الإنسان يصبح معصوما .. كلا ..
ولكن غفلة مثل هذا الإنسان تكون سريعة وقليلة ، ثم إنه يكون سريع الفيء إلى ربه … بل هو يعود إليه برغبة أشد ، وشوق أعظم ، ليعوض ما فاته أثناء تلك الغفلة التي وقع فيها ، فكان منه ما كان ..
فتصبح الغفلة نفسها في حق هؤلاء خيرا لهم ..!! نعم خيرا لهم ..!!


@؟؟
هذه الحقيقة الضخمة ركز عليها القرآن الكريم كثيرا ، وهو يربي ذلك الجيل القرآني الفريد ، الذي جعله الله قدرا من أقداره ، يغير بهم ويبدل ..
ركز كثيرا على تقرير هذه الحقيقة الضخمة في قلوبهم ، لأن خالق هذه القلوب هو الأدرى بما يصلحها ويزكيها ويسمو بها .. وهو الأعلم بما لهذه الحقيقة من ثمرات عظيمة متعدية من ذات الإنسان إلى محيطه الذي يعيش فيه ..
فكانوا مع الله في يومهم وليلهم .. كانوا معه ، وله ومن أجله ..
أخرجوا حظوظ أنفسهم من أنفسهم ..
وجعلوا حظهم الأول هو الله سبحانه وتعالى

@؟؟
وإليك الآن طائفة من الآيات .. أرجو أن تتأملها جيدا ، وتفتح لها مساحة من قلبك لعلها تستقر فيه ، بل إني أطالبك أن تسمعها بصوت مقرئ شجي النبرة ، واحرص على أن تتلقاها منه بروح جديدة ، لعل الله يجعل في هذا الإصغاء منك هذه المرة ، أعظم الأثر عليك ، وأقوى التأثير في قلبك .. فإن تحققت بذلك فلا تنسني من دعائك ..!


( وهو معكم أينما كنتم واللهُ بما تعملون بصير ) ..
( واللهُ يسمعُ تحاوركما إن اللهَ سميعٌ بصيرٌ ) ..
( ما يكون من نجوى ثلاثةٍ إلا هو رابعهم ، ولا خمسةٍ إلا وهو سادسهم ، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا وهو معهم أينَ ما كانوا ، ثم ينبئهم بما عملوا ، إن اللهَ بكل شيءٍ عليم ) ..
( يستخفونَ من الناسِ ولا يستخفون من اللهِ وهو معهم … ) ..
( ولقد خلقنا الإنسانَ ونعلمُ ما توسوسُ بهِ نفسهُ ونحن أقربُ إليهِ من حبل الوريد ) ..
( أم يحسبونَ أنّـا لا نسمعُ سرهم ونجواهم ، بلى ورسلنا لديهم يكتبون ) ..
( ألم يعلموا أن اللهَ يعلمُ سرهم ونجواهم ، وأنّ اللهَ علامُ الغيوب ) ..
( ربنا تقبل منا إنك أنتَ السميعُ العـليم ) ..
( وله ما سكنَ في الليلِ والنهارِ وهو السميع العليم ) ..
( والله شهيدٌ على ما تعملون ) ..
( أحصاهُ اللهُ ونسوه ، واللهُ على كل شيءٍ شهيد ) ..
( إن الله عليكم رقيبا )
…… والآيات كثيرة جدا .. _ والأحاديث أيضا كثيرة جدا..
وما علينا إلا أن نعود إليها لنتدبرها.. ونعيش في رحابها وأجوائها …
ونتفاعل معها .. عندها ستزرع في قلوبنا بركتها ونورها ..
نسأل الله سبحانه أن ينير قلوبنا ، ويزكي نفوسنا ، ويرضى عنا ..

غريب نجد
05-05-2001, 11:19 PM
ابو عبدالرحمن وفقه الله ..

أين من يقف مع هذه الكلمات ويعتبر بما فيها من عظات ويتزيد مما فيها وينتفع بكل ما تحتويه جزاك الله خيرا وأثبك وتبت خطاك زادك بنوره الدائم ونفعل الله بك واحسن إليك وجله الله في موازين حسناتك

تقبلي تحياتي الصادقة لك اخي العزيز

فلونة
05-05-2001, 11:50 PM
اخي الكريم

ابوعبدالرحمن

يقف القلم دائماً عاجزا عن التعقيب..فكل الراوئع قد حوتها

كلماتك..

فأنت كنز سوالف

باركك الله

بو عبدالرحمن
06-05-2001, 04:50 PM
-
أخي الحبيب / غريب نجد
............ رعاك الله وايدك ورفع قدرك

نعم اين من يقف مع هذه المعاني
ويحاسب نفسه على ضوئها ..
اين هو منها ...؟؟

مع أنها حقيقة الحقائق الكبرى في هذا الوجود
ونصوص الوحي حافلة بها
إن استقرار هذه الحقيقة كفيل _ بتوفيق الله _
أن يعمل على تغيير سلوكيات الإنسان
من النقيض إلى النقيض ..
ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..

إن الله سبحانه معنا .. فأين نفر منه ..؟
وهو شاهدنا ورقيبنا حيثما كنا .. فأبن يمكن أن نختبئ منه ؟
إنها لحماقة والله ، نقع فيها جميعا ..!
والله يعفو ويغفر ويتجاوز ..
حماقة أن نتذكر كل شيء .. وننسى الله سبحانه
وهو الأقرب إلينا من كل شيء ..!!
وهو الأحب إلي قلوبنا . من كل شيء ..!

إن الواحد منا حين يستشعر قرب والده منه ، أو شيخه، أو حبيب إلى قلبه ، أو عزيز إلى نفسه ..
مجرد استشعار أن هذا الآخر يراقبنا _ وإن كان غير حاضر معنا ..
لكن شعورنا بأنه يرانا تجدنا نحاسب على تصرفاتنا!
ونحاسب على ألفاظنا ....!!
ونحاسب حتى على حركاتنا البسيطة.. !!
فنحرص أن نكون غلى الصورة التي تقربنا من ذلك الآخر ..!!
فيرضى بها عنا ..! ويسر بها منا ..!!!

سبحان الله نفعل ذلك ونحن نستشعر قرب مخلوق منا يراقب حركاتنا!
ونغفل عن قرب الله جل جله وتبارك اسمه .. وهو الحاضر معنا لا يغيب عنا ..!!!
( ما لكم كيف تحكمون !؟؟ )

نسأله سبحانه أن يملأ قلوبنا حيثما كنا ،،
بالشعور بمراقبته ومعيته جل في علاه ..
حتى نذوق طيبات سماوية خالصة ونحن لا نزال ندب على هذه الأرض ..
وما ذلك على الله بعزيز ..

أخي غريب ..
اشكر لك هذا الحضور المتميز ..
وجزاك الله خير الجزاء على هذه المتابعة الواعية
التي أسأل الله الكريم أن ينفعك بها في دنيا وأخراك ..
وتقبل تحياتي إليك ، وخالص دعواتي لك ..
- -

بو عبدالرحمن
18-06-2001, 12:36 PM
-
الأخت الفاضلة الجليلة / فلونة
............. حماك الله من شر كل ذي شر

بارك الله فيك ..
وجزاك المولى سبحانه على هذه المتابعة خير الجزاء
ورغم أن كلماتك قليلة لكنها معبرة ومشجعة لي ..
أكرمك الله بكرامة الصالحين من عباده المقربين
أرجو أن تبقي متابعة ..
وأسأل الله أن ينفعني بمتابعتك ..
- -