PDA

View Full Version : الســــــــــــــــــــــــــاعة تسعـــــــــــــــة


يعسوب
04-06-2001, 07:05 PM
لم يظن يوماانه سيكون وحيدا يتخبط في فراغ ملاته هواجيس مزمنة
..وغائرة في وجدانه النابض ببطء .. كما هي حركاته وانفعالاته ..
كان الوقت يشير الى التاسعة صباحا.. حينما استيقظ من غفوته الطويلة ..
غفوته التي اصبحت بالنسبة له كالكهف او السرداب الذي يهرب اليه ..
اذا اشتدت عليه مطارق الحياة وهي تنهال على راسه .. وكانه يلوذ
الى تلك العتمة السوداء المختبئة خلف ستار مسدول من اجفانه ...
يهرب اليها رغم الصراع الباطني الشديد وحربه المريرة مع جحافل
مليءة بالهواجس.. والكوابيس.. التي تبعثر راحته.. وتقض مضجعه .
وتزرع شوك من الخوف والرهبة من كل شئ ما حوله حتى وان كان مجر احلام ..
تزحزح جفناه قليلا لتسمح بحزمة ضوئية صباحية تشع في داخل جسده
المتهالك .. لتدب حركة بطيئة في اطرافه وكانها تقاوم رهاطل..
الكسل الجاثمة على جسمه النحيل .. فوق ذلك الكرسي الخشبي في..
ركن غرفته القابعة في الدور الارضي من بيت والداه منذ سنين خلت..
مد يده ليتناول ابريق الماء بمحاذاة ستائر غرفته التي ترتعد بشدة ..
من لسعات زمهريرية تسللت من خلال نافذته الخشبية .. وقبل ان تاتيه انامله بقدح الماء ذاك ..
يرن جرس الهاتف وكانه على موعد مع تلك اللحظة الهامة في ذلك الصباح ..
يرفع سماعة الهاتف بتثاقل شديد لينصت الى ذلك الصوت الاثيري القادم من البعيد..
فقد كانت هي .. نظر الى ساعته مندهشا فلم يتعودسلفا ان يغفو الى مثل هذا الوقت ..
ولكنه تاكد انه نفس الموعد.. ذلك الموعد الذي اعتاد فيه ان يسمع صوتها ..
مع شقشقة العصافير وحفيف الاشجار التي تختلس النظر اليه من نافذة غرفته الصغيره ...
ارتسمت على محياه ابتسامة صافية مسحت علامات التجهم والاكفهار العالفة على محياه المكتضب...

هي : صح النوم ياكسول .. اظن انك لم تذق طعم النوم الا متاخرا.

هو: يقهقه ويقول : اهلا اهلا سلوى .. صح بدنك ثم يقهقه ثانية ..

هي: بانفعالية مصطنعةمرحة :
ليه يا افندي نايم متاخر ..ممكن اعرف اذا ماكان عندك مانع ..طبعا الي شاغل عقلك ...

هو : وقد اصبحت نبرة صوته اكثر جدية :
انت من شغل عقلي وبالي وفكري وامتلك كل ذرة من كياني ..
انت من اسهد عيني واذرف دمعي وخنق انفاسي ...

هي : بصوتها المرح ثانية وكانها تريد ان تحرر كلمات سلمان المسجونة في زنزانة العبوس والهم :
اف .. اف .. انا فعلت كل ذلك بك ياسلمان .. ايوه طبعا انا سلوى على سن ورمح مو اي كلام ...

هو : نعم انت سلوى روحي انت وجه اخر مشرق لحياة مليئة بالرتابة والملل ..
لذلك قررت ان اكون صادقا مع نفسي لاكون صادقا معك انت !!!!!!!

هي: وكانما كلمات سلمان قد قذفت برعب رهيب في نفسها .. رعب لاتستطيع تفسيره ..
او تبريره او استيان ملامحه ..تقول في وجل:
قل يارجل ماحدث لقد افزعتني ثم تصمت برهة وتستطرد قائلة :
اكيد بتمزح .. صح سلمان ارجوك قل شيئا ...

هو : سلوى انا لست جدير بحبك.. وربيع قلبك.. واخلاصك ..
انا لست الا انسان مخادع انتهازي وروده كلها اشواك واشجاره صبر وعلقم ...
انا ياسلوى لست الا .. ثم يصمت برهة وقد فلتت منه حشرجة حزينه..

هي : لما تريد ان تعذبني قل شيئا ارجوك ...!!!!!!!!!!!!!!!!

هو : سلوى انا لست الا شابا مقعد على كرسي متحرك ..

هي : وقد صدمتها المفاجءة خنقتها غصة حبست انفاسها تقول :
سلمان للمرة الثانية اقول بدون مزح ....!!!!

هو وقد وضح على نبرة صوته الجدية :
بلى ياسلوى انا مجرد شاب معاق اغتالت احلامه سرعة جنونيه في مركبة حمقاء .. في ليلة سوداء كبيسة ....

ثم يسرع ليقفل سماعة الهاتف ويجهش بالبكاء وكانما ينحب عزيزا له قد مات ..
ولما لا ..!!
فقد كان حبه ذلك بالنسبة له ميلاد حياة جديدة .. وبطاقة سعادة
ورديه يعيشها بين حنايا مزدحمة باحزانه السرمدية ..

وبعد برهة من الوقت يرن جرس الهاتف وكانه يقاطع سلسلة من افكار طويلة ..
افكار كانت ولدت في تلك اللحظة دفعة واحدة .. او شريط حياةمر
امامه بسرعة فائقة ليتذكر فيها كل لحظة ذابت عبر رنين الهاتف
وكانه يصنع لنفسه لوحة جميلة مصبوغة من الحب والشوق والحنين
يلجا الى ثكناتها المشبعة بتالخيال كلما طابت نفسه عن الحياة

لكنه يجمع اشلاء نفسة وانفاسه المتلاحفة ويتناول الهاتف مجددا
فاذاهي مرة اخرى تقولوا له :
سلمان انت لست انسان عاجز لانك تحلم .. لانك تحب..
انتلست عاجزا لانك لم تنسى قلبك .. لم تترك بحيرة احلامك وامالك
تمتلا بطحاليب الاحباط ... وتقتل سعادة متجددة بداخلك مع كل نبضة
من نبضاتك ابيت على الزمان ان يقهرها ...!!!!!!!!!!!!!!

سلمان لن يكون هناك عائقا يقف امام شلال متدفقا من احاسيس رائعة
وعواطف جميلة ...
سلمان لان لكل جرح دواء يشرفني ان اكون دواء روحك وبلسم حياتك..
لقد ساقتني الاقدار اليك ..
وكان روحينا شربتا من نهر عشق مشترك لتجتمعا على مركب واحد فهل تقب الزواج مني !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!






تحياتي اليعسوبية للجميع

ملاحظة ...
الاسماء التي وردت بالقصة ليس لها علاقة بالواقع
لكنها قصة خياليه من وحي الاحساس ...

الطارق
11-06-2001, 09:32 AM
جميلة هذه القصة يعسوب ،،

وجميله وممتعة طريقة السرد هذه ،،



تحياتي لك ولقلمك الرائع ،،

يعسوب
13-06-2001, 06:49 AM
اشكرك على قرائة القصة
ورايك اعتز فيه جدا


تحياتي اليعسوبيه لك

Huda76
13-06-2001, 10:11 AM
أخي العزيز جدا يعسوب

هلا بك والله أخوي ..

وأسعد الله صباحك بكل خير ..

ما شاء الله .. تبارك الرحمن ..

تسلم ويعطيك ألف عافية على هذه القصة المؤثرة جدا والأسلوب الراااااااااااااااااااااائع ..

تحياتي لك ولقلمك وابداااااااااااعك

يعسوب
13-06-2001, 05:42 PM
اولا اسمحيلي اصارحك بمفاجاتي لما قرات ردك للاخ كراش
فلم اتوقع انك من البحرين فقد كنت اظن انك من السعودية
ولكن لا يهم فالدم العربي عزيز علي مهما اختلفت البقعة التي يعيش عليها ...


وثانيا اشكرك لقرائة القصة واباغك المديح عليها .. هذا مما يسعدني ...



تحياتي اليعسوبية لك

توتة
14-06-2001, 08:04 AM
كم هي كلماتك تنفذ الى الخاطر و القلب مباشره...!
أحبّت مقعدا ...
و لكن هل احبّت هيئته او شكله ؟؟؟

انها احبت احاسيسه التي قد لا يتمكن صحيح من اعطاءها هذه
الأحاسيس و الاهتمام و المحبه ....

المعاق معاق التفكير و القلب و الأحاسيس ... !

اسلوب يعجز لساني عن وصفه أخي يعسوب ...


تحياتي لك ,,,,

الدكتور ريان
14-06-2001, 08:17 AM
يسعد اوقاتك بكل خير ...
اسلوب جدا رهيب ورائع جدا ...تابعت السرد ..اسلوب قصصي وسرد اكثر من رائع...قصة حزينة ..ورائعة ..خيالك خصب وخيال كاتب كبير جدا ..اعتز انه صديقه :)

يعسوب
14-06-2001, 09:27 PM
مداخلتك هذه اعجبتني كثيرا
لانك فهمنت المغزى من القصة ......

المعاق هو من فقد احاسيسه ومشاعره وانسانيته ..

احسنت توته .. وفخور بوجود امثالك لكي يعلقوا على ما اكتب
ويفهموا ما ارمي اليه ...

تحياتي اليعسوبية القلبيه لك

يعسوب
14-06-2001, 09:35 PM
اثلجت صدري بكلماتك ..
واسبغت علي اكثر مما استحق من المديح ..
ولكن لاغرابة ابدا فانت دائما تقف وراء ابداعاتنا
وتحثنا بتشجيعك لفعل المزيد..


تحياتي اليعسوبية لك

متاهه
14-06-2001, 10:46 PM
عن ماذا اتحدث؟؟
عن العنوان..الملفت والذي في مكانة..
أم عن أسلوب السرد اللذيذ جدا..
أم عن تلك الجمل التي خطتها يداك بأروع المعاني..
(غفوته التي اصبحت بالنسبة له كالكهف او السرداب الذي يهرب اليه)
(اشتدت عيه مطارق الحياة وهي تنهال على رأسه)
(العتمة السوداء المختبئة خلف ستار مسدول من أجفانه)
(ستائر غرفته التي ترتعد بشدة)
(انت لست انسان عاجز لأنك تحلم)

بالفعل رائعة من روائعك كالعادة..
فن القصة ليس بالسهل أبدا..
وقد أبدعت فيه..

مع خالص احترامي
أختك
متاهــــــــــــه

يعسوب
15-06-2001, 06:44 PM
اشكرك على اعجابك بمفرداتي

كما يطيب لي ان ارحب بوجود ردودك مرة اخرى تحتضن كلماتي الصغيرة
وتزيد من روعة مقالاتي وكتاباتي


تحياتي اليعسوبية لك

يعسوب
16-06-2001, 05:43 PM
اشكر كل من شارك وحياكم الله

سعودية
07-07-2001, 07:15 PM
قصة مفعمة بالمشاعر النبيلة والإحساس الراقي ..
قصة فيها فكرة وطريقة وأسلوب ناضج
قصة فيها تأمل وتوقف للإحساس بمشاعر أناس تسكن بيننا ولكن لها أحاسيس مختلفة عنا ..
قصة فيها حب وتضحية رائعة ..
أهنئك على كتابتك وخيالك ..
وأتمنى لك التوفيق مع قلمك الرائع ..

لكـــــــــــــن يا سيدي الفاضل ..
بما أنك من نفس البيئة التي نشأت فيها أنا ..
فأعتقد أنه يحق لي أن أنوه عن شيء ربما يكون في نظرك شيء بسيط أو حتى غير مذكور ولكنه عندي قمة في الخطورة ..
يا أخي ..
كيف لامرأة أن تعرف معنى التضحية والعطاء وهذا لا يصدر إلا من انسانة راقية ..
بالتالي لا أعلم ولي عدة وقفات مع كونها في قصتك لا تعلم من هو ولا تعلم عن حالته ولا عن إعاقته ..
إذا لم يكن التعارف بينهما عن الطريق الصحيح !!!
وبذلك تكمن المشكلة لدي ..
فأتمنى بكتباتنا أن نسقي أقلامنا حبر بيئتنا وليست بيئة تأثرنا بها ..
يا سيدي الكريم ..
ربما يأخذك العجب من كلماتي وتحدث نفسك أني كبرت الموضوع ولكن ..
هناك جيل قادم .. طفلي الصغير بإذن الله منه ..
فأرجو أن تتقبل كلماتي وتسامحني على إقحامي لهذه النقطة ..
وأعتذر بشدة ..

تحياتي لك ..

يعسوب
07-07-2001, 07:39 PM
اعجبتني صراحتك في مواجهتي ..
وانا عن نفسي احترم وجهة نظرك في الموضوع ..
ولم يزعجني كلامك ابدا بالعكس اتمنى من الجميع ان يقراه
ويفهم جيدا ان مغزى القصة هو ان العاجز هو من فقد احاسيسه
وطموحه وامله في الحياة وليس من فقد طرف او جزء حي منه ..

اسمحيلي ان كانت القصة اتت بهذه الطريقة ولكني
لا امنع قلمي ان يكتب شيئا اوحى به خيالي ..


تحياتي اليعسوبية القلبية لك اختي الفاضلة