PDA

View Full Version : رحلة عذاب الطبيب السعودي من منزله إلى السجون الامريكية !!!!!


حماس
23-10-2001, 04:17 PM
لم يكن الدكتور بدر الحازمي نائماً عندما طرق الـ"إف. بي. آي" باب منزله في اليوم التالي لأحداث الحادي عشر من سبتمبر فقد تعود أن يستيقظ مبكراً على أي حال ولكنه ليلتها لم ينم من أثر الحلم المزعج الذي أقلق منامه، فقد كان يرى ذلك الرجل الذي قذف بنفسه من مبنى التجارة العالمي والنيران تشتعل في ملابسه حيث كان الرجل ينادي على الدكتور الحازمي ليمسك به وكان يحاول الجري ويداه ممددتان ليمسك بالرجل قبل أن يقع، وعندما أفاق قام ليصلي وبعدها تناول مذكراته الخاصة بالقناة الهضمية ليقرأها حيث كان يستعد لامتحان طبي قادم. وكان هدف هذا الشاب السعودي ذي الـ31 عاماً أن يصبح طبيباً متخصصاً في علم الأشعة خلال وجوده في الولايات المتحدة. ولم يكسر رجال الـ"إف. بي. آي" باب سكن الحازمي ولم يطرقوا بعنف على الباب ليفتح لهم ولكنهم طرقوا طرقاً عادياً على الباب وعندما خرج عليهم بلباس نومه قال أحدهم "إف. بي. آي" وهو ممسك بمسدسه ثم أمر الحازمي بالجلوس على كنبته. وقد حاول الحازمي أن يبدو هادئاً فبعد الأحداث فإنني توقعت أن أي إنسان يحضر للمسجد يسأل.
وفي الحال تيقن الحازمي أن رجال الـ"إف. بي. آي" يحاولون الوصول إلى شيء ما حيث سألوه عن اسم لم يكن وقتها منتشراً للعامة، فقد سألوه عن اسم محمد عطا وماذا يعرف عن هذا الاسم، وعندما أخبرهم أنه لا يعرف شيء عن هذا الاسم وأنه لا يعني له شيئاً، أشار رجال الـ"إف. بي. آي" لقائمة ركاب الطائرة التي اصطدمت بمبنى البنتاجون وبالتحديد لاسمي نواف وسالم الحازمي وقالوا "لدينا أسباب للاعتقاد بأن هؤلاء هم إخوتك" وكاد الحازمي أن يضحك ويتنفس الصعداء لأنهم بالطبع ليسوا إخوته ولكنه أجابهم: "هذه ليست أسماء إخواني" الحازمي اسم مشهور ومتداول في السعودية مثل اسم Smith في أمريكا" ثم عدل نظارته وقال للـ"إف. بي. آي" لن أجيب على أية أسئلة أخرى دون حضور محام، وبعد فترة وفي وجود مصوري التلفزيون طلب منهم أن يطلعوه على أمر التفتيش ثم عاد إلى ما كان يفعله قبل دخول رجال الـ"إف. بي. آي" عليه، عاد لقراءة مذكراته المتعلقة بالقناة الهضمية بينما كانوا يفتشون منزله، وبعد خمس ساعات من وصولهم، سمحوا له بالاتصال بشركة أرامكو التي ابتعثته للدراسة في أمريكا، وقد طمأنته الشركة لأنها تعرف من يكون الحازمي، وعند ذلك أخبر زوجته الخائفة مما يجري بأن العائلة ستتناول إفطارها كالعادة بعد أن يذهب رجال الـ"إف. بي. آي" لأنهم سيدركون أنهم قد أخطأوا طريقهم وتعرضوا لعائلة بسيطة ليس لها من الأمر شيء وإنما هي مجرد عائلة مكونة من طبيب وزوجته وثلاثة أطفال الذين لحسن الحظ ما زالوا نائمين على غير عادتهم.
ولكن لم يكن الأمر كما ظن د. الحازمي، فبعد ست ساعات من وصولهم، طلبوا منه الخروج إلى الخارج والاستدارة ليتمكنوا من تكتيف يديه وراءه، حيث أخبره رجال الـ"إف. بي. آي" أنه مقبوض عليه وعندما سألهم ما ذنبه؟ أخبروه أنه سيعرف عندما يحين الوقت، ولم يسمحوا له بتغيير ثياب نومه وأخذوه بعيداً تاركين زوجته الخائفة وراءه مع بعض من رجال الـ"إف. بي. آي"، وزوجته إنتصار الحازمي التي كادت أن تجن، لا تتكلم إلا القليل من الإنجليزية قامت بتقديم بعض الطعام الذي يقدمه العرب لضيوفهم ولكن رجال الـ"إف. بي. آي" رفضوا تلك السندوشات المحشوة بالجبن وبراد الشاي الذي معها.
بينما بدر الحازمي أخذ بعيداً وصوت زوجته الخائفة لا يزال يتردد صداه في أذنيه عندما سألته إلى أين هو ذاهب، حيث لم يكن يعلم إلى أين حيث إنه في الـ12 يوماً التي تلت نقل إلى عدة أماكن لم يعلم بخط سيره، وفي المقعد الخلفي لسيارة الشرطة كان الحازمي مذهولاً لما سمعه من رجال الـ"إف. بي. آي" من أن تأشيرة الخمس سنوات التي أعطيت له من السفارة الأمريكية والتي تنتهي في شهر يونيو قد ألغيت وأن جواز سفره السعودي قد صودر.
قضى الحازمي 13 يوماً في الحجز معظمها في نيويورك، حيث رحل مقيداً إلى هناك في طائرة حكومية محروساً حراسة مشددة برفقة رجال مسلحين. وفي زنزانة باردة حيث حجز حجزاً انفرادياً لم يكن الحازمي يعلم أنه قد أشير إليه كشاهد إثبات، ولم يعلم بعد أن أفرج عنه أيضاً أن مكتب المدعي العام للولايات المتحدة في مانهاتن أصدر بياناً حكومياً هو أقرب ما يكون إلى اعتذار حكومي علني للحازمي لقاء ما حصل له.
والحكومة محظوظة أن الحازمي تعرض لمثل هذا الظلم في وقت مثل هذا، ولو كان حصل هذا لرجل أمريكي ـ مثلاً ـ لصنع منها قضية فدرالية، وهذه الظروف التي مر بها الحازمي لم تكن فظيعة فحسب ولكنها أيضاً حفرت اسم الحازمي بطريقة لا يمكن إزالتها من ذاكرة الناس. ولكن الحازمي رجل دين اختار أن يترفع بنفسه عن مقاضاة الحكومة الأمريكية تاركاً أمر ما مر به من محنة للشعب الأمريكي ليقول رأيه في أساليب الحكومة الأمريكية.
حيث يقول: "لقد عزمت على أن لا أشكو ما حل بي.. فأنا أنظر للموقف بنظرة شاملة فما حصل في يوم 11 سبتمبر شيء لا يحتمل، ولا يعقل أن أشتكي من المحنة التي مررت بها فأنا ما زلت أتذكر الرجل الذي رمى بنفسه من البرج ورأيته يستنجد بي في الحلم لأنقذه، وأنا أفكر في عوائل الضحايا الذين يريدون أن يحصلوا على أي شيء متبق من أجساد أقربائهم ليدفنوا تلك البقايا في قبور تليق بهم، لم يكن الذي مررت به شيئاً سهلاً ولكن لو كنت في بلد ثان لربما بقيت في السجن أربع سنوات ولا أحد يدري عني".
لم يكن د. الحازمي وحياته ذات أهمية قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فقد أتى من قرية من الجنوب الغربي في السعودية، وأبواه غير متعلمين، غير أن الحازمي اختار مهنة الطب وسلك طريقه، وعندما تخرج التحق بشركة أرامكو حيث ابتعثته الشركة لخمس سنوات تخصصية في مجال الراديولجي "علم الأشعة" وربما أن تخصصه الدقيق يتعلق بأشعة القناة الهضمية في جامعة تكساس في سان أنتونيو حيث عمل لمدة أربع سنوات في المستشفى التابع للجامعة ويقول عنه رئيس قسم الأشعة د. فيرلاد دي دود: "إنه كان طبيبا جديرا يحب عمله.. وقد أحببت العمل معه".
وعندما تغير ملف الحازمي النظيف في ليلة وضحاها نتيجة للخطأ الذي حصل واعتقال الـ"إف. بي. آي" له، لم يصدق ذلك زملاؤه ومدينته التي عرفته، فقد انتشرت أخبار القبض على د. الحازمي في مدينة سان أنتونيو بسرعة كبيرة كما ينتشر صوت مزمار القطار في الصباح الباكر في المدينة نفسها. ولكن جامعته التي يعمل بها التزمت بقرارها السابق وكانت إيجابية في التعامل مع الحازمي الذي قبلت أن يعمل بها، ورأت أن لا تغير هذه النظرة حتى يصدر قرار رسمي حكومي يدين الحازمي، ولكن كان هناك الإعلام اليومي الذي بدأ يصور د. الحازمي على أنه إرهابي ويشير إليه بـ"Dr. Terror" أو الدكتور الإرهابي والرجل المحير: طبيب يداوي المرضى أم إرهابي أجنبي.
لم يكن الحازمي يريد أن يتذكر ما حصل له، ففي الليلة الأولى من احتجازه شاركه 3 مكسيكيين في زنزانته تلك وسألوه ماذا أتى به إلى هنا وعندما شرح لهم الحازمي الالتباس الحاصل، صاحوا بذهول "وووه" قائلين: "يعتقدون أنك وراء الهجمات التي حصلت في أمريكا" ثم قدموا له بعض النصح قائلين: "أنت بريء، ولا تخف سيبعدوننا كما يبعدوننا دائما وسنعود كما نفعل دائماً" (يشيرون بذلك إلى دخولهم للولايات المتحدة متسللين)، وفي الليلة الثانية كان الحازمي وحيداً في زنزانة في سجن المقاطعة مفتقداً صحبة السجينين المكسيكيين حيث ناوله الحارس روباً خفيفاً قصيراً وقال له: "ماري كرسمس" وقفل عليه باب الزنزانة التي كانت كالثلاجة في برودتها، وقد قضى الحازمي تلك الليلة يتقلب على مرتبة عارية على الأرض محاولاً أن يغطي نفسه ببطانية صغيرة في حجم منشفة اليد، وكما يقول الحازمي: "كنت خائفاً.. ولكن خوفي كان من المصير المجهول". وفي الصباح عندما قيد الحارس رجليه النحيفتين عندها شعر الحازمي بآلام في معدته ولكن بعد أن اقتاده مجموعة من الضباط وحملوه في طائرة وعندها بدأ الحازمي يدرك خطورة الأمر، وكان يرافقه في الطائرة رجلان آخران متهمان كانا قد وجدا ومعهما صندوق معبأ بسكاكين في قطار كان متجهاً إلى سان أنتونيو، وقد حيا الرجال الثلاثة بعضهم البعض بالتحية الإسلامية المعروفة "السلام عليكم"، حيث طارت بهم الطائرة وتوقفت في منيسوتا لتحمل متهما آخر هو زكريا موسوي الذي كان يختلف عن الثلاثة الباقين فقد سأل الضباط إلى أين هم متجهون فأجابوه إلى نيويورك وعندها بدأ المتهم الذي كان على يسار الدكتور الحازمي في البكاء ثم تبعه د. الحازمي الذي غالبته دموعه متذكراً زوجته وأولاده، ولكن الموسوي حاول تهدئتهم قائلاً: "نحن أبرياء" ومازح قائلاً: "هل تعتقدون أن الحراس سيحاولون إنقاذنا لو ارتطمت بهم الطائرة" فأجابه الضباط "لا تقلق سنهتم بك". وعندما حطوا في نيويورك أخذ الحازمي ومن معه في موكب مشدد الحراسة إلى سجن قريب من برجي التجارة اللذين فجرا حيث بقي الحازمي لمدة ثلاثة أيام دون أية تحقيقات يقرأ القرآن معتمداً على حفظه ويصلي فقط محاولاً أن ينسى كل شيء ومتكلاً على الله سبحانه وتعالى.
وفي اليوم السابع لاحتجازه نقل الحازمي إلى سجن في بروكلين حيث بدت معاملتهم له قاسية جداً يدفعونه بقوة بينما رجلاه مكبلتان بالقيود حيث يقول الحازمي إنه أمر غير مريح ولكني اعتقدت أنهم معذورون لأنهم يظنون أنني مذنب ومشترك في تلك الجريمة البشعة". وأخيرا قابل الحازمي محاميا عينته المحكمة له في اليوم السابع حيث سأله الحازمي عن إمكانية خروجه قبل موعد امتحان البورد الذي حضر له طويلا, حينها قال له المحامي إن الامتحان يجب أن يكون في ذيل قائمة اهتماماته وقرأ عليه الاتهام الموجه ضده الذي ختم بختم المحكمة والذي يعدد اتهامات الحكومة ضده, وعندها تنفس الحازمي الصعداء فلم يكن ضمن هذه الاتهامات شيء لا يستطيع الحازمي شرحه, ثم طلب من المحامي الذي عينته المحكمة أن يتصل بالسفارة السعودية التي عينت محاميا خاصا للدفاع عنه. وهو المحامي المعروف في مانهاتن والمدعي الفدرالي السابق سين أوشيا, وفي اليوم العاشر تحدث الحازمي مع محاميه الجديد أوشيا الذي أخبره أن قضية الحكومة الأمريكية ضده ضعيفة وأنه (أي المحامي لن ينام حتى يخرجه من السجن), ومع أنه أعجب به وبموقفه إلا أنه يرجع الفضل لله ثم للسفارة السعودية في اختيار المحامي المناسب.
ولم يعد المحامي أوشيا إلا في اليوم الثاني عشر حيث تقابل هو وموكله الحازمي واثنين من رجال الـ"إف بي آي" وبدأ الحازمي في الإجابة على اتهامات الحكومة واحدا تلو الآخر حيث قلت لهم: أولا: ارجعوا لدليل الهواتف في السعودية وراجعوا صفحاته صفحة صفحة وستجدون أن اسم الحازمي اسم متداول, ثانيا: كثير من السعوديين يحصلون على تأشيرات لدخول أمريكا من جدة حيث حصلت على تأشيرتي, وأغلبهم - إن لم يكن كلهم - ليسوا مختطفين.
ثالثا: لقد حولت بالفعل 10000 دولار من السعودية إلى طبيب آخر زميل لي في تكساس في عام 1997م ليتمكن من شراء أثاث لي وسيارة قبل أن أصل إلى أمريكا. رابعا: رحلاتي إلى بوسطن وواشنطن وهي مواقع ارتبطت بالاختطاف - هي لحضور دروس وندوات طبية.
خامسا: التذاكر الخمس التي قطعت إلى كالفورنيا من travelocity والذين يعتقد أن الخاطفين استخدموا أسماء سعودية منها - هي لي ولزوجتي ولأطفالي الثلاثة, حيث كنت أخطط للذهاب إلى سان دايقو في أواخر سبتمبر لدورة في أشعة العضلات والفقرات,, سادسا: المكالمتان اللتان تلقيتهما في السنتين الأخيرتين من ابن لادن, هي في الحقيقة من عبدالله بن لادن.
المشرف على مكتب شمال فرجينيا لرابطة الشباب المسلم. وبعد فترة قصيرة من هذا اللقاء أخبره محاميه أنهم سيطلقون سراحه في اليوم التالي. حيث نقل الحازمي من غرفة إلى أخرى بينما أوراقه في طريقها للإكمال ويترك لوحده لساعات طويلة, وفي إحدى المرات أتى مسؤول يلبس بدلة وربطة عنق ووقف خلف الحازمي وسأله عن اسمه وعندما لم يجب الحازمي بسرعة ركله في الخلف وهذه المرة الوحيدة التي ذكرها الحازمي لاعتقاده أنها كانت غير لائقة وضايقته كثيراً لأنه كما يقول: "يعلمون أنني بريء".
هذا ويصف ريني ساليناس المتحدث باسم الـ"إف . بي. آي" عن شخصية الحازمي فيقول إنه "رجل مؤدب ولم يكن يتصرف بعنف معهم قط" ويضيف المتحدث أن شخصية الحازمي هذه أنقذته من كثير من المعاناة التي كان من الممكن أن يواجهها لو كان غير ذلك ثم يضيف أن فهم الحازمي بالحقوق التي يكفلها القانون للمتهمين ساعده أيضاً فيتذكر أن رجال الـ"إف. بي. آي" تراجعوا عن طرح أسئلتهم عندما دخلوا عليه في بيتهم وأخبرهم أنه لن يجيب على المزيد من أسئلتهم دون حضور محام.
وبعد خمسة أيام من إطلاق سراح د. الحازمي احتفل أصدقاؤه بإطلاق سراحه حيث أعدوا له الوليمة السعودية المعروفة التي تتكون من لحم الضأن والأرز (الكبسة) وقد أعدت هذه الوليمة خلف مركز سان أننتونيو الإسلامي واستمتعوا جميعاً بهذه الوليمة ومن ورائهم عبارات ترحيبية كتبت باللغتين العربية والإنجليزية تقول: "مرحباً بعودتك" في إشارة لطيفة لعودة د. الحازمي لهم.