طه66
05-12-2001, 11:39 AM
السلام عليكم أخي علو الهمة
كيف تكون الثورة؟ لعلك تسأل عن الخطوات المطلوبة؟ أرجو أن أكون قد فهمت سؤالك بالوجه الصحيح
أولا أرجو أن تكون قد قرأت مقالاتي السابقة و التي حاولت فيها أن أقنع الإخوة بضرورة التركيز على تغيير قوانين المواطنة في دولنا الإقليمية المعاصرة حتى يصبح الإسلام هو الرابطة المميزة لشعب الدولة و الدولة نفسها، و ليس مجرد صفة من صفاتها أو صفة الطبقة الحاكمة أو صفة قانون الدولة أو أي شي من ذلك القبيل، كما هو الحال في الدولة الحديثة.
و قلت في عدة مرات أن جعل الإسلام هو ذاته الرابطة السياسية، سيجعله و يجعل كل شيء مرتبط به هو المسلمة الوحيدة للمجتمع. و هذا يعني أن يكون الإسلام، و على أرض الواقع، و عند كل فرد مسلم يعيش في ظل الدولة الدينية، هو المهيمن الوحيد و الحقيقي على قوانين الدولة و أعرافها و سياساتها الداخلية و الخارجية و على تصرفات الأفراد و أفكارهم و همومهم.
بل إن الأمر أعظم من ذلك بكثير، فكون الإسلام مسلمة من مسلمات الأمة يعني أن الإسلام و كل ما يمثله قد أصبح جزىء من كرامة و عزة و شرف كل مسلم يعيش في الدولة. و هذا يفسر لنا لماذا الشعوب، قديمها و حديثها، لا تصبر إلا على المشاق التي تأتي من حمايتهم لمصالح رابطتها السياسية، ذلك لأن كل شيء يضر بمصالح الرابطة السياسية هو بالضرورة يمس كرامة الأفراد بشكل مباشر. أما إذا كان الإسلام هو صفة من صفات الدولة أو الحكومة أو القوانين (كما هو حال في الدولة الحديثة) ، فإن الإسلام و كل ما يتعلق به لا يكون أبدا جزىء من كرامة و شرف المسلم (الغالبية العظمى طبعا)، لذلك يسهل على أعدائه محاربت كل أجزائه في وضح النهار و في بلاد المسلمين من غير أن يحرك ذلك في عوام المسلمين شيءا.
إن أي حرب بحاجة لأمرين :نخبة مؤمنة صابرة: تخوض المعركة، و شعب: وظيفته حماية و دعم و إمداد الفئة المؤمنة. و في الحرب النصر ليس للإقوى و ليس لمن يصيب أكثر في عدوه، و لكنه يكون دائما لمن يصبر أكثر. و إذا كانت الفئة القليلة المؤمنة المقاتلة وظيفتها أن تضرب الأعداء فإن وظيفة الشعب تحمل ردة الفعل و الصبر عليها. من أجل ذلك فإن الشعب هو الذي يحسم المعركة في النهاية. و قد ذكرنا سابقا أن الشعب لا يصبر إلا على تبعات المصالح المتعلقة بالرابطة المميزة له. و هذا سبب آخر لماذا الإسلام مازال يهزم إلى اليوم، لأن العاملين للإسلام يقاتلون بلا شعب ( "شعب المسلمين" و هو شعب أفراده لا يؤمنون إلا بالإنتساب إليه لكونهم مسلمين فقط).
و لنعد الأن للخطوات:
- المطلوب في المرحلة الأولى ليس تغيير قوانين المواطنة في كل بلاد المسلمين دفعة واحدة. فنحن مهما حاولنا إقناع المسلمين بذلك، فلن يتقبلها الكثيرين. نحن بحاجة لمثال واحد فقط ننشئه في مكان ما من بلاد المسلمين: و هو ما أسميته بنواة "دولة المسلمين". و هي دولة إقليمية وافق الغالبية من أفرادها المسلمين على تغيير قانون المواطنة لينص صراحة على أن الإسلام هو اساس المواطنة فيها فقط، كما كان الأمر في عهد الخلافة. و بالتالي فقط وافق هؤلاء على أن يتقاسموا خيراتهم و آلامهم و أهدافهم مع كل المسلمين، بخيرهم و شرهم، بعالمهم و جاهلهم، بغنيهم و فقيرهم، ببدوهم و حضرهم.
- كيف نستطيع إيجاد هذه الغالبية في مكان ما؟ إن الله سبحانه و تعالى لا شك هو الذي سيختار أهل السبق، كما إختار الأهل المدينة لحمل الدعوة من دون أهل الجزيرة كلها. كل المطلوب منا فقط هو دعوة المسلمين (و علماء المسلمين خاصة) في كل بلاد المسلمين إلى تبني فكرة "دولة المسلمين" و إسقاط فكرة إقامة "دولة إسلامية" و هي كما عرفتها سابقا (دولة بمواطنة إقليمية تحكم بشرع الله). و الله سييسر الأمر و يشرح صدر الفئة المختارة إليه في الوقت المناسب.
- و حتى يقتنع المسلمون في أي بلد من البلاد الحديثة بفكرة تغيير قوانين المواطنة، لتتحول دولتهم من دولة إقليمية إلى "دولة للمسلمين"، لابد لهم أن يؤمنوا أولا أنهم و بقية المسلمين هم أمة و شعب واحد و ليسوا أمة من عدة شعوب. فهم ليسوا أندونيسيين و لا باكستانيين و لا سعوديين و لا كويتيين و لا سوريين و لا مصريين و لا جزائريين و لا سنغاليين، إنهم مسلمون و كفى.
و بالخلاصة، لابد لنا أولا أن نقنع المسلمين بضرور القبول بفكرة العودة للعيش مع بقية المسلمين في دولة واحدة، بخيرهم و شرهم، و أنهم أمة و شعب واحد و ليسوا أمة من عدة شعوب. و في اللحظة الذي يتوفر فيه العدد الكافي في مكان ما، علينا على الفور العمل حسب السبل المتاحة أنذاك و في تلك البقعة المختارة لتغيير قوانين المواطنة قبل أن نفكر في إعادة شرع الله كله أو إعادة اللمسة الإسلامية الكاملة على كل أجزاء الدولة. و بعد بضع سنين من تحويل الدولة إلى"دولة للمسلمين"، عندها فقط يأتي دور إعادة شرع الله كاملا، و إدخال التعديلات النهائية على كل مرافق الدولة، لتكون نموذجا لبقية بلاد المسلمين.
لماذا ستنتصر هذه الدولة و ستصمد في وجه المحن؟ هذه الدولة مهما حدث فيها من أخطاء أو تعرضت للحروب، فكونها قد تحولت لدولة للمسلمين منذ الحظة الأولى يجعلها محصنة تحصينا داخليا قوي من كل هذه الكوارث، و يعطيها القوة على الإستمرار مهما حدث. هذه الدولة ستجند كل من فيها من المسلمين و كل من هو خارجها، بشكل تلقائي و عفوي للدفاع عنها و حمايتها. و الأخطاء يتحمل مسؤوليتها الأفراد و ليس الإسلام، في حين أنه في الدولة الإسلامية، الأخطاء يتحملها الإسلام و ليس الأفراد. و في الحروب، سيصبر الشعب، لأن أي حرب سيفهمها الأفراد على أنها موجهة ضدهم و ضد كرامتهم و شرفهم، أما في الدولة الإسلامية فالشعب لن يصبر على تبعات الإسلام، بل سيقاتل دفاعا عن مصالحه الإقليمية فقط. و هذا ما شهدناه في المئة و خمسين عاما الماضية.
و جزاكم الله خيرا.
كيف تكون الثورة؟ لعلك تسأل عن الخطوات المطلوبة؟ أرجو أن أكون قد فهمت سؤالك بالوجه الصحيح
أولا أرجو أن تكون قد قرأت مقالاتي السابقة و التي حاولت فيها أن أقنع الإخوة بضرورة التركيز على تغيير قوانين المواطنة في دولنا الإقليمية المعاصرة حتى يصبح الإسلام هو الرابطة المميزة لشعب الدولة و الدولة نفسها، و ليس مجرد صفة من صفاتها أو صفة الطبقة الحاكمة أو صفة قانون الدولة أو أي شي من ذلك القبيل، كما هو الحال في الدولة الحديثة.
و قلت في عدة مرات أن جعل الإسلام هو ذاته الرابطة السياسية، سيجعله و يجعل كل شيء مرتبط به هو المسلمة الوحيدة للمجتمع. و هذا يعني أن يكون الإسلام، و على أرض الواقع، و عند كل فرد مسلم يعيش في ظل الدولة الدينية، هو المهيمن الوحيد و الحقيقي على قوانين الدولة و أعرافها و سياساتها الداخلية و الخارجية و على تصرفات الأفراد و أفكارهم و همومهم.
بل إن الأمر أعظم من ذلك بكثير، فكون الإسلام مسلمة من مسلمات الأمة يعني أن الإسلام و كل ما يمثله قد أصبح جزىء من كرامة و عزة و شرف كل مسلم يعيش في الدولة. و هذا يفسر لنا لماذا الشعوب، قديمها و حديثها، لا تصبر إلا على المشاق التي تأتي من حمايتهم لمصالح رابطتها السياسية، ذلك لأن كل شيء يضر بمصالح الرابطة السياسية هو بالضرورة يمس كرامة الأفراد بشكل مباشر. أما إذا كان الإسلام هو صفة من صفات الدولة أو الحكومة أو القوانين (كما هو حال في الدولة الحديثة) ، فإن الإسلام و كل ما يتعلق به لا يكون أبدا جزىء من كرامة و شرف المسلم (الغالبية العظمى طبعا)، لذلك يسهل على أعدائه محاربت كل أجزائه في وضح النهار و في بلاد المسلمين من غير أن يحرك ذلك في عوام المسلمين شيءا.
إن أي حرب بحاجة لأمرين :نخبة مؤمنة صابرة: تخوض المعركة، و شعب: وظيفته حماية و دعم و إمداد الفئة المؤمنة. و في الحرب النصر ليس للإقوى و ليس لمن يصيب أكثر في عدوه، و لكنه يكون دائما لمن يصبر أكثر. و إذا كانت الفئة القليلة المؤمنة المقاتلة وظيفتها أن تضرب الأعداء فإن وظيفة الشعب تحمل ردة الفعل و الصبر عليها. من أجل ذلك فإن الشعب هو الذي يحسم المعركة في النهاية. و قد ذكرنا سابقا أن الشعب لا يصبر إلا على تبعات المصالح المتعلقة بالرابطة المميزة له. و هذا سبب آخر لماذا الإسلام مازال يهزم إلى اليوم، لأن العاملين للإسلام يقاتلون بلا شعب ( "شعب المسلمين" و هو شعب أفراده لا يؤمنون إلا بالإنتساب إليه لكونهم مسلمين فقط).
و لنعد الأن للخطوات:
- المطلوب في المرحلة الأولى ليس تغيير قوانين المواطنة في كل بلاد المسلمين دفعة واحدة. فنحن مهما حاولنا إقناع المسلمين بذلك، فلن يتقبلها الكثيرين. نحن بحاجة لمثال واحد فقط ننشئه في مكان ما من بلاد المسلمين: و هو ما أسميته بنواة "دولة المسلمين". و هي دولة إقليمية وافق الغالبية من أفرادها المسلمين على تغيير قانون المواطنة لينص صراحة على أن الإسلام هو اساس المواطنة فيها فقط، كما كان الأمر في عهد الخلافة. و بالتالي فقط وافق هؤلاء على أن يتقاسموا خيراتهم و آلامهم و أهدافهم مع كل المسلمين، بخيرهم و شرهم، بعالمهم و جاهلهم، بغنيهم و فقيرهم، ببدوهم و حضرهم.
- كيف نستطيع إيجاد هذه الغالبية في مكان ما؟ إن الله سبحانه و تعالى لا شك هو الذي سيختار أهل السبق، كما إختار الأهل المدينة لحمل الدعوة من دون أهل الجزيرة كلها. كل المطلوب منا فقط هو دعوة المسلمين (و علماء المسلمين خاصة) في كل بلاد المسلمين إلى تبني فكرة "دولة المسلمين" و إسقاط فكرة إقامة "دولة إسلامية" و هي كما عرفتها سابقا (دولة بمواطنة إقليمية تحكم بشرع الله). و الله سييسر الأمر و يشرح صدر الفئة المختارة إليه في الوقت المناسب.
- و حتى يقتنع المسلمون في أي بلد من البلاد الحديثة بفكرة تغيير قوانين المواطنة، لتتحول دولتهم من دولة إقليمية إلى "دولة للمسلمين"، لابد لهم أن يؤمنوا أولا أنهم و بقية المسلمين هم أمة و شعب واحد و ليسوا أمة من عدة شعوب. فهم ليسوا أندونيسيين و لا باكستانيين و لا سعوديين و لا كويتيين و لا سوريين و لا مصريين و لا جزائريين و لا سنغاليين، إنهم مسلمون و كفى.
و بالخلاصة، لابد لنا أولا أن نقنع المسلمين بضرور القبول بفكرة العودة للعيش مع بقية المسلمين في دولة واحدة، بخيرهم و شرهم، و أنهم أمة و شعب واحد و ليسوا أمة من عدة شعوب. و في اللحظة الذي يتوفر فيه العدد الكافي في مكان ما، علينا على الفور العمل حسب السبل المتاحة أنذاك و في تلك البقعة المختارة لتغيير قوانين المواطنة قبل أن نفكر في إعادة شرع الله كله أو إعادة اللمسة الإسلامية الكاملة على كل أجزاء الدولة. و بعد بضع سنين من تحويل الدولة إلى"دولة للمسلمين"، عندها فقط يأتي دور إعادة شرع الله كاملا، و إدخال التعديلات النهائية على كل مرافق الدولة، لتكون نموذجا لبقية بلاد المسلمين.
لماذا ستنتصر هذه الدولة و ستصمد في وجه المحن؟ هذه الدولة مهما حدث فيها من أخطاء أو تعرضت للحروب، فكونها قد تحولت لدولة للمسلمين منذ الحظة الأولى يجعلها محصنة تحصينا داخليا قوي من كل هذه الكوارث، و يعطيها القوة على الإستمرار مهما حدث. هذه الدولة ستجند كل من فيها من المسلمين و كل من هو خارجها، بشكل تلقائي و عفوي للدفاع عنها و حمايتها. و الأخطاء يتحمل مسؤوليتها الأفراد و ليس الإسلام، في حين أنه في الدولة الإسلامية، الأخطاء يتحملها الإسلام و ليس الأفراد. و في الحروب، سيصبر الشعب، لأن أي حرب سيفهمها الأفراد على أنها موجهة ضدهم و ضد كرامتهم و شرفهم، أما في الدولة الإسلامية فالشعب لن يصبر على تبعات الإسلام، بل سيقاتل دفاعا عن مصالحه الإقليمية فقط. و هذا ما شهدناه في المئة و خمسين عاما الماضية.
و جزاكم الله خيرا.