تسجيل الدخول

View Full Version : من اخبار الشيخ عمر السبيل رحمه الله


جروح باردة
18-03-2002, 04:11 AM
لمصداقية القوول منقول من شبكة الفجر كما الأقحوانة في نصاعتها وطيب شذاها ولطافة مظهرها كان هو، فقد تفتح وعيه بين أروقة الحرم.
كان إيوان المسجد الحرام وصحنُه ورواقهُ معاهدَ علمه، تنقّل بين حلقاتها في مراحل تعليمه الأولى، وسنيِّ صباه الباكر، وَعَبر مدارج الشباب في هذا النقاء، وأجواء الطهر تلك، منوَّراً بكتاب الله الذي أدرجه بين جنبيه في بَدَوات صباه وبكور عمره، فتفارطت سنيّ شبابه لم تُعرف له صبوة، ولم تحفظ عنه هفوة.
ثم جاء بعد إلى الرياض ليكمل المرحلة الجامعية فلقيناه وكانت صحبة، وعرفنا شمائله وخلقه في مرحلة الشباب الأولى، حيث لا حواجز ولا كلفة ولا تصنُّع بين اللِّدات. فلو أردت أن أجمع صفاته في كلمة واحدة لم أجد أبلغ ولا أوجز ولا أصدق من العذوبة.
كان عذباً في حديثه، عذباً في خلقه، عذباً في معشره، لطيف النفس، موطأ الأكناف بعيداً كل البعد عن التكلّف المقيت، والتواقر الثقيل، ولكنها العذوبة واللطافة وحسن الخلق، وطيب الحديث.
وكان شأنه في الرياض شأنه في الحرم، الصلة الوثقى بالعلم، والتنقّل بين حِلَقه يغدو في بكور الصباح إلى حلقة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – بعد صلاة الفجر، ويروح في المساء إلى حلقة الشيخ عبد الله بن حميد – رحمه الله – بعد المغرب، وفيما بين ذلك هو الطالب المنتظم المثابر في دراسته الجامعيّة، وكنت أراه في تلك الحلق كأشد ما أنت راءٍ الطالب مهابة للشيخ وتوقيراً له، وحرصاً على الطلب، وجِدّاً في التحصيل، فإذا انقلب إلى أصحابه عادت إليه العذوبة والسماحة وذاك اللطف والبشر المعهود.
ثم عاد بعد إلى مكة فأتمّ الدراسات العليا، وترقّى في مدارج الحياة صُعُداً، أستاذاً في جامعة أم القرى، وإماماً في محراب الحرم، وخطيباً على منبره.
ولقد عرفته على مدار ثنتين وعشرين سنة شادياً في بدايات الطلب، ثم عالماً وإماماً في الحرم فما عرفت بين حالتيه فرقاً إلاّ مزيد التواضع، وحسن العهد، يطفح وجهه بشراً عند اللقاء، ويفيض عذوبة عند الحديث، ولا يطول بك المجلس معه حتى تتّهمه بأنه يطوي جوانحه على نفس رضية، وقلب سـليم، ولقد كنا نلتقي فنتحدث - والحديث ذو شجون - فما أذكره قرض عرض مسلم، أو تكلف ما لا يحسن، وعندما عبر الناس منذ سنين مخاضة القول عصمه الله بالورع، فحبس لسانه، ولزم سمته، ومضى إلى شأنه لا يحفظ أحدٌ عليه كلمةً يقول : ليته ما قالها.
وعندما عرضت عليه المشاركة في نافذة الفتاوى في موقع الإسلام اليوم تقبَّل الدعوة بقبول حسن، ووجدته سمحاً بذاك مجيباً، ووعد بها قبيل الحج، ثم كان أمر الله قدراً مقدوراً.
ولا ننسى بعد فجيعة الناس يوم أن فشى الخبر بمصابه، وتواصيهم بالدعاء له، وكانت رسائل الهاتف تصل ممن لا أعرفهم ولا يعرفهم تدعو له وتوصي بالدعاء، ثم شاء الله - وله الخيرة فيما يخلق ويختار - أن يستوفي عمره، ويسترد وديعته، فمضى مذكوراً بالخير مستفيضاً عليه الثناء.
وإنا لنرجو له ما نرجوه لمن أثنى الناس عليه خيراً فقال الله : وجبت، ونحتسب له عند ربه ما نحتسبه لشاب نشأ في طاعة الله، ولئن حزن القلب، ودمعت العين، وهاجت في النفس شجون، وثارت ذكريات وشؤون فإنّا ننهنهها بالصبر الجميل، ولا نقول إلاّ ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا عمر لمحزونون، ولكن عزاءنا أنك أفضيت إلى الرب الذي عبدته وعظمته؛ فركعت له وسجدت، وأحببت فيه وأبغضت، فرفع الله درجاتك في المهديين، وخلفك في عقبك في الغابرين، وجعل نزلك مع النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين، في جناتٍ ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
وسلام الله ورحماته وبركاته على أبي أنس الشيخ الدكتور عمر بن محمد السبيّل.
وإنا للــه وإنــا إليه راجعــــون.

ميثة
18-03-2002, 11:49 AM
بوركت اخي على ماذكرت ...

وإن القلم ليعجز في مثل هذه المواقف فلا نقول سوى إنالله وإنا إليه راجعون

فلاح
21-03-2002, 08:52 PM
رحمه الله تعالى