PDA

View Full Version : "الحجر" عادة قبلية تطوق أعناق العرائس كرهاً


فتى الإيمان
10-08-2003, 02:36 AM
"الحجر" عادة قبلية تطوق أعناق العرائس كرهاً

تحقيق - نوال الراشد


معنى الحجر وأسبابه
الحجر أو التعليق أو العضل هو (منع) المرأة من الزواج بمن هو كفئ لها أو تعليقها أو إجبارها على الزواج بقريب لها بعينه وتمنع بالزواج من سواه مهما كانت الأسباب، وأما عن دوافع الزواج، بالأقارب فلابد من الرجوع إلى الوراء ليلاً للتعفر على الأسباب الاجتماعية الناشئة ومن أهمها أنه لوحظ خلال السنوات الماضية انتشار الزواج من الأقارب في بعض المجتمعات واعتبرت من العادات والتقاليد المتعارف عليه، أو كان عرفاً من الأعراف الاجتماعية التي ألفوها بتعودهم عليها، ومفهومهم السائد عنزواج الأقارب هو المحافظة على قيم الروابط الاجتماعية بالزواج وتماسك الأسر والذي ينتج عنه زيادة الأولاد وكثر النسل، والحرص على عدم خروج الفتاة عن طوق القبيلة بزواجها من قبيلة أخرى فتحرم من رؤية أهلها بحكم انتقالها مع زوج يسكن منطقة قد تكون بعيدة فيفضل اآباء تزويج بناتهن على أقربائهم، وعدم تشجيع زواج الفتاة من خارج القبيلة بسبب الخوف من ان يكون الزوج عليه ثأر أو دم أو غير معروف الأصل لذلك يفضلون الزواج من الأقرباء، فاستمرت هذه العادات الاجتماعية بمعناها المنطقي لسنوات حتى تغير الطابع الاجتماعي للزواج وانعكست هذه الأسباب الإيجابية إلى عوامل سلبية على الفتاة بسبب الجهل والغلو وأصبحت شيئاً أساسياً في الزواج فأبرت الفتاة إجباراً على الزواج من ابن عمها أو قريبها بالقوة وباإكراه رغماً عنها.
فأصبح يحجر على الفتاة منذ ان تكون طفلة صغيرة وفي سنواتها الأولى إلى وولد عمها أو يعقد قرانها عليه وهي لا تعي من أمر الزواج شيئاً حتى إذا كبرت تزوجته رغماً عنها وهكذا يكون نصيب أغلب الفتيات في الكثير من الأسر.

حالات الحجر في الزواج
لا شك ان هناك أسباب أسهمت في استمرار وجود زواج الحجر حتى وقتنا الحاضر بشكل كبير ومنها، حجر الفتاة من قبل أبيها أو أخيها أو ولي أمرها ويمنع زواجها لأسباب مادية منها إذا كانت موظفة ولديها مورد مادي فيمنع والدها زواجها طمعاً في مالها ويحجر عليها كل من يتقدم للزواج منها بحجة عدم مجيئ الزوج الكفئ أو حجر الأخ على أخته إذا كان ولياً عليها بعد وفاة والدها بسبب ورث أو مال يخاف ان ينتقل بزواجهها إلى الزوج فيحجر عليها ويمنع زواجها بهذه الحجة، أو حجر ولي الزمر إذا كان عماً فلا يزوجها إلاّ من أولاده فقط فيمنع زواجها إذا رفضت ويعتبر هذا نوعاً من الإجبار حجراً. ومن حالاته أيضاً حجر الأقارب وهي ما يمثل حجر ابن العم لابنة عمه، أو حجر الفتاة من عائلة إلى شخص من عائلة أخرى أو حجر الفتاة من العائلة إلى شخص آخر في عائلة أخرى بعينها وجميعها تدخل في نطاق الإجبار على الزواج.

فتيات وأكثر من حالة
وبعد ان تعرفنا على الحجر وأسباب استمراره نأخذكم إلى المناقشة التي دارت فيها الآراء حول هذا الموضوع حيث تم الاجتماع في أحد مدارس محو الأمية بحكم تواجد سكن الأغلبية منهن وتعذر حضور العديد منهن لو كانت في مكان آخر لصعوبة المواصلات ولظروفهن الاجتماعية إلى جانب ان منهن طالبات يدرسن في هذه المرحلة ومعلمات يدرسن فيها وبالفعل أتى الموعد وحضرن وكن مجموعة كبيرة من الارسات والمعلمات وأخريات حضرن لسماع المناقشة، وقد اتخذت الحاضرات الجلوس على طاولة طويلة جزء منهن كان مستمع لمناقشة والبعض الآخر شارك في إبداء الرأي فكانت أغلب الآراء واقعية ومنطقية خرجت من أفواهن كالآهة المشتركة أشعلت الجو بالحماس لذلك قمت بتقسيم المشاركات إلى ثلاث مجموعات المجموعة الأولى وههن الأمهات وكبيرات السن والمتزوجات، والمجموعة الثانية وهن المطلقات والمجموعة الثالثة الفتيات اللآتي لم يتزوجن وحتى يتم تصنيف آ راهن حسن نوع الحالة الاجتماعية وحسب المشاكل القائمة لكل فئة.

المتزوجات وتوابع الزواج
نورة كانت من بين الحضور وضحية من ضحايا الزواج الحجر متزوجة ولديها ثلاثة أطفال بدأت الحديث وقالت أنا أنتمي إلى قبيلة تقدس زواج الأقارب بشكل خيالي لذلك زواج البنات من أولاد عمهم أصبح شيء طبيعي فأنا تزوجت ابن مي الذي حجر علي وأنا صغيرة وعقد علي وأنا ذات 10سنوات وبعد ان أكملت دراسة المتوسطة تزوجته في البداية رفضت بشدة الزواج منه بسبب عدم رغبتي به فأنا لا أنظر إليه إلاّ كأخ فقط ولكن هيهات لا مجال في الرفض فأخواتي من قبلي تزوجن بنفس الطريقة عشت معه 14سنة وأنا كارهة له وطلبت الطلاق وتطلقت منه وتزوج بعدي بواحدة أخرى من بنات عمي وجلس معها شهرين وطلقها ورجع لي مرة أخرى فرجعت وأنا لا أحبه أيضاً ولكن كانت رجعتي له لمجرد خروجي من أهلي الذين حاصروني وضايقوني ومنعوني من كل سبل الحياة البسيطة والدتي ضعيفة وليس له كلمة أو رأي أمام والدي ولا تستطيع أن تخالفه في أي شيء. الإسلام كرم المرأة وأعطاها حقوقها كاملة ولكن الأهل هم من يظلمها ويقسو عليها، زواج الحجر ظلم للمرأة فهل يعقل أن تعيش الزوجة المغصوبة طوال عمرها في كنف زوج لا تريده فلابد للآباء مراعاة الله في تزويج بناتهم وأن لا يكون زواجهن مجاملات للآخرين على حساب بناته، وقبل أن تكمل نورة حديثها التفت إليها إحدى النساء الكبيرات في السن ودارسة بالمدرسة ومن نفس قبيلة نورة وقالت :"يا بنتي حجر البنات كان من زمننا ولحقكم ويمكن يلحق بناتكن!! وحنا عى زماننا تزوج البنت وما تعرف إنها بتتزوج إلا في ليلة الزواج وكان أهلهن إذا رفضت (يسوقونها مثل الذبيحة) وكلمة أبوها (ما تعقب) وهي نافذة تتزوج وتجيب عيال وهي ساكتة وما تقول كلمة بعدها وضحكت وقال أنتي اليوم تشتكين من هذا الزواج الله يكون في العون فكل البنات تعودوا أن يتزوجن هكذا ولن يستطيع أحد أن يغير كلام (الشيبان) فهم من يحلون ويربطون في مسائل الزواج وليس للبنت أي كلمة؟"

الجهل والفرق العلمي
انتقل الحديث إلى صالحة وهي معلمة محو أمية التي استضافتنا في المدرسة متزوجة ولديها أربعة أبناء وخريجة كلية العلوم الإدارية جامعة الملك سعود. وهي من قبيلة أخرى تقول حجر علي ابن عم لوالدي وأصر والدي على زواجي منه بالإكراه رفضت في البداية ولكن منعاً لزعل والدي والذي أبدى لي أن هذا الشخص الوحيد الذي سوف يسعدني ويشاركني رحلتي العلمية في اكمال دراستي بالجامعة وأنه لن يزوجني سواه إن رفضت، ومع كثرة الحاح والدي وافقت وأنا غير مقتنعة ولكن قلت والدي أدرى في شخصيات الرجال مني. وأول مفاجأة بعد زواجي عرفت أنه لا يحمل سوى الابتدائية وليس لديه أي ثقافة أو حب للتعليم وتخيلي أنه (ياما انزلني أمام زميلاتي من باص الجامعة) بحجة لا داعي أن أكمل تعليمي وكان يأخذ ملازمي أيام الامتحانات ويمزقها انتقاماً لأن شرط اكمال تعليمي أساسي في عقد النكاح، لقد واصل في تعذيبي وأنا زوجته أنجبت أبنائي معه وأنا أكرهه وما زلت أكرهه وأتمنى منذ أن يغادر المنزل أن لا يرجع إليه أبداً ولا أخفيك أنني أفكر بالانفصال منه فلقد كبر أبنائى وأنا موظفة ولست في حاجة إليه ولا أريد أن أعيش معه حتى ليوم واحد، أخواتي أيضاً تزوجن من أولاد عمومتي بنفس الطريقة ولا مجال للبنت في الرفض فالموت أسهل من الرفض، وعلقت أحدى النساء بكلام قالت فيه (لا تزعلين يا صالحة) أنا عندي ابنة مسكينة حجر عليها ولد عمها من سنوات وهي لا تريده ولم تتزوج بعد بسبب هذا الحجر والدها الذي هو ولي أمرها لا يستطيع أن يفعل شيئاً لأنه أعطى أخاه كلمة ولا يستطيع أن يتراجع عنها وكلما تقدم لها خاطب رفض والدها بحجة أن ولد عمها قد حجر عليها ورده الوحيد للخاطب إذا أردتها عليك أن تذهب إلى ولد عمها الذي حجر عليها وتستسمحه وتطلب منه أن يتركها فإذا وافق ليس لديه مانع ولقد حاول أبناء خالها فيه ولكن كان يرفض حتى أنهم جمعوا له مبلغ 500ألف ريال (رضاوة) حتى يتركها بطيب خاطر إلا أنه رفض وتمسك برأيه أما أن يتزوجها وإما أن تجلس بدون زواج ولقد حاولنا يا بنتي بكل الطرق ولكن لا يزال الموضوع معلقاً والبنت رافضة له!!

أولاد عمي قتلوني
انتقل الحديث إلى أمرأة كانت تجلس بقربها وقالت أنا اسمي زهرة وهي بالفعل زهرة قتلها ظلم والدها وقالت لقد تفنن والدي (الله يسامحه) في تعذيبي كثيراً فلقد زوجني وعمري 13سنة إلى ابن عمي الذي يكبرني ب 20عاماً وكان بمثابة والدي لكبر سنه ولم أشعر يوماً بمودة أو عاطفة تجاهه طوال 7سنوات التي عشتها معه فلقد كان فظاً غليظاً ويعمل في منطقة أخرى يسافر بالأشهر ويحضر لأيام وكنت أعيش مع أهله في غيابه حصل له حادث وتوفي وبعد وفاته رجعت بيت والدي وأنا في 20سنة وبعدها تقدم لخطبتي ابن عمي أخو زوجي المتوفي للزواج مني فرفضت لأنني لا أريد تكرار التجربة مرة أخرى بل لا أريد الزواج!! وأصر والدي أن أتزوجه فرفضت وأبى إلا أن أتزوجه وبالقوة والإكراه وبالفعل استطاعوا تزويجي منه طلبت منه شرطاً بسيطاً وهو أن أدرس في محو الأمية حتى أجد متنفساً آخر أعيش من خلاله وأتعلم وأعوض ما فاتني من التعليم الذي حرمت منه في طفولتي ولك أن تعرفي أنني لم أفرح بفرحة الزواج كباقي البنات ولم أعش الحياة الزوجية كباقي الزوجات وإنما تزوجت مرتين حرمت فيها من حقي في أن أبدي رأيي.
وتحدثت إحدى الدارسات التي كانت بالقرب من المعلمة صالحة وقالت لي ابنة عم تسكن إحدى القرى حجرت لولد عمي بالقوة ولقد تم عقد قرانها عليه وهي لا تريده وأبدت لأهلها ذلك وقالت لو زوجتموني عليه سأقتل نفسي ولكن لا فائدة وبالفعل في يوم من الأيام ذهبت إلى المزرعة بقرب البيت وقامت بسكب البنزين على ملابسها في محاولة للانتحار وعندما أشعلت النار في ملابسها سمع أخوها استغاثتها وهرع يركض إليها وقام برميها ببركة كانت بقربها ولقد انقذ الله حياتها من الموت وبالفعل شاء الله أن لا تتزوج ابن عمها وتزوجت رجلاً آخر من أقاربها.
واقع المطلقات بعد الحجر
من خلال هذه المناقشة التي لم تخل من مطلقات عشن هذه التجربة ولهن آراء كان لابد من نقلها لنتعرف على حقائق هذه التجارب.
هيا فتاة في العشرين ومن قبيلة من منطقة مختلفة متعلمة وهادئة تكلمت وهي تقول لن أسامح والدي الذي أجبرني إجباراً على الزواج من ابن عمي، فلقد عاقبني بل حرمني من أبسط حقوق الحياة في أن أعيش في البيت بدون مشاكل فلا خروج من المنزل ولا تعليم ولا نفقة ولا أي شيء تتوقعينه حتى أرضخ وأوافق وجلست سنتين وأنا أصر على رفضي بلا فائدة وأخيراً تزوجته لاخلص نفسي من هذه المعاملة القاسية وتزوجت ابن عمي الذي لا ينتمي إلى الإنسانية في شيء بالرغم من أنه جامعي ويعمل مدرساً إلا أنه حقير ولا يخاف أو يغار علي فهو يقول لي لا تتحجبي ويأمرني أن أدخن وكلما اشتكيته إلى والدي يقول أنت تظلميه لأنك لا تريدينه في الأساس إلى جانب أنه بخيل عشت في هذا العذاب 10أشهر هربت من بيته وعدت إلى بيت أهلي وأنا مصممة على الطلاق وبعد أن طلقني طالبني بكل قرش صرفه علي وبعدها قام أبي بحرماني بالحق من كل شيء عقاباً لي ورفضي لابن أخيه وتهديده لي أنه لن يزوجني أبداً نظير فعلتي كما يقول وبصراحة لابد أن نحاول أن ننقذ البنات من زواج الحجر الذي تذل فيه الفتاة بلا ذنب سوى أن الآباء اتفقوا على تزويجنا ونحن صغاراً بالله يرضي مَنء هذا التصرف؟ لقد أصبت بالقولون العصبي وتنتابني حالات نفسية بسبب ما حصل لي فأنا بالفعل أكره الإنسان الذي تسبب في تحطيم حياتي.

أمي سبب عذابي
وأما زميلتها بدور التي كانت تجلس بقربها فهي بالعكس كما تقول فوالدتها هي من أجبرها على الزواج وتقول إن كل خلفة أمي بنات فكانت تكرهنا وتريد (أن نفارق عن وجهها) لذلك كانت تصر على تزويجنا صغاراً وبالقوة وليس هناك مجال للرفض (وما يمدينا) أن نبدي أي كلمة وكانت تلزم والدي أن يصر معها أيضاً تزوجت بالإكراه وعشت مع ابن عمي 4سنوات وأنا أكرهه وانجبت ابني وأنا أكرهه وبعد أن ازدادت المشاكل طلبت الطلاق لم أعد أتحمل وبعد أن تطلقت نسي أن لديه طفلاً ولم يحاول مرة واحدة أن يتكرم ويصرف عليه وعشت في بيت أهلي منبوذة من والدتي ووالدي كل هذا لأني طالبت بحقي في الحياة مثل باقي البنات نعم لقد تزوجت بالإكراه وتطلقت بالقوة وها أنا مطلقة أحصد ما جناه علي أهلي الذين ما زالوا يعاقبونني على ذنبهم فيني.

أهلي سرقوني
منيرة فتاة صغيرة لم تبلغ 18عاماً تقول: تزوجت ابن عمي بالإكراه ولقد غصبني عليه والدي وألزمني الزواج منه ولقد دفع لي مهراً قدره 110آلاف ريال وقام أهلي باقتسام الغنيمة فوالدي اشترى بمهري سيارة وأمي اشترت ذهباً لها وأخي أخذ الباقي ولم يعطوني سوى 5آلاف ريال لأشتري بها لوازم الزواج. تزوجت بهذه الطريقة (الغبية) ولم يفكر أهلي سوى بمصلحتهم وعشت معه سنة بعدها طلقني ليتزوج بنت عمي الثانية فهو غني وله أن يختار من بنات عمه كيف يشاء ولا يزال أهلي ينتظرون زوجاً آخر ليبيعوني إليه.

فتيات يخفن من نفس المصير
قابلت في هذه المناقشة بعض الفتيات اللاتي لم يتزوجن بعد ولقد أبدين تحفظاً في ابداء رأيهن في حضور الأمهات ويخفن من الانتقاد وخاصة أن بعضاً منهن ينتمين لنفس القبائل ويخفن من الكلام لذلك أرجأت الاستماع إلى أقوالهن حتى خلو المكان من الأمهات وحرصاً على عدم احراجهن وبعدها التقيت بأول واحدة فكانت:
- علياء فتاة خجولة وتدرس في فترة العصر وتبدو في السابعة عشرة من عمرها تقول: فاتني قطار التعليم بسبب أننا كنا نعيش في إحدى القرى النائية وبعد انتقالنا إلى الرياض أحببت أن أعوض ما فاتني من التعليم فسجلت للدراسة في محو الأمية وأنا سعيدة أن أبدي رأيي في هذا الموضوع فنحن لم نتعود أن يؤخذ رأينا في أي شيء لذلك أقول أنا لا أحب أن يكون مصيري مثل اخواتي وبنات عمي، أحب أن أتزوج من رجل من خارج اطار المنطقة لقد مللنا من هذه الزواجات وأتمنى أن لا أتزوج إذا كان مصيري مثلهم.
- سالمة أيضاً فتاة تدرس مثل علياء تقول: إن في قبيلتنا هذا النوع من الزواج ولكن ليس بهذا التعصب، فقد يكون الزوج في اطار العائلة الكبيرة ولكن ليس بالضرورة أن يكون ولد العم وبصراحة إن فرحة الفتاة الحقيقية هي الزواج لذلك كل فتاة تحلم أن تتزوج وتعيش حياتها في سعادة بعيداً عن المشاكل واختتمت سالمة كلماتها وهي تقول الله يستر!!

كيف اتفقت الآراء
في هذا التحقيق حرصنا على أخذ كافة الفئات النسائية منها المتزوجة والمطلقة والأمهات كبيرات السن والفتيات اللاتي لم يتزوجن ونلاحظ من واجباتهن وآرائهن أن الأغلبية منهن يعانين من هذه المشكلة ولقد كانت مبادرتهن في طرح آرائهن هو بداية العلاج الحقيقي لهذه القضية والتي يتوقف عليها مستقبل جيل واعد من الفتيات لم يدخلن في معمعة الحياة بعد ويخفن من نفس المصير ولقد كان من الضروري التعرف على الرأي الشرعي والذي يكون بمثابة الموجه والدليل القوي والدامغ في ختام هذا التحقيق حول القضية.
الحجر والعظل محرم بإجماع الأمة
ذكر فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض الحكم والرأي الشرعي لهذه القضية والتي شرح فيها أسباب تحريم زواج الحجر ووجوب القضاء على هذه الظاهرة الاجتماعية المستمرة من جيل إلى آخر حيث قال في إجابته:
بسم الله والصلاة على محمد رسول الله وأما بعد، الحجر هو نوع من العظل الذي حرمه الله عز وجل والعظل هو منع الولي موليته من نكاح الكفء لغير سبب شرعي، وهذا العظل بطريقة الحجر الذي درج عليه الناس وهي لون من زواج الجاهلية وقد وصفها النبي صلى الله عليه وسلم أنها تحت قدميه حين خطب خطبة في حجة الوداع فقال: الآن كل أمر الجاهلية وبراها موضوع تحت قدمي هاتين وأبطل عقود النكاح في الجاهلية وعاداتها الباطلة المنافية للعدالة والإسلام، وحجر البنات بهذه الطريقة العنجهية الجاهلية امر محرم بدلالة الكتاب والسنّة والاجماع، فأما في الكتاب فيقول الله عز وجل: {ولا تعظلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن} وهذا في أمر الزوجات اللاتي يكرهن أزواجهن ليستردوا منهن مالاً يظنه قد خسره، فكيف التي لم تتزوج؟ فهي تدخل في النهي الشديد من باب أولى، وأما من سنّة النبي عليه الصلاة والسلام (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ألا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساداً عريضاً) ولا ريب أن من يحجر على بناته ويلزمهن بالزواج مما يكرهن أو يعتبر الذي يتقدم أنه غير مكافئ لهن ديانة وشرفاً أنه قد ظلمهن وأساء إليهن ومن ذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من أبتلي من هذه البنات في شيء وأحسن إليهن كنّا له ستراً من النار، وفي لفظ: حجاباً من النار) رواه البخاري ومسلم.
وإذا كان مقتضى الإحسان للبنت أن تتزوج المكافئ لها ديناً ونسباً وأن عظلها وحجرها واجبارها أن تتزوج من ليست ترغبه فيه إساءة كبيرة لها، والإحسان للبنات جعله الله حجاباً وستراً يقي من نار جهنم وعليه فهذه الاساءة تكون هتكاً للستر ويكون ظلماً للبنات وهو أعظم وأشد خطراً وفتكاً بالأمة لأنه هتك هذا الستر الذي يقي من النار بإذن الله ولأنه يؤدي إلى المظالم، وأما عن الآثار السلبية التي تحدث من هذا النوع من الزواج فيقول فضيلة الشيخ الخضيري: إن حجر البنات يؤدي إلى مفاسد لا تحتمل منها أن البنت قد تنظر إلى طريق الحرام وتلجأ إلى ما حرم الله عز وجل أو قد تصاب الفتاة بأمراض نفسية أو بدنية خطيرة، أو قد تكون البنت حاسدة لكل ذات نعمة لغيرها من الفتيات، أو تعيش البنت ناقمة على مجتمعها إلى غيره من الأمور، وهذه من الأمور السلبية التي تتولد من القهر والظلم. ولقد أجمع علماء الأمة ومنهم صاحب المعني وصاحب المقنع وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والنووي والإمام مالك بن أنس وأحمد بن حنبل رحمهم الله جميعاً، ومن علمائنا المعاصرين سماحة الشيخ ابن باز وابن عثيمين والألباني أسكنهم الله فسيح جناته أجمعوا أن عظل البنات محرم بإجماع الأمة ولا يجوز ذلك لما يترتب عليه من مفاسد خطيرة وعظيمة.

أهمية الزواج في الحياة
وأما الناظر إلى الواقع فلقد أتاني يوماً رجل كبير من علية قومه يقول إن له أختين إحداهما بلغت 70سنة والأخرى 65وهن في نعمة ومال إلا أن الخاطب المكافئ لهن لم يأت في نظر والدهن، حيث لا بد أن يكون من نفس الأسرة أو العائلة ويقول إن هاتين الأختين بعد أن مضى بهما العمر تدعوان كل ليلة على أبيهما وأن أباهما قد ابتلاه الله بالأمراض الفتاكة ثم مات. فالمرأة لا يغنيها المال أو الخدم أو الحشم عن الزواج والحياة الزوجية، والله سبحانه وتعالى تحدث عن الزواج في أحاديث كثيرة وبالغة الشفافية فقال عز وجل في حكم كتابه {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} وهذا التعبير الجمالي الذي يدل دلالة واضحة على أن الإنسان مهما بلغ في حياته لا يستطيع أن يتخلى عن لباسه في كل أحوال حياته وقال عز وجل: {وجعل منها زوجها ليسكن إليها} فجعل الزوجة سكناً للزوج وهو كذلك ومن هذا المنطلق اهتمت الشريعة الإسلامية بالبنات وجعلت لهن مكاناً في شغاف قلوب آبائهن من الرحمة والرأفة والعطف الشيء الكثير.
الوضع القضائي في زواج الحجر
وعن الوضع القضائي في زواج الحجر فلقد أكد الشيخ الخضيري أن الوضع القضائي في المملكة العربية السعودية أمر مقدور عليه، فالمملكة تحكم بشريعة الله عز وجل وفي حال إذا تقدمت البنت معلنة تضجرها من وليها سواء أكان أباها أو أخاها أو قريباً لها فإن المحكمة تنصفها وتزوجها بالمكافئ لها ولكن السؤال المطروح هل المحكمة باب واسع يلج منه كل ذات دمعة حرَّى وكل مقهورة أم أن هناك داخل الجدران الأربعة في البيوت بنيات قد أرهقتهن الدمعات والحسرات ولا يستطعن الوصول إلى المحكمة بسبب الظروف الاجتماعية والأسرية وغير ذلك من مقتضيات الظروف هل نظن أن لظى حرارة من الظلم كافية لعلاج المشكلة، ان الله سبحانه وتعالى فوق سبع سنوات يسمع دعوة مظلوم في ليل ونحن عنها غافلون فيستجيب الله له.