PDA

View Full Version : 11 سبتمبر.. بوش والخيار الأسوأ


هجران
12-09-2005, 03:49 AM
[ مقال للمفكر الأمريكي الشهير 'فرانسيس فوكوياما' ]


ونحن على وشك انقضاء أربعة أعوام منذ 11 سبتمبر 2001، فإن إحدى طرق تحليل ما حدث في السياسة الخارجية الأمريكية منذ ذلك اليوم 'المشؤوم' التساؤل إلى أي مدى انبثقت تلك السياسة من الثقافة والسياسة الأمريكية وإلى أي مدى نشأت من سمات هذا الرئيس وتلك الحكومة.



قد نفضل أن نرى في رد فعل إدارة بوش على هجمات 11 سبتمبر مواصلة للطابع الأمريكي وتقليد السياسة الخارجية الأمريكية. والكثير رأى ذلك بالفعل.



لقد لجأنا دائما لأحادية الجانب عندما شعرنا أننا نتعرض للخطر. وفي تلك الأثناء تحدثنا بإيقاعات مثالية، إلا أنه سواء الثقافة السياسية الأمريكية أو أي ضغط داخلي ضمني لا يبرران تلك القرارات المصيرية التي اتخذتها السياسة الأمريكية عقب هجمات 11 سبتمبر.



لقد سمح الأمريكيون فور وقوع الهجمات أن يقودهم الرئيس بوش في أي اتجاه وكانت الدولة على استعداد لمواجهة الأخطار وبذل التضحيات الرئيسية، إلا أن إدارة بوش لم تطلب منهم تضحيات للمحيط الأمريكي وإنما تحركت في نطاق كبير عقب السقوط السريع لحركة طالبان لتحل مشكلة قديمة العهد لم تكن تتعلق بتهديد القاعدة إلا بشكل طفيف: العراق.



وخلال هذه العملية، أسرفت إدارة بوش في استغلال التفويض العام الكبير الذي تلقته عقب 11 سبتمبر، كما نهرت غالبية حلفائها المقربين، الذين تبنى الكثيرون منهم منذ ذلك الحين سياسة 'توازن' ضد النفوذ الأمريكي، فضلا عن إثارتها لمشاعر معاداة كل ما هو أمريكي في الشرق الأوسط.



لقد كان من الممكن أن تختار إدارة بوش بدلا من ذلك إنشاء حلف حقيقي 'للديمقراطيات' من أجل مكافحة التيارات المحافظة القادمة من الشرق الأوسط. وكان من الممكن كذلك أن تعمق العقوبات الاقتصادية لتضمن عودة مفتشي الأسلحة إلى العراق دون الدخول في حرب.



كان من الممكن أن تساعد على إنشاء نظام دولي لمكافحة انتشار الأسلحة، كل هذه السبل التي كان من الممكن أن تفي بتقاليد السياسة الخارجية الأمريكية، إلا أن بوش وحكومته اختاروا بحرية القيام بشيء آخر.



لم تكن الخيارات في مجال السياسة الخارجية لإدارة بوش محددة بالاهتمامات السياسية الداخلية أكثر من تعلقها بالثقافة السياسية الخارجية الأمريكية.



لقد تحدث الكثيرون عن ظهور 'الولايات الحمراء' [الولايات المؤيدة للجمهوريين] في الولايات المتحدة، والذين من المفترض أنهم يمثلون السند السياسي للسياسة الخارجية أحادية الجانب التي يتبناها الرئيس بوش، كما تحدثوا كذلك عن العدد الكبير من المسيحيين المحافظين الذين يصيغون تلك السياسة في جدول الأعمال الدولي للرئيس الأمريكي، إلا أنه قد بولغ كثيرا في حجم هذه الظواهر.



لقد حظت إدارة بوش داخل الحزب الجمهوري على دعم المحافظين [الذين يفتقرون لقاعدة سياسية محددة إلا أنهم يشكلون قوة فكرية يُعتد بها] لحرب العراق وكذلك على دعم ما يدعوه وولتر روسل ميد 'بالولايات المتحدة الجاكسونية' [ القوميين الأمريكيين الذين ينحازون للانعزالية المثيرة للجدل].



ولقد عملت الأحداث العرضية التي وقعت عقب ذلك على إعطاء حجم أكبر لذلك الحلف، حيث كان على الرئيس بوش، حينما جاءت لحظة خطابه الافتتاحي الثاني، إثر عدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق وعدم التمكن من العثور على اتصالات واضحة بين صدام حسين والقاعدة، أن يبرر الحرب في إطار مفاهيم المحافظين الجدد: كجزء من سياسة مثالية للانتقال السياسي في الشرق الأوسط.



إن القاعدة الجاكسونية للرئيس بوش، الذي يقدم معظم القوات التي تخدم في الجيش وتموت في العراق، لا تتعلق بسياسة من هذا النوع، إلا أنها لا يمكن أن تترك القائد العام وسط حرب، خاصة إذا كان هناك أمل في الفوز.



إلا أن هذا التحالف الحربي ضعيف ومعرض للفشل. وإذا بدأ الجاكسونيين أن يدركوا استحالة الفوز بالحرب أو مواجهة فشل أكيد، فلن تحظى السياسة الخارجية التوسعية التي تركز على 'تشجيع الديمقراطية' سوى بدعم قليل، الأمر الذي قد يقود بدوره الانتخابات التمهيدية الجمهورية لعام 2008 إلى اتجاهات قد تؤثر في مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية بشكل عام.

هل نحن نخسر في العراق؟ لم يتضح ذلك بعد. بإمكان الولايات المتحدة أن تسيطر على الوضع من وجهة النظر العسكرية مادامت تختار البقاء هناك في عدد كبير من القوات، إلا أن عزمنا على توفير المستويات اللازمة من القوات لدعم ذلك المسار يعد محدودا.



لم يكن جيش المتطوعين يتوقع أن يواجه مقاومة ممتدة، فضلا عن أن الجيش وقوات المارينز على حد سواء يواجهان مشاكل تتعلق بعدد القوات إلى جانب مشاكل معنوية.



وبالرغم من أن الدعم العام للبقاء في العراق لازال مستقرا، إلا أنه هناك أسباب قوية وفاعلة ربما تحمل الإدارة الأمريكية على خفض مستويات القوات خلال العام المقبل.



وإزاء استحالة ضمان دعم السنة للدستور والانقسامات داخل الجالية الشيعية، تبتعد يوما تلو الآخر إمكانية تشكيل حكومة قوية ومترابطة في العراق خلال وقت قصير.



وعليه تكمن المشكلة الآن في منع أن تلجأ الجماعات الرئيسية في العراق لميليشياتها الخاصة أكثر من لجوئها للحكومة بحثا عن الحماية. وإذا انسحب الولايات المتحدة قبل الأوان، فسوف يسقط العراق في 'فوضى' أكبر كذلك من تلك التي يواجهها الآن، الأمر الذي قد يسفر عن سلسلة من الأحداث المؤسفة التي قد تعمل على زيادة عدم المصداقية الأمريكية.

إننا لا نعلم ماذا يمكن أن تكون النهاية في العراق، إلا أننا نعلم أنه، عقب مرور أربعة أعوام على 11 سبتمبر، يبدو مصير سياستنا الخارجية إما صعودا أو هبوطا متوقفا على نتيجة حرب لا تتعلق بما حدث في ذلك اليوم إلا بشكل هامشي.'



ترجمة وإعداد : مروة عامر

مترجم عن صحيفة كلارين الأرجنتينية