عابر99
15-04-2000, 07:52 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
لقد خاب من باع باقياً بفان ، وخطر في ثوبه متوان ، وتغافل عن أمر قريب كان ، وضيع يوماً موجوداً في تأميل ثان ، أما الجنة تشوقت لطالبيها ، وتزينت لمريديها ، ونطقت آيات القرآن بوصف ما فيها ، وملأت أسماع العباد أصوات واصفيها ، كأنكم بالجنة وقد فتحت أبوابها ، وتقسمها يوم القيامة أصحابها ، وغنت ألسن الأماني قريب قبابها .
يا نفس : بادري بالأوقات قبل انصرامها ، واجتهدي في حراسة ليالي الحياة وأيامها ، فكأنك بالقبور وقد تشققت وبالأمور وقد تحققت ، وبوجوه المتقين ، وقد أشرقت ، وبرءوس العصاة وقد أطرقت .
يا نفس : أما الورعون فقد جدوا ، وأما الخائفون فد استعدوا ، وأما الصالحون فقد راحوا ، وأما الواعظون فقد صاحوا .
يا نفس : اتعبي قليلاً تستريحي في الفردوس كثيراً ، كأنك بالتعب قد مضى ، وبحرصك من اللعب قد مضى ، وثمر الصبر قد أثمر حلاوة الرضا ، لا يطعمن البطال في إدراك الأبطال ، هيهات أن يدرك البطل المجتهد من غاب حين النزال فما شهد حفت الجنة بالمكاره فلا يوصل إليها إلا بالمضض ، كذلك كل محبوب يلذ ، وكل عرض من غير مشقة ، وإلا ، متى لم يبعد على طالب المشقة :
العلم لا يحصل إلا بالنصب ، والمال لا يجمع إلا بالتعب ، واسم الجواد لا يناله بخيل ، ولا يقلب بالشجاع إلا بعد تعب طويل .
لولا المشقة ساد الناس كلهم *** الجود يفقر والإقبال قتال
أيها العبد : إن عزمت فبادر ، وإن هممت فثابر ، واعلم أنه لا يدرك المفاخر ، من كان في الصف الآخر .
سلع المجد كاسدة ، وكأن قد غلت ، ومراعي الفضل قريبة ، وكأن قد علت ، وكأنك بغايات الغفلات قد انجلت ، فأصبحت حلاوة البطالة من أفواه الغافلين قد رحلت ، وأصبحت رايات المجاهدين قد حلت ، وتفاوت في السباق مضمار وبطين ، كما تفاوت في الإحراق ماء وطين .
لا تحسب المجد تمراً أنت آكله *** لا تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
فاصبر للبلايا فحينها يسير ، وأثبت للرزيا فأجرها كثير ، وأحسن قرى ضيف الهم بالصبر الغزير ، وتجلد على الظمأ فبين يديك ماء غبر .
لا تجزعن من المنايا إذا أتــت *** واصبر لما تأتي به الأقـــدار
وغدا الصبور يجر ذيل ســـروره *** في جنة من تحتها الأنهــــار
فكأن قد انكشفت غيايات البــلا *** وانجابت الآفات والأكـــــــدار
وجرى الجزوع لما جنى ثمر الأسى *** فجرى بلا أجر له المقــــــدار
إني رأيت معاشراً لم يفهمـــوا *** معنى الوجود فأصبحوا قد حاروا
دنياك دار للبلايا مهـــــــدت *** ووراء ذلك إن عقلت نهــــــار
ابن الجوزي
لقد خاب من باع باقياً بفان ، وخطر في ثوبه متوان ، وتغافل عن أمر قريب كان ، وضيع يوماً موجوداً في تأميل ثان ، أما الجنة تشوقت لطالبيها ، وتزينت لمريديها ، ونطقت آيات القرآن بوصف ما فيها ، وملأت أسماع العباد أصوات واصفيها ، كأنكم بالجنة وقد فتحت أبوابها ، وتقسمها يوم القيامة أصحابها ، وغنت ألسن الأماني قريب قبابها .
يا نفس : بادري بالأوقات قبل انصرامها ، واجتهدي في حراسة ليالي الحياة وأيامها ، فكأنك بالقبور وقد تشققت وبالأمور وقد تحققت ، وبوجوه المتقين ، وقد أشرقت ، وبرءوس العصاة وقد أطرقت .
يا نفس : أما الورعون فقد جدوا ، وأما الخائفون فد استعدوا ، وأما الصالحون فقد راحوا ، وأما الواعظون فقد صاحوا .
يا نفس : اتعبي قليلاً تستريحي في الفردوس كثيراً ، كأنك بالتعب قد مضى ، وبحرصك من اللعب قد مضى ، وثمر الصبر قد أثمر حلاوة الرضا ، لا يطعمن البطال في إدراك الأبطال ، هيهات أن يدرك البطل المجتهد من غاب حين النزال فما شهد حفت الجنة بالمكاره فلا يوصل إليها إلا بالمضض ، كذلك كل محبوب يلذ ، وكل عرض من غير مشقة ، وإلا ، متى لم يبعد على طالب المشقة :
العلم لا يحصل إلا بالنصب ، والمال لا يجمع إلا بالتعب ، واسم الجواد لا يناله بخيل ، ولا يقلب بالشجاع إلا بعد تعب طويل .
لولا المشقة ساد الناس كلهم *** الجود يفقر والإقبال قتال
أيها العبد : إن عزمت فبادر ، وإن هممت فثابر ، واعلم أنه لا يدرك المفاخر ، من كان في الصف الآخر .
سلع المجد كاسدة ، وكأن قد غلت ، ومراعي الفضل قريبة ، وكأن قد علت ، وكأنك بغايات الغفلات قد انجلت ، فأصبحت حلاوة البطالة من أفواه الغافلين قد رحلت ، وأصبحت رايات المجاهدين قد حلت ، وتفاوت في السباق مضمار وبطين ، كما تفاوت في الإحراق ماء وطين .
لا تحسب المجد تمراً أنت آكله *** لا تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
فاصبر للبلايا فحينها يسير ، وأثبت للرزيا فأجرها كثير ، وأحسن قرى ضيف الهم بالصبر الغزير ، وتجلد على الظمأ فبين يديك ماء غبر .
لا تجزعن من المنايا إذا أتــت *** واصبر لما تأتي به الأقـــدار
وغدا الصبور يجر ذيل ســـروره *** في جنة من تحتها الأنهــــار
فكأن قد انكشفت غيايات البــلا *** وانجابت الآفات والأكـــــــدار
وجرى الجزوع لما جنى ثمر الأسى *** فجرى بلا أجر له المقــــــدار
إني رأيت معاشراً لم يفهمـــوا *** معنى الوجود فأصبحوا قد حاروا
دنياك دار للبلايا مهـــــــدت *** ووراء ذلك إن عقلت نهــــــار
ابن الجوزي