بو عبدالرحمن
06-10-2000, 02:49 PM
_
قال الراوي وهو يكاد يتميز غيظاً :
إذا شبّت النار في ثيابك فجأة ،
فليس من العقل في شيء ، ولا من المنطق ، أن تبقى ناظراً إليها في بلاهة ،
ثم لا تلبث أن ترفع صوتك بالغناء ، وتواصل الرقص على إيقاع قدميك ..!!
تلك حماقة لا يفعلها حتى المجانين ،
غير أن شعوباً كثيرة - للأسف - في عصرنا الذي نعيش فيه ، تفعل هذا بعينه :
شبّت النار في الديار ، وأخذت تلتهم الأخضر واليابس ،
ولا تزال تواصل زحفها المخيف ،
وهؤلاء ( تحسبهم أيقاظاً وهم رقود )
ما زالوا في دوائر اللهو يتقلبون ، ومع آهات الرقص والمجون يصبحون ويمسون
وكأن النار ما شبت إلا في القمر لا في الديار !!
- -
-
قال كليلة الجديد ، لدمنة المعاصرة : استمعي إليّ جيداً ،
فهذه حكاية ولا كل الحكايات ، وجدير بك أن تتأملها ،
وهي من المضحكات المبكيات التي تهز القلب وتحز الفؤاد :
-
-
-
-
 
في ناحية من نواحي الغابة المترامية ،
قبع الدب ذات ليلة يتلهى بمشاهدة ( التلفاز )
لم ينتبه إلى أن حريقاً هائلاً قد شب في الغابة ، وأن النار تسري في قوة وتحطم في طريقها كل شيء ،
غير أن التلفاز أراد أن يتولى عملية تنبه الغافلين
فأخذ يعرض مشاهد حية لما يحدث ،
وتركزت الشاشة على عشرات الجثث المتفحمة ،
وأعداد من الجرحى لا يحصيهم إلا الله ،
وسيول الدماء تتدفق كأنها الأنهار ،
وحطام في كل مكان ،
مناظر مهولة تذكرك بأهوال يوم القيامة ،
يقايا وسائل نقل قد تحطمت بشكل مثير للفزع ،
أشبال صغار يهيمون على وجوههم في حالة فزع مروع ،
السماء تغطت تماماً بالدخان الأسود ، وبدت كأنما هي تبكي في حرقة ،
دمار شامل تقشعر له الجلود ،
والنار لا تزال تواصل زحفها ،
وصوت المذيع الباكي يفتت القلب ،
ومن ثم لم يملك الدب إلا أن يبكي في حرقة ،
ويلطم خده في حسرة .. ثم غطى وجهه بكلتي يديه ، وارتفع عويله ... وناح على نفسه ..!!
-
-
-0
-
-
-
-
سكت كليلة قليلاً ليسترد أنفاسه ،
غير أن دمنة صاحت به في هياج : وماذا بعد ؟
ماذا جرى للغابة ومن فيها؟
وكيف تصرف الدب المسكين ..؟
أظنه لن يبقى ساكتاً ساكناً خاملاً ،
أحسبه سيعمل على أن ينقذ ما يمكن إنقاذه ..
-
-
-
-
-
-
-
--
-
ابتسم كليلة ثم قال بصوت حزين :
بعد هنيهة فقط رفع الدب عينيه ،
فرأى في ذات القناة التلفازية التي كانت تنقل تلك الأهوال ..
رأى مشهداً عجيباً :
ببغاء جميل يتراقص ويغني ويتلوى ،
ويقفز وينط ، ويصيح ، ويعوي ،
ويتغزل في ليلاه ،
ويغمز ويلمز ويهمس ،
وأمامه مجموعة من الفراشات الفاتنات المثيرات
يتراقصن على الإيقاع
ويتغامزن ويتخلعن ويتأوهن ويتلوين بشكل مثير ، مثير جداً ..!!
-
-
-
-
حملقت عينا الدب في ذهول ،
وفرك عينيه بقوة غير مصدق ما يرى ،
ولم يلبث إلا قليلا حتى ظهر المذيع نفسه باسماً منتشياً
ليقدم ببغاء آخر في وصلة راقصة مع مجموعة من الفراشات الفاتنات الباهرات الجمال !
وأخذ المذيع يتمنى للمشاهدين سهرة حلوة .. !
نفض الدب رأسه مرات متوالية ،
غير أنه ما لبث أن وجد نفسه ......
وجد نفسه دون أن يشعر وقد .....
-
-
-
-
-
-
-
-
وجد نفسه وقد تحلبت شفتاه ، وبرقت عيناه ،
وسارع يمسح دموعه التي لم تجف بعد ،
وأخذ يفرك يديه ،
ثم قفز عالياً في الهواء
واكتشف فجأة أنه يجيد الرقص هو الآخر ،
فإذا هو يرقص على واحدة ونص ..!
وعيناه تتابعان سهرة المساء.. !
يحملق في الأجساد المشبوبة كأنها النار ..!!
-
-
-
-
-
-
-
الغابة ما تزال تأكلها النيران في جنون ،
والدب المخبول الآن يجهد نفسه مع أهله وأقربائه وجيرانه جميعاً
حتى استطاع أن يقنعهم أن يشاركوه الرقص والغناء والاستمتاع بالسهرة المثيرة ،
وهم يتمنون الأماني المعسولة للغابة التي تحترق .. ..!!
-
-
-
-
-
-
-
لوت دمنة شفتها السفلى وقد تجهم وجهها ، ثم صاحت في غيظ :
تباً لكل المخدرات ..!!
ألف ألف تب .. لكل المخدرات ..!
!!!
!!
!
قال الراوي وهو يكاد يتميز غيظاً :
إذا شبّت النار في ثيابك فجأة ،
فليس من العقل في شيء ، ولا من المنطق ، أن تبقى ناظراً إليها في بلاهة ،
ثم لا تلبث أن ترفع صوتك بالغناء ، وتواصل الرقص على إيقاع قدميك ..!!
تلك حماقة لا يفعلها حتى المجانين ،
غير أن شعوباً كثيرة - للأسف - في عصرنا الذي نعيش فيه ، تفعل هذا بعينه :
شبّت النار في الديار ، وأخذت تلتهم الأخضر واليابس ،
ولا تزال تواصل زحفها المخيف ،
وهؤلاء ( تحسبهم أيقاظاً وهم رقود )
ما زالوا في دوائر اللهو يتقلبون ، ومع آهات الرقص والمجون يصبحون ويمسون
وكأن النار ما شبت إلا في القمر لا في الديار !!
- -
-
قال كليلة الجديد ، لدمنة المعاصرة : استمعي إليّ جيداً ،
فهذه حكاية ولا كل الحكايات ، وجدير بك أن تتأملها ،
وهي من المضحكات المبكيات التي تهز القلب وتحز الفؤاد :
-
-
-
-
في ناحية من نواحي الغابة المترامية ،
قبع الدب ذات ليلة يتلهى بمشاهدة ( التلفاز )
لم ينتبه إلى أن حريقاً هائلاً قد شب في الغابة ، وأن النار تسري في قوة وتحطم في طريقها كل شيء ،
غير أن التلفاز أراد أن يتولى عملية تنبه الغافلين
فأخذ يعرض مشاهد حية لما يحدث ،
وتركزت الشاشة على عشرات الجثث المتفحمة ،
وأعداد من الجرحى لا يحصيهم إلا الله ،
وسيول الدماء تتدفق كأنها الأنهار ،
وحطام في كل مكان ،
مناظر مهولة تذكرك بأهوال يوم القيامة ،
يقايا وسائل نقل قد تحطمت بشكل مثير للفزع ،
أشبال صغار يهيمون على وجوههم في حالة فزع مروع ،
السماء تغطت تماماً بالدخان الأسود ، وبدت كأنما هي تبكي في حرقة ،
دمار شامل تقشعر له الجلود ،
والنار لا تزال تواصل زحفها ،
وصوت المذيع الباكي يفتت القلب ،
ومن ثم لم يملك الدب إلا أن يبكي في حرقة ،
ويلطم خده في حسرة .. ثم غطى وجهه بكلتي يديه ، وارتفع عويله ... وناح على نفسه ..!!
-
-
-0
-
-
-
-
سكت كليلة قليلاً ليسترد أنفاسه ،
غير أن دمنة صاحت به في هياج : وماذا بعد ؟
ماذا جرى للغابة ومن فيها؟
وكيف تصرف الدب المسكين ..؟
أظنه لن يبقى ساكتاً ساكناً خاملاً ،
أحسبه سيعمل على أن ينقذ ما يمكن إنقاذه ..
-
-
-
-
-
-
-
--
-
ابتسم كليلة ثم قال بصوت حزين :
بعد هنيهة فقط رفع الدب عينيه ،
فرأى في ذات القناة التلفازية التي كانت تنقل تلك الأهوال ..
رأى مشهداً عجيباً :
ببغاء جميل يتراقص ويغني ويتلوى ،
ويقفز وينط ، ويصيح ، ويعوي ،
ويتغزل في ليلاه ،
ويغمز ويلمز ويهمس ،
وأمامه مجموعة من الفراشات الفاتنات المثيرات
يتراقصن على الإيقاع
ويتغامزن ويتخلعن ويتأوهن ويتلوين بشكل مثير ، مثير جداً ..!!
-
-
-
-
حملقت عينا الدب في ذهول ،
وفرك عينيه بقوة غير مصدق ما يرى ،
ولم يلبث إلا قليلا حتى ظهر المذيع نفسه باسماً منتشياً
ليقدم ببغاء آخر في وصلة راقصة مع مجموعة من الفراشات الفاتنات الباهرات الجمال !
وأخذ المذيع يتمنى للمشاهدين سهرة حلوة .. !
نفض الدب رأسه مرات متوالية ،
غير أنه ما لبث أن وجد نفسه ......
وجد نفسه دون أن يشعر وقد .....
-
-
-
-
-
-
-
-
وجد نفسه وقد تحلبت شفتاه ، وبرقت عيناه ،
وسارع يمسح دموعه التي لم تجف بعد ،
وأخذ يفرك يديه ،
ثم قفز عالياً في الهواء
واكتشف فجأة أنه يجيد الرقص هو الآخر ،
فإذا هو يرقص على واحدة ونص ..!
وعيناه تتابعان سهرة المساء.. !
يحملق في الأجساد المشبوبة كأنها النار ..!!
-
-
-
-
-
-
-
الغابة ما تزال تأكلها النيران في جنون ،
والدب المخبول الآن يجهد نفسه مع أهله وأقربائه وجيرانه جميعاً
حتى استطاع أن يقنعهم أن يشاركوه الرقص والغناء والاستمتاع بالسهرة المثيرة ،
وهم يتمنون الأماني المعسولة للغابة التي تحترق .. ..!!
-
-
-
-
-
-
-
لوت دمنة شفتها السفلى وقد تجهم وجهها ، ثم صاحت في غيظ :
تباً لكل المخدرات ..!!
ألف ألف تب .. لكل المخدرات ..!
!!!
!!
!