الغيور
13-03-2001, 11:48 PM
أهم العقائد :
· مصادر التلقي :
- الكشف : ويعتمد الصوفية الكشف مصدراً وثيقاً للعلوم والمعارف ، بل تحقيق غاية عبادتهم ، ويدخل تحت الكشف الصوفي جملة من الأمور الشرعية والكونية منها :
1- النبي صلى الله عليه وسلم : ويقصدون به الأخذ عنه يقظةً أو مناماً .
2- الخضر عليه الصلاة السلام : قد كثرت حكايتهم عن تقياه ، والأخذ عنه أحكاماً شرعية وعلوماً دينية ، وكذلك الأوراد ، والأذكار والمناقب .
3- الإلهام : سواء كان من الله تعالى مباشرة ، وبه جعلوا مقام الصوفي فوق مقام النبي حيث يعتقدون أن الولي يأخذ العلم مباشرة عن الله تعالى حيث أخذه الملك الذي يوحي به إلى النبي أو الرسول .
4- الفراسة : والتي تختص بمعرفة خواطر النفوس وأحاديثها .
5- الهواتف : من سماع الخطاب من الله تعالى ، أو من الملائكة ، أو الجن الصالح ، أو من أحد الأولياء ، أو الخضر ، أو إبليس ، سواء كان مناماً أو يقظةً أو في حالة بينهما بواسطة الأذن .
6- الإسراءات والمعاريج : ويقصدون بها عروج روح الولي إلى العالم العلوي ، وجولاتها هناك ، والاتيان منها بشتى العلوم والأسرار .
7- الكشف الحسي : بالكشف عن حقائق الوجود بارتفاع الحجب الحسية عن عين القلب وعين البصر .
8- الرؤى والمنامات : وتعتبر من أكثر المصادر اعتماداً عليها حيث يزعمون أنهم يتلقون فيها عن الله تعالى ، أو عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عن أحد شيوخهم لمعرفة الأحكام الشرعية .
- الذوق : وله إطلاقان :
1- الذوق العام الذي ينظم جميع الأحوال والمقامات ، ويرى الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال إمكان السالك أن يتذوق حقيقة النبوة ، وأن يدرك خاصيتها بالمنازلة .
2- أما الذوق الخاص فتتفاوت درجاته بينهم حيث يبدأ بالذوق ثم الشرب .
- الوجد : وله ثلاثة مراتب :
1- التواجد .
2- الوجد .
3- الوجود .
- التلقي عن الأنبياء غير النبي صلى الله عليه وسلم وعن الأشياخ المقبورين .
- تتشابه عقائد الصوفية وأفكارهم وتتعدد بتعدد مدارسهم وطرقهم ويمكن إجمالها فيما يلي :
- يعتقد المتصوفة في الله تعالى عقائد شتى ، منها الحلول كما هو مذهب الحلاج ، ومنها وحدة الوجود حيث عدم الانفصال بين الخالق والمخلوق ، ومنهم من يعتقد بعقيدة الأشاعرة والماتريدية في ذات الله تعالى وأسمائه وصفاته .
- والغلاة منهم يعتقدون في الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً عقائد شتى ، فمنهم من يزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصل إلى مرتبتهم وحالهم ، وأنه كان جاهلاً بعلوم رجال التصوف كما قال البسطامي : (( خضنا بحراً وقف الأنبياء بساحله )) . ومنهم من يعتقد أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو قبة الكون ، وهو الله المستوي على العرش وأن السماوات والأرض والعرش والكرسي وكل الكائنات خُلقت من نوره ، وأنه أول موجود وهذه عقيدة ابن عربي ومن تبعه . ومنهم من لا يعتقد بذلك بل يرده ويعتقد ببشريته ورسالته ولكنهم مع ذلك يستشفعون ويتوسلون به صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى على وجه يخالف عقيدة أهل السنة والجماعة .
- وفي الأولياء يعتقد الصوفية عقائد شتى ، فمنهم من يفضِّل الولي على النبي ، ومنهم يجعلون الولي مساوياً لله في كل صفاته ، فهو يخلق ويرزق ، ويحيي ويميت ، ويتصرف في الكون . ولهم تقسيمات للولاية ، فهناك الغوث ، والأقطاب ، والأبدال والنجباء حيث يجتمعون في ديوان لهم في غار حراء كل ليلة ينظرون في المقادير . ومنهم من لا يعتقد ذلك ولكنهم أيضاً يأخذونهم وسائط بينهم وبين ربهم سواءً كان في حياتهم أو بعد مماتهم .
وكل هذا بالطبع خلاف الولاية في الإسلام التي تقوم على الدين والتقوى ، وعمل الصالحات ، والعبودية الكاملة لله والفقر إليه ، وأن الولي لا يملك من أمر نفسه شيئاً فضلاً عن أنه يملك لغيره ، قال تعالى لرسوله : (( قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً )) [الجن :21] .
- يعتقدون أن الدين شريعة وحقيقة ، والشريعة هي الظاهر من الدين وأنها الباب الذي يدخل منه الجميع ، والحقيقة هي الباطن الذي لا يصل إليه إلا المصطفون الأخيار .
- التصوف في نظرهم طريقة وحقيقة معاً .
- لابد في التصوف من التأثير الروحي الذي لا يأتي إلا بواسطة الشيخ الذي أخذ الطريقة عن شيخه .
- لابد من الذكر والتأمل الروحي وتركيز الذهن في الملأ الأعلى ، وأعلى الدرجات لديهم هي درجة الولي .
- يتحدث الصوفيون عن العلم اللدني الذي يكون في نظرهم لأهل النبوة والولاية ، كما كان ذلك للخضر عليه الصلاة والسلام ، حيث أخبر الله تعالى عن ذلك فقال : ((وعلمناه من لدنا علماً )) .
- الفناء : يعتبر أبويزيد البسطامي أول داعية في الإسلام إلى هذه الفكرة ، وقد نقلها عن شيخه أبي علي السندي حيث الاستهلاك في الله بالكلية ، وحيث يختفي نهائياً عن شعور العبد بذاته ويفنى المشاهد فينسى نفسه وما سوى الله ، ويقول القشيري : الاستهلاك بالكلية يكون (( لمن استولى عليه سلطان الحقيقة حتى لم يشهد من الغبار لا عيناً ولا أثراً ولا رسماً )) .
( مقام جمع الجمع ) وهو : (( فناء العبد عن شهود فنائه باستهلاكه في وجود الحق )) .
إن مقام الفناء حالة تتراوح فيها تصورات السالك بين قطبين متعارضين هما التنزيه والتجريد من جهة والحلول والتشبيه من جهة أخرى .
· درجات السلوك :
- هناك فرق بين الصوفي والعابد والزاهد إذ أن لكل واحد منهم أسلوباً ومنهجاً وهدفاً . وأول درجات السلوك حب الله ورسوله ، ودليله الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الأسوة الحسنة : (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) .
ثم التوبة : وذلك بالإقلاع عن المعصية ، والندم على فعلها ، والعزم على أن لا يعود إليها ، وإبراء صاحبها إن كانت تتعلق بآدمي .
- المقامات : (( هي المنازل الروحية التي يمر بها السالك إلى الله فيقف فترة من الزمن مجاهداً في إطارها حتى ينتقل إلى المنزل الثاني )) ولابد للانتقال من جهاد وتزكية . وجعلوا الحاجز بين المريد وبين الحق سبحانه وتعالى أربعة أشياء هي : المال ، والجاه ، والتقليد ، والمعصية .
- الأحوال : (( إنها النسمات التي تهب على السالك فتنتعش بها نفسه لحظات خاطفة ثم تمر تاركة عطراًً تتشوق الروح للعودة إلى تنسُّم أريجه )) . قال الجنيد : (( الحال نازلة تنزل بالقلوب فلا تدوم )) .
والأحوال مواهب ، والمقامات مكاسب ، ويعبرون عن ذلك بقولهم : (( الأحوال تأتي من عين الجود ، والمقامات تحصل ببذل المجهود )) .
- الورع : أن يترك السالك كل ما فيه شبهة ، ويكون هذا في الحديث والقلب والعمل .
- الزهد : وهو يعني أن تكون الدنيا على ظاهر يده ، وقلبه معلق بما في يد الله . يقول أحدهم عن زاهد : (( صدق فلان ، قد غسل الله قلبه من الدنيا وجعلها في يده على ظاهره)) . قد يكون الإنسان غنياً وزاهداً في ذات الوقت إذ أن الزهد لا يعني الفقر ، فليس كل فقير زاهداً ، وليس كل زاهد فقيراً، والزهد على ثلاث درجات :
1- ترك الحرام ، وهو زهد العوام .
2- ترك الفضول من الحلال ، وهو زهد الخواص .
3- ترك ما يشغل العبد عن الله تعالى ، وهو زهد العارفين .
- التوكل : يقولون : التوكل بداية ، والتسليم واسطة ، والتفويض نهاية إن كان للثقة في الله نهاية ، ويقول سهل التستري : (( التوكل : الاسترسال مع الله تعالى على ما يريد )) .
- المحبة : يقول الحسن البصري ت110ه : (( فعلامة المحبة الموافقة للمحبوب والتجاري مع طرقاته في كل الأمور ، والتقرب إليه بكل صلة ، والهرب من كل ما لا يعينه على مذهبه )) .
- الرضا : يقول أحدهم : (( الرضا بالله الأعظم ، هو أن يكون قلب العبد ساكناً تحت حكم الله عز وجل )) ويقول آخر : (( الرضا آخر المقامات ، ثم يقتفي من بعد ذلك أحوال أرباب القلوب ، ومطالعة الغيوب ، وتهذيب الأسرار لصفاء الأذكار وحقائق الأحوال )) .
- يطلقون الخيال : لفهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يصل السالك إلى اليقين وهو على ثلاث مراتب :
1- علم اليقين : وهو يأتي عن طريق الدليل النقلي من آيات وأحاديث (( كلا لو تعلمون علم اليقين )) . [سورة التكاثر:5] .
2- عين اليقين : وهو يأتي عن طريق المشاهدة والكشف : (( ثم لترونَّها عين اليقين )) [سورة التكاثر:7] .
3- حق اليقين : وهو ما يتحقق عن طريق الذوق : (( إن هذا لهو حق اليقين فسبح باسم ربك العظيم )) [سورة الواقعة:95،96] .
- وأما في الحكم والسلطان والسياسة فإن المنهج الصوفي هو عدم جواز مقاومة الشر ومغالبة السلاطين لأن الله في زعمهم أقام العباد فيما أراد .
- ولعل أخطر ما في الشريعة الصوفية هو منهجهم في التربية حيث يستحوذون على عقول الناس ويلغونها ، وذلك بإدخالهم في طريق متدرج يبدأ بالتأنيس ، ثم بالتهويل والتعظيم بشأن التصوف ورجاله ، ثم بالتلبيس على الشخص ، ثم بالرزق إلى علوم التصوف شيئاً فشيئاً ، ثم بالربط بالطريقة وسد جميع الطرق بعد ذلك للخروج .
· مدارس الصوفية :
- مدرسة الزهد : وأصحابها : من النساك والزهاد والعباد والبكائين ، ومن أفرادها : رابعة العدوية ، وإبراهيم بن أدهم ، ومالك بن دينار .
- مدرسة الكشف والمعرفة : وهي تقوم على اعتبار أن المنطق العقلي وحده لا يكفي في تحصيل المعرفة وإدراك حقائق الموجودات ، إذ يتطور المرء بالرياضة النفسية حتى تتكشف عن بصيرته غشاوة الجهل وتبدو له الحقائق منطبقة في نفسه تتراءى فوق مرآة القلب ، وزعيم هذه المدرسة : الإمام أبو حامد الغزالي .
- مدرسة وحدة الوجود : زعيم هذه المدرسة محيي الدين بن عربي : ( وقد ثبت عن المحققين أنه ما في الوجود إلا الله ، ونحن إن كنا موجودين فإنما كان وجودنا به ، فما ظهر من الوجود بالوجود إلا الحق ، فالوجود الحق وهو واحد ، فليس ثم شيء هو له مثل ، لأنه لا يصح أن يكون ثم وجودان مختلفان أو متماثلان )) .
- مدرسة الاتحاد والحلول : وزعيمها : الحلاج ، ويظهر في هذه المدرسة التأثر بالتصوف الهندي والنصراني ، حيث يتصور الصوفي عندها أن الله قد حل فيه وأنه قد اتحد هو بالله ، فمن أقوالهم : (( أنا الحق )) و (( ما في الجبة إلا الله )) وما إلى ذلك من الشطحات التي تنطلق على ألسنتهم في لحظات السكر بخمرة الشهود على مايزعمون .
· طرق الصوفية :
- الجيلانية : تنسب إلى عبد القادر الجيلاني 470 – 561ه المدفون في بغداد ، حيث تزوره كل عام جموع كثيرة من أتباعه للتبرك به ، اطلع على كثير من علوم عصره ، وقد نسب أتباعه إليه كثيراً من الكرامات ، على نحو ما ذكرنا من قبل .
وقد ساهمت طريقته في إقامة المراكز الإسلامية التي قامت بدور كبير في نشر الإسلام في أفريقيا ووقفت حاجزاً منيعاً في وجه المد الأوروبي الزاحف إلى المغرب العربي .
- الرفاعية : تنسب إلى أحمد الرفاعي 512-580ه من بني رفاعة أحد قبائل العرب ، و جماعته يستخدمون السيوف ودخول النيران في إثبات الكرامات . قال عنهم الشيخ الآلوسي في غاية الأماني في الرد على النبهاني : (( وأعظم الناس بلاء في هذا العصر على الدين والدولة : مبتدعة الرفاعية ، فلا تجد بدعة إلا ومنهم مصدرها وعنهم موردها ومأخذها ، فذكرهم عبارة عن رقص وغناء والتجاء إلى غير الله وعبادة مشايخهم . وأعمالهم عبارة عن مسك الحيات )) 1/370 .
وتتفق الرفاعية مع الشيعة في أمور عدة منها : إيمانهم بكتاب الجفر ، واعتقادهم في الأئمة الإثنى عشر ، وأن احمد الرفاعي هو الإمام الثالث عشر ، بالإضافة إلى مشاركتهم الحزن يوم عاشوراء . وغير ذلك .
هذا رغم ماورد عن شيخ طريقتهم – الشيخ أحمد الرفاعي – من الحض الشديد على السنة واجتناب البدعة ومنها قوله : (( ما تهاون قوم بالسنة وأهملوا قمع البدعة إلا سلط الله عليهم العدو ، و ما انتصر قوم للسنة وقمعوا البدعة وأهلها إلا رزقهم هيبة من عنده ونصرهم وأصلح شأنهم )).
وللرفاعية انتشار ملحوظ في غرب آسيا .
- البدوية : وتنسب إلى أحمد البدوي596-634ه ولد بفاس ، حج ورحل إلى العراق ، واستقر في طنطا حتى وفاته ، وله فيها ضريح مقصود ، حيث يقام له كغيره من أولياء الصوفية احتفال بمولده سنوياً يمارس فيه الكثير من البدع والانحرافات العقدية من دعاء واستغاثة وتبرك وتوسل مما يؤدي إلى الشرك المخرج من الملة . وأتباع طريقته منتشرون في بعض محافظات مصر ، ولهم فيها فروع كالبيومية والشناوية وأولاد نوح والشعبية ، وشارتهم العمامة الحمراء .
- الدسوقية : تنسب إلى إبراهيم الدسوقي 633-676ه المدفون بمدينة دسوق في مصر ، يدعي المتصوفة أنه أحد الأقطاب الأربعة الذين يرجع إليهم تدبير الأمور في هذا الكون .
- الكبرية : نسبة إلى الشيخ محيي الدين بن عربي ، وتقوم طريقته على عقيدة وحدة الوجود والصمت والعزلة والجوع والسهر ، ولها ثلاث صفات : الصبر على البلاء ، والشكر على الرخاء، والرضا بالقضاء .
- الشاذلية : نسبة إلى أبي الحسين الشاذلي 593-656ه ولد بقرية عمارة قرب مرسية في بلاد المغرب ، وانتقل إلى تونس ، وحج عدة مرات ، ثم دخل العراق ومات أخيراً في صحراء عيذاب بصعيد مصر في طريقه إلى الحج ، قيل عنه : ( إنه سهل الطريقة على الخليقة )) لأن طريقته أسهل الطرق وأقربها ، فليس فيها كثير مجاهدة ، انتشرت طريقته في مصر واليمن وبلاد العرب ، وأهل مدينة مخا يدينون له بالتقدير والاعتقاد العميق في ولايته ، وانتشرت طريقته كذلك في مراكش وغرب الجزائر وفي شمال أفريقيا وغربها بعامة .
- البكداشية : كان الأتراك العثمانيون ينتمون إلى هذه الطريقة ، وهي ما تزال منتشرة في ألانيا ، كما أنها أقرب إلى التصوف الشيعي منها إلى التصوف السني ، وقد كان لهذه الطريقة أثر بارز في نشر الإسلام بين الأتراك والمغول ، وكان لها سلطان عظيم على الحكام العثمانيين ذاتهم .
- المولوية : أنشأها الشاعر الفارسي جلال الدين الرومي ت672ه والمدفون بقونية ، أصحابها يتميزون بإدخال الرقص والإيقاعات في حلقات الذكر ، وقد انتشروا في تركيا وآسيا الغربية ، ولم يبق لهم في الأيام الحاضرة إلا بعض التكايا في تركيا وفي حلب وفي بعض أقطار المشرق .
- النقشبندية : تنسب إلى الشيخ بهاء الدين محمد بن محمد البخاري الملقب بشاه نقشبند 618-791ه وهي طريقة سهلة كالشاذلية ، انتشرت في فارس وبلاد الهند وآسيا الغربية .
- الملامتية : مؤسسها أبوصالح حمدون بن أحمد بن عمار المعروف بالقصار ت271ه أباح بعضهم مخالفة النفس بغية جهادها ومحاربة نقائصها ، وقد ظهر الغلاة منهم في تركيا حديثاً بمظهر الإباحية والاستهتار وفعل كل أمر دون مراعاة للأوامر والنواهي الشرعية .
- وهناك طرق كثيرة غير هذه : كالقنائية ، والقيروانية ، والمرابطية ، والبشبشية ، والسنوسية ، والمختارية ، والختمية … وغيرها ، ولاشك أن كل هذه الطرق بدعية .
· شطحات الصوفية :
سلك بعضهم طريق تحضير الأرواح معتقداً بأن ذلك من التصوف ، كما سلك آخرون طريق الشعوذة والدجل ، وقد اهتموا ببناء الأضرحة وقبور الأولياء وإنارتها وزيارتها والتمسح بها ، وكل ذلك من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان .
- يقول بعضهم بارتفاع التكاليف – إسقاط التكاليف – عن الولي ، أي أن العبادة تصير لالزوم لها بالنسبة إليه ، لأنه وصل إلى مقام لا يحتاج معه إلى القيام بذلك ، ولأنه لو اشتغل بوظائف الشرع وظواهره انقطع عن حفظ الباطن وتشوش عليه بالالتفات عن أنواع الواردات الباطنية إلى مراعاة الظاهر .
- وينقل عن الغزالي انتقاده لمن غلبه الغرور ، ويعدد فرقهم :
1- فرقة اغتروا بالزي والهيئة والمنطق .
2- وفرقة ادعت علم المعرفة ، ومشاهدة الحق ، ومجاوزة المقامات والأحوال .
3- وفرقة وقعت في الإباحة ، وطووا بساط الشرع ، ورفضوا الأحوال ، وسووا بين الحلال والحرام .
4- وبعضهم يقول : الأعمال بالجوارح لاوزن لها وإنما النظر إلى القلوب ، وقلوبنا والهة بحب الله وواصلة إلى معرفة الله ، وإنما نخوض في الدنيا بأيدينا ، وقلوبنا عاكفة في الحضرة الربوبية ، فنحن مع الشهوات بالظواهر لا بالقلوب .
- ومذهب الوحدة المطلقة لم يكن له وجود في الإسلام بصورته الكاملة قبل ابن عربي ، فهو الواضع لدعائمه والمؤسس لمدرسته والمفضل لمعانيه ومراميه ، وله فصوص الحكم والفتوحات المكية وغيرهما .
- أما الحلاج فيعتبر صاحب مدرسة الاتحاد والحلول وله أقوال منها :
أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنـا
فإذا أبصرتـني أبصرتـه وإذا أبصرتـه أبصـرتنا
وقوله :
مزجت روحك في روحي كما تمزج الخمرة في الماء الزلال
فإذا مسّـَك شيء مسـني فإذا أنـت أنا في كل حـال
- يستخدم الصوفيون لفظ ( الغوث والغياث ) وقد أفتى ابن تيمية كما جاء في كتاب مجموع الفتاوى ص 437 : (( فأما لفظ الغوث والغياث فلا يستحقه إلا الله ، فهو غوث المستغيثين ، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره لا بملك مقرب ولا نبي مرسل )) .
- لقد أجمعت كل طرق الصوفية على ضرورة الذكر ، وهو عند النقشبندية لفظ الله مفرداً ، وعند الشاذلية لا إله إلا الله ، وعند غيرهم مثل ذلك مع الاستغفار والصلاة على النبي ، وبعضهم يقول عند اشتداد الذكر : هو هو ، بلفظ الضمير . وفي ذلك يقول ابن تيمية في كتاب مجموع الفتاوى ص 229 : (( وأما الاقتصار على الاسم المفرد مظهراً أو مضمراً فلا أصل له ، فضلاً عن أن يكون من ذكر الخاصة والعارفين ، بل هو وسيلة إلى أنواع من البدع والضلالات ، وذريعة إلى تصورات أحوال فاسدة من أحوال أهل الإلحاد وأهل الاتحاد )) .
ويقول في ص 228 أيضاً : (( من قال : ياهو ياهو ، أو هو هو ، ونحو ذلك ، لم يكن الضمير عائداً إلا إلى مايصوره القلب ، والقلب قد يهتدي وقد يضل )) .
- قد يأتي بعض المنتسبين إلى التصوف بأعمال عجيبة وخوارق ، وفي ذلك يقول ابن تيمية ص 494 : (( وأما كشف الرؤوس ، وتفتيل الشعر ، وحمل الحيات ، فليس هذا من شعار أحد من الصالحين ، ولامن الصحابة ، ولا من التابعين ، ولا شيوخ المسلمين ، ولا من المتقدمين ، ولا من المتأخرين ، ولا الشيخ أحمد بن الرفاعي ، وإنما ابتدع هذا بعد موت الشيخ بمدة طويلة )) .
- ويقول أيضاً في ص 504 : (( وأما النذر للموتى من الأنبياء والمشايخ وغيرهم أو لقبورهم أو المقيمين عند قبورهم فهو نذر شرك ومعصية لله تعالى )) .
- وفي ص 506 من نفس الكتاب : (( وأما الحلف بغير الله من الملائكة والأنبياء والمشايخ والملوك وغيرهم فإنه منهي عنه ))
- ويقول في ص 505 من نفس الكتاب أيضاً : (( وأما مؤاخاة الرجال والنساء الجانب وخلوتهم بهن ، ونظرهم إلى الزينة الباطنة ، فهذا حرام باتفاق المسلمين ، ومن جعل ذلك من الدين فهو من إخوان الشياطين )) .
- وفي مقام الفناء عن شهود ماسوى الرب – وهو الفناء عن الإرادة – يقول ابن تيمية ص337 من كتابه : (( وفي هذا الفناء قد يقول : انا الحق ، أو سبحاني ، أو ما في الجنة إلا الله ، إذا فنى بمشهوده عن شهوده ، وبموجوده عن وجوده ، وفي مثل هذا المقام يقع السكر الذي يسقط التمييز مع وجود حلاوة الإيمان كما يحصل بسكر الخمر وسكر عشق الصور . ويحكم على هؤلاء أن أحدهم إذا زال عقله بسبب غير محرم فلا جناح عليه فيما يصدر عنه من الأقوال والأفعال المحرمة ، بخلاف ماإذا كان سبب زوال العقل أمراً محرماً . وكما أنه لاجناح عليهم فلا يجوز الاقتداء بهم ولا حمل كلامهم وفعالهم على الصحة ، بل هم في الخاصة مثل الغافل والمجنون في التكاليف الظاهرة )) .
- أما في مقام الفناء عن وجود السوي فيقول ص337 من الكتاب أيضاً : (( الثالث : فناء وجود السوي ، بمعنى أنه يرى الله هو الوجود وأنه لاوجود لسواه ، لابه ولا بغيره ، وهذا القول للاتحادية الزنادقة من المتأخرين كالبلياني والتلمساني والقونوي ونحوهم ، الذين يجعلون الحقيقة أنه غير الموجودات وحقيقة الكائنات ، وأنه لاوجود لغيره ، لا بمعنى أن قيام الأشياء به ووجودها به لكنهم يريدون أنه عين الموجودات ، فهذا كفر وضلال )) .
· تجاوزات بعض المنتسبين إلى الصوفية في الوقت الحاضر :
- من أبرز المظاهر الشركية التي تؤخذ على الصوفية مايلي :
1- الغلو في الرسول .
2- الحلول والاتحاد .
3- وحدة الوجود .
4- الغلو في الأولياء .
5- الادعاءات الكثيرة الكاذبة ، كادعائهم عدم انقطاع الوحي ومالهم من المميزات في الدنيا والآخرة .
6- ادعاؤهم الانشغال بذكر الله عن التعاون لتحكيم شرع الله والجهاد في سبيله ، مع ماكان لبعضهم من مواقف طيبة ضد الاستعمار مثل الأمير عبد القادر الجزائري .
7- كثيراً ما يتساهل بعض المحسوبين على التصوف في التزام أحكام الشرع .
8- طاعة المشايخ والخضوع لهم ، والاعتراف بذنوبهم بين أيديهم، والتمسح بأضرحتهم بعد مماتهم .
9- تجاوزات كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان ، في هيئة ما يسمونه الذكر ، وهو هز البدن والتمايل يميناً وشمالاً ، وذكر كلمة الله في كل مرة مجردة ، والادعاء بأن المشايخ مكشوف عن بصيرتهم ، ويتوسلون بهم لقضاء حوائجهم ، ودعاؤهم بمقامهم عند الله في حياتهم وبعد مماتهم .
الجذور العقائدية :
- إن المجاهدات الصوفية إنما ترجع إلى زمن سحيق في القدم من وقت أن شعر الإنسان بحاجة إلى رياضة نفسه ومغالبة أهوائه .
- لاشك أن ما يدعو إليه الصوفية من الزهد ، والورع والتوبة والرضا … إنما هي أمور من الإسلام ، وأن الإسلام يحث على التمسك بها والعمل من أجلها ، ولكن الصوفية في ذلك يخالفون ما دعا إليه الإسلام حيث ابتدعوا مفاهيم وسلوكيات لهذه المصطلحات مخالفة لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته .
لكن الذي وصل إليه بعضهم من الحلول والاتحاد والفناء ، وسلوك طريق المجاهدات الصعبة ، إنما انحدرت هذه الأمور إليهم من مصادر دخيلة على الإسلام كالهندوسية والجينية والبوذية والأفلاطونية والزرادشتية والمسيحية . وقد عبر عن ذلك كثير من الدارسين للتصوف منهم :
- المستشرق ميركس ، يرى أن التصوف إنما جاء من رهبانية الشام .
- المستشرق جونس يرده إلى فيدا الهنود .
- نيكولسون ، يقول بأنه وليد لاتحاد الفكر اليوناني والديانات الشرقية ، أو بعبارة أدق : وليد لاتحاد الفلسفة الأفلاطونية الحديثة والديانات المسيحية والمذهب الغنوصي .
- إن السقوط في دائرة العدمية بإسقاط التكاليف وتجاوز الأمور الشرعية إنما هو أمر عرفته البرهمية حيث يقول البرهمي : (( حيث أكون متحداً مع برهماً لا أكون مكلفاً بعمل أو فريضة )) .
- قول الحلاج في الحلول،وقول ابن عربي في الإنسان الكامل يوافق مذهب النصارى في عيسى عليه السلام .
- لقد فتح التصوف المنحرف باباً واسعاً دخلت منه كثير من الشرور على المسلمين مثل التواكل ، والسلبية ، وإلغاء شخصية الإنسان ، وتعظيم شخصية الشيخ فضلاً عن كثير من الضلالات والبدع التي تخرج صاحبها من الإسلام .
أماكن الإنتشار :
لقد عملت الطرق الصوفية على نشر الإسلام في كثير من الأماكن التي لم تفتحها الجيوش ، وذلك بما لديهم من تأثير روحي يسمونه ( الجذب ) ، مثل إندونيسيا ومعظم أفريقيا وغيرها من الأقطار النائية .
انتشر التصوف على مدار الزمان وشمل معظم العالم الإسلامي ، وقد نشأت فرقهم وتوسعت في مصر والعراق وشمال غرب أفريقيا ، وفي غرب ووسط وشرق آسيا .
لقد تركوا أثراً مهماً في الشعر والنثر والموسيقى وفنون الغناء والانشاد وكانت لهم آثار في إنشاء الزوايا والتكايا .
لقد كان للروحانية الصوفية أثر في جذب الغربيين الماديين إلى الإسلام ، ومن أولئك مارتن لنجز الذي يقول : (( إنني أوروبي وقد وجدت خلاص روحي ونجاتها في التصوف)) .
على أن اهتمام الغربيين ومراكز الاستشراق في الجامعات الغربية والشرقية بالتصوف يدعو إلى الريبة ، فبالإضافة إلى انجذاب الغربيين إلى روحانية التصوف وإعجابهم بالمادة الغزيرة التي كتبت عن التصوف شرحاً وتنظيراً ، فإن هناك أسباباً أخرى لاهتمام المستشرقين والمؤسسات الأكاديمية والغربيين بصفة عامة بالتصوف ، من هذه الأسباب :
- إبراز الجانب السلبي الاستسلامي الموجود في التصوف وتصويره على اعتبار أنه الإسلام.
- موافقة التصوف للرهبانية المسيحية واعتباره امتداداً لهذا التوجه .
- ميل منحرفي المتصوفة إلى قبول الأديان جميعاً ، واعتبارها وسيلة للتربية الروحية ، وقد وجد في الغرب من يعتبر نفسه متصوفاً ، ويستعمل المصطلحات وبعض السلوكيات الإسلامية دون أن يكون مسلماً ، وذلك من بين أتباع اليهودية والمسيحية والبوذية وغيرها من الأديان .
- تجسيم الصراع بين فقهاء الإسلام ومنحرفي المتصوفة على أنها هي السمة الغالبة في العقيدة والفقه الإسلاميين .
- تراجعت الصوفية وذلك ابتداءً من نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ولم يعد لها ذلك السلطان الذي كان لها فيما قبل ، وذلك بالرغم من دعم بعض الدول الإسلامية للتصوف كعامل مُثبِّط لتطلعات المسلمين في تطبيق الإسلام الشمولي .
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
رابط الصوفية (1) :
http://www.swalif.net/sforum/showthread.php?threadid=83390
· مصادر التلقي :
- الكشف : ويعتمد الصوفية الكشف مصدراً وثيقاً للعلوم والمعارف ، بل تحقيق غاية عبادتهم ، ويدخل تحت الكشف الصوفي جملة من الأمور الشرعية والكونية منها :
1- النبي صلى الله عليه وسلم : ويقصدون به الأخذ عنه يقظةً أو مناماً .
2- الخضر عليه الصلاة السلام : قد كثرت حكايتهم عن تقياه ، والأخذ عنه أحكاماً شرعية وعلوماً دينية ، وكذلك الأوراد ، والأذكار والمناقب .
3- الإلهام : سواء كان من الله تعالى مباشرة ، وبه جعلوا مقام الصوفي فوق مقام النبي حيث يعتقدون أن الولي يأخذ العلم مباشرة عن الله تعالى حيث أخذه الملك الذي يوحي به إلى النبي أو الرسول .
4- الفراسة : والتي تختص بمعرفة خواطر النفوس وأحاديثها .
5- الهواتف : من سماع الخطاب من الله تعالى ، أو من الملائكة ، أو الجن الصالح ، أو من أحد الأولياء ، أو الخضر ، أو إبليس ، سواء كان مناماً أو يقظةً أو في حالة بينهما بواسطة الأذن .
6- الإسراءات والمعاريج : ويقصدون بها عروج روح الولي إلى العالم العلوي ، وجولاتها هناك ، والاتيان منها بشتى العلوم والأسرار .
7- الكشف الحسي : بالكشف عن حقائق الوجود بارتفاع الحجب الحسية عن عين القلب وعين البصر .
8- الرؤى والمنامات : وتعتبر من أكثر المصادر اعتماداً عليها حيث يزعمون أنهم يتلقون فيها عن الله تعالى ، أو عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عن أحد شيوخهم لمعرفة الأحكام الشرعية .
- الذوق : وله إطلاقان :
1- الذوق العام الذي ينظم جميع الأحوال والمقامات ، ويرى الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال إمكان السالك أن يتذوق حقيقة النبوة ، وأن يدرك خاصيتها بالمنازلة .
2- أما الذوق الخاص فتتفاوت درجاته بينهم حيث يبدأ بالذوق ثم الشرب .
- الوجد : وله ثلاثة مراتب :
1- التواجد .
2- الوجد .
3- الوجود .
- التلقي عن الأنبياء غير النبي صلى الله عليه وسلم وعن الأشياخ المقبورين .
- تتشابه عقائد الصوفية وأفكارهم وتتعدد بتعدد مدارسهم وطرقهم ويمكن إجمالها فيما يلي :
- يعتقد المتصوفة في الله تعالى عقائد شتى ، منها الحلول كما هو مذهب الحلاج ، ومنها وحدة الوجود حيث عدم الانفصال بين الخالق والمخلوق ، ومنهم من يعتقد بعقيدة الأشاعرة والماتريدية في ذات الله تعالى وأسمائه وصفاته .
- والغلاة منهم يعتقدون في الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً عقائد شتى ، فمنهم من يزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصل إلى مرتبتهم وحالهم ، وأنه كان جاهلاً بعلوم رجال التصوف كما قال البسطامي : (( خضنا بحراً وقف الأنبياء بساحله )) . ومنهم من يعتقد أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو قبة الكون ، وهو الله المستوي على العرش وأن السماوات والأرض والعرش والكرسي وكل الكائنات خُلقت من نوره ، وأنه أول موجود وهذه عقيدة ابن عربي ومن تبعه . ومنهم من لا يعتقد بذلك بل يرده ويعتقد ببشريته ورسالته ولكنهم مع ذلك يستشفعون ويتوسلون به صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى على وجه يخالف عقيدة أهل السنة والجماعة .
- وفي الأولياء يعتقد الصوفية عقائد شتى ، فمنهم من يفضِّل الولي على النبي ، ومنهم يجعلون الولي مساوياً لله في كل صفاته ، فهو يخلق ويرزق ، ويحيي ويميت ، ويتصرف في الكون . ولهم تقسيمات للولاية ، فهناك الغوث ، والأقطاب ، والأبدال والنجباء حيث يجتمعون في ديوان لهم في غار حراء كل ليلة ينظرون في المقادير . ومنهم من لا يعتقد ذلك ولكنهم أيضاً يأخذونهم وسائط بينهم وبين ربهم سواءً كان في حياتهم أو بعد مماتهم .
وكل هذا بالطبع خلاف الولاية في الإسلام التي تقوم على الدين والتقوى ، وعمل الصالحات ، والعبودية الكاملة لله والفقر إليه ، وأن الولي لا يملك من أمر نفسه شيئاً فضلاً عن أنه يملك لغيره ، قال تعالى لرسوله : (( قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً )) [الجن :21] .
- يعتقدون أن الدين شريعة وحقيقة ، والشريعة هي الظاهر من الدين وأنها الباب الذي يدخل منه الجميع ، والحقيقة هي الباطن الذي لا يصل إليه إلا المصطفون الأخيار .
- التصوف في نظرهم طريقة وحقيقة معاً .
- لابد في التصوف من التأثير الروحي الذي لا يأتي إلا بواسطة الشيخ الذي أخذ الطريقة عن شيخه .
- لابد من الذكر والتأمل الروحي وتركيز الذهن في الملأ الأعلى ، وأعلى الدرجات لديهم هي درجة الولي .
- يتحدث الصوفيون عن العلم اللدني الذي يكون في نظرهم لأهل النبوة والولاية ، كما كان ذلك للخضر عليه الصلاة والسلام ، حيث أخبر الله تعالى عن ذلك فقال : ((وعلمناه من لدنا علماً )) .
- الفناء : يعتبر أبويزيد البسطامي أول داعية في الإسلام إلى هذه الفكرة ، وقد نقلها عن شيخه أبي علي السندي حيث الاستهلاك في الله بالكلية ، وحيث يختفي نهائياً عن شعور العبد بذاته ويفنى المشاهد فينسى نفسه وما سوى الله ، ويقول القشيري : الاستهلاك بالكلية يكون (( لمن استولى عليه سلطان الحقيقة حتى لم يشهد من الغبار لا عيناً ولا أثراً ولا رسماً )) .
( مقام جمع الجمع ) وهو : (( فناء العبد عن شهود فنائه باستهلاكه في وجود الحق )) .
إن مقام الفناء حالة تتراوح فيها تصورات السالك بين قطبين متعارضين هما التنزيه والتجريد من جهة والحلول والتشبيه من جهة أخرى .
· درجات السلوك :
- هناك فرق بين الصوفي والعابد والزاهد إذ أن لكل واحد منهم أسلوباً ومنهجاً وهدفاً . وأول درجات السلوك حب الله ورسوله ، ودليله الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الأسوة الحسنة : (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) .
ثم التوبة : وذلك بالإقلاع عن المعصية ، والندم على فعلها ، والعزم على أن لا يعود إليها ، وإبراء صاحبها إن كانت تتعلق بآدمي .
- المقامات : (( هي المنازل الروحية التي يمر بها السالك إلى الله فيقف فترة من الزمن مجاهداً في إطارها حتى ينتقل إلى المنزل الثاني )) ولابد للانتقال من جهاد وتزكية . وجعلوا الحاجز بين المريد وبين الحق سبحانه وتعالى أربعة أشياء هي : المال ، والجاه ، والتقليد ، والمعصية .
- الأحوال : (( إنها النسمات التي تهب على السالك فتنتعش بها نفسه لحظات خاطفة ثم تمر تاركة عطراًً تتشوق الروح للعودة إلى تنسُّم أريجه )) . قال الجنيد : (( الحال نازلة تنزل بالقلوب فلا تدوم )) .
والأحوال مواهب ، والمقامات مكاسب ، ويعبرون عن ذلك بقولهم : (( الأحوال تأتي من عين الجود ، والمقامات تحصل ببذل المجهود )) .
- الورع : أن يترك السالك كل ما فيه شبهة ، ويكون هذا في الحديث والقلب والعمل .
- الزهد : وهو يعني أن تكون الدنيا على ظاهر يده ، وقلبه معلق بما في يد الله . يقول أحدهم عن زاهد : (( صدق فلان ، قد غسل الله قلبه من الدنيا وجعلها في يده على ظاهره)) . قد يكون الإنسان غنياً وزاهداً في ذات الوقت إذ أن الزهد لا يعني الفقر ، فليس كل فقير زاهداً ، وليس كل زاهد فقيراً، والزهد على ثلاث درجات :
1- ترك الحرام ، وهو زهد العوام .
2- ترك الفضول من الحلال ، وهو زهد الخواص .
3- ترك ما يشغل العبد عن الله تعالى ، وهو زهد العارفين .
- التوكل : يقولون : التوكل بداية ، والتسليم واسطة ، والتفويض نهاية إن كان للثقة في الله نهاية ، ويقول سهل التستري : (( التوكل : الاسترسال مع الله تعالى على ما يريد )) .
- المحبة : يقول الحسن البصري ت110ه : (( فعلامة المحبة الموافقة للمحبوب والتجاري مع طرقاته في كل الأمور ، والتقرب إليه بكل صلة ، والهرب من كل ما لا يعينه على مذهبه )) .
- الرضا : يقول أحدهم : (( الرضا بالله الأعظم ، هو أن يكون قلب العبد ساكناً تحت حكم الله عز وجل )) ويقول آخر : (( الرضا آخر المقامات ، ثم يقتفي من بعد ذلك أحوال أرباب القلوب ، ومطالعة الغيوب ، وتهذيب الأسرار لصفاء الأذكار وحقائق الأحوال )) .
- يطلقون الخيال : لفهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يصل السالك إلى اليقين وهو على ثلاث مراتب :
1- علم اليقين : وهو يأتي عن طريق الدليل النقلي من آيات وأحاديث (( كلا لو تعلمون علم اليقين )) . [سورة التكاثر:5] .
2- عين اليقين : وهو يأتي عن طريق المشاهدة والكشف : (( ثم لترونَّها عين اليقين )) [سورة التكاثر:7] .
3- حق اليقين : وهو ما يتحقق عن طريق الذوق : (( إن هذا لهو حق اليقين فسبح باسم ربك العظيم )) [سورة الواقعة:95،96] .
- وأما في الحكم والسلطان والسياسة فإن المنهج الصوفي هو عدم جواز مقاومة الشر ومغالبة السلاطين لأن الله في زعمهم أقام العباد فيما أراد .
- ولعل أخطر ما في الشريعة الصوفية هو منهجهم في التربية حيث يستحوذون على عقول الناس ويلغونها ، وذلك بإدخالهم في طريق متدرج يبدأ بالتأنيس ، ثم بالتهويل والتعظيم بشأن التصوف ورجاله ، ثم بالتلبيس على الشخص ، ثم بالرزق إلى علوم التصوف شيئاً فشيئاً ، ثم بالربط بالطريقة وسد جميع الطرق بعد ذلك للخروج .
· مدارس الصوفية :
- مدرسة الزهد : وأصحابها : من النساك والزهاد والعباد والبكائين ، ومن أفرادها : رابعة العدوية ، وإبراهيم بن أدهم ، ومالك بن دينار .
- مدرسة الكشف والمعرفة : وهي تقوم على اعتبار أن المنطق العقلي وحده لا يكفي في تحصيل المعرفة وإدراك حقائق الموجودات ، إذ يتطور المرء بالرياضة النفسية حتى تتكشف عن بصيرته غشاوة الجهل وتبدو له الحقائق منطبقة في نفسه تتراءى فوق مرآة القلب ، وزعيم هذه المدرسة : الإمام أبو حامد الغزالي .
- مدرسة وحدة الوجود : زعيم هذه المدرسة محيي الدين بن عربي : ( وقد ثبت عن المحققين أنه ما في الوجود إلا الله ، ونحن إن كنا موجودين فإنما كان وجودنا به ، فما ظهر من الوجود بالوجود إلا الحق ، فالوجود الحق وهو واحد ، فليس ثم شيء هو له مثل ، لأنه لا يصح أن يكون ثم وجودان مختلفان أو متماثلان )) .
- مدرسة الاتحاد والحلول : وزعيمها : الحلاج ، ويظهر في هذه المدرسة التأثر بالتصوف الهندي والنصراني ، حيث يتصور الصوفي عندها أن الله قد حل فيه وأنه قد اتحد هو بالله ، فمن أقوالهم : (( أنا الحق )) و (( ما في الجبة إلا الله )) وما إلى ذلك من الشطحات التي تنطلق على ألسنتهم في لحظات السكر بخمرة الشهود على مايزعمون .
· طرق الصوفية :
- الجيلانية : تنسب إلى عبد القادر الجيلاني 470 – 561ه المدفون في بغداد ، حيث تزوره كل عام جموع كثيرة من أتباعه للتبرك به ، اطلع على كثير من علوم عصره ، وقد نسب أتباعه إليه كثيراً من الكرامات ، على نحو ما ذكرنا من قبل .
وقد ساهمت طريقته في إقامة المراكز الإسلامية التي قامت بدور كبير في نشر الإسلام في أفريقيا ووقفت حاجزاً منيعاً في وجه المد الأوروبي الزاحف إلى المغرب العربي .
- الرفاعية : تنسب إلى أحمد الرفاعي 512-580ه من بني رفاعة أحد قبائل العرب ، و جماعته يستخدمون السيوف ودخول النيران في إثبات الكرامات . قال عنهم الشيخ الآلوسي في غاية الأماني في الرد على النبهاني : (( وأعظم الناس بلاء في هذا العصر على الدين والدولة : مبتدعة الرفاعية ، فلا تجد بدعة إلا ومنهم مصدرها وعنهم موردها ومأخذها ، فذكرهم عبارة عن رقص وغناء والتجاء إلى غير الله وعبادة مشايخهم . وأعمالهم عبارة عن مسك الحيات )) 1/370 .
وتتفق الرفاعية مع الشيعة في أمور عدة منها : إيمانهم بكتاب الجفر ، واعتقادهم في الأئمة الإثنى عشر ، وأن احمد الرفاعي هو الإمام الثالث عشر ، بالإضافة إلى مشاركتهم الحزن يوم عاشوراء . وغير ذلك .
هذا رغم ماورد عن شيخ طريقتهم – الشيخ أحمد الرفاعي – من الحض الشديد على السنة واجتناب البدعة ومنها قوله : (( ما تهاون قوم بالسنة وأهملوا قمع البدعة إلا سلط الله عليهم العدو ، و ما انتصر قوم للسنة وقمعوا البدعة وأهلها إلا رزقهم هيبة من عنده ونصرهم وأصلح شأنهم )).
وللرفاعية انتشار ملحوظ في غرب آسيا .
- البدوية : وتنسب إلى أحمد البدوي596-634ه ولد بفاس ، حج ورحل إلى العراق ، واستقر في طنطا حتى وفاته ، وله فيها ضريح مقصود ، حيث يقام له كغيره من أولياء الصوفية احتفال بمولده سنوياً يمارس فيه الكثير من البدع والانحرافات العقدية من دعاء واستغاثة وتبرك وتوسل مما يؤدي إلى الشرك المخرج من الملة . وأتباع طريقته منتشرون في بعض محافظات مصر ، ولهم فيها فروع كالبيومية والشناوية وأولاد نوح والشعبية ، وشارتهم العمامة الحمراء .
- الدسوقية : تنسب إلى إبراهيم الدسوقي 633-676ه المدفون بمدينة دسوق في مصر ، يدعي المتصوفة أنه أحد الأقطاب الأربعة الذين يرجع إليهم تدبير الأمور في هذا الكون .
- الكبرية : نسبة إلى الشيخ محيي الدين بن عربي ، وتقوم طريقته على عقيدة وحدة الوجود والصمت والعزلة والجوع والسهر ، ولها ثلاث صفات : الصبر على البلاء ، والشكر على الرخاء، والرضا بالقضاء .
- الشاذلية : نسبة إلى أبي الحسين الشاذلي 593-656ه ولد بقرية عمارة قرب مرسية في بلاد المغرب ، وانتقل إلى تونس ، وحج عدة مرات ، ثم دخل العراق ومات أخيراً في صحراء عيذاب بصعيد مصر في طريقه إلى الحج ، قيل عنه : ( إنه سهل الطريقة على الخليقة )) لأن طريقته أسهل الطرق وأقربها ، فليس فيها كثير مجاهدة ، انتشرت طريقته في مصر واليمن وبلاد العرب ، وأهل مدينة مخا يدينون له بالتقدير والاعتقاد العميق في ولايته ، وانتشرت طريقته كذلك في مراكش وغرب الجزائر وفي شمال أفريقيا وغربها بعامة .
- البكداشية : كان الأتراك العثمانيون ينتمون إلى هذه الطريقة ، وهي ما تزال منتشرة في ألانيا ، كما أنها أقرب إلى التصوف الشيعي منها إلى التصوف السني ، وقد كان لهذه الطريقة أثر بارز في نشر الإسلام بين الأتراك والمغول ، وكان لها سلطان عظيم على الحكام العثمانيين ذاتهم .
- المولوية : أنشأها الشاعر الفارسي جلال الدين الرومي ت672ه والمدفون بقونية ، أصحابها يتميزون بإدخال الرقص والإيقاعات في حلقات الذكر ، وقد انتشروا في تركيا وآسيا الغربية ، ولم يبق لهم في الأيام الحاضرة إلا بعض التكايا في تركيا وفي حلب وفي بعض أقطار المشرق .
- النقشبندية : تنسب إلى الشيخ بهاء الدين محمد بن محمد البخاري الملقب بشاه نقشبند 618-791ه وهي طريقة سهلة كالشاذلية ، انتشرت في فارس وبلاد الهند وآسيا الغربية .
- الملامتية : مؤسسها أبوصالح حمدون بن أحمد بن عمار المعروف بالقصار ت271ه أباح بعضهم مخالفة النفس بغية جهادها ومحاربة نقائصها ، وقد ظهر الغلاة منهم في تركيا حديثاً بمظهر الإباحية والاستهتار وفعل كل أمر دون مراعاة للأوامر والنواهي الشرعية .
- وهناك طرق كثيرة غير هذه : كالقنائية ، والقيروانية ، والمرابطية ، والبشبشية ، والسنوسية ، والمختارية ، والختمية … وغيرها ، ولاشك أن كل هذه الطرق بدعية .
· شطحات الصوفية :
سلك بعضهم طريق تحضير الأرواح معتقداً بأن ذلك من التصوف ، كما سلك آخرون طريق الشعوذة والدجل ، وقد اهتموا ببناء الأضرحة وقبور الأولياء وإنارتها وزيارتها والتمسح بها ، وكل ذلك من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان .
- يقول بعضهم بارتفاع التكاليف – إسقاط التكاليف – عن الولي ، أي أن العبادة تصير لالزوم لها بالنسبة إليه ، لأنه وصل إلى مقام لا يحتاج معه إلى القيام بذلك ، ولأنه لو اشتغل بوظائف الشرع وظواهره انقطع عن حفظ الباطن وتشوش عليه بالالتفات عن أنواع الواردات الباطنية إلى مراعاة الظاهر .
- وينقل عن الغزالي انتقاده لمن غلبه الغرور ، ويعدد فرقهم :
1- فرقة اغتروا بالزي والهيئة والمنطق .
2- وفرقة ادعت علم المعرفة ، ومشاهدة الحق ، ومجاوزة المقامات والأحوال .
3- وفرقة وقعت في الإباحة ، وطووا بساط الشرع ، ورفضوا الأحوال ، وسووا بين الحلال والحرام .
4- وبعضهم يقول : الأعمال بالجوارح لاوزن لها وإنما النظر إلى القلوب ، وقلوبنا والهة بحب الله وواصلة إلى معرفة الله ، وإنما نخوض في الدنيا بأيدينا ، وقلوبنا عاكفة في الحضرة الربوبية ، فنحن مع الشهوات بالظواهر لا بالقلوب .
- ومذهب الوحدة المطلقة لم يكن له وجود في الإسلام بصورته الكاملة قبل ابن عربي ، فهو الواضع لدعائمه والمؤسس لمدرسته والمفضل لمعانيه ومراميه ، وله فصوص الحكم والفتوحات المكية وغيرهما .
- أما الحلاج فيعتبر صاحب مدرسة الاتحاد والحلول وله أقوال منها :
أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنـا
فإذا أبصرتـني أبصرتـه وإذا أبصرتـه أبصـرتنا
وقوله :
مزجت روحك في روحي كما تمزج الخمرة في الماء الزلال
فإذا مسّـَك شيء مسـني فإذا أنـت أنا في كل حـال
- يستخدم الصوفيون لفظ ( الغوث والغياث ) وقد أفتى ابن تيمية كما جاء في كتاب مجموع الفتاوى ص 437 : (( فأما لفظ الغوث والغياث فلا يستحقه إلا الله ، فهو غوث المستغيثين ، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره لا بملك مقرب ولا نبي مرسل )) .
- لقد أجمعت كل طرق الصوفية على ضرورة الذكر ، وهو عند النقشبندية لفظ الله مفرداً ، وعند الشاذلية لا إله إلا الله ، وعند غيرهم مثل ذلك مع الاستغفار والصلاة على النبي ، وبعضهم يقول عند اشتداد الذكر : هو هو ، بلفظ الضمير . وفي ذلك يقول ابن تيمية في كتاب مجموع الفتاوى ص 229 : (( وأما الاقتصار على الاسم المفرد مظهراً أو مضمراً فلا أصل له ، فضلاً عن أن يكون من ذكر الخاصة والعارفين ، بل هو وسيلة إلى أنواع من البدع والضلالات ، وذريعة إلى تصورات أحوال فاسدة من أحوال أهل الإلحاد وأهل الاتحاد )) .
ويقول في ص 228 أيضاً : (( من قال : ياهو ياهو ، أو هو هو ، ونحو ذلك ، لم يكن الضمير عائداً إلا إلى مايصوره القلب ، والقلب قد يهتدي وقد يضل )) .
- قد يأتي بعض المنتسبين إلى التصوف بأعمال عجيبة وخوارق ، وفي ذلك يقول ابن تيمية ص 494 : (( وأما كشف الرؤوس ، وتفتيل الشعر ، وحمل الحيات ، فليس هذا من شعار أحد من الصالحين ، ولامن الصحابة ، ولا من التابعين ، ولا شيوخ المسلمين ، ولا من المتقدمين ، ولا من المتأخرين ، ولا الشيخ أحمد بن الرفاعي ، وإنما ابتدع هذا بعد موت الشيخ بمدة طويلة )) .
- ويقول أيضاً في ص 504 : (( وأما النذر للموتى من الأنبياء والمشايخ وغيرهم أو لقبورهم أو المقيمين عند قبورهم فهو نذر شرك ومعصية لله تعالى )) .
- وفي ص 506 من نفس الكتاب : (( وأما الحلف بغير الله من الملائكة والأنبياء والمشايخ والملوك وغيرهم فإنه منهي عنه ))
- ويقول في ص 505 من نفس الكتاب أيضاً : (( وأما مؤاخاة الرجال والنساء الجانب وخلوتهم بهن ، ونظرهم إلى الزينة الباطنة ، فهذا حرام باتفاق المسلمين ، ومن جعل ذلك من الدين فهو من إخوان الشياطين )) .
- وفي مقام الفناء عن شهود ماسوى الرب – وهو الفناء عن الإرادة – يقول ابن تيمية ص337 من كتابه : (( وفي هذا الفناء قد يقول : انا الحق ، أو سبحاني ، أو ما في الجنة إلا الله ، إذا فنى بمشهوده عن شهوده ، وبموجوده عن وجوده ، وفي مثل هذا المقام يقع السكر الذي يسقط التمييز مع وجود حلاوة الإيمان كما يحصل بسكر الخمر وسكر عشق الصور . ويحكم على هؤلاء أن أحدهم إذا زال عقله بسبب غير محرم فلا جناح عليه فيما يصدر عنه من الأقوال والأفعال المحرمة ، بخلاف ماإذا كان سبب زوال العقل أمراً محرماً . وكما أنه لاجناح عليهم فلا يجوز الاقتداء بهم ولا حمل كلامهم وفعالهم على الصحة ، بل هم في الخاصة مثل الغافل والمجنون في التكاليف الظاهرة )) .
- أما في مقام الفناء عن وجود السوي فيقول ص337 من الكتاب أيضاً : (( الثالث : فناء وجود السوي ، بمعنى أنه يرى الله هو الوجود وأنه لاوجود لسواه ، لابه ولا بغيره ، وهذا القول للاتحادية الزنادقة من المتأخرين كالبلياني والتلمساني والقونوي ونحوهم ، الذين يجعلون الحقيقة أنه غير الموجودات وحقيقة الكائنات ، وأنه لاوجود لغيره ، لا بمعنى أن قيام الأشياء به ووجودها به لكنهم يريدون أنه عين الموجودات ، فهذا كفر وضلال )) .
· تجاوزات بعض المنتسبين إلى الصوفية في الوقت الحاضر :
- من أبرز المظاهر الشركية التي تؤخذ على الصوفية مايلي :
1- الغلو في الرسول .
2- الحلول والاتحاد .
3- وحدة الوجود .
4- الغلو في الأولياء .
5- الادعاءات الكثيرة الكاذبة ، كادعائهم عدم انقطاع الوحي ومالهم من المميزات في الدنيا والآخرة .
6- ادعاؤهم الانشغال بذكر الله عن التعاون لتحكيم شرع الله والجهاد في سبيله ، مع ماكان لبعضهم من مواقف طيبة ضد الاستعمار مثل الأمير عبد القادر الجزائري .
7- كثيراً ما يتساهل بعض المحسوبين على التصوف في التزام أحكام الشرع .
8- طاعة المشايخ والخضوع لهم ، والاعتراف بذنوبهم بين أيديهم، والتمسح بأضرحتهم بعد مماتهم .
9- تجاوزات كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان ، في هيئة ما يسمونه الذكر ، وهو هز البدن والتمايل يميناً وشمالاً ، وذكر كلمة الله في كل مرة مجردة ، والادعاء بأن المشايخ مكشوف عن بصيرتهم ، ويتوسلون بهم لقضاء حوائجهم ، ودعاؤهم بمقامهم عند الله في حياتهم وبعد مماتهم .
الجذور العقائدية :
- إن المجاهدات الصوفية إنما ترجع إلى زمن سحيق في القدم من وقت أن شعر الإنسان بحاجة إلى رياضة نفسه ومغالبة أهوائه .
- لاشك أن ما يدعو إليه الصوفية من الزهد ، والورع والتوبة والرضا … إنما هي أمور من الإسلام ، وأن الإسلام يحث على التمسك بها والعمل من أجلها ، ولكن الصوفية في ذلك يخالفون ما دعا إليه الإسلام حيث ابتدعوا مفاهيم وسلوكيات لهذه المصطلحات مخالفة لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته .
لكن الذي وصل إليه بعضهم من الحلول والاتحاد والفناء ، وسلوك طريق المجاهدات الصعبة ، إنما انحدرت هذه الأمور إليهم من مصادر دخيلة على الإسلام كالهندوسية والجينية والبوذية والأفلاطونية والزرادشتية والمسيحية . وقد عبر عن ذلك كثير من الدارسين للتصوف منهم :
- المستشرق ميركس ، يرى أن التصوف إنما جاء من رهبانية الشام .
- المستشرق جونس يرده إلى فيدا الهنود .
- نيكولسون ، يقول بأنه وليد لاتحاد الفكر اليوناني والديانات الشرقية ، أو بعبارة أدق : وليد لاتحاد الفلسفة الأفلاطونية الحديثة والديانات المسيحية والمذهب الغنوصي .
- إن السقوط في دائرة العدمية بإسقاط التكاليف وتجاوز الأمور الشرعية إنما هو أمر عرفته البرهمية حيث يقول البرهمي : (( حيث أكون متحداً مع برهماً لا أكون مكلفاً بعمل أو فريضة )) .
- قول الحلاج في الحلول،وقول ابن عربي في الإنسان الكامل يوافق مذهب النصارى في عيسى عليه السلام .
- لقد فتح التصوف المنحرف باباً واسعاً دخلت منه كثير من الشرور على المسلمين مثل التواكل ، والسلبية ، وإلغاء شخصية الإنسان ، وتعظيم شخصية الشيخ فضلاً عن كثير من الضلالات والبدع التي تخرج صاحبها من الإسلام .
أماكن الإنتشار :
لقد عملت الطرق الصوفية على نشر الإسلام في كثير من الأماكن التي لم تفتحها الجيوش ، وذلك بما لديهم من تأثير روحي يسمونه ( الجذب ) ، مثل إندونيسيا ومعظم أفريقيا وغيرها من الأقطار النائية .
انتشر التصوف على مدار الزمان وشمل معظم العالم الإسلامي ، وقد نشأت فرقهم وتوسعت في مصر والعراق وشمال غرب أفريقيا ، وفي غرب ووسط وشرق آسيا .
لقد تركوا أثراً مهماً في الشعر والنثر والموسيقى وفنون الغناء والانشاد وكانت لهم آثار في إنشاء الزوايا والتكايا .
لقد كان للروحانية الصوفية أثر في جذب الغربيين الماديين إلى الإسلام ، ومن أولئك مارتن لنجز الذي يقول : (( إنني أوروبي وقد وجدت خلاص روحي ونجاتها في التصوف)) .
على أن اهتمام الغربيين ومراكز الاستشراق في الجامعات الغربية والشرقية بالتصوف يدعو إلى الريبة ، فبالإضافة إلى انجذاب الغربيين إلى روحانية التصوف وإعجابهم بالمادة الغزيرة التي كتبت عن التصوف شرحاً وتنظيراً ، فإن هناك أسباباً أخرى لاهتمام المستشرقين والمؤسسات الأكاديمية والغربيين بصفة عامة بالتصوف ، من هذه الأسباب :
- إبراز الجانب السلبي الاستسلامي الموجود في التصوف وتصويره على اعتبار أنه الإسلام.
- موافقة التصوف للرهبانية المسيحية واعتباره امتداداً لهذا التوجه .
- ميل منحرفي المتصوفة إلى قبول الأديان جميعاً ، واعتبارها وسيلة للتربية الروحية ، وقد وجد في الغرب من يعتبر نفسه متصوفاً ، ويستعمل المصطلحات وبعض السلوكيات الإسلامية دون أن يكون مسلماً ، وذلك من بين أتباع اليهودية والمسيحية والبوذية وغيرها من الأديان .
- تجسيم الصراع بين فقهاء الإسلام ومنحرفي المتصوفة على أنها هي السمة الغالبة في العقيدة والفقه الإسلاميين .
- تراجعت الصوفية وذلك ابتداءً من نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ولم يعد لها ذلك السلطان الذي كان لها فيما قبل ، وذلك بالرغم من دعم بعض الدول الإسلامية للتصوف كعامل مُثبِّط لتطلعات المسلمين في تطبيق الإسلام الشمولي .
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
رابط الصوفية (1) :
http://www.swalif.net/sforum/showthread.php?threadid=83390