PDA

View Full Version : الموزنات بين السيئات والحسنات؟


للحق صدى
09-08-2001, 06:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد


فإن كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على فهم السلف الصالح ، لهو المنبع العذب الزلال لمن عقل وأراد الحق .


وإن ضلال من ضل من الأمة لم يكن إلا بالتخلي عن هذا الصراط القويم وسلوك طرق ضالة عن الحق ، وهذا مفهوم حديث النبي صلى الله عليه وسلم (( تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي : كتاب الله وسنتي )) فمما يفهم منه أن الضلال ذيلُ التخلي عنهما ، ولا شك أن فهمهما لا بد أن يكون سليما ولا يخرج عن فهم السلف رضي الله عنهم ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ) .


وإن مما ضل فيه كثير من الخلف عن الكتاب والسنة ومنهج السلف ، انتحال طريقة غريبة في النقد لم يرد بها الشرع ، بل ولا يقرها ، ولا يقبلها العقل ، بل و يُقَبِّحُها .


ألا وهي منهج الموازنات بين الحسنات والسيئات ، ولهذا المنهج المُحْدَث من الفتن والمصائب ما لا يحصيه إلا الله ، من أظهرها تهوين خطر البدعة والضلالة من مُحْدِثِها عندما يوازن بينها وبين محاسن أخرى ، وياليت شعري هل الموازنة عندهم بالكم أم الكيف ؟!!


طريقة عجيبة في تشريعه


والعجيب في الأمر أن الذين أحدثوا هذه الثُلْمَة لم يُبدعوا في ابتداعها ، وذلك بالتدرج بأن يجعلوها جائزة ثم يستحبونها ثم يوجبونها على خطوات ، ولكنهم تسرعوا في إلقام الناس هذه الغصة كاملةَ دفعة واحدة ، مما جعل العقلاء والمنصفين يفطنون لها ويباكرونها ببيان خطورتها وانحرافها . فَتَعْجَبُ وأَعْجَبُ من قولهم أنه يجب عند النقد والتحذير وغيرهما أن نوازن بين الحسنات والسيئات ، واتهام من يخالف ذلك بالظلم ، والاستدلال على ذلك بالآيات والأحاديث المحرمة للظلم !!!


بل إن من سفه القول والفهم عند بعضهم أن يستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حق الشيطان (( أما إنه صدقك وهو كذوب )) فلازم استدلاله أنه لا يجوز التحذير من الشيطان وذكر خطره وشره إلا بالقرن بينها وبين محاسنه .. سبحانك هذا بهتان عظيم !!


براءة القرآن من منهجهم


وإني سائلهم : ألم يتكلم ربنا جل وعلا كلاماً جعله شرعاً وكتاباً يُتلا ، وخصص فيه سورة كاملة نتعبد الله بتلاوتها ، نزلت في رجل من بيت الشرف والنبوة ؟!!


فاقرأ سورة المسد لتعلم ذلك يقيناً وتراه عياناً .. فأين العدل في هذه السورة في ميزانهم ؟!!


أم أنهم يرون الله ظالماً عندما قال ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) أفلم تكن لهم حسنات ؟ بلى وربي .


أم أنهم يعلمون أن الله لا يظلم أحداً عندما قال : ( سماعون للكذب أكالون للسحت ...) الآية . دون ذكر شيء من محاسنهم بتصريح أو تلميح ؟


براءة السنة من منهجهم


وأما من السنة فلا يخفى عليكم ولا عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم (( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )) ولا يخفى على الأذهان أنه صلى الله عليه وسلم قد قاله على فراش الموت ، أي أنه صلى الله عليه وسلم مات على هذا المنهج ؛ وهذا لكي لا يقال أنه منهج منسوخ .


دعنا من اليهود والنصارى والشيطان ، بل ودعنا من أهل البدع والضلال ، بل ولنترك عامة المسلمين ، ولنذهب إلى أشرف القرون وخيرة الخلق بعد الأنبياء عليهم السلام ، ألا وهم الصحابة رضوان الله عليهم ، فهل ينكر مؤمن فضلهم ومحاسنهم ؟!!!


إذن فهل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انتهج الجور بل هل سلك المفضول من الخُلُقِ والنهجِ والدينِ عندما قال لفاطمة بنت قيس : (( أما أبو الجهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ، وأما معاوية فصعلوك لا مال له ، انكحي أسامة بن زيد )) بل والله إنه صلى الله عليه وسلم خير الخلق وأكملهم ديناً وخلقاً ومنهجاً وتقوىً وورعاً ولكن أكثر الناس لا يعلمون .


** الخـلاصــــة **


أنه لا يجب بل ولا يشرع ذكر محاسن المُنْتَقَد بل قد يكون ذلك محرماً في بعض الأحوال .


أسأل الله أن يأخذ بنواصينا جميعاً للحق ، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح ، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ،،،
مع تحياتى:
للحق صدى