بو عبدالرحمن
21-08-2001, 02:27 PM
-
هذه قصيدة مؤثرة للغاية ،
قصيدة تحرك الوجدان ، وتستثير الدمع ، وتهز القلب الحي ..
أبيات تكشفُ روعة الأبوة الحانية التي تغمر قلوب الآباء على أبنائهم ،
إلى درجة عجيبة لا يعرف حقيقتها إلا أب ..
فيض حنان يتفجر .. وشلال عاطفة يتدفق ..
من قلب أبٍ يودع أطفاله
ويُظهرُ لهم بأنه متماسك ، وهو يوشكُ أن ينهار ..
ويصر أن يبدو أمامهم أنه غير مكترث لفراقهم ، وقلبه يتمزق بشكل مروع .
ويجهد على أن يرسم على وجهه ابتسامة الوداع لهم ،
وروحه تولول لفراقهم .
هذا أبٌ قُدر له أن يعيش بعيداً عن أبنائه ، لأسباب خارجة عن إرادته
ولما جاءوا لزيارته ، وقضوا معه صيفا كاملا في رحاب أبوة حانية ..
حانت لحظة الفراق ،
فخرج بهم يدفعهم دفعا رفيقا إلى السيارة ،
وهم يتباكون حوله رغبة في البقاء معه ، والجلوس إلى جواره ..
وهو يتظاهر بالجلد معهم ، ويلح عليهم بالسفر ..
فلما مضت المركبة وهم يشيرون إليه بأيدهم ،
ووجوههم غسلتها الدموع
وأدماها النحيب ..
وهو يرفع يديه مودعا ، ويصر على أسنانه في جهد ،
حتى لا ينفجر باكيا ، ويمنع عينيه أن تسحان بدمعهما ..
اختفت المركبة بمن فيها ،
والأب المذهول لا زال واقفا في مكانه لم يبرح ،
كأنه غير مصدق أن أحبابه مضوا وخلفوه ،
وأنه قد لا يراهم مرة أخرى ..
وعاد إلى داخل الدار يجر قدميه في جهد ..
وهناك انهار باكيا ..
وها هو في قصيدته الرائعة هذه يصور لنا بريشة رسام مبدع ،
ما كان منهم .. وما كان منه ..
0 0 00 0 0 0
أينَ الضجيجُ العذبُ والشغبُ ؟ *** أينَ التدارسُ شــابهُ اللعبُ ؟
أينَ الطفولـــةُ في توقـدهـــا..؟ **** أينَ الدمى في الأرضِ والكتبُ ؟
أيــــنَ التشاكي ، دونما غرضٍ ***** أيــــنَ التشــاكي ما لــه ســببُ ؟
أينَ التباكي والتضاحك في ***** وقتٍ معاً ، والحزنُ والطربُ ؟؟
أيــنَ التســابقُ في مجاورتي ****** مَـلقـاً ، إذا أكلـــوا وإن شربــــوا
يتزاحمــــون على مجــالستي ****** والقرب مني حيثما انقلبوا
يتوجهون بســــوق فطرتهم ****** نحوي إذا رهبوا ، وإن رغبوا
فنشيدهم ( بابا ) إذا فرحوا ****** ووعيدهم ( بابا ) إذا غضبوا !
وهتافهم ( بابا ) إذا ابتعدوا ******* ونجيهـــم ( بابا ) إذا اقتربـــوا
بالأمس كانـــوا ملء منزلنـــا **** واليوم ويح اليوم قد ذهبوا
وكأنما الصمت الذي هبطتْ **** أثقالهُ في الـــدار إذ غربوا
إغفـــاءة المحموم هدأتـــها **** فيـــها يشيع الهــــم والتعبُ
ذهبوا ، أجل ذهبوا ومسكنهم **** في القلبِ ما شطوا وما قربوا
إني أراهـــــم أينمــــا التفتت **** نفسي ، وقد سكنوا وقد وثبوا
وأحسُ في خّـلّدي تلاعبهم **** في الدارِ ليس يصيبهم نصبُ
وبريق أعينهـــم إذا ظفــروا *** ودمــــوع حرقتهــم إذا غُلبــــوا
في كل ركــــنٍ ، منهـــمُ أثرٌ *** وبكل زاويـــة ، لهــم صـــخبُ
في النافذاتِ زجاجها حطموا **** وفي الحائطِ المدهونِ قد ثقبوا
في الباب قد كسَروا مزالجهُ **** وعليه قد رسمـــوا وقد كتبوا
في الصحنِ فيه بعض ما أكلوا **** في علبة الحلوى التي نهبوا
في الشطرِ من تفاحةٍ قضموا *** في فضلةِ الماءِ التي سكبوا
إني أراهم ، حيثما اتجهت **** عيني ، كأسرابِ القطا سربوا
بالأمس في " قرنايل " نزلوا *** واليوم قد ضمتهمُ " حلبُ "
دمعي الذي كتّمتهُ جَـلَـداً **** لمّــا تباكــوا عندما ركبـــوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا **** من أضلعي قلبــاً بهم يجبُ
ألـفيتني كالطفـــل عاطفــةً *** فإذا بــــه ، كالغيثِ ينسكبُ
قد يعجبُ العذالُ من رجلٍ **** يبكي ، ولو لم أبكِ فالعجبُ !
هيهات، ما كل البكا خورٌ **** إني _ وبي عزمُ الرجالِ _ أبُ
…………………………………………………………….. عمر بهاء الدين الأميري
هذه قصيدة مؤثرة للغاية ،
قصيدة تحرك الوجدان ، وتستثير الدمع ، وتهز القلب الحي ..
أبيات تكشفُ روعة الأبوة الحانية التي تغمر قلوب الآباء على أبنائهم ،
إلى درجة عجيبة لا يعرف حقيقتها إلا أب ..
فيض حنان يتفجر .. وشلال عاطفة يتدفق ..
من قلب أبٍ يودع أطفاله
ويُظهرُ لهم بأنه متماسك ، وهو يوشكُ أن ينهار ..
ويصر أن يبدو أمامهم أنه غير مكترث لفراقهم ، وقلبه يتمزق بشكل مروع .
ويجهد على أن يرسم على وجهه ابتسامة الوداع لهم ،
وروحه تولول لفراقهم .
هذا أبٌ قُدر له أن يعيش بعيداً عن أبنائه ، لأسباب خارجة عن إرادته
ولما جاءوا لزيارته ، وقضوا معه صيفا كاملا في رحاب أبوة حانية ..
حانت لحظة الفراق ،
فخرج بهم يدفعهم دفعا رفيقا إلى السيارة ،
وهم يتباكون حوله رغبة في البقاء معه ، والجلوس إلى جواره ..
وهو يتظاهر بالجلد معهم ، ويلح عليهم بالسفر ..
فلما مضت المركبة وهم يشيرون إليه بأيدهم ،
ووجوههم غسلتها الدموع
وأدماها النحيب ..
وهو يرفع يديه مودعا ، ويصر على أسنانه في جهد ،
حتى لا ينفجر باكيا ، ويمنع عينيه أن تسحان بدمعهما ..
اختفت المركبة بمن فيها ،
والأب المذهول لا زال واقفا في مكانه لم يبرح ،
كأنه غير مصدق أن أحبابه مضوا وخلفوه ،
وأنه قد لا يراهم مرة أخرى ..
وعاد إلى داخل الدار يجر قدميه في جهد ..
وهناك انهار باكيا ..
وها هو في قصيدته الرائعة هذه يصور لنا بريشة رسام مبدع ،
ما كان منهم .. وما كان منه ..
0 0 00 0 0 0
أينَ الضجيجُ العذبُ والشغبُ ؟ *** أينَ التدارسُ شــابهُ اللعبُ ؟
أينَ الطفولـــةُ في توقـدهـــا..؟ **** أينَ الدمى في الأرضِ والكتبُ ؟
أيــــنَ التشاكي ، دونما غرضٍ ***** أيــــنَ التشــاكي ما لــه ســببُ ؟
أينَ التباكي والتضاحك في ***** وقتٍ معاً ، والحزنُ والطربُ ؟؟
أيــنَ التســابقُ في مجاورتي ****** مَـلقـاً ، إذا أكلـــوا وإن شربــــوا
يتزاحمــــون على مجــالستي ****** والقرب مني حيثما انقلبوا
يتوجهون بســــوق فطرتهم ****** نحوي إذا رهبوا ، وإن رغبوا
فنشيدهم ( بابا ) إذا فرحوا ****** ووعيدهم ( بابا ) إذا غضبوا !
وهتافهم ( بابا ) إذا ابتعدوا ******* ونجيهـــم ( بابا ) إذا اقتربـــوا
بالأمس كانـــوا ملء منزلنـــا **** واليوم ويح اليوم قد ذهبوا
وكأنما الصمت الذي هبطتْ **** أثقالهُ في الـــدار إذ غربوا
إغفـــاءة المحموم هدأتـــها **** فيـــها يشيع الهــــم والتعبُ
ذهبوا ، أجل ذهبوا ومسكنهم **** في القلبِ ما شطوا وما قربوا
إني أراهـــــم أينمــــا التفتت **** نفسي ، وقد سكنوا وقد وثبوا
وأحسُ في خّـلّدي تلاعبهم **** في الدارِ ليس يصيبهم نصبُ
وبريق أعينهـــم إذا ظفــروا *** ودمــــوع حرقتهــم إذا غُلبــــوا
في كل ركــــنٍ ، منهـــمُ أثرٌ *** وبكل زاويـــة ، لهــم صـــخبُ
في النافذاتِ زجاجها حطموا **** وفي الحائطِ المدهونِ قد ثقبوا
في الباب قد كسَروا مزالجهُ **** وعليه قد رسمـــوا وقد كتبوا
في الصحنِ فيه بعض ما أكلوا **** في علبة الحلوى التي نهبوا
في الشطرِ من تفاحةٍ قضموا *** في فضلةِ الماءِ التي سكبوا
إني أراهم ، حيثما اتجهت **** عيني ، كأسرابِ القطا سربوا
بالأمس في " قرنايل " نزلوا *** واليوم قد ضمتهمُ " حلبُ "
دمعي الذي كتّمتهُ جَـلَـداً **** لمّــا تباكــوا عندما ركبـــوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا **** من أضلعي قلبــاً بهم يجبُ
ألـفيتني كالطفـــل عاطفــةً *** فإذا بــــه ، كالغيثِ ينسكبُ
قد يعجبُ العذالُ من رجلٍ **** يبكي ، ولو لم أبكِ فالعجبُ !
هيهات، ما كل البكا خورٌ **** إني _ وبي عزمُ الرجالِ _ أبُ
…………………………………………………………….. عمر بهاء الدين الأميري