PDA

View Full Version : وقفات مع فتوى الشيخ حمود ـ حفظه الله ـ في العمليات ..


weld-dubai
12-09-2001, 02:31 AM
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا،ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حقَّ تقاته ولا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون}(آل عمران:102)، {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنَّ الله كان عليكم رقيباً} ( النساء: 1) ، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} (الأحزاب:70-71).
أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد ، لقد حدث ما كنت أنتظر من الشباب المتحمس حماساً عجيباً جداً ، و هو حماس فوضوي أرعن شديد الرعونة .
فبعد أن أفتى شيخنا العلامة الفقيه مفتي المملكة العربية السعودية عبد العزيز آل الشيخ ـ حفظه الله ـ في ما سمي بـ ـ العمليات الإستشهادية ـ سمعنا بعض الكلمات الخبيثة من بعض الخبثاء ، فيها ما فيها من الطعن في الشيخ ، بل و كيل التهم له ـ حفظه الله ـ ، وهذا يعد من باب القدح في العلماء بل علماء أهل السنة والجماعة من غير قادح وهذا مذموم جداً ، وصاحبه يعتبر سالكاً لطريق أهل البدع والأهواء .
ولما كان بعض الشباب الذين يعتبرون من أهل الصلاح والتقوى ، قال بمثل ما قال به السابقون ولكن مع تحرٍ في العبارة وإن كان فيها من الجرح ما فيها ، ولكنهم اعتمدوا في ما قالوا على فتوى للشيخ (( حمود بن عقلاء الشعيبي ـ حفظه الله ـ )) قد أملاها على من سأله ، وهي في هذه المسألة ؛ ولكنها في الحقيقة وعند السبر والمعاينة ، والنظر الصحيح . نجد فتوى الشيخ حمود ـ حفظه الله ـ بعيدة عن موضع النزاع بل فتوى الشيخ حمود تقرر شيئا معروفا ، ذكره أهل العلم .
وقد استدل الشيخ حمود بمجموعة من العمومات التي ليست في صالحه ـ حفظه الله ـ بل ولا دخل لها في موضوع الشيخ حمود البته . كما سوف يأتي بيانه .
ومن باب (( النصيحة )) التي هي من أعظم ما في دين الإسلام من مقومات لنجاح الدعوة ، ولهذا أوصى بها نبينا صلى الله عليه وسلم حيث قال : (( الدين النصيحة )) .
كان لنا مع فتوى الشيخ حمود ـ حفظه الله ـ وقفات .


عمل صالح قبل القتال


هكذا يا أخواني بوب أمير المؤمنين في الحديث في كتابه (( صحيح البخاري )) ، حيث قال :
(( وقال أبو الدرداء : إنما تُقاتلون بأعمالكم .
وقوله تعالى : ( ياأيها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) . الصف : 2 ـ 4 .
حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا شبابة بن سوار الفزارى حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال سمعت البراء رضي الله عنه يقول : (( أتي النبي صلى الله عليه وسلم رجل مقنع بالحديد فقال : يا رسول الله . أقاتل أو أسلم ؟ قال : أسلم ثم قاتل : فأسلم ثم قاتل فقتل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمل قليلاً و أجر كثيراً )) .
قلت أبو محمد :
نقل الحافظ عن الكرمانى قوله :
(( المقصود من الآية في هذه الترجمة قوله في آخرها : ( صفاً كأنهم بنيان مرصوص ) لأن الصف في القتال من العمل الصالح قبل القتال )) انتهى .
فكما هو معروف يجب على من يريد رفع الظلم عن نفسه أن يوحد الصف فيكون صف واحد أمام العدو الذي يقاتل صفاً واحداً في تلكم البلاد التي وقع عليها الظلم الكبير والكثير من العدو ومن أنفسهم . إن كانوا يعلمون .
فإذا وجد الصف المترابط والمتماسك و المتمسك بعقيدة أهل السنة والجماعة السلفيين ومنهجهم وصدقهم وإخلاصهم في أعمالهم وجهادهم.
وكان في أفراد ذلك الصف من أقتحم على صف العدو ، فقتل بعضهم بذلك السبب وعلى هذا الوجه كان النظر إلى سبب إقتحامه هل هو ( شجاعةً أو رياءً أو سمعةًً ) وهذا بطبيعة الحال علمه عند الله ، فإن كان لوجه الله الكريم كان ذلك إن شاء الله من الذين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الشهادة .
وكذلك من العمل الصالح الذي نرغب فيه إخواننا وأنفسنا هو الاجتماع على منهج واحد وهو منهج الكتاب والسنة وعلى طريقة السلف الصالح الصحابة والتابعين و من بعدهم من الأئمة الأربعة وغيرهم .
ونبذ ما أحدث الناس من مناهج محدثة بعضها نشأت من سنوات وبعضها الآخر يعتبر وليد الساعة . والله المستعان .
ومما نوصى به إخواننا وأنفسنا ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية أنسٍ ( رضي الله عنه ) عند أبي دواد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( جَاهِدُوا المُشْرِكِينَ بِأموالِكُم وأنْفُسِكُم وألسِنتِكُم )) .
فجهاد المشركين كما وصف نبينا الكريم ، يكون بالمال والنفس و اللسان .
وكما ذكر ربنا جل وعلا بأن نعد لهم العدة حتى نستطيع مواجهتهم ، وليس كما يفعل إخواننا الآن من قتل أنفسهم والتسبب في قتل الآخرين وتشريدهم واعتقالهم ومصادرة أملاكهم، ثم يزعمون أنها عمليات إستشهادية ، وهي كما يعلم كل من دقق النظر وأحكم النظر في الأصول والقواعد الشريعة ؛ يعلم يقيناً أن هؤلاء الأخوة على خطأ في ما ذهبوا إليه من حيث التسمية ومن حيث العمل.

weld-dubai
12-09-2001, 02:36 AM
تحرير المقال في أنه إنتحار وليس استشهاد


وهنا في تحرير المقال سوف أنقل لك أخي القارئ فتوى الشيخ حمود الشعيبي و من ثم أعلق على ما في فتوى الشيخ معتمداً طريقتي السابقة في نقد فضيلته في فتواه في سيد قطب .
وطريقتي هي نقل جزء من الفتوى ثم الرد عليه ثم أتبعه بغيره حتى تنتهي فتوى الشيخ ثم أعلق بعد ذلك وأزيد بعض الفوائد أو النكت . والله أعلم
إليك الاستفتاء الموجّه إلى الشيخ حمود ثم فتواه :
((فضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي حفظه الله من كل سوء:
يقوم المجاهدون في فلسطين والشيشان وغيرهما من بلاد المسلمين بجهاد أعدائهم والإثخان بهم بطريقة تسمى العمليات الاستشهادية .. وهذه العمليات هي ما يفعله المجاهدون من إحاطة أحدهم بحزام من المتفجرات، أو ما يضع في جيبه أو أدواته أو سيارته بعض القنابل المتفجرة ثم يقتحم تجمعات العدو ومساكنهم ونحوها ، أو يظهر الاستسلام لهم ثم يقوم بتفجير نفسه بقصد الشهادة ومحاربة العدو والنكاية به .
فما حكم مثل هذه العمليات ؟ وهل يعد هذا الفعل من الانتحار ؟ وما الفرق بين الانتحار والعمليات الاستشهادية ؟ جزاكم الله خيرا وغفر لكم ..
الجواب ..
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
قبل الإجابة على هذا السؤال لابد أن تعلم أن مثل هذه العمليات المذكورة من النوازل المعاصرة التي لم تكن معروفة في السابق بنفس طريقتها اليوم ، ولكل عصر نوازله التي تحدث فيه ، فيجتهد العلماء على تنـزيلها على النصوص والعمومات والحوادث والوقائع المشابهة لها والتي أفتى في مثلها السلف ، قال تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) وقال عليه الصلاة والسلام عن القرآن : ( فيه فصل ما بينكم ) (1) ، وان العمليات الاستشهادية المذكورة عمل مشروع وهو من الجهاد في سبيل الله إذا خلصت نية صاحبه وهو من انجح الوسائل الجهادية ومن الوسائل الفعّالة ضد أعداء هذا الدين لما لها من النكاية وإيقاع الإصابات بهم من قتل أو جرح ولما فيها من بث الرعب والقلق والهلع فيهم ،ولما فيها من تجرئة المسلمين عليهم وتقوية قلوبهم وكسر قلوب الأعداء والإثخان فيهم ولما فيها من التنكيل والإغاظة والتوهين لأعداء المسلمين وغير ذلك من المصالح الجهادية . ويدل على مشروعيتها أدلة من القرآن والسنة والإجماع ومن الوقائع والحوادث التي تنـزّل عليها وردت وأفتى فيها السلف كما سوف نذكره إن شاء الله .
أولا : الأدلة من القرآن :
1 – منها قوله تعالى : ( ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد ) ، فإن الصحابة رضي الله عنهم أنزلوها على من حمل على العدو الكثير لوحده وغرر بنفسه في ذلك ، كما قال عمر بن الخطاب وأبو أيوب الأنصاري وأبو هريرة رضي الله عنهم كما رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان والحاكم ، ( تفسير القرطبي 2 / 361 ) .
2 – قوله تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون .. ) الآية ، قال ابن كثير رحمه الله : حمله الأكثرون على أنها نزلت في كل مجاهد في سبيل الله .
3 – قوله تعالى : ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة من رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) ، والعمليات الاستشهادية من القوة التي ترهبهم .
4 – قال تعالى في الناقضين للعهود : ( فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون ) .
ثانيا : الأدلة من السنة :
1 – حديث الغلام وقصته معروفة وهي في الصحيح ، حيث دلهم على طريقة قتله فقتلوه شهيدا في سبيل الله ، وهذا نوع من الجهاد ، وحصل نفع عظيم ومصلحة للمسلمين حيث دخلت تلك البلاد في دين الله ، إذ قالوا : آمنا برب الغلام ، ووجه الدلالة من القصة أن هذا الغلام المجاهد غرر بنفسه وتسبب في ذهابها من أجل مصلحة المسلمين ، فقد علّمهم كيف يقتلونه ، بل لم يستطيعوا قتله إلا بطريقة هو دلهم عليها فكان متسبباً في قتل نفسه ، لكن أُغتفر ذلك في باب الجهاد ، ومثله المجاهد في العمليات الاستشهادية ، فقد تسبب في ذهاب نفسه لمصلحة الجهاد ، وهذا له أصل في شرعنا ، إذ لو قام رجل واحتسب وأمر ونهى واهتدى الناس بأمره ونهيه حتى قتل في ذلك لكان مجاهدا شهيدا ، وهو مثل قوله عليه الصلاة والسلام :( افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ) .
2 – فعل البراء بن مالك في معركة اليمامة ، فإنه اُحتمل في تُرس على الرماح وألقوه على العدو فقاتل حتى فتح الباب ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ، وقصته مذكورة في سنن البيهقي في كتاب السير باب التبرع بالتعرض للقتل ( 9 / 44 ) وفي تفسير القرطبي ( 2 / 364 ) أسد الغابة ( 1 / 206 ) تاريخ الطبري .
3 – حمل سلمة ابن الأكوع والأخرم الأسدي وأبي قتادة لوحدهم على عيينة بن حصن ومن معه ، وقد أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : ( خير رجّالتنا سلمة ) متفق عليه.، قال ابن النحاس : وفي الحديث الصحيح الثابت : أدل دليل على جواز حمل الواحد على الجمع الكثير من العدو وحده وان غلب على ظنه انه يقتل إذا كان مخلصا في طلب الشهادة كما فعل سلمة بن الأخرم الأسدي ، ولم يعب النبي عليه الصلاة والسلام ولم ينه الصحابة عن مثل فعله ، بل في الحديث دليل على استحباب هذا الفعل وفضله فإن النبي عليه الصلاة والسلام مدح أبا قتادة وسلمة على فعلهما كما تقدم ، مع أن كلاً منهما قد حمل على العدو وحده ولم يتأنّ إلى أن يلحق به المسلمون اهـ مشارع الأشواق ( 1 / 540 ) .
4 – ما فعله هشام بن عامر الأنصاري لما حمل بنفسه بين الصفين على العدو الكثير فأنكر عليه بعض الناس وقالوا : ألقى بنفسه إلى التهلكة ، فرد عليهم عمر بن الخطاب وأبو هريرة رضي الله عنهما وتليا قوله تعالى ( ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله .. ) الآية ، مصنف ابن أبي شيبة ( 5 / 303 ، 322 ) سنن البيهقي ( 9 / 46 ) .
5 – حمل أبي حدرد الأسلمي وصاحيبه على عسكر عظيم ليس معهم رابع فنصرهم الله على المشركين ذكرها ابن هشام في سيرته وابن النحاس في المشارع( 1 /545 ).
6 – فعل عبدالله بن حنظلة الغسيل حيث قاتل حاسراً في إحدى المعارك وقد طرح الدرع عنه حتى قتلوه ، ذكره ابن النحاس في المشارع ( 1 / 555 ) .
7 – نقل البيهقي في السنن ( 9 / 44 ) في الرجل الذي سمع من أبي موسى يذكر الحديث المرفوع : الجنة تحت ظلال السيوف . فقام الرجل وكسر جفن سيفه وشد على العدو ثم قاتل حتى قتل .
8 – قصة أنس بن النضر في وقعة أحد قال : واهاً لريح الجنة ، ثم انغمس في المشركين حتى قتل . متفق عليه
ثالثا : الإجماع :
نقل ابن النحاس في مشارع الأشواق ( 1 / 588 ) عن المهلب قوله : قد أجمعوا على جواز تقحم المهالك في الجهاد ، ونقل عن الغزالي في الإحياء قوله : ولا خلاف في أن المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل وإن علم أنه يقتل .
ونقل النووي في شرح مسلم الاتفاق على التغرير بالنفس في الجهاد ، ذكره في غزوة ذي قرد ( 12 / 187 ) .
هذه الحوادث السبع السابقة مع ما نُقل من الإجماع هي المسألة التي يسميها الفقهاء في كتبهم مسألة حمل الواحد على العدو الكثير ، وأحيانا تسمى مسألة الانغماس في الصف ، أو مسألة التغرير بالنفس في الجهاد .
قال النووي في شرح مسلم باب ثبوت الجنة للشهيد ( 13 / 46 ) قال : فيه جواز الانغمار في الكفار والتعرض للشهادة وهو جائز بلا كراهة عند جماهير العلماء . اهـ ، ونقل القرطبي في تفسيره جوازه عن بعض علماء المالكية ( أي الحمل على العدو ) حتى قال بعضهم : إن حمل على المائة أو جملة العسكر ونحوه وعلم وغلب على ظنه أنه يقتل ولكن سينكي نكاية أو يؤثر أثرا ينتفع به المسلمون فجائز أيضا ، ونقل أيضا عن محمد بن الحسن الشيباني قال : لو حمل رجل واحد على الألف من المشركين وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو ، تفسير القرطبي ( 2 / 364 ) .
ووجه الاستشهاد في مسألة الحمل على العدو العظيم لوحده وكذا الانغماس في الصف وتغرير النفس وتعريضها للهلاك أنها منطبقة على مسألة المجاهد الذي غرر بنفسه وانغمس في تجمع الكفار لوحده فأحدث فيهم القتل والإصابة والنكاية .
وقائع وحوادث تنـزل عليها العمليات الاستشهادية :
أولا مسألة التترس :
فيما لو تترس جيش الكفار بمسلمين واضطر المسلمون المجاهدون حيث لم يستطيعوا القتال إلا بقتل التُرس من المسلمين جاز ذلك ، قال ابن تيمية في الفتاوى ( 20 / 52 ) ( 28 / 537، 546) قال : ولقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا فإنهم يقاتلون وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم .. اهـ ، وقال ابن قاسم في حاشية الروض ( 4 / 271 ) قال في الإنصاف : وإن تترسوا بمسلم لم يجز رميهم إلا أن نخاف على المسلمين فيرميهم ويقصد الكفار وهذا بلا نزاع . اهـ
ووجه الدلالة في مسألة التترس لما نحن فيه أنه يجوز للتوصل إلى قتل الكفار أن نفعل ذلك ولو كان فيه قتل مسلم بسلاح المسلمين وأيدي المسلمين ، وجامع العلة والمناط أن التوصل إلى قتل العدو والنكاية به إنما يكون عن طريق قتل التُرس من المسلمين فحصل التضحية ببعض المسلمين المتترس بهم من أجل التوصل إلى العدو والنكاية به ، وهذا أبلغ من إذهاب المجاهد نفسه من العمليات الاستشهادية من أجل التوصل إلى العدو والنكاية به ، بل إن قتل أهل التُرس من المسلمين أشد لأن قتل المسلم غيره أشد جرما من قتل المسلم لنفسه ، لأن قتل الغير فيه ظلم لهم وتعدٍ عليهم فضرره متعد وأما قتل المسلم نفسه فضرره خاص به ولكن اُغتفر ذلك في باب الجهاد وإذا جاز إذهاب أنفس مسلمة بأيدي المسلمين من أجل قتل العدو فإن إذهاب نفس المجاهد بيده من أجل النكاية في العدو مثله أو أسهل منه ، فإذا كان فعل ما هو أعظم جرما لا حرج في الإقدام عليه فبطريق الأولى ألا يكون حرجا على ما هو أقل جرما إذا كان في كليهما المقصد هو العدو والنكاية لحديث : إنما الأعمال بالنيات .
وفي هذا رد على من قال في مسألة الانغماس والحمل على العدو أن المنغمس يُقتل بأيدي الكفار وسلاحهم ! فنقول ومسألة التترس يقتل بأيدي المسلمين وسلاحهم ومع ذلك لم يعتبروا قتل المسلمين المتترس بهم من باب القتل الذي جاء الوعيد فيه .

weld-dubai
12-09-2001, 02:37 AM
ثانيا : مسألة البيات :
ويقصد بها تبيت العدو ليلا وقتله والنكاية فيه وإن تضمن ذلك قتل من لا يجوز قتله من صبيان الكفار ونسائهم ، قال ابن قدامة : يجوز تبييت العدو ، وقال أحمد : لا بأس بالبيات وهل غزو الروم إلا البيات ، وقال : لا نعلم أحداً كره البيات . المغني مع الشرح ( 10 / 503 ) . ووجه الدلالة أنه إذا جاز قتل من لا يجوز قتله من أجل النكاية في العدو وهزيمته فيقال : وكذلك ذهاب نفس المجاهد المسلم التي لا يجوز إذهابها لو ذهبت من أجل النكاية جائز أيضا ، ونساء الكفار وصبيانهم في البيات قتلوا بأيدي من لا يجوز له فعله لولا مقاصد الجهاد والنيات .
الخلاصة ..
دل ما سبق على أنه يجوز للمجاهد التغرير بنفسه في العملية الاستشهادية وإذهابها من أجل الجهاد والنكاية بهم ولو قتل بسلاح الكفار وأيديهم كما في الأدلة السابقة في مسألة التغرير والانغماس ، أو بسلاح المسلمين وأيديهم كما في مسألة التترس أو بدلالةٍ تسبب فيها إذهاب نفسه كما في قصة الغلام ، فكلها سواء في باب الجهاد لأن باب الجهاد لما له من مصالح عظيمة اُغتفر فيه مسائل كثيرة لم تغتفر في غيره مثل الكذب والخداع كما دلت السنة ، وجاز فيه قتل من لا يجوز قتله ، وهذا هو الأصل في مسائل الجهاد ولذا أُدخلت مسألة العمليات الاستشهادية من هذا الباب .
أما مسألة قياس المستشهد في هذه العمليات الاستشهادية بالمنتحر فهذا قياس مع الفارق ، فهناك فروق بينهما تمنع من الجمع بينهما ، فهناك فرق بين المنتحر الذي يقتل نفسه جزعا وعدم صبر أو تسخطا على القدر أو اعتراضا على المقدور واستعجالا للموت أو تخلصا من الآلام والجروح والعذاب أو يأسا من الشفاء بنفس خائفة يائسة ساخطة في غير ما يرضي الله وبين نفس المجاهد في العملية الاستشهادية بنفس فرحة مستبشرة متطلعة للشهادة والجنة وما عند الله ونصرة الدين والنكاية بالعدو والجهاد في سبيله لا يستوون، قال تعالى ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون ) وقال تعالى ( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ) وقال تعالى ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) . نسأل الله أن ينصر دينه ويعز جنده ويكبت عدوه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أملاه فضيلة الشيخ أ . حمود بن عقلاء الشعيبي 2 / 2 / 1422 هـ )) . انتهى
قلت أبو محمد :
قول الشيخ حمود : (( .... وان العمليات الاستشهادية المذكورة عمل مشروع وهو من الجهاد في سبيل الله إذا خلصت نية صاحبه وهو من انجح الوسائل الجهادية ومن الوسائل الفعّالة ضد أعداء هذا الدين لما لها من النكاية وإيقاع الإصابات بهم من قتل أو جرح ولما فيها من بث الرعب والقلق والهلع فيهم ،ولما فيها من تجرئة المسلمين عليهم وتقوية قلوبهم وكسر قلوب الأعداء والإثخان فيهم ولما فيها من التنكيل والإغاظة والتوهين لأعداء المسلمين وغير ذلك من المصالح الجهادية . ويدل على مشروعيتها أدلة من القرآن والسنة والإجماع ومن الوقائع والحوادث التي تنـزّل عليها وردت وأفتى فيها السلف كما سوف نذكره إن شاء الله ... )) .
سبحان الله يا شيخ حمود هل الذي يفعله هؤلاء الشباب يعد من النكاية في العدو وإيقاع الإصابات بهم من قتل أو جرح وكذلك فيه بث الرعب والقلق والهلع فيهم ، بل على العكس من ذلك هو الواقع والمشاهد و المعروف عند كل من يعرف أحوال أهل تلك البلاد فإنه ما إن تفجر سيارة من سيارتهم ويقتل جندي من جنودهم لا كثرهم الله ، إلا وقتلوا به من الابرياء الكثير والكثير جداً .
فإن الواقع يشهد على ما أقول وهو عكس ما تقول تماماً ، بل إن هذه العمليات التي يسمونها استشهادية ؛ هي التي يمكن أن يقال أنها تزيد القتل في ابناء المسلمين وتبث فيهم الرعب والقلق والهلع .
بل وفي هذه العمليات تجرئة هؤلاء الفجرة على المسلمين وتقوية قلوبهم على قتلهم بدون رحمه .
لأن السلاح في قبضتهم وهم المسيطرون على الوضع هناك .
وكما هو معلوم أن المسألة ليست مسألة هجوم ثم اقتحام فنتيجته فوز أو خسارة ، لا المسألة ؛ مسألة نحن في بلاد هؤلاء القوم قد تسلطوا عليها وعلى ثروتها ، القوة في يدهم السيطرة معهم ، السلاح معهم ، وأما المسلمون ليس معهم شيء سوى التفرق ( كل حزب بما لديهم فرحين ) ومن هذه حاله يُنصح قبل أن يقال له فجر قنبلة أو فجر نفسك يقال له ولغيره وحدوا الصف كونوا عباد الله صفاً واحداً في وجه العدو بل يجب عليكم توحيد المنهج و التمسك بعقيدة أهل السنة والجماعة ، ساعة إذ ، إن شاء الله سوف يكون الفوز من نصيب المسلمين على عدوهم الكافر .
ثم قال الشيخ حمود متابعاً ما مضى بقوله :
(( .... ويدل على مشروعيتها أدلة من القرآن والسنة والإجماع ومن الوقائع والحوادث التي تنـزّل عليها وردت وأفتى فيها السلف كما سوف نذكره إن شاء الله ... ))
قلت أبو محمد :
أما بالنسبة لما ذكر الشيخ حمود من أدلة القرآن فليس له فيها دليل البته و سوف يأتي التفصيل في ذلك .
وأما بالنسبة للسنة فلأدلة التي ذكرها الشيخ تتكلم عن الإقتحام في الصف مع غلبة الظن في أن المقتحم سوف يموت ، وليس عين اليقين أنه متمزق إلى قطع صغيرة تتطاير مع الهواء .
ثم كما يعلم الجميع أن هؤلاء الصحابة كانوا في صف من صفوف الجيش المسلم الذي قصد العدو للقتال ، ففعلهم فيه مصلحة متعينة محسوسة متحققة وقد تحققت كما هو معلوم في كل الوقائع التي ذكر الشيخ مصالح المسلمين . وأما بالنسبة لقضيتنا فكما نعلم جميعاً لم تتحقق مصلحة للمسلمين من جراء ما يسمى بالعمليات الاستشهادية بل استفحل الشر وزاد في قلوب ابناء القردة والخنازير وزاد فتكهم بكل من يتوسمون فيه الشجاعة حتى الاطفال لم يسلموا منهم كما هو معلوم ، والمسلمون بدأ العجز فيهم واضحاً جداً ؛ مجرد شعارات ترفع حيناً وتترك حيناً أخر .
ومع هذا وذاك لم نر من المسلمين في تلكم البلاد إلا تنافراً و تحزباً وتفرقاً لماذا ؟ لا منهج صحيح ولا عقيدة صحيحة إلا من شاء الله بل لا يوجد من يتبع كلام العلماء المصلحين الناصحين المشفقين على أبناء ذلك البلد الحبيب إلا القليل . والله المستعان .
ثم ذكر الشيخ الإجماع وكما هو معلوم لا إجماع على هذه الصور الحادثة بل لا يمكن أن يكون هناك إجماع في هذه المسألة التي يخالف الشيخ فيها مجموعة من العلماء الربانيين من مثل الشيخ العلامة محمد صالح العثييمين وسوف ننقل قول الشيخ ـ رحمه الله ـ وكذلك الشيخ العلامة عبد العزيز آل الشيخ المفتي ـ حفظه الله ـ وكذلك الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ فهل يمكن أن يكون هناك إجماع ويخالف كل هؤلاء العلماء الإجماع وغيرهم معهم ؟ لا وألف لا . بل لا يوجد في هذه المسألة إجماع .
فإذا علم هذا يفهم منه أن هذه العمليات التي تسمى استشهادية لا يمكن القول أنها عمليات استشهادية بل يمكن القول أنه عمليات انتحارية ، وسوف يأتي زيادة بيان لهذا .

weld-dubai
12-09-2001, 02:39 AM
أولاً نقد استدلال الشيخ حمود بالآيات القرآنية


ذكر الشيخ حمود أربعة أدلة من القرآن الكريم وليس له فيها ما يصلح للاحتجاج البته وإليك البيان :
1) هذا هو أولا دليل للشيخ حمود (( ... 1 – منها قوله تعالى : ( ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد ) ، فإن الصحابة رضي الله عنهم أنزلوها على من حمل على العدو الكثير لوحده وغرر بنفسه في ذلك ، كما قال عمر بن الخطاب وأبو أيوب الأنصاري وأبو هريرة رضي الله عنهم كما رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان والحاكم ، ( تفسير القرطبي 2 / 361 ) .... ))
قلت أبو محمد :
تعال معي أخي القارئ نسمع ما قال أهل التفسير في هذه الآية .
أولاً : هذه الآية نزلت في صهيب بن سنان الرومي ـ رضي الله عنه ـ حين أراده المشركون على ترك الإسلام ، كما رواه ابن عباس وأنس ، وسعيد بن المسيب و أبو عثمان النهدي وعكرمة وجماعة غيرهم ، وذلك أنه لما أسلم بمكة وأراد الهجرة ، منعه الناس أن يهاجر بماله ، وإن أحب أن يتجرد منه ويهاجر فعل ، فتخلص منهم وأعطاهم ماله ، فأنزل الله فيه هذه الآية . ( انظر تفسير العلامة السعدي ـ رحمه الله ـ طبعة مؤسسة الرسالة ، ص 76 )
قلت أبو محمد : فحملها بعض المفسرين على هذا .
ثانياً : وأما الأكثرون ، فحملوا ذلك على أنها نزلت في كل مجاهد في سبيل الله ،كما قال تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله * فيقتلون ويقُتلون وعداً عليه حقاً في التوارة والإنجيل و القرآن * ومن أوفى بعهده من الله * فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به * وذلك هو الفوز العظيم )
ثالثاً : بعض الصحابة أنزلها على من حمل على العدو بين الصفين ، وهذا الذي قال به عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وأبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ حين حمل هشام بن عامر بين الصفين وأنكر عليه بعض الناس ، فرد عليهم عمر بن الخطاب وأبو هريرة وغيرهم ، وتلوا هذه الآية : ( ومن الناس .... ) .
الرابع : قول الشيخ حمود يجب أن يقيد بما مضى ، قال الشيخ حمود ( .... فإن الصحابة رضي الله عنهم أنزلوها على من حمل على العدو الكثير لوحده وغرر بنفسه في ذلك .... ) .
قلت :
نعم لو كانت هناك مصلحة راجحه من هذا ، ثم لو كان هذا الأمر فيه فائدة للمسلمين ، ويكون ذلك بين الصفين وهذا كما هو معلوم غير متحقق ؛ في ما نحن بصدده من أمر . والله المستعان .
فإذا عُلم هذا فيتبين أن هذا الدليل وهو أول ما أورد الشيخ حمود لا يصلح للإحتجاج به على مثل تلكم المسألة التي تذهب بسببها الأرواح والنفوس ويزيد بها القتل في المسلمين والوهن من تسلط الأعداء، كما هو معلوم ؛ بل ربما كان مثل العمليات يهيء لهم الفرص لشفاء غيظهم من المسلمين وهذا أمر معروف، بل لا يمكن أن نقول لصاحبها الذي قدم رأسه كما يقال مستشهداً أن يقال له شهيد . ( لعدم وجود الدليل الكافي على هذا ) .
2) دليل الشيخ حمود الثاني : (( .... قوله تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون .. ) الآية ، قال ابن كثير رحمه الله : حمله الأكثرون على أنها نزلت في كل مجاهد في سبيل الله ... ))
قلت أبو محمد :
نعم هذا الدليل قد مضى معنا عند الحديث عن الدليل الأول ، وهذه الآية ليس فيها دليل كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عامة في كل مجاهد في سبيل الله .
وليس هذا هو موضع الخلاف بيننا . إذن هذه الآية لا تصلح كدليل للشيخ حمود ـ حفظه الله ـ بل هي تتكلم عن المجاهدين بشكل عام . والله أعلم .
3) دليل الشيخ حمود الثالث (( ... قوله تعالى : ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة من رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) ، والعمليات الاستشهادية من القوة التي ترهبهم ... )) .
قول الشيخ حمود ـ حفظه الله ـ (( والعمليات الاستشهادية من القوة التي ترهبهم )) ، هذا الكلام غير سديد البته .
أولاً : الآية تتكلم عن إعداد العده للعدو وهذه العده على قسمين :
أ) عده معنوية .
ب) عده مادية .
والشعب الفلسطيني ضعيف جدا في المجالين.
ثانياً : معلوم أن الشعب الفلسطيني يلقى من جراء هذه العمليات شراً كبيراً وكثيراً كما هو معلوم ، وليس في هذه العمليات من إعداد العده في شيء بل هي تذهب بنوعين من العدة كما هو معلوم النوع الأول البشر والنوع الثاني الأموال عندما ينتقم العدو منهم . إذن لا فائدة من هذه العمليات وأن ضررها اكبر بكثير من نفعها وإن ظن البعض أنه لا وسيلة إلا هذه ، فهذا من قبيل الخطأ وعدم معرفة الواقع والشرع و حيثيات هذه المسألة التي يتكلم فيها كثير من الناس من منطلق حب تلك البلاد أو بغض العدو الصهيوني الغشوم .
وبهذا يتضح أنه ليس للشيخ حمود في هذه الآية دليل البتة.
4) دليل الشيخ حمود الرابع : (( ... قال تعالى في الناقضين للعهود : ( فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون ) ... ))
وأما هذه الآية فليست إلا مثل التي قبلها ليس فيها دليل للشيخ وإليك ما قاله الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره :
(( .... ( فإما تثقفنهم في الحرب ) أي تغلبهم وتظفر بهم في حرب ( فشرد بهم من خلفهم ) أي نكل بهم . قاله ابن عباس والحسن البصري والضحاك والسدي وعطاء الخراساني وابن عيينة ومعناه غلظ عقوبتهم وأثخنهم قتلاً ليخاف من سواهم من الأعداء من العرب وغيرهم ويصيروا لهم عبرة ( لعلهم يذكرون ) وقال السدي يقول لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذلك ...)) .أ.هـ
فليس في هذه الآية حجه للشيخ فإنها تتحدث عن شيء والشيخ يحتج بها على شيء آخر كما هو واضح لكل ذي لب .
ولو لا خشية الإطالة لتكلمنا على ما ذكر الشيخ حمود من أدلة بشيء من التوسع ولكن هذا يعتبر شيء مستعجل في الرد على أدلته التي هي من الكتاب، والآن سوف نتبعها ؛ بالنظر في الأدلة التي استدل بها.

weld-dubai
12-09-2001, 02:40 AM
ثانياً نقد أدلة الشيخ حمود التي استدل بها من السنة


دليل الشيخ حمود الأول ورد الشيخ الإمام محمد صالح العثيمين عليه : قال الشيخ حمود ما نصه : (( .... 1 – حديث الغلام وقصته معروفة وهي في الصحيح ، حيث دلهم على طريقة قتله فقتلوه شهيدا في سبيل الله ، وهذا نوع من الجهاد ، وحصل نفع عظيم ومصلحة للمسلمين حيث دخلت تلك البلاد في دين الله ، إذ قالوا : آمنا برب الغلام ، ووجه الدلالة من القصة أن هذا الغلام المجاهد غرر بنفسه وتسبب في ذهابها من أجل مصلحة المسلمين ، فقد علّمهم كيف يقتلونه ، بل لم يستطيعوا قتله إلا بطريقة هو دلهم عليها فكان متسبباً في قتل نفسه ، لكن أُغتفر ذلك في باب الجهاد ، ومثله المجاهد في العمليات الاستشهادية ، فقد تسبب في ذهاب نفسه لمصلحة الجهاد ، وهذا له أصل في شرعنا ، إذ لو قام رجل واحتسب وأمر ونهى واهتدى الناس بأمره ونهيه حتى قتل في ذلك لكان مجاهدا شهيدا ، وهو مثل قوله عليه الصلاة والسلام :( افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ) ... )) .
قال الشيخ محمد صالح العثيمين رداً على الكلام السابق ما نصه :
((في تعليقه على حديث الغلام ، قال حفظه الله :
رابعاً
أن الإنسان يجوز أن يغرر بنفسه في مصلحة عامَّة للمسلمين فإن هذا الغلام دلَّ الملك على أمر يقتله به ويهلك به نفسه وهو أن يأخذ سهماً من كنانته ... الخ .
قال شيخ الاسلام
لأن هذا جهاد في سبيل الله ، آمنت أمَّة وهو لم يفتقد شيئاً لأنه مات وسيموت آجلاً أو عاجلاً " .

أما ما يفعله بعض الناس من الانتحار بحيث يحمل آلات متفجرة ويتقدم بها إلى الكفار ثم يفجرها إذا كان بينهم , فإنّ هذا من قتل النفس والعياذ بالله .

ومن قتل نفسه فهو خالد مخلد في نار جهنم أبد الآبادين كما جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
لأن هذا قتل نفسه لا في مصلحة الإسلام لأنه إذا قتل نفسه وقتل عشرة أو مائة أو مائتين ، لم ينتفع الإسلام بذلك فلم يُسلم الناس ، بخلاف قصة الغلام . وهذا ربما يتعنت العدو أكثر ويُوغر صدره هذا العمل حتى يفتك بالمسلمين أشدّ فتك .

كما يوجد من صنع اليهود مع أهل فلسطين إذا مات الواحد منهم بهذه المتفجرات وقتل ستة أو سبعة أخذوا من جراء ذلك ستين نفراً أو أكثر فلم يحصل في ذلك نفع للمسلمين ولا انتفاع للذين فُجرت المتفجرات في صفوفهم .
ولهذا نرى أنَّ ما يفعله بعض الناس من هذا الانتحار نرى أنه قتل للنفس بغير حق وأنه مُوجب لدخول النار والعياذ بالله وأن صاحبه ليس بشهيد . ولكن إذا فعل الإنسان هذا متأولاً ظاناً أنّه جائز فإننا نرجو أن يَسلَم من الإثم ، وأمَّا أن تُكتب له شهادة فلا . لأنه لم يسلك طريق الشهادة . ومن اجتهد وأخطأ فَلَه أجر .
شرح رياض الصالحين 1 / 165 .
قلت أبو محمد عز الدين :
رحم الله شيخنا محمداً فهذا مما يدل على سعة علمه وعمق وبعد نظره ، وهذا الذي قاله ـ رحمه الله ـ هو من الأمور الدقيقة الجليلة التي لا يتنبه لها إلا الأفذاذ من العلماء ، وهذا هو الحق الذي لا ينبغى العدول عنه .
ثم ذكر الشيخ حمود مجموعة من الأخبار منها :
(( ... 2 – فعل البراء بن مالك في معركة اليمامة ، فإنه اُحتمل في تُرس على الرماح وألقوه على العدو فقاتل حتى فتح الباب ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ، وقصته مذكورة في سنن البيهقي في كتاب السير باب التبرع بالتعرض للقتل ( 9 / 44 ) وفي تفسير القرطبي ( 2 / 364 ) أسد الغابة ( 1 / 206 ) تاريخ الطبري .... ))
قلت :
ومن المعلوم من هذا الأثر ليس فيه دليل ولا بقية الأثار ليس للشيخ حمود فيها من دليل ، وذلك أن هذه الأثار تتحدث عن الإقتحام على العدو في الصف أو ما يسمى بين الصفين ، بل وفي عمل هؤلاء الصحابة مصلحة راجحه مثل (( فقاتل حتى فتح الباب )) فهذه مصلحه وقد تحققت في وقتها كما هو معلوم .
وأما ما نحن بصدده فأمر آخر لا يشبه ما ذُكر في جميع ما ذكر الشيخ حمود من الأثار . وفي هذا كفاية لطالب الحق .

weld-dubai
12-09-2001, 02:42 AM
ثالثاً نقد الإجماع الذي ذكر الشيخ حمود


قلت أبو محمد :
لا يُعرف في هذه المسألة إجماع كما ذكر الشيخ حمود في بداية جوابه ، فلا يوجد إجماع على هذه المسألة البته .
بل وقع الخلاف في مسألة الانغمار في صف العدو إن لم تكن في هذا الأمر نكاية في العدو أو طمع في نجاة فاعله : كما نقل الشيخ حمود (( ... قال النووي في شرح مسلم باب ثبوت الجنة للشهيد ( 13 / 46 ) قال : فيه جواز الانغمار في الكفار والتعرض للشهادة وهو جائز بلا كراهة عند جماهير العلماء . اهـ ، ونقل القرطبي في تفسيره جوازه عن بعض علماء المالكية ( أي الحمل على العدو ) حتى قال بعضهم : إن حمل على المائة أو جملة العسكر ونحوه وعلم وغلب على ظنه أنه يقتل ولكن سينكي نكاية أو يؤثـر أثرا ينتفع به المسلمون فجائز أيضا ، ونقل أيضا عن محمد بن الحسن الشيباني قال : لو حمل رجل واحد على الألف من المشركين وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو ، تفسير القرطبي ( 2 / 364 ) ... ))
قلت :
إذن ((لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو)) هذا هو الصواب في مسألة الانغمار في صف العدو ، كما قرره أهل العلم من السابقين والمتاخرين كما هو معلوم ، وهذا مما نقله أو نقل بعضه الشيخ حمود ـ حفظه الله ـ .
أما الإجماع على جواز تفجير النفس بدون ما ذُكر من المصالح فهذا أمر بعيد جداً عن القبول فضلاً عن الإجماع ، وهذا معروف لكل من يعرف مقاصد الشرع .
ثم ذكر الشيخ حمود مسألتين الأولى مسألة التترس و الثانية : مسألة البيات ، وكما هو معلوم ليس في هاتين المسألتين دليل للشيخ حمود على جواز قتل النفس بدون مصلحة محضة أو راجحة ، وكما هو معلوم أن البيات هو قتل العدو ليلاً ، والتترس هذا في الضرورة ، وأما أن يقتل الرجل نفسه وليست هناك مصالحة راجحه فأين الدليل على ذلك .
ويعجبني كلام جيد قاله الإمام البغوي في (( شرح السنة )) حول موضوع التترس هذا :
(( ... ، وأن النهي عن قتل نسائهم وصبيانهم في حال التميُّز و التفرُّد ، وكذلك إذا كانوا في حصنٍ ، جاز نصبُ المنجنيق عليهم ، والرميُ إليه بالنار ، وتغريقُهم ، فقد نصبَ النبي صلى الله عليه وسلم على أهل الطائف منجنيقاً أو عرَّادة ، وشنَّ الغارة على بني الـمُصطِلق غارِّين ، وأمر بالبيات والتحريق ، فإن كان فيهم مُسلمون أسارى ، أو مُستأمَنون ، فيُكره أن يفُعل بهم ما يعُمُّ من التحريق والتغريق ، ونصب المنجنيق ، إلا أن يكون في حال التحام القتال ، والخوف منهم على المسلمين ، فلهم أن يفعلوا ذلك .
ولو تترَّسوا بأطفالهم ، جاز الرميُ إن كان في حال التحام ، وإن لم يكونوا مُلتحمين ، فقد قيل : يكفُّ ، وقيل : يَضرِبُ قاصداً إلى المتترس ، ولو تترَّسوا بمسلم ، فإن لم يعلم به ، فرمى ، فأصيب المسلم ، فلا قودَ ولا دية ، وتجب الكفارةُ ، وإن علمه مسلماً ، فإن قصد الكافر ، فأصيب المسلم ، تجب الدية والكفارة ، ولا قود ، وإن ضرب المسلم ، إذا لم يتوصل إلى الكافر إلا بضربه ، ففي القود قولان .))
إذن حتى مسألة التترس لها ضوابط عند العلماء منها (( ... جاز الرميُ إن كان في حال التحام ، وإن لم يكونوا مُلتحمين ، فقد قيل : يكفُّ ، وقيل : يَضرِبُ قاصداً إلى المتترس ... )) .
ثانياً هذه المسألة ، مسألة التترس لا تشبه ما سمي بالعمليات الاستشهادية ، فلا يمكن القياس ، بل القياس عليها يعتبر من أنواع القياس الفاسد أو القياس مع الفارق . والله أعلم .
وبهذا يتبين أن جميع أدلة الشيخ حمود ـ حفظه الله ـ لا تصلح كحجه على مثل هذه المسألة بل الصواب ما قرره الشيخ محمد العثيمين ـ رحمه الله ـ وهو : (( ... أما ما يفعله بعض الناس من الانتحار بحيث يحمل آلات متفجرة ويتقدم بها إلى الكفار ثم يفجرها إذا كان بينهم , فإنّ هذا من قتل النفس والعياذ بالله .

ومن قتل نفسه فهو خالد مخلد في نار جهنم أبد الآبادين كما جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
لأن هذا قتل نفسه لا في مصلحة الإسلام لأنه إذا قتل نفسه وقتل عشرة أو مائة أو مائتين ، لم ينتفع الإسلام بذلك فلم يُسلم الناس ، بخلاف قصة الغلام . وهذا ربما يتعنت العدو أكثر ويُوغر صدره هذا العمل حتى يفتك بالمسلمين أشدّ فتك .

كما يوجد من صنع اليهود مع أهل فلسطين إذا مات الواحد منهم بهذه المتفجرات وقتل ستة أو سبعة أخذوا من جراء ذلك ستين نفراً أو أكثر فلم يحصل في ذلك نفع للمسلمين ولا انتفاع للذين فُجرت المتفجرات في صفوفهم .
ولهذا نرى أنَّ ما يفعله بعض الناس من هذا الانتحار نرى أنه قتل للنفس بغير حق وأنه مُوجب لدخول النار والعياذ بالله وأن صاحبه ليس بشهيد . ولكن إذا فعل الإنسان هذا متأولاً ظاناً أنّه جائز فإننا نرجو أن يَسلَم من الإثم ، وأمَّا أن تُكتب له شهادة فلا . لأنه لم يسلك طريق الشهادة . ومن اجتهد وأخطأ فَلَه أجر . ))
قلت أبو محمد :
هذا هو الأصل عندنا وهو الذي عليه الأدلة عند التحقيق .
وفي النهاية كتبت هذا الكلام من باب النصيحة للجميع ، وهو مختصر في هذه المسألة ، يسر الله تمام أصله .
وكتبه أبو محمد عز الدين ناصر العبري السلفي كان الله له .
الخميس / 24 / 2 / 1422 هـ
17 / 5 / 2001 م .

فلاح
13-09-2001, 12:36 PM
جزاك الله خير ولد دبي وكثر الله من امثالك