PDA

View Full Version : نعـم.. لقد صدقوا .. يجب أن نعيد النظر في مناهج التربية والتعليم


وميض
28-01-2002, 02:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه الطيبين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .

وبالله نستعين .

قال تعالى
( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين ءامنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم(213) ) ( البقرة )

نتيجة للأحداث التي عصفت في العالم أخيراً أصبحت الظروف مواتية من أجل تغيير المناهج التربوية والدراسية وبما يتناسب مع الواقع الجديد .

وتلك الأحداث أثبتت بأنه بات من الضروري الرجوع للتمسك بالدين وبالعقيدة الإسلامية ووضعها أساساً للمناهج التربوية والدراسية ، ولا يكفي دراستها بسطحية من خلال وضع القليل من الآيات والأحاديث والمفاهيم في كتب الدارسين ، بل يجب دراستها بعمق من أجل وضعها كأساس للمنظومة الفكرية للمسلمين ومنذ الصغر ، لكي يربط القلب بالذكر الحكيم - الكتاب والسنة - ربطاً وثيقاً محكماً .

ومن أهم المسائل التي يجب أن توضح في الوقت الحاضر هي مسألة ( الكفر والتكفير ) فمثل تلك المسألة أصبحت أحد المسائل التي يحتج بها الكفار من اليهود والنصارى والوثنيين وغيرهم وهي بالنسبة لهم تنمي الشعور العدائي والكراهية والبغضاء عند المسلمين وكما يقولون .

قال تعالى
( ياأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15) ) ( المائدة ) .

وبما اننا أتباع الرسالة المحمدية الخاتمة للأديان ، وبما اننا أصحاب الحقيقة المطلقة ، يجب علينا أن نتحمل تلك المسؤولية وتلك الأمانة التي حملناها ، كما يجب علينا العمل الجاد من أجل إخراج الآخرين من الظلمات إلى النور وبإذن الله ، وذلك لا يتم إلا بعد إيضاح حقيقة البيان الرباني وتوضيح الصورة الحقيقية للكفار والمشركين والمنافقين ، فالتأمين الفكري هو غاية الجهاد .

فيجب أن نوضح للكفار بأن مسألة ( الكفر ) مسألة ( علمية ) تتعلق بالقيم الروحية وتأثيرها على القلب والعقل ، وتلك المسألة لا تقبل المساومة والتفاوض ، وهي لا تفهم دون إيمان ويقين ، فالمشاكل التي تعاني منها البشرية الأن حصلت أساساً بسبب الحرمان الفكري وتغطية وإخفاء قوانين الخلق في " النشأة والحياة والمصير " ، وهي حصلت بسبب تبني القيم الروحية الفاسدة - قيم الكفر والنفاق - وتجاهل القيم الروحية الطيبة الأصيلة التي تنبع من المنهج الرباني - الكتاب والسنة - وهو المنهج الذي أكرمنا الله به بواسطة الوحي الأمين والرسول الأمي الكريم - صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه - ، وهي قيم روحية معيارية تضبط سلوك الإنسان وتجعله يسير على الصراط المستقيم وترتقي به من الدونية ليصبح في المستوى الذي أراده الله له .

لذا وجب علينا بذل الجهد الفكري من أجل توضيح البيان الرباني وتوضيح الصورة الحقيقية التي لا يعرفها ولا يراها الكفار والمشركين والمنافقين .

____________

والمعنى الحضاري للجهاد كما أوضحه الدكتور ماجد عرسان الكيلاني في كتبه التي تناولت مسائل وقضايا التربية والتعليم .

" الجهاد يعكس مفهوم الأمن الإسلامي الذي يركز على إيصال الرسالة وتبليغها إلى الآخرين بغية توفير الأمن الفكري والمادي والنفسي لبقاء النوع البشري ورقيه ، ذلك أن مصدر الخطر على النوع البشري ورقيه - حسب التصور الإسلامي - يكمن في " القيم " التي تُكَفِر - أي تحجب وتخفي وتُغطي - قوانين الخلق في النشأة والحياة والمصير، وتقتصر على نوازع التمتع بالحياة وشهواتها ، ومن هذا الكفر تتشوه جميع أشكال الاعتقاد والشعور والممارسات في ميادين السلوك والاجتماع والعلاقات ، حتى إذا ظهر أهل الكفر في الأرض أشاعوا الفتن والمظالم السياسية والمفاسد الاجتماعية وردوا شبكة العلاقات الاجتماعية إلى عهود الغاب والهمجية والتخلف ، ولذلك كان طلب بذل النفس لمحاربة قيم الكفر ومؤسساته وممثليه ، وبذل المال لنشر قيم الرسالة الإسلامية وإقامة مؤسساتها والإنفاق على العاملين والدارسين فيها حتى يتحقق التفوق للقيم الإسلامية فيشيع السلام ويكون الدين كله لله.

وهذا المفهوم الإسلامي للأمن والسلام يختلف تمام الاختلاف عن مفهوم الأمن القومي الذي ترفع لواءه المجتمعات المعاصرة وتتخذه ذريعة لممارسة مختلف أشكال العدوان ضد بعضها البعض.

انتهى توضيح الكاتب
______________

فقيم الكفر والنفاق قيم روحية تغطي وتحجب القلب عن النور والفيض الإلهي وهي تفصل العقل عن ذلك النور ، وهي تحجب القلب عن النور كما تحجب الأرض نور الشمس عن القمر في حالة الخسوف وكما يحجب القمر نور الشمس عن الأرض في حالة الكسوف ( وما ذكرنا من مثال سابق تعتبر وسيلة إيضاح كونية تقرب للإفهام آلية ونتائج الحركة الروحية لقيم الكفر والنفاق التي تتعامل بها المجتمعات المدنية البدائية في الفكر والتصور )

ولقد عرف الدكتور ماجد عرسان الكيلاني تلك الحالة التي يصاب بها الدارسين بحالة ( انشقاق فكري ) ، أي ، انفكاك التكامل بين الوحي الصحيح - الكتاب والستة - من ناحية والعقل الصحيح والحواس السليمة من ناحية أخرى . وهذا يعتبر تعريف علمي مختصر للحالة التي نشاهدها أمامنا والتي طالت معظم الناس - إلا من رحم ربي - بسبب عدم تأسيسهم بعلوم الدين .

____________

وكذلك هناك من المفكرين الغربيين إستشعروا بوجود خلل وإضطراب ما بسبب الإعراض عن الوحي الهي - الكتاب والسنة - ومنهم الفيلسوف والمفكر ( كريستوفر لو كاش ) .

لقد كتب كريستوفر لو كاش وهو من الفلاسفة التربويين، يصف الضياع في ميدان التربية، (( لقد أضعفنا القدرة على رؤية الحياة رؤية كلية ثابتة، وهكذا فإن الإنسان الحديث والمجتمع الحديث يعانيان من مرض العقل والروح، إن صورة الحياة اليومية تعكس الانحطاط والعزلة والاغتراب، ونحن بحاجة إلى تصورات جديدة وقيم جديدة، نحن نحتاج إلى البلسم الشافي الذي تقدمه حكمة أعمق تقودنا خارج الأزمة القائمة ".

إنتهى النقل
____________

وللمزيد من التوضيح ، ولكي نشرح ونوضح آلية حركة التكفير والحجب والإخفاء للحقيقة وآثارها ونتائجها على القلب والعقل لمن لا يعرفها ولم يفهمها ويستوعبها نعرضها وبتجربة عملية بسيطة ، وهذا العرض نقدمه لمن اعتاد الإعتماد على مسلكي إستخدام الحواس والتجربة والمشاهدة فقط وهي المسالك التي بنى الغرب بها مدنيتهم وتقدمهم التكنولوجي ورقيهم المادي وهي المسالك التي يعتمد عليها الناس في هذا الزمان من أجل الحصول على المعرفة .

التجرية :
نحضر شمعة صغيرة وكوب أو غطاء مصنوع من مادة لا تسمح للأشعة بالنفاذ مثل المعدن أو الخزف .
نشعل الشمعة في وسط غرفة مظلمة ومن ثم نقوم بتغطية الشمعة والشعلة بذلك الكوب أو الغطاء .
سنشاهد بأن الغرفة أصبحت مضيئة بسبب النور الذي صدر من الشمعة بعد ما أشعلناها وبعد تغطية الشمعة أصبحت الغرفة مظلمة كما كانت .

وهذا ما يحث للقلب إذا ما قام صاحبة بتغطية وبحجب وبتكفير الحق والحقيقة وإخفائها ، فالحق هو النور ، فالحقيقة هي النور الذي ينير القلب ، وكلما قام الإنسان بحجب وبتغطية الحقائق وتجاهلها وتجاوزها كلما زاد قلبه عتمة وظلمة وقسوة ، وكلما كان متبعاً للحق الذي جاء به سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وسلك المسلك الصحيح في حياته من خلال العمل الصالح الصحيح المصلح كلما أنير قلبه بنور الله و انضبطت ورتبت منظومته الفكرية ، فالله هو الملك الحق المبين .

وعلى رأس تلك الحقائق التي يتجاهلها الناس في هذا الزمان ومن ضمنهم الكثير من المسلمين ، هي ، ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ...) ( 2 ) ( البقرة ) ، فإذا كان هناك ريب لدينا فيجب أن نرتاب في قلوبنا التي غطتها وحجبتها قيم الكفر والنفاق والتي أصبحت مظلمة ومعتمة بعد ماحجب عنها نور الله ، كما يجب أن نرتاب في عقلونا التي أنفصلت عن ذلك النور وأصبحنا لا نفقه شيئاً ولا نعلم بحقيقة الأشياء . قال تعالى ( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو ءاذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور(46) ( الحج )

قال تعالى
( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين (22)) ( الزمر )

فتخيل أخي القارىء بأن الحقائق أو أخبار الوحي الصادقة التي ذكرت في الكتاب والسنة مثل الشموع المضيئة في القلب وكلما قمت بتغطيتها وبتكفيرها وحجبها وتجاوزها سيخف وسيخفت النور من القلب ، وكلما حافظت على إتقادها من خلال العمل والحركة الصالحة الصحيحة المصلحة سيبقى النور مضيئاً ليسطع على العقل وعلى المدركات الحسية بشكل عام ، وبذلك ستحصل على الإضاءة الفطرية والإشراق الروحي وهو المسلك العلمي المعطل في المدارس التي أعتمدت على مسلكي إستخدام الحواس والتجربة والمشاهدة فقط وكما يفعل المغضوب عليهم والضالين وكل الكفار والمشركين .

قال تعالى ( ... ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور(40) ) ( النور )

وهذا يفسر لنا سبب إنحدار المجتمعات الإنسانية ، وفي أحسن أحوالها حصل لها إرتقاء مادي فقط يقابله إنحدار فكري وروحي ونفسي ، والإرتقاء الفكري والروحي والنفسي يحدث للأفراد وبتوفيق من الله وبنسب متفاوته بحسب دراستهم وتدارسهم .

ولذلك يجب أن نعتمد على المنهج الرباني ونضعه أساساً للمنظومة الفكرية للدارسين من المسلمين ، فالمنهج الرباني هو المنهج الأصيل لبنية الإنسان الفكرية والروحية والنفسية والبدنية .

قال تعالى
( الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم(35) ) ( النور )