فتى الإيمان
10-09-2002, 10:04 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
إخوتي و أخواتي في الله عز وجل ..... بارك الله بكم جميعا ...
سلام الله عليكم و رحمة الله وبركاته ، وبعد :
هذا الموضوع هو رسالة مهمة أرسلها إلى الشباب و الفتيات ، و أسأل الله تعالى أن ينفع بها ، و إنما سبب تحدثي بهذا الموضوع هو ذكره في موضوعي بعنوان " علامات تعجب و استفهام كثيرة حول .....؟؟!!! " ، والذي سيحوي بإذن الله تعالى على مراحل فوائد و نظرات في ( الزواج ) ، أما موضوعي هذا فيحوي الأمر المتناقض تماما مع الزواج ؛ ألا وهو ( العشق الحرام ) ، وهاهنا بإذن الله تعالى - و أسأله تعالى أن يعيننا - نود أن نلقي الضوء على هذا الموضوع ، نظرا لانتشاره وخطورته على العقيدة و الإيمان ، و نرجو من الله تعالى أن يوفقنا إلى طرح هذا الموضوع وتناوله من جميع الجوانب لتحقيق الفائدة والنفع إن شاء الله ، وعسى أن يتكرم الإخوة و الأخوات بمساعدتي بأفكارهم و أقلامهم و مشاركاتهم المفيدة والنافعة ، وجزاهم الله خيرا ...
هذا و سنبدأ بإذن الله تعالى التحدث عن الداء ، ثم نتبعه بعد ذلك بالدواء ، فنسأل الله تعالى التوفيق و الفلاح ..
(( داء العشق ))
أولا : ذكر ما جاء في كتاب " الجواب الكافي " لابن القيم رحمه الله تعالى عن هذا الداء :
جاء في كتاب " الجواب الكافي " ما مختصره :
" و الله سبحانه وتعالى إنما حكى هذا المرض عن طائفتين من الناس ، وهم قوم لوط و النساء ، فأما الطائفة الأولى فقد أخبر سبحانه عن عشق امرأة العزيز ليوسف و ما راودته و كادته به ، وأخبر عن الحال التي صار إليها يوسف بصبره و عفته وتقواه ، مع أن الذي ابتلي به أمر عظيم لا يصبر عليه إلا من صبّره الله عليه ، فإن موافقة الفعل بحسب قوة الداعي و زوال المانع ، وكان الداعي هاهنا في غاية القوة ؛ ومع هذه الدواعي كلها ؛ فقد آثر مرضاة الله وخوفه ، وحمله حبه لله على أن يختار السجن على الزنا ، وفي هذا يقول الله تعالى : ( قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه و إلاّ تصرف عني كيدهنّ أصبُ إليهنّ و أكن من الجاهلين ) [ سورة يوسف 33 ] ، وقد علم يوسف عليه السلام أنه لا يطيق صرف ذلك عن نفسه ، و أنّ ربه تعالى إن لم يعصمه و يصرف عنه كيدهن ، صبا إليهن بطبعه ، وكان من الجاهلين ، وهذا من كمال معرفته – عليه السلام – بربه وبنفسه .." انتهى ..
وتعقيبا على ما سبق ، فقد جاء في " مدارج السالكين " جـ 2 / 156 ، قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – يقول : كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها أكمل من صبره على إلقاء إخوته له في الجب ، وبيعه و تفريقهم بيته وبين أبيه ، فإن هذه أمور جرت عليه بغير اختياره لا كسب له فيها ، ليس للعبد فيها حيلة غير الصبر ، و أما صبره على المعصية ؛ فهو صبر اختيار و رضى و محاربة للنفس .. " انتهى .
و أقول – زرقاء اليمامة - : فلنتأمل جيدا قوله " و أما صبره على المعصية ؛ فهو صبر اختيار و رضى و محاربة للنفس .." ، ولنقس على ذلك الصبر على جميع أنواع المعاصي و الشهوات ، فإن الصبر عليها ابتغاء مرضاة الله فيه الأجر العظيم إن شاء الله تعالى ..
و لنرجع إلى كتاب " الجواب الكافي " لابن القيم رحمه الله ...:
" و الطائفة الثانية الذين حكى الله عنهم العشق ، هم اللوطية ، كما قال الله تعالى : ( و جاء أهل المدينة يستبشرون [ 67 ] قال إنّ هؤلاء ضيفي فلا تفضحون [ 68 ] و اتقوا الله و لا تُخزون [ 69 ] قالوا أولم ننهك عن العالمين [ 70 ] قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين [ 71 ] لعمرُك إنهم لفي سكرتهم يعمهون [ 72 ] ) ، فهذا من العشق . فحكاه سبحانه عن طائفتين ، عشق كل منهما ما حُرّم عليه من الصورة ، ولم يبال بما في عشقه من الضرر . " انتهى .
وبعد أن ذكر ابن القيم – رحمه الله – الطائفتين اللذيْن حكى الله عنهما هذا الداء ، بدأ – رحمه الله – في تناول هذا الداء و أقسامه ، فيقول ما مختصره :
" و هذا داء أعيا الأطباء دواؤه ، وعزّ عليهم شفاؤه ، وهو والله الداء العضال و السم القتال الذي ما علق بقلب إلا و عزّ على الورى استنقاذه من أساره ، ولا اشتعلت ناره في مهجة إلا و صعب على الخلق تخليصها من ناره ، وهو أقسام :
تارة يكون كفرا ، كمن اتخذ معشوقه نداًّ يحبه كما يحب الله ، فكيف إذا كانت محبته أعظم من محبة الله في قلبه ؟ ، فهذا عشق لا يغفره الله لصاحبه ، فإنه من أعظم الشرك و الله لا يغفر أن يُشرك به و إنما يغفر بالتوبة الماحية ما دون ذلك ، وعلامة هذا العشق الشركي الكفري ؛ أن يقدم العاشق رضاء معشوقه على رضاء ربه ، و إذا تعارض عنده حق معشوقه وحق ربه ، وطاعة ربه و طاعته قدّم حق معشوقه على حق ربه ، و آثر رضاه على رضا ربه ، وبذل لمعشوقه أنفس ما يقدر عليه ، وبذل لربه – إن بذل – أردأ ما عنده ، واستفرغ وسعه في مرضاة معشوقه و طاعته و التقرب إليه ، وجعل لربه – إن أطاعه – الفضلة التي تفضل عن معشوقه من ساعاته .
فتأمل حال أكثر عشاق الصور ؛ هل تجدها إلا مطابقة لذلك ؟ ، ثم ضع حالهم في كفة وتوحيدهم و إيمانهم في كفة ، ثم زن وزنا يرضي الله ورسوله ويطابق العدل ، وربما صرّح العاشق منهم بأنّ وصل معشوقه أحب إليه من توحيد ربه ..
ولا ريب أن هذا العشق من أعظم الشرك ، وكثير من العشاق يصرّح بأنه لم يبق في قلبه موضع لغير معشوقه البتة ، بل قد ملك معشوقه عليه قلبه كله ، فصار عبدا مخلصا من كل وجه لمعشوقه ، فقد رضي هذا من عبودية الخالق جل جلاله بعبوديته لمخلوق مثله ، فإن العبودية هي كمال الحب و الخضوع ، وهذا قد استغرق قوة حبه وخضوعه و ذله لمعشوقه ؛ فقد أعطاه حقيقة العبودية .." انتهى إلى هذا الحد .
نعوذ بالله من هذا العشق الذي يؤدي إلى الشرك ، نسأل الله تعالى أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها و مابطن .
( نقلا من كتاب " ففرّوا إلى الله " لأبي ذر القلموني .. بتصرف )
الحمد لله وحده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
إخوتي و أخواتي في الله عز وجل ..... بارك الله بكم جميعا ...
سلام الله عليكم و رحمة الله وبركاته ، وبعد :
هذا الموضوع هو رسالة مهمة أرسلها إلى الشباب و الفتيات ، و أسأل الله تعالى أن ينفع بها ، و إنما سبب تحدثي بهذا الموضوع هو ذكره في موضوعي بعنوان " علامات تعجب و استفهام كثيرة حول .....؟؟!!! " ، والذي سيحوي بإذن الله تعالى على مراحل فوائد و نظرات في ( الزواج ) ، أما موضوعي هذا فيحوي الأمر المتناقض تماما مع الزواج ؛ ألا وهو ( العشق الحرام ) ، وهاهنا بإذن الله تعالى - و أسأله تعالى أن يعيننا - نود أن نلقي الضوء على هذا الموضوع ، نظرا لانتشاره وخطورته على العقيدة و الإيمان ، و نرجو من الله تعالى أن يوفقنا إلى طرح هذا الموضوع وتناوله من جميع الجوانب لتحقيق الفائدة والنفع إن شاء الله ، وعسى أن يتكرم الإخوة و الأخوات بمساعدتي بأفكارهم و أقلامهم و مشاركاتهم المفيدة والنافعة ، وجزاهم الله خيرا ...
هذا و سنبدأ بإذن الله تعالى التحدث عن الداء ، ثم نتبعه بعد ذلك بالدواء ، فنسأل الله تعالى التوفيق و الفلاح ..
(( داء العشق ))
أولا : ذكر ما جاء في كتاب " الجواب الكافي " لابن القيم رحمه الله تعالى عن هذا الداء :
جاء في كتاب " الجواب الكافي " ما مختصره :
" و الله سبحانه وتعالى إنما حكى هذا المرض عن طائفتين من الناس ، وهم قوم لوط و النساء ، فأما الطائفة الأولى فقد أخبر سبحانه عن عشق امرأة العزيز ليوسف و ما راودته و كادته به ، وأخبر عن الحال التي صار إليها يوسف بصبره و عفته وتقواه ، مع أن الذي ابتلي به أمر عظيم لا يصبر عليه إلا من صبّره الله عليه ، فإن موافقة الفعل بحسب قوة الداعي و زوال المانع ، وكان الداعي هاهنا في غاية القوة ؛ ومع هذه الدواعي كلها ؛ فقد آثر مرضاة الله وخوفه ، وحمله حبه لله على أن يختار السجن على الزنا ، وفي هذا يقول الله تعالى : ( قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه و إلاّ تصرف عني كيدهنّ أصبُ إليهنّ و أكن من الجاهلين ) [ سورة يوسف 33 ] ، وقد علم يوسف عليه السلام أنه لا يطيق صرف ذلك عن نفسه ، و أنّ ربه تعالى إن لم يعصمه و يصرف عنه كيدهن ، صبا إليهن بطبعه ، وكان من الجاهلين ، وهذا من كمال معرفته – عليه السلام – بربه وبنفسه .." انتهى ..
وتعقيبا على ما سبق ، فقد جاء في " مدارج السالكين " جـ 2 / 156 ، قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – يقول : كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها أكمل من صبره على إلقاء إخوته له في الجب ، وبيعه و تفريقهم بيته وبين أبيه ، فإن هذه أمور جرت عليه بغير اختياره لا كسب له فيها ، ليس للعبد فيها حيلة غير الصبر ، و أما صبره على المعصية ؛ فهو صبر اختيار و رضى و محاربة للنفس .. " انتهى .
و أقول – زرقاء اليمامة - : فلنتأمل جيدا قوله " و أما صبره على المعصية ؛ فهو صبر اختيار و رضى و محاربة للنفس .." ، ولنقس على ذلك الصبر على جميع أنواع المعاصي و الشهوات ، فإن الصبر عليها ابتغاء مرضاة الله فيه الأجر العظيم إن شاء الله تعالى ..
و لنرجع إلى كتاب " الجواب الكافي " لابن القيم رحمه الله ...:
" و الطائفة الثانية الذين حكى الله عنهم العشق ، هم اللوطية ، كما قال الله تعالى : ( و جاء أهل المدينة يستبشرون [ 67 ] قال إنّ هؤلاء ضيفي فلا تفضحون [ 68 ] و اتقوا الله و لا تُخزون [ 69 ] قالوا أولم ننهك عن العالمين [ 70 ] قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين [ 71 ] لعمرُك إنهم لفي سكرتهم يعمهون [ 72 ] ) ، فهذا من العشق . فحكاه سبحانه عن طائفتين ، عشق كل منهما ما حُرّم عليه من الصورة ، ولم يبال بما في عشقه من الضرر . " انتهى .
وبعد أن ذكر ابن القيم – رحمه الله – الطائفتين اللذيْن حكى الله عنهما هذا الداء ، بدأ – رحمه الله – في تناول هذا الداء و أقسامه ، فيقول ما مختصره :
" و هذا داء أعيا الأطباء دواؤه ، وعزّ عليهم شفاؤه ، وهو والله الداء العضال و السم القتال الذي ما علق بقلب إلا و عزّ على الورى استنقاذه من أساره ، ولا اشتعلت ناره في مهجة إلا و صعب على الخلق تخليصها من ناره ، وهو أقسام :
تارة يكون كفرا ، كمن اتخذ معشوقه نداًّ يحبه كما يحب الله ، فكيف إذا كانت محبته أعظم من محبة الله في قلبه ؟ ، فهذا عشق لا يغفره الله لصاحبه ، فإنه من أعظم الشرك و الله لا يغفر أن يُشرك به و إنما يغفر بالتوبة الماحية ما دون ذلك ، وعلامة هذا العشق الشركي الكفري ؛ أن يقدم العاشق رضاء معشوقه على رضاء ربه ، و إذا تعارض عنده حق معشوقه وحق ربه ، وطاعة ربه و طاعته قدّم حق معشوقه على حق ربه ، و آثر رضاه على رضا ربه ، وبذل لمعشوقه أنفس ما يقدر عليه ، وبذل لربه – إن بذل – أردأ ما عنده ، واستفرغ وسعه في مرضاة معشوقه و طاعته و التقرب إليه ، وجعل لربه – إن أطاعه – الفضلة التي تفضل عن معشوقه من ساعاته .
فتأمل حال أكثر عشاق الصور ؛ هل تجدها إلا مطابقة لذلك ؟ ، ثم ضع حالهم في كفة وتوحيدهم و إيمانهم في كفة ، ثم زن وزنا يرضي الله ورسوله ويطابق العدل ، وربما صرّح العاشق منهم بأنّ وصل معشوقه أحب إليه من توحيد ربه ..
ولا ريب أن هذا العشق من أعظم الشرك ، وكثير من العشاق يصرّح بأنه لم يبق في قلبه موضع لغير معشوقه البتة ، بل قد ملك معشوقه عليه قلبه كله ، فصار عبدا مخلصا من كل وجه لمعشوقه ، فقد رضي هذا من عبودية الخالق جل جلاله بعبوديته لمخلوق مثله ، فإن العبودية هي كمال الحب و الخضوع ، وهذا قد استغرق قوة حبه وخضوعه و ذله لمعشوقه ؛ فقد أعطاه حقيقة العبودية .." انتهى إلى هذا الحد .
نعوذ بالله من هذا العشق الذي يؤدي إلى الشرك ، نسأل الله تعالى أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها و مابطن .
( نقلا من كتاب " ففرّوا إلى الله " لأبي ذر القلموني .. بتصرف )