المحترمة
23-10-2002, 09:14 PM
«الدبلة» دليل ارتباط أم جريٌ وراء المظاهر؟
تُعد فترة الخطوبة من الفترات الرائعة التي تسبق دخول القفص الذهبي، ففيه يتعارف الطرفان ويحاولان بكل جهد ان يظهرا بالمظهر اللائق شكلاً ،
ومحادثة لكسب رضا بعضهما البعض، وفي المقابل نرى الرجل خلال تلك الفترة يُغدق على من ستكون شريكة حياته الهدايا والكلمات المعسولة وكل ما من شأنه ادخال الفرحة في قلب الخطيبة، وفي الوقت ذاته تشاهد المرأة وكأنها أسيرة ذلك الرجل فتنصاع لكل طلباته وتعتبرها كالأوامر، وفي ظل هذه الصور المتنوعة التي قد تتنازل عنها الفتاة أو عن بعضها، إلا اننا نراها تولي اهتماماً غير عادي لـ «الدبلة» التي تعتبرها الصلة التي تربطها بخطيبها، بل وفي أحيان عديدة نرى بعض الفتيات يشترطن في الدبلة مواصفات ومزايا ما قد لا يشترطنه في «الشبكة».
وفي السياق ذاته نقول غالباً ما يكون فصلا الربيع والصيف أفضل مواسم الخطوبة والزواج لما تمثله طبيعة هذين الموسمين وملاءمتهما لإقامة الاحتفالات، وبطبيعة الحال فإن تقاليد الخطوبة معروفة منذ أيام الرومان الذين قدموا للخطيبة محبساً من حديد أو من ذهب، بحسب القدرة المادية، يضاف اليه حجر من الأحجار الكريمة ليتحول هذا الحجر في الوقت الراهن الى ألماس الذي يزين في أحيان كثيرة وسط الخاتم، وفي إطار التحدث عن خاتم الخطوبة التقينا أصحاب الشأن من شباب وفتيات حاورناهم عن رأيهم ومدى تمسكهم بتلك الحلقة المدورة.
بداية تقول سالي: بالنسبة لي فإن خاتم الخطوبة من أهم الأمور التي يجب ان أختارها، وأفضل ان تكون من الألماس، فقد لاحظت من خلال الجلسات مع صديقات مخطوبات أنهن يتباهين بالخاتم وقيمته ونوعيته، فهذا الخاتم يظل في اليد في كل المناسبات بعكس الشبكة التي ترتديها الفتاة في الأعراس وبعض المناسبات البسيطة، كما أن هذا الخاتم يعبر عن شخصية الخطيب نفسه ومدى حبه لخطيبته وارتباطه بها، وكذلك الحال بالنسبة للفتاة فهي تحرص على ارتدائه أمام الخطيب بشكل دائم كي تؤكد له حبها وتقديرها، لهذا السبب يأتي حرص الفتاة على خاتم الخطوبة الذي يرمز لأشياء عديدة والذي تعتز به الفتاة وتعتبره بمثابة أساس لدرجة ان بعض الفتيات قد يتشاءمن لمجرد انهن خرجن من البيت دون ارتدائه، وهذا الأمر على الرغم من عدم عقلانيته وتهويله إلا أنه يؤكد لنا مدى اعتزاز الفتاة بخاتمها، فكيف لنا بعد كل ذلك لا نهتم به؟
خاتم ماسي
أما رفيعة محمد هادي (طالبة) فتقول: إن المجتمع اليوم أصبح يهتم بالمظاهر والشكليات، والناس أصبحوا يتكلمون عن أي شيء مهما كان بسيطاً ويقومون بتهويله، لذا فإننا لو قسنا الأمر على موضوع الخطوبة فإن أول ما يسأل عنه الناس بمجرد إعلان ارتباط الفتاة هو عن «الدبلة» وعن سعرها ومن أي محل اشترتها، ويكون هذا الاستجواب المطول حتى قبل السؤال عن الخطيب وأهله وفصله، وعن نفسي فإنني أفضّل أن تكون «دبلتي» ذات هيئة راقية ومزينة بالألماس، ومع أن الموضة هذه الأيام هي الذهب الأبيض فإنني أرفض خاتماً من الذهب الأصفر، وقد يستغرب البعض رأيي إلا انني أقول لهم ان هذا الخاتم هو الرابط الذي يربطني برجل اختارني دون باقي الفتيات كي أكون شريكة حياته وملكة متوجة على عرش قلبه، ومثلما ان الملكة لا تقبل بالقليل أو الرخيص فهكذا أنا، أفضل ان يُهديني زوجي في المستقبل «دبلة» تليق بي وبمكانتي عنده، وأظن ان هذا من حقي.
القناعة كنز
أما حصة محمد (طالبة) فترى ان الفتاة قد يكفيها خاتم بسيط يقدمه لها الرجل معلناً ارتباطه بها، فأخلاق هذا الرجل وعقلانيته اهم من خاتم يوضع في الاصبع، وأنا أؤمن بأن «القناعة كنز لا يفنى» وهذه القناعة مهمة جداً خاصة لو كان ذلك الرجل الصالح يقدر على اهدائي خاتماً مناسباً، ولا أتصور ان ترضى أية امرأة برجل لمجرد انه سيقدم لها «دبلة» باهظة الثمن تتباهى بها أمام الفتيات، فمن يدري لعل الرجل قام بالاستدانة لمجرد ارضاء الفتاة وأهلها، وهنا قد لا تشعر بفداحة ما فعلته إلا بعد ان تجد الزوج غير قادر على تلبية الطلبات القادمة نظراً لارتباطه بدفع مبالغ شهرية لمن استدان منهم، لذا فإنني أنصح الفتيات بعدم المبالغة في اختيار الخاتم المناسب بحجة كلام الناس أو سيطرة المظاهر الخداعة، فالناس لا يرضون بشيء مهما كان والمظاهر من شأنها ان تزول ليعود المرء الى واقع حاله الأصلي.
بين الماضي والحاضر
وفي المقابل تؤكد أم عارف ان الخاتم كان في الماضي مجرد ذهب خالص أو حتى من حديد، ولم تكن الفتاة منا تهتم به بقدر ما نلاحظه هذه الأيام، فالبنت تصرّ على خاتم مرصع بالألماس والأحجار الكريمة دون النظر لقدرة الشباب المادية، وهذا ما يجعل من أبنائنا عرضة للاستدانة من البنوك التي تفتح ذراعيها لهم لتلتهم من الراتب ما تستطيع، وقد صادف ان اراد ابني خطبة فتاة، ولكنها اشترطت ان تختار بنفسها «الدبلة» فوافقنا لنفاجأ بأن قيمة الخاتم الذي ترغب فيه يفوق العشرين ألف درهم، فما كان من ابني الا ان ابتعد عنها، ولأمثال هؤلاء البنات أقول ان الخاتم لا يعني اكثر من ارتباط الفتاة بشاب حتى لا يتقدم إليها أحد، فها نحن جيل الماضي نعيش في سعادة مع أزواجنا الذين لم يقدموا لنا الألماس، بينما نرى جيل اليوم من المخطوبين والمتزوجين حديثاً وكأنهم يعيشون حرباً فيما بينهم بسبب الديون المتراكمة على الشباب وعدم تمكنهم من الايفاء بمستلزمات البيت من زوجة وأبناء، والحقيقة ان الحياة علمتنا التضحية واحترام الزوج حتى لو لم يكن يهدينا هدايا تفوق قدرته، لأن الحب في القلب وحده وليس في مجرد خاتم يسهل اخراجه من الاصبع.
مظاهر خداعة
ومن جهته يقول إبراهيم عبدالنور إن موضوع الخاتم مرتبط بالفتاة أكثر من ارتباطه بالرجل، لأن مهمة الثاني الشراء ودفع الفاتورة، ولكنني أتوقع انه مثلما توجد فتيات يرغبن في اقتناء خاتم باهظ الثمن فإن هنالك أخريات ممن ينظرن للموضوع بعقلانية أكثر ولا يكترثن للمظاهر الخداعة، وأعتقد من أروع ما يمكن ذكره هنا هو حرص حكامنا وتشجيعهم على الاقتصاد في مصاريف الزواج وبطبيعة الحال فإن الخاتم أو «الدبلة» يعد من ضمن المصاريف التي على أهل الفتاة أن يحرصوا على التقليل منها، فالحياة الزوجية رحلة طويلة من الكفاح والعطاء وإذا لم يتمكن الشاب من اهداء خطيبته خاتما غاليا اليوم فإنه قد يفعل في المستقبل القريب، لذا يجب عدم استباق الأحداث بعرض قائمة من الطلبات التي تثقل كاهل الشاب الذي بالكاد يخطو خطواته الأولى في الحياة العملية.
مصاريف متعددة
ويشاركه الرأي زميله عبدالرحيم زينل (موظف) والذي يقول: رغم تفهم خطيبتي لطبيعة عملي والراتب الذي أتقاضاه إلا انها ظلت مصرة على ان تكون «دبلتها» من الذهب الأبيض والألماس، وهذا بالطبع يعني ان أدفع مبلغا يعادل ضعف راتبي فضلا عن مصاريف حفلة الخطوبة وما يشمله من ثمن فستان الخطيبة والكوشة، وهكذا يتضح لنا ان موضوع الخاتم قد يهون مقارنة بباقي المصاريف، لذا فمن غير المستغرب ان يبدأ الشاب مشوار حياته الزوجية الجديدة وهو مغطى تماما بالديون من رأسه وحتى أخمص قدميه، والحقيقة ان ما يدفعني لتحمل كل ذلك والاستجابة لطلبات العروس وأهلها هو اثبات جديتي وحبي الشديد للفتاة التي أحبها واخترتها بعد دراسة وتمعن، ومثلما يقول المثل «الحلو ما يكملش» فرغم صفاتها الحسنة وكرم أصلها إلا انها تحب التبذير وتحسب ألف حساب للمظاهر، ولو لم تكن هذه الصفة موجودة بها لما طلبت مني دبلة بمبلغ 15 ألف درهم لتتباهى بها أمام زميلاتها.
أحقية الاختيار
وحسبما يرى عمران نبيل فإن للفتاة الحرية والحق في اختيار ما يناسبها لأنها تعتبر الدبلة أغلى الهدايا وأثمن المقتنيات التي من المستحيل ان تتنازل عنها طوال عمرها، فوالدتي على سبيل المثال لاتزال تحتفظ بخاتم زواجها على الرغم من مرور أكثر من 20 عاما على زواجها من والدي، ومع انها كانت تحدثنا عن بعض الظروف المادية القاهرة التي تعرضت لها مع والدي والتي أجبرتها على بيع بعض مصوغاتها، إلا انها ظلت محتفظة بهذا الخاتم ورفضت بيعه على الرغم من بساطته وكونه من الذهب فقط دون أية أحجار، وهكذا فإنني مستعد لتقديم أية «دبلة» لخطيبتي مهما كان ثمنها لأنها ستكون أول هدية أهديها في أجمل يوم سيجمعنا.
ويوافقه الرأي خالد محمد (متقاعد) والذي يقول ان زوجته لاتزال تحتفظ بدبلتها على الرغم من ان زيادة وزنها تمنعها من ارتدائها. ويضيف: ان أجمل لحظات حياته هي تلك التي يقضيها مع زوجته في التحدث عن ذكريات الماضي وخاصة أيام الخطوبة، ففي هذه الأثناء أمازحها بأنها كانت رشيقة وجميلة، وحين تغضب أؤكد لها انها لاتزال جميلة وان التجاعيد التي في وجهينا إنما هي دليل على رحلة كفاح بدأت لحظة ألبستها الخاتم، وقد حاولت مرارا اقناعها ببيع الخاتم واستبداله بآخر حديث، إلا انها ترفض وبشدة، وأتذكر ان احدى بناتي حين تزوجت أراد أهل خطيبتها ان يشتروا لها دبلة فأعطتهم دبلتها كي يأخذوا الخاتم على مقاسها، ومن هذا فأنا أؤيد ان تختار كل خطيبة خاتم خطوبتها بنفسها وان تحتفظ به على مر السنين.
تصميمات متنوعة
أما سعود (موظف) فيرى أحقية الطرفين «الخاطب والخطيبة» في انتقاء ما يناسب ذوقهما دون تدخل الأهل، لأن لكل نظرته الخاصة في كافة التفاصيل الدقيقة منها والعادية، وكذلك هو الحال فيما يتعلق باختيار «الدبلة المناسبة» والتي من المفروض ان تتماشى مع ذوق الطرفين، والحقيقة اننا نلاحظ في كثير من الحفلات أو حتى بعدها ان الناس تود رؤية الخاتم الذي أُعطِي للفتاة، وفي المقابل رؤية هدية العروس لعريسها، وفي مجتمعاتنا نرى ان هدية الشاب تكون عبارة عن ساعة راقية والتي يستعيض بها عن الدبلة، فنادرا ما يرتدي الرجل «دبلة» بينما تتزين به المرأة دوما حتى بعد الزواج، وحسب علمي فإن مسألة «الدبلة» هي قديمة جدا وتعد من أساسيات الارتباط، لدرجة ان البعض نراه قد استشاط غضبا لمجرد ان خطيبته قابلته دون لبس «الدبلة» وفي أيامنا هذه توجد العديد من المحلات المتخصصة والتي تتماشى تصميماتها مع الموضة، ورغم ارتفاع أسعار خواتم الخطوبة إلا ان بريق الماس بها وتصميمها الرائع يغري الرجل بشرائها لأنه وبكل تأكيد يرغب في ان يظهر بأحسن صورة أمام عائلة خطيبته.
أنانية وندم
وفي السياق ذاته تشير فاطمة عيسى (موظفة) الى انها اضطرت لرفض العريس الذي تقدم اليها لمجرد انه امتنع عن شراء الدبلة التي كانت تحلم بها.
وتستطرد: كنت أرى زميلاتي المخطوبات وهن يتباهين أمامنا بالدبلة «الماركة» وبسعرها الثمين، لذلك فقد وضعت تصميما معينا للخاتم الذي كنت أحلم بارتدائه، لهذا فبمجرد ان تقدم اليّ أحد الزملاء في العمل، كان شرطي الوحيد أن أقوم بانتقاء الدبلة بينما يختار هو مع أهله «الشَبْكَة»، فوافق الجميع في البداية، وقد أخذت فترة شبه طويلة حتى وجد ان الخاتم الذي طالما تمنيته، وبالتالي أبلغت زميلي باسم المحل وبشكل الخاتم، وعندما ذهب لشرائه تراجع في اللحظة الأخيرة لأن قيمته كانت أكثر من 10 آلاف درهم، فحاول اقناعي باختيار دبلة أخرى، ولكنني ظللت مصممة على رأيي، فما كان منه إلا ان فسخ الخطوبة التي لم تتم أصلا، واليوم أنا نادمة لأنني كنت أنانية مما دفعني لأن أخسر زميلي الذي أكن له معزة خاصة، لذا فإن نصيحتي لكل فتاة مقبلة على الزواج ألا تغرها المظاهر الزائفة، فرجل كريم وزوج مخلص أثمن من كل أموال الدنيا.
رابعة الزرعوني
منقول من جريدة البيان
تُعد فترة الخطوبة من الفترات الرائعة التي تسبق دخول القفص الذهبي، ففيه يتعارف الطرفان ويحاولان بكل جهد ان يظهرا بالمظهر اللائق شكلاً ،
ومحادثة لكسب رضا بعضهما البعض، وفي المقابل نرى الرجل خلال تلك الفترة يُغدق على من ستكون شريكة حياته الهدايا والكلمات المعسولة وكل ما من شأنه ادخال الفرحة في قلب الخطيبة، وفي الوقت ذاته تشاهد المرأة وكأنها أسيرة ذلك الرجل فتنصاع لكل طلباته وتعتبرها كالأوامر، وفي ظل هذه الصور المتنوعة التي قد تتنازل عنها الفتاة أو عن بعضها، إلا اننا نراها تولي اهتماماً غير عادي لـ «الدبلة» التي تعتبرها الصلة التي تربطها بخطيبها، بل وفي أحيان عديدة نرى بعض الفتيات يشترطن في الدبلة مواصفات ومزايا ما قد لا يشترطنه في «الشبكة».
وفي السياق ذاته نقول غالباً ما يكون فصلا الربيع والصيف أفضل مواسم الخطوبة والزواج لما تمثله طبيعة هذين الموسمين وملاءمتهما لإقامة الاحتفالات، وبطبيعة الحال فإن تقاليد الخطوبة معروفة منذ أيام الرومان الذين قدموا للخطيبة محبساً من حديد أو من ذهب، بحسب القدرة المادية، يضاف اليه حجر من الأحجار الكريمة ليتحول هذا الحجر في الوقت الراهن الى ألماس الذي يزين في أحيان كثيرة وسط الخاتم، وفي إطار التحدث عن خاتم الخطوبة التقينا أصحاب الشأن من شباب وفتيات حاورناهم عن رأيهم ومدى تمسكهم بتلك الحلقة المدورة.
بداية تقول سالي: بالنسبة لي فإن خاتم الخطوبة من أهم الأمور التي يجب ان أختارها، وأفضل ان تكون من الألماس، فقد لاحظت من خلال الجلسات مع صديقات مخطوبات أنهن يتباهين بالخاتم وقيمته ونوعيته، فهذا الخاتم يظل في اليد في كل المناسبات بعكس الشبكة التي ترتديها الفتاة في الأعراس وبعض المناسبات البسيطة، كما أن هذا الخاتم يعبر عن شخصية الخطيب نفسه ومدى حبه لخطيبته وارتباطه بها، وكذلك الحال بالنسبة للفتاة فهي تحرص على ارتدائه أمام الخطيب بشكل دائم كي تؤكد له حبها وتقديرها، لهذا السبب يأتي حرص الفتاة على خاتم الخطوبة الذي يرمز لأشياء عديدة والذي تعتز به الفتاة وتعتبره بمثابة أساس لدرجة ان بعض الفتيات قد يتشاءمن لمجرد انهن خرجن من البيت دون ارتدائه، وهذا الأمر على الرغم من عدم عقلانيته وتهويله إلا أنه يؤكد لنا مدى اعتزاز الفتاة بخاتمها، فكيف لنا بعد كل ذلك لا نهتم به؟
خاتم ماسي
أما رفيعة محمد هادي (طالبة) فتقول: إن المجتمع اليوم أصبح يهتم بالمظاهر والشكليات، والناس أصبحوا يتكلمون عن أي شيء مهما كان بسيطاً ويقومون بتهويله، لذا فإننا لو قسنا الأمر على موضوع الخطوبة فإن أول ما يسأل عنه الناس بمجرد إعلان ارتباط الفتاة هو عن «الدبلة» وعن سعرها ومن أي محل اشترتها، ويكون هذا الاستجواب المطول حتى قبل السؤال عن الخطيب وأهله وفصله، وعن نفسي فإنني أفضّل أن تكون «دبلتي» ذات هيئة راقية ومزينة بالألماس، ومع أن الموضة هذه الأيام هي الذهب الأبيض فإنني أرفض خاتماً من الذهب الأصفر، وقد يستغرب البعض رأيي إلا انني أقول لهم ان هذا الخاتم هو الرابط الذي يربطني برجل اختارني دون باقي الفتيات كي أكون شريكة حياته وملكة متوجة على عرش قلبه، ومثلما ان الملكة لا تقبل بالقليل أو الرخيص فهكذا أنا، أفضل ان يُهديني زوجي في المستقبل «دبلة» تليق بي وبمكانتي عنده، وأظن ان هذا من حقي.
القناعة كنز
أما حصة محمد (طالبة) فترى ان الفتاة قد يكفيها خاتم بسيط يقدمه لها الرجل معلناً ارتباطه بها، فأخلاق هذا الرجل وعقلانيته اهم من خاتم يوضع في الاصبع، وأنا أؤمن بأن «القناعة كنز لا يفنى» وهذه القناعة مهمة جداً خاصة لو كان ذلك الرجل الصالح يقدر على اهدائي خاتماً مناسباً، ولا أتصور ان ترضى أية امرأة برجل لمجرد انه سيقدم لها «دبلة» باهظة الثمن تتباهى بها أمام الفتيات، فمن يدري لعل الرجل قام بالاستدانة لمجرد ارضاء الفتاة وأهلها، وهنا قد لا تشعر بفداحة ما فعلته إلا بعد ان تجد الزوج غير قادر على تلبية الطلبات القادمة نظراً لارتباطه بدفع مبالغ شهرية لمن استدان منهم، لذا فإنني أنصح الفتيات بعدم المبالغة في اختيار الخاتم المناسب بحجة كلام الناس أو سيطرة المظاهر الخداعة، فالناس لا يرضون بشيء مهما كان والمظاهر من شأنها ان تزول ليعود المرء الى واقع حاله الأصلي.
بين الماضي والحاضر
وفي المقابل تؤكد أم عارف ان الخاتم كان في الماضي مجرد ذهب خالص أو حتى من حديد، ولم تكن الفتاة منا تهتم به بقدر ما نلاحظه هذه الأيام، فالبنت تصرّ على خاتم مرصع بالألماس والأحجار الكريمة دون النظر لقدرة الشباب المادية، وهذا ما يجعل من أبنائنا عرضة للاستدانة من البنوك التي تفتح ذراعيها لهم لتلتهم من الراتب ما تستطيع، وقد صادف ان اراد ابني خطبة فتاة، ولكنها اشترطت ان تختار بنفسها «الدبلة» فوافقنا لنفاجأ بأن قيمة الخاتم الذي ترغب فيه يفوق العشرين ألف درهم، فما كان من ابني الا ان ابتعد عنها، ولأمثال هؤلاء البنات أقول ان الخاتم لا يعني اكثر من ارتباط الفتاة بشاب حتى لا يتقدم إليها أحد، فها نحن جيل الماضي نعيش في سعادة مع أزواجنا الذين لم يقدموا لنا الألماس، بينما نرى جيل اليوم من المخطوبين والمتزوجين حديثاً وكأنهم يعيشون حرباً فيما بينهم بسبب الديون المتراكمة على الشباب وعدم تمكنهم من الايفاء بمستلزمات البيت من زوجة وأبناء، والحقيقة ان الحياة علمتنا التضحية واحترام الزوج حتى لو لم يكن يهدينا هدايا تفوق قدرته، لأن الحب في القلب وحده وليس في مجرد خاتم يسهل اخراجه من الاصبع.
مظاهر خداعة
ومن جهته يقول إبراهيم عبدالنور إن موضوع الخاتم مرتبط بالفتاة أكثر من ارتباطه بالرجل، لأن مهمة الثاني الشراء ودفع الفاتورة، ولكنني أتوقع انه مثلما توجد فتيات يرغبن في اقتناء خاتم باهظ الثمن فإن هنالك أخريات ممن ينظرن للموضوع بعقلانية أكثر ولا يكترثن للمظاهر الخداعة، وأعتقد من أروع ما يمكن ذكره هنا هو حرص حكامنا وتشجيعهم على الاقتصاد في مصاريف الزواج وبطبيعة الحال فإن الخاتم أو «الدبلة» يعد من ضمن المصاريف التي على أهل الفتاة أن يحرصوا على التقليل منها، فالحياة الزوجية رحلة طويلة من الكفاح والعطاء وإذا لم يتمكن الشاب من اهداء خطيبته خاتما غاليا اليوم فإنه قد يفعل في المستقبل القريب، لذا يجب عدم استباق الأحداث بعرض قائمة من الطلبات التي تثقل كاهل الشاب الذي بالكاد يخطو خطواته الأولى في الحياة العملية.
مصاريف متعددة
ويشاركه الرأي زميله عبدالرحيم زينل (موظف) والذي يقول: رغم تفهم خطيبتي لطبيعة عملي والراتب الذي أتقاضاه إلا انها ظلت مصرة على ان تكون «دبلتها» من الذهب الأبيض والألماس، وهذا بالطبع يعني ان أدفع مبلغا يعادل ضعف راتبي فضلا عن مصاريف حفلة الخطوبة وما يشمله من ثمن فستان الخطيبة والكوشة، وهكذا يتضح لنا ان موضوع الخاتم قد يهون مقارنة بباقي المصاريف، لذا فمن غير المستغرب ان يبدأ الشاب مشوار حياته الزوجية الجديدة وهو مغطى تماما بالديون من رأسه وحتى أخمص قدميه، والحقيقة ان ما يدفعني لتحمل كل ذلك والاستجابة لطلبات العروس وأهلها هو اثبات جديتي وحبي الشديد للفتاة التي أحبها واخترتها بعد دراسة وتمعن، ومثلما يقول المثل «الحلو ما يكملش» فرغم صفاتها الحسنة وكرم أصلها إلا انها تحب التبذير وتحسب ألف حساب للمظاهر، ولو لم تكن هذه الصفة موجودة بها لما طلبت مني دبلة بمبلغ 15 ألف درهم لتتباهى بها أمام زميلاتها.
أحقية الاختيار
وحسبما يرى عمران نبيل فإن للفتاة الحرية والحق في اختيار ما يناسبها لأنها تعتبر الدبلة أغلى الهدايا وأثمن المقتنيات التي من المستحيل ان تتنازل عنها طوال عمرها، فوالدتي على سبيل المثال لاتزال تحتفظ بخاتم زواجها على الرغم من مرور أكثر من 20 عاما على زواجها من والدي، ومع انها كانت تحدثنا عن بعض الظروف المادية القاهرة التي تعرضت لها مع والدي والتي أجبرتها على بيع بعض مصوغاتها، إلا انها ظلت محتفظة بهذا الخاتم ورفضت بيعه على الرغم من بساطته وكونه من الذهب فقط دون أية أحجار، وهكذا فإنني مستعد لتقديم أية «دبلة» لخطيبتي مهما كان ثمنها لأنها ستكون أول هدية أهديها في أجمل يوم سيجمعنا.
ويوافقه الرأي خالد محمد (متقاعد) والذي يقول ان زوجته لاتزال تحتفظ بدبلتها على الرغم من ان زيادة وزنها تمنعها من ارتدائها. ويضيف: ان أجمل لحظات حياته هي تلك التي يقضيها مع زوجته في التحدث عن ذكريات الماضي وخاصة أيام الخطوبة، ففي هذه الأثناء أمازحها بأنها كانت رشيقة وجميلة، وحين تغضب أؤكد لها انها لاتزال جميلة وان التجاعيد التي في وجهينا إنما هي دليل على رحلة كفاح بدأت لحظة ألبستها الخاتم، وقد حاولت مرارا اقناعها ببيع الخاتم واستبداله بآخر حديث، إلا انها ترفض وبشدة، وأتذكر ان احدى بناتي حين تزوجت أراد أهل خطيبتها ان يشتروا لها دبلة فأعطتهم دبلتها كي يأخذوا الخاتم على مقاسها، ومن هذا فأنا أؤيد ان تختار كل خطيبة خاتم خطوبتها بنفسها وان تحتفظ به على مر السنين.
تصميمات متنوعة
أما سعود (موظف) فيرى أحقية الطرفين «الخاطب والخطيبة» في انتقاء ما يناسب ذوقهما دون تدخل الأهل، لأن لكل نظرته الخاصة في كافة التفاصيل الدقيقة منها والعادية، وكذلك هو الحال فيما يتعلق باختيار «الدبلة المناسبة» والتي من المفروض ان تتماشى مع ذوق الطرفين، والحقيقة اننا نلاحظ في كثير من الحفلات أو حتى بعدها ان الناس تود رؤية الخاتم الذي أُعطِي للفتاة، وفي المقابل رؤية هدية العروس لعريسها، وفي مجتمعاتنا نرى ان هدية الشاب تكون عبارة عن ساعة راقية والتي يستعيض بها عن الدبلة، فنادرا ما يرتدي الرجل «دبلة» بينما تتزين به المرأة دوما حتى بعد الزواج، وحسب علمي فإن مسألة «الدبلة» هي قديمة جدا وتعد من أساسيات الارتباط، لدرجة ان البعض نراه قد استشاط غضبا لمجرد ان خطيبته قابلته دون لبس «الدبلة» وفي أيامنا هذه توجد العديد من المحلات المتخصصة والتي تتماشى تصميماتها مع الموضة، ورغم ارتفاع أسعار خواتم الخطوبة إلا ان بريق الماس بها وتصميمها الرائع يغري الرجل بشرائها لأنه وبكل تأكيد يرغب في ان يظهر بأحسن صورة أمام عائلة خطيبته.
أنانية وندم
وفي السياق ذاته تشير فاطمة عيسى (موظفة) الى انها اضطرت لرفض العريس الذي تقدم اليها لمجرد انه امتنع عن شراء الدبلة التي كانت تحلم بها.
وتستطرد: كنت أرى زميلاتي المخطوبات وهن يتباهين أمامنا بالدبلة «الماركة» وبسعرها الثمين، لذلك فقد وضعت تصميما معينا للخاتم الذي كنت أحلم بارتدائه، لهذا فبمجرد ان تقدم اليّ أحد الزملاء في العمل، كان شرطي الوحيد أن أقوم بانتقاء الدبلة بينما يختار هو مع أهله «الشَبْكَة»، فوافق الجميع في البداية، وقد أخذت فترة شبه طويلة حتى وجد ان الخاتم الذي طالما تمنيته، وبالتالي أبلغت زميلي باسم المحل وبشكل الخاتم، وعندما ذهب لشرائه تراجع في اللحظة الأخيرة لأن قيمته كانت أكثر من 10 آلاف درهم، فحاول اقناعي باختيار دبلة أخرى، ولكنني ظللت مصممة على رأيي، فما كان منه إلا ان فسخ الخطوبة التي لم تتم أصلا، واليوم أنا نادمة لأنني كنت أنانية مما دفعني لأن أخسر زميلي الذي أكن له معزة خاصة، لذا فإن نصيحتي لكل فتاة مقبلة على الزواج ألا تغرها المظاهر الزائفة، فرجل كريم وزوج مخلص أثمن من كل أموال الدنيا.
رابعة الزرعوني
منقول من جريدة البيان