بو عبدالرحمن
27-11-2002, 05:28 PM
الدعاء هو العبادة كما أخبر رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) في الحديث الصحيح ،
و الإنسان المؤمن لا يزال يلهج بالدعاء و التضرع و المناجاة لله في كل آن ،
والروح المؤمنة و هي تفعل ذلك لا تزال تلتذ بهذه المناجاة لأنها تأنس بها مع الله سبحانه ..
و أي لذة أعظم من لذة الأنس به سبحانه ..؟!
إن للدعاء أسرارا في النفس المؤمنة تصنع منها عجائب بشرط : أن يفقه الإنسان آداب الدعاء و شروطه و التفاعل مع معانيه ..
والحديث عن الدعاء ذو وجوه ، غير أنا سنركز هاهنا على نقطة هي :
لسان حال جماهير كثيرة في هذه الأمة تردد صباح المساء ، دعوة نبي الله نوح عليه السلام :
" إني مغلوب فانتصر " .. " إني مغلوب فانتصر " ..!
ثم هي تسأل في عجب : ترى كيف لم يستجب الله لنا ، و نحن ندعو بذات الدعوة
التي استنزل نوح عليه السلام بها نصر الله له ، و هلاك المكذبين له ، المعاندين لدعوته ،
حيث فتح الله أبوب السماء بماء منهمر، و فجر الأرض عيونا ، فالتقى الماء ،
و كان الطوفان ، و ابتلع الكافرين حتى و هم على رؤوس الجبال العالية
ترى لماذا ؟ لماذا لم يستجب الله لنا ، و نحن نلهج باسمه مع كل صباح ،
و في كل عمل ؟. لماذا لا ينصرنا الله على أعدائنا الذين كفروا به
وعاندوا دعوته و امتهنوا عباده .؟!
و الحق أن هؤلاء المعترضين أو المتسائلين نسوا حقائق مهمة ،
أذكر منها نقطتين :
أن الله سبحانه استجاب لنوح دعوته :
أولا : لأنه كان شديد الارتباط بالله سبحانه ، كان همه الله سبحانه ..
الله و دعوته ملء حسه ، و عقله ، و بؤرة شعوره ، في قوله وعلى لسانه ، وفي عمله ،
ترى عيون الحياة سلوكيات هذه الدعوة صدقا و إخلاصا و حرارة ..
كان منشغلا بالله في شأنه كله ، ملازما لأمر الله ، نافرا من معاصيه ،
بل كان حربا على هذه المعاصي وكان سلما لأولياء الله ، حربا على أعدائه
حتى ولو كانوا من أهله وذويه..! _ فهل نحن كذلك !!! سؤال شديد المرارة !!
هذه واحدة و أما الثانية :
فإنه لم يكتف بالتمتمة بالدعاء ، و لكنه عمل بجميع الأسباب المتاحة بين يديه ،
و التي من خلالها يستنزل نصر الله له على أعدائه ، وحتى يكون مظنة نجاة من سخط الله إذا حل :
كان لا يكل ولا يمل من الدعوة إلى الله ، و الترغيب فيما عنده ، على الرغم من عنت قومه ،
واستخفافهم به ، وسخريتهم منه ، وأذاهم له ، وتواصيهم عليه ،
و صبر على ذلك كله سنوات تطويها سنوات ـ ألف سنة إلا خمسين عاما ـ
ثم شرع يبني ( بيده) السفينة ، التي ستكون هي العاصم بإذن الله له من الطوفان ..
أما هؤلاء المعترضون اليوم ـ أو لنقل أكثرهم ـ فإنك تجد منهم عجبا
لا ينقضي منه العجب ،
تمتمة بالدعاء الحار ، واستغراق فيه خلال ساعة من زمان ،
وفي الوقت نفسه تجدهم يركبون رؤوسهم معرضين عن الله بالكلية (!!)
أو مفرطون كثيرا يأخذون من دين الله سبحانه ، ما وافق أهواءهم الخاصة والأمزجة الشخصية …!!
ما رأوا أنه موافقا للهوى قاموا به ، و فعلوه ، وما عارض الموضة و العادات ،
ودروس الوسط الفني لم يلتزموا به ،وعملوا على خلا فه !!
بل حتى كثير من الملتزمين ، تجدهم يفرطون كثيرا ، في أمور
كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرونها من الكبائر
ويرآها الناس اليوم كالشعرة لا بأس من فعلها ..!!
إن فقه الدعاء ينبغي أن يفهمه كل مسلم و مسلمة في كل بيت في هذه الأمة ،
حتى لا يتجرأ واحد منهم فيسيء الظن بالله سبحانه ،
فيأتي بذلك جرما أعظم من جرم المعصية التي هو متلطخ بها ..!
كان بعض العارفين يقول إذا سمع أمثال هؤلاء المعترضين :
أيها الناس .! إنكم تدعونه فلا يستجيب لكم ، ذلك لأنه دعاكم فلم تستجيبوا له :
((يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و الرسول إذا دعاكم لما يحييكم ..))
فلوموا أنفسكم ، و صححوا أوضاعكم مع الله ، و أتوا البيوت من أبوابها ..
و سأل الناس يوما الإمام مالك بن دينار رحمه الله ،
لمَ لمْ يخرج معهم لصلاة الاستسقاء طلبا للمطر من الله ، فصاح فيهم :
إنكم تستبطئون الأمطار ، و إني استبطئ الأحجار !!
توبوا إلى الله أولا ، و انخلعوا مما أنتم فيه من معاصي الله . ثم ارفعوا اكف الضراعة يستجيب لكم ..!.
ذلك هو الحق الذي قرره سبحانه في محكم كتابه ، ولكن أكثرنا يتلو القرآن ولا يستوعب ،
و أكثرنا منصرف عن القرآن أصلا إلى ملهيات و صوارف تبعده عن باب الله
ثم هو يستغرب عدم استجابة الله له .. !
يقول الله عز و جل بعد أن سرد مجموعة آيات تكررت فيها كلمة (ربنا..ربنا .. ربنا)
خمس مرات ثم قال على إثرها :
(فاستجاب لهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ..) آل عمران .
لاحظ قوله (عمل عامل منكم) ولم يقل دعاء داع منكم ..
ذلك لأن شرط الإجابة أن يرافق الدعاء عمل و إقبال و صدق و إخلاص و حرارة ..
فهل نعي هذه الحقائق حتى نأتي البيوت من أبوابها ..؟!
وفي هذا يقول شاعرنا المسلم :
أيستجاب دعاء بـات صاحبـه *** و جـوفه من حـرام بات ملانا
و عيشه من حرام من ربا فحـش *** و قـد تلبس آثاما و طغيانا ؟!
كلا و الله .! فقد قال سلفنا الصالح رحمهم الله :
أن المعاصي تحول بين الدعاء و قبوله..
وهي كالحاجز المنيع لا يجعل الدعاء يصعد إلى السماء ..
فلنطهر قلوبنا أولا.. ونخلص التوجه بقلوبنا إلىالله ،
ثم لندعُ بعد ذلك ، و ننتظر إجابة السماء لنا ..
نسأل الله أن يرحمنا برحمته ،، وأن يتقبل منا ويقبلنا ..
وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا .. اللهم آمين
- - -
و الإنسان المؤمن لا يزال يلهج بالدعاء و التضرع و المناجاة لله في كل آن ،
والروح المؤمنة و هي تفعل ذلك لا تزال تلتذ بهذه المناجاة لأنها تأنس بها مع الله سبحانه ..
و أي لذة أعظم من لذة الأنس به سبحانه ..؟!
إن للدعاء أسرارا في النفس المؤمنة تصنع منها عجائب بشرط : أن يفقه الإنسان آداب الدعاء و شروطه و التفاعل مع معانيه ..
والحديث عن الدعاء ذو وجوه ، غير أنا سنركز هاهنا على نقطة هي :
لسان حال جماهير كثيرة في هذه الأمة تردد صباح المساء ، دعوة نبي الله نوح عليه السلام :
" إني مغلوب فانتصر " .. " إني مغلوب فانتصر " ..!
ثم هي تسأل في عجب : ترى كيف لم يستجب الله لنا ، و نحن ندعو بذات الدعوة
التي استنزل نوح عليه السلام بها نصر الله له ، و هلاك المكذبين له ، المعاندين لدعوته ،
حيث فتح الله أبوب السماء بماء منهمر، و فجر الأرض عيونا ، فالتقى الماء ،
و كان الطوفان ، و ابتلع الكافرين حتى و هم على رؤوس الجبال العالية
ترى لماذا ؟ لماذا لم يستجب الله لنا ، و نحن نلهج باسمه مع كل صباح ،
و في كل عمل ؟. لماذا لا ينصرنا الله على أعدائنا الذين كفروا به
وعاندوا دعوته و امتهنوا عباده .؟!
و الحق أن هؤلاء المعترضين أو المتسائلين نسوا حقائق مهمة ،
أذكر منها نقطتين :
أن الله سبحانه استجاب لنوح دعوته :
أولا : لأنه كان شديد الارتباط بالله سبحانه ، كان همه الله سبحانه ..
الله و دعوته ملء حسه ، و عقله ، و بؤرة شعوره ، في قوله وعلى لسانه ، وفي عمله ،
ترى عيون الحياة سلوكيات هذه الدعوة صدقا و إخلاصا و حرارة ..
كان منشغلا بالله في شأنه كله ، ملازما لأمر الله ، نافرا من معاصيه ،
بل كان حربا على هذه المعاصي وكان سلما لأولياء الله ، حربا على أعدائه
حتى ولو كانوا من أهله وذويه..! _ فهل نحن كذلك !!! سؤال شديد المرارة !!
هذه واحدة و أما الثانية :
فإنه لم يكتف بالتمتمة بالدعاء ، و لكنه عمل بجميع الأسباب المتاحة بين يديه ،
و التي من خلالها يستنزل نصر الله له على أعدائه ، وحتى يكون مظنة نجاة من سخط الله إذا حل :
كان لا يكل ولا يمل من الدعوة إلى الله ، و الترغيب فيما عنده ، على الرغم من عنت قومه ،
واستخفافهم به ، وسخريتهم منه ، وأذاهم له ، وتواصيهم عليه ،
و صبر على ذلك كله سنوات تطويها سنوات ـ ألف سنة إلا خمسين عاما ـ
ثم شرع يبني ( بيده) السفينة ، التي ستكون هي العاصم بإذن الله له من الطوفان ..
أما هؤلاء المعترضون اليوم ـ أو لنقل أكثرهم ـ فإنك تجد منهم عجبا
لا ينقضي منه العجب ،
تمتمة بالدعاء الحار ، واستغراق فيه خلال ساعة من زمان ،
وفي الوقت نفسه تجدهم يركبون رؤوسهم معرضين عن الله بالكلية (!!)
أو مفرطون كثيرا يأخذون من دين الله سبحانه ، ما وافق أهواءهم الخاصة والأمزجة الشخصية …!!
ما رأوا أنه موافقا للهوى قاموا به ، و فعلوه ، وما عارض الموضة و العادات ،
ودروس الوسط الفني لم يلتزموا به ،وعملوا على خلا فه !!
بل حتى كثير من الملتزمين ، تجدهم يفرطون كثيرا ، في أمور
كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرونها من الكبائر
ويرآها الناس اليوم كالشعرة لا بأس من فعلها ..!!
إن فقه الدعاء ينبغي أن يفهمه كل مسلم و مسلمة في كل بيت في هذه الأمة ،
حتى لا يتجرأ واحد منهم فيسيء الظن بالله سبحانه ،
فيأتي بذلك جرما أعظم من جرم المعصية التي هو متلطخ بها ..!
كان بعض العارفين يقول إذا سمع أمثال هؤلاء المعترضين :
أيها الناس .! إنكم تدعونه فلا يستجيب لكم ، ذلك لأنه دعاكم فلم تستجيبوا له :
((يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و الرسول إذا دعاكم لما يحييكم ..))
فلوموا أنفسكم ، و صححوا أوضاعكم مع الله ، و أتوا البيوت من أبوابها ..
و سأل الناس يوما الإمام مالك بن دينار رحمه الله ،
لمَ لمْ يخرج معهم لصلاة الاستسقاء طلبا للمطر من الله ، فصاح فيهم :
إنكم تستبطئون الأمطار ، و إني استبطئ الأحجار !!
توبوا إلى الله أولا ، و انخلعوا مما أنتم فيه من معاصي الله . ثم ارفعوا اكف الضراعة يستجيب لكم ..!.
ذلك هو الحق الذي قرره سبحانه في محكم كتابه ، ولكن أكثرنا يتلو القرآن ولا يستوعب ،
و أكثرنا منصرف عن القرآن أصلا إلى ملهيات و صوارف تبعده عن باب الله
ثم هو يستغرب عدم استجابة الله له .. !
يقول الله عز و جل بعد أن سرد مجموعة آيات تكررت فيها كلمة (ربنا..ربنا .. ربنا)
خمس مرات ثم قال على إثرها :
(فاستجاب لهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ..) آل عمران .
لاحظ قوله (عمل عامل منكم) ولم يقل دعاء داع منكم ..
ذلك لأن شرط الإجابة أن يرافق الدعاء عمل و إقبال و صدق و إخلاص و حرارة ..
فهل نعي هذه الحقائق حتى نأتي البيوت من أبوابها ..؟!
وفي هذا يقول شاعرنا المسلم :
أيستجاب دعاء بـات صاحبـه *** و جـوفه من حـرام بات ملانا
و عيشه من حرام من ربا فحـش *** و قـد تلبس آثاما و طغيانا ؟!
كلا و الله .! فقد قال سلفنا الصالح رحمهم الله :
أن المعاصي تحول بين الدعاء و قبوله..
وهي كالحاجز المنيع لا يجعل الدعاء يصعد إلى السماء ..
فلنطهر قلوبنا أولا.. ونخلص التوجه بقلوبنا إلىالله ،
ثم لندعُ بعد ذلك ، و ننتظر إجابة السماء لنا ..
نسأل الله أن يرحمنا برحمته ،، وأن يتقبل منا ويقبلنا ..
وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا .. اللهم آمين
- - -