PDA

View Full Version : آلام الذكريات


مسدد
06-03-2003, 03:12 AM
لا أتكلم عن الآلام العضوية ، بل عن الآلام النفسية ، عن جراح الروح ، عن قسوة التفكير ، عن تبدد الآمال وتعاقب الآلام ، عن نفس أضناها الشوق لراحة التفكير من بعد جعجعة الهموم واستغراق الغموم واستنفار الكوابيس المتسلسلة بأذهاننا ، عن أحباب مضوا تبكينا ذكراهم وننتحب لما نتخيل صورتهم تمثل أمامنا.

عن أيام صفت فيها لحظاتها لنا وللخلان ، عن الحي الذي يعج ويضج بصريخ الأطفال وقهقهاتهم ، عن الأرجل المغبرة بتربة الأرض العتيقة ، لا يعرفون النعال إلا في المدارس ، وأزرار الثياب مفتوحة والصدر عار يملؤه غبار معركة انجلت قبل لحظات بين أسدين من أسود الحي ، وطفلة تركض باكية نحو منزلها بعد أن لم تجد من تلعب معه وصبي يبتسم ابتسامة عريضة لتنجلي عن اسنان مسوسة وقلب ناصع البياض ، وفي طرف الحي جلست البنات يلعبن لعبة تناسب الإناث يتميزن بهدوئهن وبرقتهن وبحشمتهن.

ومع مغيب الشمس تسمع "عبود" .... "خويلد" .... "خماس" .... "سعود" ... "حصة" ... "عذيجة" ... "عنبر" ... "سلوم".... ويبدأ عدد الأطفال في التناقص حتى يصبح بعد غياب الشمس الحي فارغا والشارع هادئا لا ترى فيه سوى آثار المعارك في فترة العصر ، تظلم الدنيا ولا ترى سوى بعض الإضائات ما بين المنزل والآخر.

"عمر القدو يا صبي"
"بو راشد ما بتيوز عن التتن؟"
"لا ما بيوز لن ما تخليني آخذ الحرمة الثانية"
"سير خذها ، ويا ريحتك اللي البصل أرحم منها".
--------------------
"سويلم ، صليت المغرب؟"
"لا"
"تعال ... شو هذا عيونك حمر وشعرك مكشش ... بلاك تصيح؟"
"تضاربت مع سلطون ولد سيف العور"
"عساك غلبته؟"
"دست في بطنه وكل (بنات الفريج) شافنه".
"بعدي والله ولدي"
--------------------
"سلطون، صليت المغرب؟"
"لا"
"تعال ... شو هذا عيونك حمر وشعرك مكشش ... بلاك تصيح؟"
"تضاربت مع مطور ولد عفصان"
"عساك غلبته؟"
"دست في بطنه وكل (بنات الفريج) شافنه".
"بعدي والله ولدي"

يضج بيت ابو احمد:
"اسميها شمال"
"يقولون محمل سعيد بن مواز طبع"
"نعم وسلموا كلهم بس طبعت ويا المحمل الحاصلة"
"المهم سلموا الربع ولازم ندي الواجب عنهم"

-------------------

ونركض نحن بين الصغار والكبار وفوق الحيطان متسلقين الأشجار ، لا نعلم من الدنيا سوى البراءة والراحة النفسية:
وكبرنا وانقضت أحلامنا ... بيدينا ندفن الحلم الجميل

زهرة الكركديه
06-03-2003, 03:21 AM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى..
تبقى الذكريات تعصف فى صدورنا كالريح العاتية لا تهدأ ولا تسكن.. هذه هى الذكريات الجميلة.... ذكريات الطفولة والعبث البريء...
لم نعد كذلك.. لقد كبرنا وكبرت معنا همومنا.. ومشاكلنا وأثقلت كاهلنا الحياة.. وخوفنا من الله .. يجعلنا لا نعرف للراحة سبيلا.. فكيف أستطيع ان أتكلم براحة و أنا أعرف أن كل كلمة أنطق بها فى كتاب متين.. وكل تصرف أفعله محسوب على ومحاسبة عليه.. فمن أين سأجد الراحة النفسية.... بالله عليكم أخبرونى... لله درها أيام الطفولة....:(

نور بوظبي
07-03-2003, 05:59 AM
ما أروع أيام الطفولة ..



و لكنها ذكريات جميلة ، فلماذا تعتقد انها ذكريات مؤلمة ..


هذه سنة الحياة ، أن تكبر و تكبر معك همومك ، و يكون همك الأكبر نيل الفردوس الأعلى ..

بما أنك أب للأبناء ، أتمنى انك تطرح لنا موضوع عن تربية الأبناء في هذا العصر ، هل تواجه صعوبات ، و كيف تربي أبنائك تربية صالحة في زمن الفتن ..

نسأل الله ان يصلح أبنائك و أبناء جميع المسلمين

بنت الديرة
09-03-2003, 03:03 PM
رد مقتبس من مسدد
لا أتكلم عن الآلام العضوية ، بل عن الآلام النفسية ، عن جراح الروح ، عن قسوة التفكير ، عن تبدد الآمال وتعاقب الآلام ، عن نفس أضناها الشوق لراحة التفكير من بعد جعجعة الهموم واستغراق الغموم واستنفار الكوابيس المتسلسلة بأذهاننا ، عن أحباب مضوا تبكينا ذكراهم وننتحب لما نتخيل صورتهم تمثل أمامنا.

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الفاضل : مسدد

أشكرك على هذا الموضوع الذي أثار كوامن النفس فأسدل الدمع و أرق القلب ، فكم هم أؤلئك الذين فقدناهم لكن ذكراهم لا يفارق خيالنا و ان حاولنا نسيانهم لا نستطيع بل تتوارى تلك الذكريات لكن سرعان ما تعود بصورة أقوى و أكثر تأثيراً ، محدثين حزناً عميقاً و مولدين كوامن النفس الجريحة بفقدهم .

و لا نملك لهم سوى الدعاء لهم بالرحمة و المغفرة و جنات النعيم ان شاء الله .


أختك :بنت الديرة

شهرزاد
09-03-2003, 06:13 PM
هلا مسدد
كل شيء لابد له من نهايه
وكل شيئ لابد له من زوال
والموت كأس لابد لنا من نشربه جميعا
صغارا وكبارا:( وهذا هو حال الدنيا دوام الحال من المحال:eek:
وبقاء الانسان في فتره زمنيه محدده على حاله من المحال
كأن نظل اطفال:rolleyes: لانكبر من المستحيلات
بالرغم من ان هذه الفتره من اجمل السنين اللي يعيشها
الانسان بما تحويه مع انها لاتخلو من لحظات قد يحرم فيها الانسان
الا انها ايضا لاتخلو من لحظات السعاده عندما تمتزج فيها البراءة
بالشقاوة ومااجملها من لحظات او ثواني عندما نتوقف نشحذ
عقولنا لترجعنا لذاك العهد البعيد لنتوقف عنده;)

مسدد
10-03-2003, 12:03 AM
زهرة الكركدية ، نور ابوظبي ، بنت الديرة ، شهرازد ، الموضوع كان ناقص وعباراتكم تممته وأضافت عليه الكثير من الأفكار ، وسأضطر اطرح موضوع جيد

فمن كلامكم القيم (لقد كبرنا وكبرت معنا همومنا) (هذه سنة الحياة ، أن تكبر و تكبر معك همومك) (ان حاولنا نسيانهم لا نستطيع بل تتوارى تلك الذكريات لكن سرعان ما تعود بصورة أقوى و أكثر تأثيراً ) (كأن نظل اطفال لانكبر من المستحيلات)

لما تشاهد ابنك تتذكر نفسك ، يجب في هذه اللحظة أن تعلم أن طفولتك التي عشتها خالية من الهموم يجب ان يعيشها ابنك ، يجب أن لا يتعود على مشاهدة المشاجرة لا في المنزل ولا حتى في التلفاز ، أن تبقى حياته في أول سنوات من عمره خالية تماما من المنغصات ، ثم يبدأ تدريجيا بتعويده على أن الحياة فيها مشاكل فيها هموم فيها أحزان.

متاهه
15-03-2003, 07:24 AM
أعتذر..
لأني لم ألتقي بقلمك (الأخاذ) من قبل..

رسمك للحروف..
جسّد الصور العتيقة..
وأحاطنا بأنفاس العطر الأصيل..
ولمسات الأمهات الحانية..

جعلتني أعيش..
مالم أعشه..

متاهـــه..

مسدد
15-03-2003, 10:34 AM
:OO:

مسدد
15-03-2003, 10:37 AM
أهلا متاهة ، جزيل الشكر على ما صغتيه من كلمات صعبة الصياغة سهلة الفهم.