PDA

View Full Version : كلمات عن الاخلاص


ابوبيادر
16-06-2003, 03:03 AM
عن حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنهما قال: سألت رسول الله صلى الله
عليه
وسلم عن الإخلاص ما هو؟ فقال: (سألت جبريل عن الإخلاص ما هو؟ فقال: سألت
رب
العزة عن الإخلاص ما هو؟ فقال: سر من أسراري أودعته قلب من أحب من عبادي).

وقيل لبعض الحكماء: من المخلص؟ قال المخلص الذي يكتم حسناته كما يكتم
سيئاته.

وقيل لذي النون المصري متى يعلم الرجل أنه من صفوة اللَّه تعالى: يعني من
خواصه الذين اصطفاهم اللَّه تعالى؟ قال يعرف ذلك بأربعة أشياء:
إذا خلع الراحة يعني ترك الراحة،
وأعطى من الموجود يعني يعطي من القليل الذي عنده،
وأحب سقوط المنزلة،
واستوت عنده المحمدة والمذمة

وقيل لبعضهم ما غاية الإخلاص؟ قال أن لا يحب محمدة الناس

وروى عن شقيق بن إبراهيم الزاهد أنه قال: حسن العمل ثلاثة أشياء:
أوّلها أن يرى أن العمل من اللَّه تعالى ليكسر به العجب،
والثاني أن يريد به رضا اللَّه ليكسر به الهوى،
والثالث أن يبتغي ثواب العمل من اللَّه تعالى ليكسر به الطمع والرياء،
وبهذه الأشياء تخلص الأعمال:
فأما قوله أن يرى أن العمل من اللَّه تعالى يعني يعلم أن اللَّه هو الذي
وفقه لذلك العمل لأنه إذا علم أن اللَّه تعالى هو الذي وفقه فإنه يشتغل
بالشكر ولا يعجب بعمله. وأما قوله يريد به رضا اللَّه تعالى: يعني ينظر في
ذلك العمل فإن كان العمل لله تعالى وفيه رضاه فإنه يعمله وإن علم أنه ليس
لله فيه رضا فلا يعمله كيلا يكون عاملاً بهوى نفسه لأن اللَّه تعالى قال:
{إِنَّ
النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} يعني تأمر بالسوء وبهواها،
وأما قوله أن يبتغي ثواب العمل من اللَّه تعالى: يعني يعمل خالصاً لوجه
اللَّه تعالى ولا يبالي من مقالة الناس؛

كما روى عن بعض الحكماء أنه قال: ينبغي للعامل أن يأخذ الأدب في عمله من
راعي الغنم قيل وكيف ذلك؟ قال لأن الراعي إذا صلى عند غنمه فإنه لا يطلب
بصلاته محمدة غنمه، كذلك العامل ينبغي أن لا يبالي من نظر الناس إليه
فيعمل
لله تعالى عند الناس وعند الخلاء بمنزلة واحدة ولا يطلب محمدة الناس.

وقال بعض الحكماء: يحتاج العمل إلى أربعة أشياء حتى يسلم.
أولها: العلم قبل بدئه لأن العمل لا يصلح إلا بالعلم فإذا كان العمل بغير
علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه.
والثاني: النية في مبدئه لأن العمل لا يصلح إلا بالنية كما قال صلى اللَّه
عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" فالصوم والصلاة
والحج والزكاة وسائر الطاعات لا تصلح إلا بالنية فلا بدّ من النية في
مبدئها
ليصلح العمل.
والثالث: الصبر في وسطه يعني يصبر فيها حتى يؤديها على السكون
والطمأنينة.
والرابع: الإخلاص عند قراءته لأن العمل لا يقبل بغير إخلاص فإذا عملت
بالإخلاص
يتقبل اللَّه تعالى منك وتقبل قلوب العباد إليك.

وروى عن شقيق بن إبراهيم الزاهد أن رجلاً سأله فقال: إن الناس يسمونني
صالحاً فكيف أعلم أني صالح أو غير صالح؟ فقال له شقيق رحمه اللَّه أظهر
سرك عند
الصالحين فإن رضوا به فاعلم أنك صالح وإلا فلا. والثاني اعرض الدنيا على
قلبك فإن ردها فاعلم أنك صالح، والثالث اعرض الموت على نفسك فإن تمنته
فاعلم أنك صالح وإلا فلا، فإذا اجتمعت فيك هذه الثلاثة فتضرع إلى اللَّه
تعالى
لكيلا يدخل الرياء في عملك فيفسد عليك أعمالك.


وروى عن عوف بن عبد اللَّه أنه قال: كان أهل الخير يكتب بعضهم إلى بعض
بثلاث
كلمات: من عمل لآخرته كفاه اللَّه أمر دنياه،
ومن أصلح فيما بينه وبين أصلح اللَّه تعالى فيما بينه وبين الناس،
ومن أصلح سريرته أصلح اللَّه علانيته.

وروى الحافظ أبو نعيم عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: من رأى نفسه
من المخلصين كان من المرائين، ومن رأى نفسه من المرائين كان من المخلصين.


وعن الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه بالإسناد
الصحيح
أنه قال: "وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم على أن لا ينسب إلي حرف منه".

وقال الشافعي رضي الله عنه أيضاً: "ما ناظرت أحداً قط، على الغلبة اى طلبا
للانتصار لنفسى)، وودت إذا ناظرت أحداً أن يظهر الحق على يديه".
وقال أيضاً: "ما كلمت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ، ويسدد ويعان، ويكون
عليه رعاية من الله تعالى وحفظ".

وقال الإمام أبو يوسف، صاحب أبي حنيفة رحمهما الله تعالى: "أريدوا بعلمكم
الله
تعالى، فإني لم أجلس مجلساً قط، أنوي فيه أن أتواضع، إلا لم أقم حتى
أعلوهم،
ولم أجلس مجلساً أنوي فيه أن أعلوهم، إلا لم أقم حتى أفتضح!".
اى ان اردت ان اظهر علمى و فضلى فضحنى الله بقلة علمى

وروينا عن الأستاذ الإمام أبي القاسم القشيري رحمه الله تعالى قال:
الإخلاص،
إفراد الحق في الطاعة بالقصد، وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله تعالى
دون
شيء آخر من التصنع لمخلوق، أو اكتساب محمدة عند الناس، أو منحة مدح من
الخلق، أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله تعالى.
و يقال: الإخلاص، تصفية الفعل عن مخالطة المخلوقات.
ويقال: الإخلاص، التوقي عن ملاحظة الأشخاص.
-وروينا عن الأستاذ أبي علي الدقاق رحمه الله تعالى قال: الإخلاص التوقي
عن
ملاحظة الخلق؛ والصدق التنقي عن مطالعة النفس.
-فالمخلص: لا رياء له؛ والصادق: لا إعجاب له.
-وروينا عن أبي يعقوب السوسي رضي الله عنه قال: متى شهدوا في إخلاصهم
الإخلاص،
احتاج إخلاصهم إلى إخلاص!.
-وروينا عن السيد الجليل ذي النون رضي الله تعالى عنه قال: ثلاث من علامات
الإخلاص:‏
* استواء المدح والذم من العامة.
* ونسيان رؤية الأعمال في الأعمال
*اقتضاء ثواب العمل في الآخرة.
-وعن أبي عثمان المغربي رحمه الله تعالى قاله: "الإخلاص نسيان رؤية الخلق
بدوام
النظر إلى الخالق".
-وعن حذيفة المرعشي رحمه الله تعالى فقال: "الإخلاص أن تستوي أفعال العبد
في
الظاهر والباطن".
-وعن السيد الجليل فضيل بن عياض رحمه الله تعالى قال: "ترك العمل لأجل
الناس
رياء! والعمل لأجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما".
-وعن السيد الجليل أبي محمد سهل بن عبد الله التستري رحمه الله تعالى أنه
سئل
[عن] أي شيء أشد على النفس؟ قال: الإخلاص، لأنه شيء ليس له في نصيب.
-وعن يوسف بن الحسين رحمه الله تعالى قال: أعز شيء في الدنيا؛ الإخلاص.
-وعن أبي عثمان المغربي رحمه الله تعالى قال: "إخلاص العوام ما لا يكون
للنفس
فيه حظ، وإخلاص الخواص ما يجري عليهم لا بهم، فتبدو منهم الطاعات وهم عنها
بمعزل، ولا تقع لهم عليه رؤية، ولا لهم عليها اعتداد.
-قال سهل التستري رحمه الله تعالى: نظر الأكياس في تفسير الإخلاص فلم
يجدوا غير
هذا: أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى وحده، لا يمازجه
شيء، لا
نفس، ولا هوى، ولا دنيا.
-وقال السري رحمه الله تعالى: "لا تعمل للناس شيئاً، ولا تترك لهم شيئاً،
ولا تعطي
لهم شيئاً، ولا تكشف لهم شيئاً‏

لذلك وجب علينا أن نخلص النية لله تعالى في علمنا وعملنا وسائر أحوالنا،
ونخلصه من سائر الشوائب، حتى من رؤية الإخلاص فيه وإن خطر لنا طلب
الثواب
شهدناه من باب المنة والفضل ولكن العمل بذاته لا يستحق الثواب، ويحتاج من
يريد الإخلاص في أعماله ان يشتغل بذكر الله عز وجل، حتى ترق حجب بشريته
ويدخل حضرة الإحسان التي يعبد الله تعالى فيها كأنه يراه، وهناك يشهد
عمله
كله فضلا من الله عز وجل ليس للعبد فيه فضل إلا كونه سببالاظهار ذلك
العمل
لا غير، لأن الأعمال أعراض، والأعراض لا تظهر إلا في الجسم، وهناك يذهب
من
العبد الرياء والكبر والعجب وسائر الآفات لأن هذه الآفات إنما تجيء للعبد
من
شهود كونه فاعلا لذلك العمل مع غفلته عن شهود الخالق له، ومعلوم أنه لا
يصح الرياء والتكبر والعجب من العبد بعمل غيره أبدا، وما رأينا أحدا نام
إلى الصباح وأصبح يرائي أو يعجب أو يتكبر بفعل جاره القائم طول الليل
أبدا فعلم أن من لم يصل إلى دخول مقام الإحسان ويشهد أعماله كلها خلقا
لله
تعالى كشفا ويقينا لا ظنا ولا تخمينا فهو معرض للوقوع في الرياء ولو حفظ
ألفي كتاب.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: من أقل درجات الإخلاص أن يكون في
أعماله كالدابة المحملة، فهي تعبانة من ثقل أحمالها منكسة الرأس لا تعلم
بنفاسة ما هي حاملته ولا بخسته ولا تعلم هو لمن، ولا إلى أين ينتهي
حملها؟ ولا
ترى لها بذلك فضلا على غيرها من الدواب، ولا تطلب على حملها أجرا.
وسمعته يقول: إذا راءى العبد بعلمه وعمله حبط عمله بنص الكتاب والسنة،
وإذا حبط عمله فكأنه لم يعمل شيئا قط فكيف يرى نفسه بذلك على الناس مع
توعده بعد الإحباط بالعذاب الأليم،
قلت: وكذلك ينبغي للفقير المنقطع في كهف أو زاوية أن يتفقد نفسه في دعواها
الإخلاص والانقطاع إلى الله تعالى، فإن رآها تستوحش من ترك تودد الناس
إليها
وغفلتهم عنها فهو كاذب في دعواه الانقطاع إلى الله تعالى، فإن الصادق
يفرح
إذا غفل عنه الناس ونسوه فلم يفتقدوه بهدية ولا سلام، ويفرح إذا انقلب
أصحابه كلهم عنه


".
وروى ثابت البناني عن أنس بن مالك عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم
قال "أتدرون من المؤمن؟ قالوا اللَّه ورسوله أعلم، قال الذي لا يموت حتى
يملأ
اللَّه مسامعه مما يحب، ولو أن رجلاً عمل لطاعة اللَّه تعالى في بيت في
جوف بيت إلى
سبعين بيتاً على كل بيت باب من حديد لألبسه اللَّه تعالى رداء عمله حتى
يتحدث
الناس بذلك ويزيدوا. قيل يا رسول اللَّه وكيف يزيدون؟ قال إن المؤمن يحب
ما
زاد في عمله، ثم قال أتدرون من الفاجر؟ قالوا اللَّه ورسوله أعلم قال الذي
لا يموت حتى يملأ اللَّه مسامعه مما يكره، ولو أن عبداً عمل بمعصية اللَّه
تعالى في
بيت في جوف بيت إلى سبعين بيتاً على كل بيت باب من حديد لألبسه اللَّه
تعالى
رداء عمل حتى يتحدث الناس بذلك ويزيدوا. قيل وكيف يزيدون يا رسول الله؟
قال إن الفاجر يحب ما زاد في فجوره".