PDA

View Full Version : إجماع السلف على تحريم الخروج على الحكام الظلمة بالثورات والانقلابات ( مهم جدا )


ابن غالب
06-02-2004, 08:06 AM
الحمد لله رب العالمين ... والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ... وعلى

آله وأصحابه أجمعين ... وعلى من اقتفى هديه واستن بسنته إلى يوم الدين ....

وبعد :

فقد أجمع أهل السنة والجماعة على تحريم الخروج على الحكام الظلمة والأئمة

الفسقة بالثورات أو الانقلابات أو غير ذلك للأحاديث الناهية عن الخروج ولما

يترتب على ذلك من فتن ودماء ونكبات وأزراء ....

وصار هذا الأصل من أهم أصولهم التي باينوا بها الفرق الضالة وأهل الأهواء

المارقة وحرص علماؤهم على تدوينه في مصنفات العقيدة وكتب السنة ..

يقول الإمام أبو عثمان الصابوني ( ت 499 هــ ) في كتابه

"عقيدة أصحاب الحديث " ص106 ما نصه :

( ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات خلف كل إمام

مسلم برا كان أو فاجرا

ويرون الدعاء لهم بالتوفيق والصلاح

ولا يرون الخروج عليهم وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف ) .

ويقول الإمام الطحاوي في " شرح العقيدة الطحاوية " ( 2/ 540) :

( ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا

ولا ندعوا عليهم

ولا ننزع يدا من طاعتهم

ونرى طاعتهم من طاعة الله - عز وجل – فريضة ما لم يأمروا بمعصية

وندعو لهم بالصلاح والمعافاة .. ) .

ولقد ذكر هذا الإجماع جمع من العلماء منهم النووي حيث قال في شرحه لصحيح

مسلم ( 12/ 229 ) :

( وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة

ظالمين ) .

ونقله ابن حجر في فتح الباري ( 13/ 7 ) عن ابن بطال فقال : ( وقد أجمع

الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من

الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء .. ولم يستثنوا من ذلك

إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح .. ) .

وقد سئل فقيه الزمان الإمام ابن عثيمين - رحمه الله وطيّب ثراه - ما نصه :

( ما حكم الإضراب عن العمل في بلد مسلم للمطالبة بإسقاط النظام العلماني ... )

فأجاب - رحمه الله - :

( هذا السؤال لا شك أن له خطورته بالنسبة لتوجيه الشباب المسلم وذلك أن قضية

الإضراب عن العمل سواء كان هذا العمل خاصا أو بالمجال الحكومي لا أعلم له

أصلا من الشريعة يبنى عليه

ولا شك أنه يترتب عليه أضرار كثيرة حسب حجم هذا الإضراب شمولا وحسب حجم

هذا الإضراب ضرورة ولا شك أنه من أساليب الضغط على الحكومات والذي جاء

في السؤال أن المقصود به إسقاط النظام العلماني

وهنا يجب علينا إثبات أن النظام علماني أولا

ثم إذا كان الأمر كذلك فليعلم أن الخروج على السلطة لا يجوز إلا بشروط بينها

النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -

قال : " بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - على السمع والطاعة في

منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال : إلا

أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان "
.
الشرط الأول : أن تروا بمعنى أن تعلموا علما يقينيا بان السلطة ارتكبت كفرا .

الشرط الثاني : أن يكون الذي ارتكبه السلطة كفرا فأما الفسق فلا يجوز الخروج

عليهم بسببه مهما عظم .

الشرط الثالث : بواحا أي معلنا صريحا لا يحتمل التأويل .

الشرط الرابع : عندكم فيه من الله برهان أي مبني على برهان قاطع من دلالة

الكتاب والسنة أو إجماع الأمة فهذه أربعة شروط .

والشرط الخامس : يؤخذ من الأصول العامة من الدين الإسلامي وهو قدرة هؤلاء

المعارضين على إسقاط السلطة لأنه إذا لم يكن لديهم قدرة انقلب الأمر عليهم لا

لهم فصار الضرر أكبر بكثير من الضرر المترتب على السكوت على هذه الولاية

حتى تقوى الجبهة الأخرى المطالبة لدين الإسلام .

فهذه الشروط الخمسة لا بد منها لإسقاط الحكم العلماني في البلاد فإذا تعين أن

الإضراب يكون سببا لإسقاط الدولة بعد أو لإسقاط الحكم بعد الشروط التي

ذكرناها فإنه يكون لا بأس به وإذا تخلف شرط من الشروط الأربعة التي ذكرها

الرسول - صلى الله عليه وسلم - والشرط الخامس الذي ذكرناه أن قواعد الشريعة

تقتضيه فإنه لا يجوز الإضراب ولا يجوز التحرك لإسقاط نظام الحكم ) .

ثم سئل - رحمه الله - ما نصه :

( بعد الإضراب يقدم الذين أضربوا مطالبهم وفي حالة عدم الاستجابة لهذه

المطالب هل يجوز مواجهة النظام بتفجير ثورة شعبية ؟ ) .

فأجاب - رحمه الله - :

( لا أرى أن تقام ثورة شعبية في هذه الحال لأن القوة المادية بيد الحكومة كما

هو معروف والثورة الشعبية ليس بيدها إلا سكين المطبخ وعصا الراعي وهذا لا

يقاوم الدبابات والأسلحة لكن يمكن أن يتوصل إلى هذا من طريق آخر إذا تمت

الشروط السابقة .

ولا ينبغي أن نستعجل الأمر لأن أي بلد عاش سنين طويلة مع الاستعمار لا يمكن

أن يتحول بين عشية وضحاها إلى بلد إسلامي بل لا بد أن نتخذ طول النفس لنيل

المآرب والإنسان إذا بنى قصرا فقد أسس سواء سكنه أو فارق الدنيا قبل أن

يسكنه فالمهم أن يبني الصرح الإسلامي وإن لم يتحقق المراد إلا بعد سنوات

فالذي أرى ألا نتعجل في مثل هذه الأمور ولا أن نثير أو نفجر ثورة شعبية لأن

المسألة خطيرة وتعرفون أن الثورة الشعبية غالبها غوغائية لا تثبت على شئ

لو تأتي القوات إلى حي من الأحياء وتقضي على بعضه لكان كل الآخرين

يتراجعون عما هم عليه ) .

ما نقلته من كلام الإمام ابن عثيمين رحمه الله تجده في

( فقه السياسة الشرعية ص276-279 ) .

والحمد لله ....


*** يتبع إن شاء الله ****

عبدالله المقدسي
08-02-2004, 01:26 PM
هكذا هو المنهج السلفي الذي يضمن الحياة المستقيمة


وشكرا لنقلك

شهاب الحق
08-02-2004, 03:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
"إجماع السلف على تحريم الخروج على الحكام الظلمة بالثورات والانقلابات "
بارك الله بك اخي الكريم
سؤالي هو ما هو السبيل لعلاج حال مثل هؤلاء الحكام الظلمة والفسقة
والذين لا يحكمون بما أنزل الله؟

ابن غالب
10-02-2004, 03:56 PM
د. بايعها ..

شهاب الحق ..

وعليكم السلام ..

جزاكما الله خير ,...

وأشكركما على مروركما الكريم ..

والشكر موصول إلى من قام بتثبيت هذا الموضوع المهم ..

فجزاه الله خيرا .. وسدّد على الخير خطاه ..

محبّكم :

ابن غالب

ابن غالب
10-02-2004, 04:00 PM
شهاب الحق ..


من أفضل ما قرأته جوابا على سؤالك رسالة عظيمة النفع جليلة القدر

لمحدّث العصر الإمام البحر محمد ناصر الدين الألباني

ـ قدّس الله روحه ونوّر ضريحه ـ وهي في الأصل محاضرة لفضيلته ..

وأدعو إخواني جميعا بالانتفاع بهذه الرسالة المباركة ..

وهاكم نصّها :

http://www.awda-dawa.com/print.php?ID=151

ابن غالب

ابن غالب
10-02-2004, 04:02 PM
( 2 )

من ينعم النظر في سيرة الأئمة كابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ والأوزاعي

ومالك والزهري والليث بن سعد وعطاء بن أبي رباح والإمام أحمد بن

حنبل ومحمد بن إسماعيل ومحمد إدريس وأحمد بن نوح وإسحاق بن

راهويه وإخوانهم وما وقع في عصرهم من البدع العظام وإنكار الصفات

ودعوا إلى ذلك وامتحنوا فيه وقتل من قتل كأحمد بن نصر ومع ذلك فلا

يعلم أن أحداً منهم نزع يداً من طاعة ولا رأى الخروج عليهم

وأكتفي في مقامي هذا ـ طلبا للاختصار ـ بإيراد صورتين من صور سلفنا

الصالح في تطبيق هذا الأصل العظيم الذي امتاز به منهج سلفنا الصالح

عن بقيّة الفرق الضالة وأهل الأهواء :

1- الصورة الأولى لابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ :

روى البخاري.. عن نافع قال لما خلع اهل المدينة يزيد بن معاوية،

جمع بن عمر حشمه وولده، فقال إني سمعت النبي- صلى الله عليه

وسلم- يقول" ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة" وإنا قد بايعنا هذا الرجل

(من كلام ابن عمر مدرج) على بيع الله ورسوله، و إني لا اعلم عذراً،

اعظم من ان يبايع رجل على بيع الله ورسوله، ثم ينصب له القتال!، وإني

لا اعلم احداً منكم خلعه، ولا تابع في هذا الأمر، إلا كانت الفيصل بيني

وبينه"

(صحيح البخاري- ج 6ص 2603) .

وفي رواية صخر بن جويرية عن نافع المذكور: وان من اعظم الغدر

بعد "الإشراك بالله!!" أن يبايع رجل رجلاً لى بيع الله، ثم ينكث بيعته !،

قوله إلا كانت الفيصل بيني وبينه، أي: القاطعة وهي فيصل من فصل

الشيء إذا قطعه،، وفي رواية صخر بن جويرية فيكون صيلماً بيني وبيه،

والصليم .. القطيعة! .

قال ابن حجر شارحا هذا الحديث :

وفي هذا الحديث وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة،

والمنع من الخروج عليه ولو جار في حكمه، وانه لا ينخلع بالفسق.."

(فتح الباري 13-72) .

2- الصورة الثانية : لإمام أهل السنة

الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ

لقد كان ولي الأمر في عهده معتزلياً، يعطل الصفات ويرى أن القرآن

مخلوق، ويلزم الناس بذلك ولذلك سجن الإمام أحمد ولم ينزع يداً من

طاعة ولم يدع إلى الخروج والخلل في العقيدة ـ كما هو معلوم ـ

أعظم جرماً من المعاصي بأنواعها .

ذكر الخلال في السنة أن فقهاء بغداد اجتمعوا عند الإمام أحمد،

يستأذنونه بالخروج على الخليفة، لأن الأمر بلغ عظيماً لا يستحمل ولا

يصبر عليه فقام غاضباً ينفض ثيابه ويردد بصوت عال :

«اتقوا الله في الدماء، اتقوا الله في الدماء»

وذكر هذه القصة ابن مفلح في الآداب الشرعية، فقال

«اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى ابي عبدالله يعني الإمام بن

حنبل رحمه الله تعالى وقالوا له: إن الأمر قد تفاقم وفشا يعنون إظهار

القول بخلق القرآن، وغير ذلك ولا نرضى بإمارته ولا سلطانه، فناظرهم

في ذلك، وقال عليكم بالإنكار في قلوبكم ولا تخلعوا يداً من طاعة ولا

تشقوا عصا المسلمين، ولاتسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم،

وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح بر ويستراح من فاجر،

وقال ـ ابن مفلح ـ :

ليس هذا يعني نزع أيديهم من طاعته صواباً هذا خلاف الآثار .

يتبع إن شاء الله

العوضي
15-02-2004, 06:32 AM
الأخ ابن غالب ...

بارك الله فيك وفي حرصك على اتحاف غيرك بما هو مفيد
واضم صوتي لصوتك حول هذا الموضوع ...
فقد اعتزل الكثير من العلماء في أيام الفتن ولم يقم ولم يؤيد أي منهم القيام على الولاة بالرغم مما كانوا فيه من بدع وضلالات .. حقنا لدماء المسلمين وبعدا عن اراقة الدماء .. ولكن رغم ذلك لم يكونوا ليسكتوا عن الظلم والخطأ بل كانوا ينصحون للحكام ويجادلونهم ولو كان ذلك على حساب حياتهم ...

ابن مفلح
15-02-2004, 02:29 PM
الأخ المكرم ابن غالب نفع الله بك

هذا هو إعتقاد السلف الذي للأسف فارقه كثير من الناس بحجة تسليط العاطفة على النص

ابن غالب
15-02-2004, 04:10 PM
العوضي ..

ابن مفلح ..

جزاكما الله خير ..

وأشكر لكما مروركما الكريم ..

محبّكم :

ابن غالب

ابن غالب
15-02-2004, 04:24 PM
( 3 )

قال شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب :

(( الأصل الثالث : أن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمّر علينا

ـ ولو كان عبدا حبشيّا ـ ؛ فبيّن الله هذا بيانا شافيا كافيا بوجوهٍ من

أنواع البيان شرعا وقدرا ، ثمّ صار هذا الأصل لا يُعرف عند أكثر من يدّعي

العلم فكيف العمل به ؟ )) من رسالته الأصول الستّة .

وقال كذلك ـ قدّس الله روحه ـ في ( مسائل الجاهلية )ص ( 47) :

(( اعتبارهم مخالفة ولي الأمر فضيلة وطاعته والإنقياد له ذلة ومهانة :

المسألة الثانية :

(( إن مخالفة ولي الأمر وعدم الإنقياد له فضيلة

والسمع والطاعة له ذلة ومهانة

فخالفهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر بالسمع والطاعة لهم

والنصيحة وغلظ في ذلك وأبدى واعاد .

وهذه المسائل الثلاث:

هي التي جمع بينها فيما صح عنه في الصحيح : أنه قال:

((إن الله يرضى لكم ثلاثاً : أن تعبدوه ولاتشركوا به شيئاً وأن تعتصموا

بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم )

أخرجه مسلم ( رقم 1715)

ولم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلا بسبب الإخلال

في هذه الثلاث أو بعضها )) .

قال الشيخ العلامة الفوزان معلقاً على كلام الإمام محمد بن عبد

الوهاب-رحمه الله :

(( وهذا فرق ما بين اهل الجاهلية واهل الإسلام :

في مسألة ولاة الأمور أهل الجاهليــــــــــــــة لايرون الطاعة لولاة

الأمور ويرون ذلك ذلة

وأما الإســـــــــــــــــــــلام : فإنه أمر بطاعة ولاة الأمور المسلمين وإن

كان عندهم شئ من الفسق في أنفسهم أو عندهم ظلم للناس يصبر

عليهم لأن في ذلك مصالح للمسلمين .......))

ثمّ قال :

(( ...وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة لهم

وامر بالنصيـــــــــــــحة لهم ســــــــــــــراً بينهم وبين الناصح

واما الكلام فيهم وسبهم واغتيابهم فهذا من الغش لهم

لأنه يؤلب الناس عليهم

ويفرح اهل الشــــــــــــر

وهذا من الخيانة لولاة الأمور

أما الدعاء لهم وعدم ذكر معائبهم في المجالس فهو من النصيحة لهم

ومن أراد النصيحة لهم ومن كان يريد ان ينصح الإمام فإنه يوصل

النصيحة إليه في نفسه

إما مشافهة

وإما كتابة

وإما بأن يوصي له من يتصل به ويبلغه عن هذا الشئ

وإذا لم يتمكن فهــــــــــو معـــــــــــذور )) .


شرح مسائل الجاهلية ( ص 50 / 51 ) .

وللحديث صلة ـ إن شاء الله ـ

ابن غالب
22-02-2004, 03:03 PM
( 4 )


إلى كل من منع من محاضرة أو درس أو ندوة أو من طباعة كتاب أو في مشاركة في لقاء فضائي وغير ذلك

أقول له ولمحبيه.



ماقاله الله جل وعلا

((إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُواْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))



والنبي صلى الله عليه وسلم قال:

(( من رأى من أميره شيء فلصيبر ولا ينزعن يداً من طاعة))



وقال الآجري رحمه الله:

(( من أمر عليك من عربي أو غيره أسود أو أبيض أو أعجمي فأطعه فيما ليس فيه معصية ، وإن حرمك حقاً لك ، أو ضربك ظلماً لك ، أو انتهك عرضك أو أخذ مالك ، فلايحملك ذلك على أن تخرج عليه بسيفك حتى تقاتله ، ولاتخرج مع خارجي يقاتله ، ولاتحرض غيرك على الخروج عليه ولكن اصبر عليه))

الشريعة للآجري رحمه الله ج1 96



قال الأوزاعي رحمه الله:

((فاصبر نفسك على السنة ، وقف حيث وقف القوم ، وقل فيما قالوا ، وكف عما كفوا عنه ، واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ماوسعهم))

ذكره الأصبهاني في الحجة ج 1 ص:102





قلت :

هذه الأوامر من الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم في وجوب السمع والطاعة لولي أمر المسلمين والجميع يعلم ذلك إن شاء الله تعالى . ولكن أردت أبين بعض ما يخفى على البعض وهو الصبر والاحتساب عند منع أحد العلماء أو الدعاة من محاضرة أو درساً أو كلمة أو من تأليفٍ لكتابٍ أو غير ذلك... تأسياً بالصدر الأول الذي يزعم أنه منهم وعلى طريقتهم ، وإن كان حقاً ، فهذا كلام العلماء يأمرون بالصبر والإحتساب على الإمام الجائر كمثل ماحصل للإمام أحمد رحمه الله ، وهذا الشيخ محمد بن عثيمين يقول: والله يعلم أنني أنا لوكما قلتُ لكم: لو قيل لي لا تخطب ولا تدرس ولا تنصح و لا تتكلم ولا تصلي بالجماعة ؟ ما عارضت !! قلتُ لهم سمعاً وطاعة.. انتهى كلامه رحمه الله وسيأتي ذكره كاملاً.

ولم يقل بل سأتكلم وسأفعل وسأتشكي لماذا يضيق علي ولماذا أحرم من الدعوة ومن التأليف والتدريس وغير ذلك... بل قال رحمه الله أقول لهم سمعاً وطاعة... وهذا هو العالم الرباني المتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم حقاً.



صور من الصبر والمعاناة

فهذا الإمام أحمد رحمه الله الذي ضرب لنا أروع وأجمل الأمثلة في الصبر على جور ولاة الأمر تأسياً بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وحاثاً الناس على هذا المعتقد السني السلفي الذي لم يكن بدعاً من القول :

فالإمام أحمد ابتلي في فتنة خلق القرآن، فكان مما ثبته يومئذ وصايا بعض الصالحين له، ومن ذلك:

قول أعرابي: يا هذا ما عليك أن تقتل ها هنا وتدخل الجنة.

وقال آخر: إن كنت تحب الله فاصبر على ما أنت فيه، فإنه ما بينك وبين الجنة إلا أن تقتل.

وقال أعرابي: يا أحمد أن يقتلك الحق مت شهيداً، وإن عشت عشت حميداً.. قال أحمد: فقوي قلبي.

وقال له محمد بن نوح: أنت رجل يقتدى بك قد مدَّ الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك، فاتق الله واثبت لأمر الله.

وعندما خاف السوط قال بعض المسجونين: لا عليك يا أبا عبد الله، فما هو إلا سوطان ثم لا تدري أين يقع الباقي.



الإستعداد بالسيوف للضرب والقهر

وعندماجردت السيوف وركزت الرماح ، ونصبت ا لأتراس ، وطرحت السياط

ليقول بخلق القرآن...!!!

قال: ابن داود وبشر للخليفة:

اقتله حتى نستريح منه ، هذا كافرٌ مُضل.

فقال: إني عاهدت الله ألا أقتله بسيف ولا آمر بقتله بسيف ، فقالا له: أضربه بالسياط ،

فقال المعتصم له: وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأضربنك بالسياط أو تقول كما أقول:



فلم يرهبه ذلك.

فقال المعتصم: احضروا الجلادين ، فأحضروا

فقال المعتصم: لواحد منهم بكم سوطٍ تقتله.؟

قال : بعشرة.

قال خذه إليك.

فأخرج الإمام أحمد من أثوابه ، وشد في يديه حبلان جديدان ، ولما جئ بالسياط فنظر إليها المعتصم فقال: ائتوني بغيرها ، ثم قال: للجلادين تقدموا ، فلما ضرب سوطاً قال: بسم الله ، فلما ضرب الثاني: لاحول ولاقوة إلا بالله تعالى ، فلما ضرب الثالث قال: القرآن كلام الله غير مخلوق ، فلماضرب الرابع: قال (( قلن لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا)) حتى ضرب تسعة عشر سوطاً رحمه الله وهو مازال يكابد ويصابر نفسه.



ومع ذلك فلم يأمرهم بالخروج عليه ولا بتأليب الناس عليه؟

ومع هذا كله وهذا التعذيب وهذه الدماء التي أريقت من جسده رحمه الله وهذا الصديد الذي سال من حنايا جسمه يقول للخليفة:

وإني لأرى السمع والطاعة في عسري ويسري ومنشطي ومكرهي وأثرةٍ علي ،

وإني لأدعو الله له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار..السير11/267





وفي مناظرة مع أحمد المعتزلة قال رحمه الله: شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبوبكر وعمر وعثمان وعلي ولا الخلفاء الراشدون ، علمته أنت! سبحان الله! شيء علموه ولم يدعوا الناس عليه إليه, أفلا وسعك ماوسعهم؟! 11/313سير أعلام النبلاء



وروى مسلم في حديث خباب:

((شكونا إلى رسول الله وهو متوسد بردة في ظل الكعبة، فقلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ قال: كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه فيجاء بالمنشار، فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه)).



وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله بعد أن تم وقف بعض

الدعاة عن المحاضرات والدروس والتأليف:

فإذا حاول أحد أن يقلل من هيبة العلماء وهيبة ولاة الأمور ضاع الشرع والأمن ،



لأن الناس إن تكلم العلماء لم يثقوا بكلامهم ، وإن تكلم الأمراء تمردوا عليهم وحصل الشر والفساد ، حتى لو منعوا أشرطة فلان وفلان مايهم ، نقول نسأل الله الهداية ، وهل نحن أعلم وأبين وأفقه من الإمام أحمد



قولوا:



للشباب الذين قد يغترون ، لسنا أعلم من مثل هؤلاء الأئمة ،



كان الإمام أحمد يضرب ويجر بالبغلة ويضرب بالسياط حتى يغم عليه ومع ذلك يقول: لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان ويكون يدعو المأمون بأمير المؤمنين وهو لأي شيء يدعو المأمون ؟



لبدعة عظيمة للقول بخلق القرآن حتى جعلوه يدرس في المدارس على القول بخلق القرآن ، ونحن هل رأينا من ولاة أمورنا مثل ذلك ؟ هل علمتم أنهم دعوا إلى بدعة وقالوا : من ضادنا فيها فسوف نقتله أو نحبسه أو نضربه ،!! أنا لا أعرف ، فالواجب يا أخوانِ أن ننظر ماذا سلك السلف تجاه الخلفاء ، تجاه ذوي السلطان ، وأن نعلم أنه كما قيل لأبي حنيفة رحمه الله : قومٌ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويكفرون مارأو . قال: لا يفعلون ، قالوا ولما: أليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة ؟؟ قال بلا ، ولكن ما يفسدون أكثر مما يصلحون؟



فأنت يا أخي تحكم عاطفتك إذا حتمت عليك ، وقامت تثور مثل القدر ،



شالتك(( أي حملتك))



وقمت تتكلم بكل شيء ، أضبط نفسك واعرف العواقب وأنا أقول لكم:



أن الأخوة الذين يثيرون في مثل هذه الأمور



لا يخدمون إلا العلمانيين ،

العلمانيين هل تظنون أنهم يحبون أن تبقى الدولة ، ؟؟؟ لا.



لأنهم لا يريدون الإسلام.

يريدون دولة الحادية يستوي فيها اليهودي والنصراني والوثني والمسلم وكل أحد.





هم يفرحون أن الدولة تتسلط عليكم بمثل هذه النعرات حتى تقضي على الدولة ، ثم يقضون على الدولة لأن الناس العامة إذا نفرت قلوبهم كرهوا الولاة وثاروا عليهم وأسقطوهم بالقوة فهم يتولون الحكم بعدهم وانظروا إلى الثورات الآن: في مصر ، في العراق ، في الشام ، ماذا حدث .. هل انتقلوا من سيئ إلى حسن ؟؟ إلى أي شيء ؟؟ إلى أسوء عاد من سيء أو من حسن.

فهؤلاء الأخوة الشباب الذين يثيرون في مثل هذه الأمور يخدمون العلمانيين بلا شك ،





خدمة مجانٍ ، لكن مباشرة ولابغير مباشرة؟؟

غير مباشرة ، ماهو يروحون(( أي يذهبون))



يقولون: تعالوا نخدمكم نثير الناس على الدولة؟؟، لا ما يقولون هكذا، لكن العلمانيين يعرفون هذا الشيء ، يعرفون أن هؤلاء يخدمونهم ولذلك ربما تعرفون أكثر مما أعرف مما أعرف في هذه الأمور وكيف صار الذين يتكلمون بالخير إلى ما ترون من جهة أن بعضهم يكون بعضهم صدرٌ يثور ؟؟





ليس العبرة بالثورة ولا العبرة بالتقدم ولا بالانفعال ،





العبرة بالحكمة ، ولست أريد بالحكمة أن نسكت على الخطأ ، أن نعالج الخطأ بمثله ، لا نغير الأوضاع ولكن لنصلح الأوضاع ، فالناصح هو الذي يتكلم ليصلح الأوضاع لا ليغيرها . وأقول لكم:



ادرسوا ما نقل عن السلف تجاه ولاة الأمور الذين تغيروا وأحدثوا في دين الله وفي مجتمعاتهم ما ليس من دين الله ، انظروا موقفهم معهم واتبعوا آثارهم ، فأما الكتاب والسنة ففيهما الكفاية ، لكن أحثكم على قراءة ما عند الأئمة لأنه تاريخ تطبيق ، تعرفون به هذا الأمر.







والله يعلم أنني أنا لوكما قلتُ لكم:

لو قيل لي لا تخطب ولا تدرس ولا تنصح و لا تتكلم ولا تصلي بالجماعة ؟ ما عارضت !! قلتُ لهم سمعاً وطاعة لأني أعرف أن ما يترتب على المفاسد بأضعاف وأضعاف أكثر مما يترتب على المصلحة ...

هذا ما أردت أن أقوله: وأريد أيضاً منكم بما أنكم شباب وتخالطون الشباب ، أن تنشروا هذا فيهم ،



أن لا يكونوا كالإبل المنخرشة ما تدري أين تتوجه ، هذا ما أقوله ، وأستغفر الله لي ولكم

.[ من شريط توجيهات للشباب وشريط الكلمات النافعة في الفتن الواقعة]



أخيراً أقول:

روى مسلم في حديث خباب:

((شكونا إلى رسول الله وهو متوسد بردة في ظل الكعبة، فقلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ قال: كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه فيجاء بالمنشار، فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه)).





أكرر ماقال العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله:



والله يعلم أنني أنا لوكما قلتُ لكم:

لو قيل لي لا تخطب ولا تدرس ولا تنصح و لا تتكلم ولا تصلي بالجماعة ؟ ما عارضت !! قلتُ لهم سمعاً وطاعة لأني أعرف أن ما يترتب على المفاسد بأضعاف وأضعاف أكثر مما يترتب على المصلحة ...





والله يعلم أنني أنا لوكما قلتُ لكم:

لو قيل لي لا تخطب ولا تدرس ولا تنصح و لا تتكلم ولا تصلي بالجماعة ؟ ما عارضت !! قلتُ لهم سمعاً وطاعة لأني أعرف أن ما يترتب على المفاسد بأضعاف وأضعاف أكثر مما يترتب على المصلحة ...



قال الله تعالى

((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضلالاً مُّبِيناً))

وقال:

((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ المنافقين يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً))

وقال:

((وَمَن يُشَاقِقِ ٱالرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱ ا لْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً))







قاله وكتبه البربهاري



عفا الله عنه بمنه وكرمه

عروبي
02-03-2004, 01:38 PM
بعد التحيه والسلام؛
هناك فرق يبدوا ان كاتب الموضوع يحاول تجاهله هو ان هناك فرق بين الخروج على حاكم مسلم ظالم لايعدل؛وحاكم اخر يدعي الاسلام ولايطبق شرع الله ويحل ماحرمه الله من ربا وموالاه الكفار ومساعدتهم في قتلهم لاطفال المسلمين في العراق وفلسطين!
الالعنه الله على الظالمين وعبيدهم!

مباغت
03-03-2004, 09:11 AM
نحن نتفق معك في انه لا يجوز الخروج على الحاكم الظالم.

لكن ماذا عن الحاكم الكافر .
الذي ارتكب من نواقض الاسلام ما الله به عليم.
ويكفي واحدة منها تكفره.

فما رأيك؟

ابن غالب
03-03-2004, 11:25 AM
عروبي ..

مباغت ..

هذه المسألة التي أثرتموها ليست من شأني وشأنكما حتى نحكم

فيها .. فلا بد من الرجوع فيها إلى أعلام هذا الزمان مشايخ الإسلام

فهم المعنيّون بالافتاء فيها .. فالرجوع .. الرجوع إلى أهل العلم الكبار

كابن باز والألباني والعثيمين وصالح الفوزان وغيرهم من أئمة الدين ,..

ابن غالب

ابن غالب
03-03-2004, 11:31 AM
*** بالصوت :


1- شيخ الإسلام عبدالعزيز ابن باز رحمه الله : عدم السمع والطاعة ,

والخروج على ولي الأمر هذا هو دين الخوارج .


http://www.sohari.com/nawader_v/fatawe/ben-baz-5urog.rm


2- شيخ الإسلام عبدالعزيز بن باز رحمه الله : معنى البيعة لولي الأمر


http://www.sohari.com/nawader_v/fatawe/ben-baz-bay3ah.rm


3- وهنا كلمة توجيهية حول البيعة لولاة الأمر ،

لشيخ الإسلام ابن باز رحمه الله


http://www.sohari.com/nawader_v/fatawe/ben-baz-bay3a-saudya.rm

ابن غالب
03-03-2004, 11:40 AM
*** بالصوت :

1- فقيه الزمان محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله :

يفصل القول في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله , ويحذر من منهج

الخوارج , ويبين معنى منابذة الحكام .


http://www.sohari.com/nawader_v/fatawe/ben-othimin-5awareg.rm

2- فقيه الزمان محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :


يجب طاعة ولي الأمر ولو كان من أفسق عباد الله

http://www.sahab.net/mydata/file/rahal/atemenwolat.wma


3- فقيه الزمان ابن عثيمين :


أما هذا الإرهاب فهو والله نقص على المسلمين، أقسم بالله


http://www.sahab.net/mydata/file/rahal/msa.wma

ابن غالب
03-03-2004, 11:43 AM
** بالصوت :


العلامة صالح اللحيدان :


الانقلابات والثورات , من أشد ما يفتك بالدول الإسلامية , وهي من

أسباب سفك الدماء والفتن والفوضى .



http://www.sohari.com/nawader_v/fatawe/luhidan-enqelabat.rm

مباغت
04-03-2004, 02:02 AM
1)مسألة الحكم بغير ما انزل الله :
اولا انت اقتصرت على هذا الشي مع ان هناك اشياء كثيرة كفرية وعلى وجه العموم بدون ولوج في التفاصيلالصغيرة الأخرى:
لبس الصليب
مظاهرة المشركين على المسلمين بالسلاح والمال
الالتزام بالمواثيق الكفرية كميثاق الامم المتحدة والجامعة العربية وغيرها
صرف التشريع لغير الله
استحلال المحرمات المعلومة من الدين بالضرورة
تحريم الحلال
احداث محاكم تحكم بغير الشرع المطهر
وغيره الكثير...

وقال ابن باز رحمه الله : وكل دولة لا تحكم بشرع الله ولا تنصاع لحكم الله فهي دولة جاهلية كافرة ظالمة فاسقة بنص هذه الآيات المحكمات ، يجب على أهل الإسلام بغضها ومعاداتها في الله ، وتحرم عليهم مودتها وموالاتها حتى تؤمن بالله وحده وتحكم شريعته . اهـ

أما غير ذلك فدونك قول شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية :
ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتدا كافرا ، يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة .اهــ


أما مسألة لخروج على ولي امرك هذا هو دين الخوارج فهذا والله لهوا التلبيس بعينه,
فقد خرج الحسين سيد شباب الجنة على من هو خير من ولي امرك هذا ,ولم يعد من الخوارج.
وخرج عبدالله ابن الزبير على خير من ولي امرك هذا ولم يُعد خارجيا...

، كرر هذا الأمر إلى أن استبدلت كل المجموعة القديمة!

في النهاية وجد أن القردة مستمرة في ضرب على كل من يجرؤ على الاقتراب من السلم، لماذا؟ لا أحد منهم يدري!! لكن هذا ما وجدت المجموعة نفسها عليه منذ أن جاءت!

المغزى من هذه القصة الطريفة لا يخفى على ذي لب ، كما لاتخفى مناسبتها لموضوع مقالنا هذا عندما يمعن فيه القارئ العزيز النظــر ، فالوضع الذي وصلت إليه شعوب الأمّة مع حكّامها ، يشبه ما في هذه القصة إلى حد كبير، ولعله من غير المستبعد أن يكون الحكّام قد طبقوا هذه التجربة مع شعوبهم المسكينة .

حتى لقد وصلت الشعوب إلى حالة سياسية من أعجب أوضاع التاريخ ، فثمة شعوب لاتعرف حقوقها ، ولا تريد أن تعرفها ، وتعاقب هي من يريد أن يعرفها فضلا عن المطالبة بها ، ثم جاءت أجيال إثــر أجيال ، لا تدري لماذا هي هكذا ؟!!

والعجيب الذي لا يكاد يصدق أن يتكبكب بعض المحسوبين على العلم الشرعي في ذلك "القفص" وتنجح فيهم التجربة نفسها ، فيبادرون بالزجر والتنفير من يطالب بحقوقه من الرعية أو حتى يسأل عنها ، ويتحدثون ـ دون أن يسألوا أنفسهم كيف صار أمرنا إلى هذا الحال ويعلمون تلاميذهم ما تعلموه من مشايخهم ولا يسأل أحد كيف ولماذا ؟ ـ يتحدثون دائما عن حقوق ولي الأمر ، وواجبات الرعية ، ويجيبون عن كل سؤال يخطر على البال في هذا المجال إلا سؤالين فهما على كل مسلم حرم محـــرم! :

أحدهمـا :
ــــــــ

من هو ولي الأمر شرعا وحقا .

ما مدلول هذا الإسم الشرعي العظيم .

ومتى يستحقه مدّعيه ، ومتى يسلب منه .

وهل له من شروط ، وهل تنقضه نواقض ، أم هو بلا شروط ، ولاينتقض البتة ؟!!

والأدهى والأمر ، أنك ترى بعض الذين يتكلمون عن شروط كلمة التوحيد ونواقضها فيسهبون ، ويجرون أحكام التكفير المنبثقة عن ذلك على آحاد الناس ، فلا يعذرونهم بجهلهم فيما لا يعذرون فيه بالجهل ، ويقومون في هذا المقام بالقسط بصرامة المؤمنين الموحدين .

فإذا وصل الأمر إلى السلطة التي ليس لمتوليها عندهم شروط ولا ينقض سلطته ناقض ، فليس لأحد أن يسأله عما يفعل ، بل ليس لأحد أن يسأل العلماء عما تفعله السلطة حتى لو هدمت أركان الدين ، وقوضت مبانيه ، وحولت البلاد والعباد إلى أداة بيد الأعداء ليمرروا مخططاتهم على أمتنا ، بأموالنا ، وأيدينا ، وأرضنا ، بل وبدماءنا .

وكأنك ترى شروط كلمة التوحيد ، ونواقضها ـ عند هؤلاء ـ يقفان عند باب السلطان ، فلا يدخلان إلا بعد تفتيش أمني يسمح بمرور ما يبرئ السلطان من تبعات ما يخالفهما !!

ولكأنك تسمعهم يقولون إن سأل سائل عن شروط من يتولى الأمر ، أو نواقض سلطته ، وليّ الأمر معلوم ، والإيمان به واجب ، والسؤال عن بدعة ، والكيف مجهول ، ثم يأمرون بك فتجــر برجلك !!

ولم يعلموا أن الإمام مالك الذي قال هذه القولة ، إنما قالها في حق ملك السموات والأرض ليزرع هيبة الله في قلوب العامة أن يسألوا عن ذاته وكيفية صفاته ، ثم جر الجنود السائل من رجله فأخرجوه من المسجد ، وأما السلطان فكان مالكٌ يقول رحمه الله ( والله ما دخلت على ملك من هؤلاء الملوك حتى أصل إليه ، إلا نزع الله هيبته من صدري) .

وقد نالته محنة من السلطة الجائرة بسبب أنه كان لايرى بيعة المكره بشيء ، وكانوا يكرهون الناس على الحلف بالطلاق في بيعتهــم ، وذكر الذهبي في السير : " فغضب جعفر ـ يعني بن سليمان لما ولي المدينة ـ فدعا بمالك ، فاحتج عليه بما رفع إليه عنه ، فأمر بتجريده ، وضربه بالسياط ، وجبذت يده حتى انخلعت من كتفه ، وارتكب منه أمر عظيم ، فوالله ما زال مالك في رفعة وعلـــــو " قال الذهبي : هذه ثمرة المحنة المحمودة ، أنه ترفع العبد عند المؤمنين ) سير أعلام النبلاء 8/81

أما السؤال الثاني فهو :
ــــــــــــ

هل للرعية من حقوق ، وما هي حقوقها ، وأين يقع منها حفظ الدين والعقيدة وهي أعظم الحقوق ، وكيف تدافع الرعية عن حقوقها ، وكيف تنتزعها ، هل لها جهات تجبر ولي الأمر على حفظ حقوق رعيته ، أم الرعية قطعان سائمة ، وأمواج بشرية هائمة ، واجبها أن تجعل "ولي الأمر" ، في رضا دائم ، وبال هانئ ناعم ، لا يكدر خاطره شيء ، ولا يلومه لائم.

هذا وأحسنهم طريقة الذي يمنحك حق "النصيحة السرية" ، الحق الأوحد والوحيد للرعية ، وما أدراك ما "النصيحة السرية" ؟! ثم ما أدراك ما هي ؟!

هي أن تبحث جاهدا ليلا في جنح الظلام ، عمن يمكنه من علماء الحكمة !! أن ينقذ عندما يصل إلى عتبة الباب العالي دين الإسلام ، فتسرّ إليه بما تخشى منه على عقيدة التوحيد من ظهور موالاة الكافرين ، وانتهاك أساس الدين ، وتقريب المنافقين ، وإبعاد المصلحين ، وإياك أن يعلم أحد بما تفعل ، فتقترف جريمة الخروج على ولي الأمر ، تلك الطامة الكبرى ، والمصيبة العظمى .

تبحث عمّن يمكنه أن يصل إلى باب السلطان ، فيدخل عليه بعد الإذن ، فيتقدم بالشكر والعرفان ، ثم يهمس في إذنه بعد مقدمة طويلة عن عظيم حقه ، ووفرة نعمه ، وأنه لم يقصّر في شيء ـ حاشا وكلا ـ ولكن ثمة أمر صغير ، وهو جد صغير بل حقير والله جد حقير ، فإن رأى ولي الأمر أن يوليه اهتمامه فهو به جدير ، ثم يهمس في إذنه بحق الرعية عليــه ، من حفظ دينهم ، وأنه أعظم ما وُكــل إليــه .

فينظر إليه السلطان شزرا ، ويلمح إليه أنه أوشك أن يرتكب منكرا ، ويقتحم خطرا ، لكنه يبتسم ابتسامة المغضب فيقول : سننظر في هذا الأمر بما تقتضيه المصلحة ، فاخبروا الرعية بما يجب عليهم من مراعاة حقنا ، والسمع والطاعة ، والالتزام بالبيعة والجماعة .

فيتهلل وجه الفقيه الناصح الأمين حتى يكاد يطير فرحا ، ويخرج من عند السلطان مكبّرا مسبّحا ، ثم يجمع الفقهاء ، فيقول لهــم سرا في جنح الليل البهيم اللألْيـَل ! لقد وعدنا ولي الأمر خيرا ، وأن ينظر فيما تقتضيه المصلحة ، فيهـزّ الحاضرون من فقهاء الحكمة! الذين تحولوا إلى "جيش النصيحة السرية" ، جيش قيمته صفرية ، غير أنه صفر كبير جدا في واقعنـا السياسي ، يهزّون رؤوسهم ، ويرفعون أكف الضراعة أن يحفظ الله ولي الأمر لنا ، ويكلل جهوده بحفظ الدين بالنجاح ، ويبصره بما فيه الفلاح والصلاح .

والحاصل :
ــــــ
أن هذا الوضع السياسي المنتكس ، فنكّس ديننا وأمتنا معه إلى أسفل سافلين ، تمّكن من قلوب الناس ، حتى صاروا فيه مثل تلك القصة عن تجربة القرود ، وكأنه قد زرع في قلب كل فرد من الشعب المسكين ، شرطي أقرب إليه من حبل الوتين ، فهو يخاف أن يسأل حتى نفسه عن حقه ، واستحكم هذا الأمر الخطير ، فشب عليه الصغير ، وهرم عليه الكبير ، واصبح المعروف منكرا ، والمنكر معروفا ، وعرض للناس ـ حتــــى كثيـر من العلماء ـ من ذلك فساد في فطرهم ، وظلمة في قلوبهم ، وكدر في افهامهم ، ومحق في عقولهم وعمتهم هذه الأمور ، وغلبت عليهم حتى لم يروها منكرا .

ولئن استمر بنا هذا الحال ، فستأتي دولة أخرى تطمس فيها كل معالم الدين ، باسم الدين ، وتقوم فيها البدع مقام السنن باسم اتباع السنة ، وتقوم شهوات النفس مقام العقل ، ودواعي الهوى مقام الرشد ، والضلال مقام الهدى ، والمنكر مقام المعروف ، والجهل مقام العلم ، والرياء مقام الإخلاص ، والباطل مقام الحق ، والكذب مقام الصدق ، والمداهنة مقام النصيحة ، والظلم مقام العدل .

فتصير الدولة والغلبة لهذه الأمور وأهلها هم المشار إليهم ، فتقشعر الأرض وتظلم السماء ، وينتشر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة ، وتذهب البركات وتقل الخيرات ، وتتكدر الحياة من فسق الظلمة ، ويبكي ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة ، ويشتكي الكرام الكاتبون ، والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش ، وغلبة المنكرات والقبايح ، وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه ، ومؤذن بليل بلاء قد ادلهمّ ظلامه ، فاعزلوا عن طريق هذا السبيل بتوبة نصوح ، ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح ، وكأنكم بالباب وقد أغلق وبالرهن ، وقد غلق وبالجناح وقد علق ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبـــون.(1)

والمطلوب اليوم :
ــــــــــــــــــــــــــ

جهادٌ عام يعيد تصحيح الأوضاع جذريا في هدى الشريعة المنزلة ، لا شريعة الزعماء المبدلة ، ولا العواطف والأهواء المرسلة .

فيقوم العلماء بدورهم بإعادة صياغة سلطة الدولة لتكون آلة لحفظ الشريعة ، وجهاد الأعداء بها ، كما هو أصل مشروعيتها في الإسلام ، فالدولة في هذا الدين لاقيمة لها ، إن لم يُقـم بها الدين القويــم ، والقائم عليها لاوزن له ، إن عدل بها عن هذا الأًصل العظيم ـ إقامة الدين ، وجهاد الأعداء به وعلى أساسه ـ وحولها إلى وسيلة لشهواته التي يهدم بها الدين ، ويضعها تحت تصرف الكافرين ، بل هو العدو نفسه ، بل هو أخطر من كل الأعداء.

ويجب أن تُنزع سلطة الحل والعقد من أن تكون بيد الاستبداد ، فتوضع في يد الأمّة يتقدمها أولو الأيدي والأبصار ، من أهل العلم والجهاد الأخيار ، وتُنزع سلطة القضاء فتستقل استقلالا تماما ، ويُجعل من يتولَّى السلطة في إطار يأطره على الحق أطرا ، ويُصاغ نظام الدولة صياغة ملزمة تمنع من يتولى السلطة أن يمكنه بحال من الأحوال ، الانحراف بالدولة عن هدفها الأسمى وسر وجودها ، وسبب مشروعيتها في دين الإسلام ، وهو إقامة الدين ، وتولي أمر كل المسلمين ، وجهاد الكافرين .

وهذه النهضة لن تنجح إلا إذا تيقن القائمـــون :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ

* أن أوضاع الأمة لن تصلح في ظل هذه الأنظمة لأنها بلا ريب أداة بيد الأعداء يهدمون بها الأمّة ، ويسخّرون حتى بعض علماء الشريعة ، ليخدّروا الشعوب باتباع المتشابه وتحريف نصوص الشريعة ، لتطويع الشعوب لعلوّ مناهج الكفر والكافرين باسم الدين .

* وأن أكثر ما يُسمّى بالقضايا السياسية قد غدت اليوم تناقض أصل التوحيد ، والولاء والبراء ، ووجوب جهاد الأعداء .

ومن ذلك الرضوخ لسلطة الكافرين تحت شعار القانون الدولي ، وميثاق الأمم المتحدة ، وتمكين الكفّار من صياغة دساتير الدول المسلمة ، وحقوق الإنسان المشتملة على السماح بالإلحاد والكفر ، والفحش والفحشاء ، والحرية الداعية إلى إقصاء الشريعة ، فكل هذه الاصطلاحات السياسية المعاصرة ، لها علاقة مباشرة بعقيدة التوحيد من أساسها ، وفي جعل أمرها بيد من يتولى السلطة ، يحكم فيها بهواه ، وينقاد لهيمنة الكافر إن أعطاه ما اشتهاه ، إعانة على هدم الدين ، والسكوت عن هذا الكفر المستبين ، بحجة ترك ولي الأمر يحكم في الأمور السياسية بما تقتضيه المصلحة ، يعني الاشتراك معه في هذه الجريمة ، فكيف بإضفاء الشرعية على أفعاله باسم الدين ؟!!

* وأن من أعظم الصد عن سبيل الله ، وابتغاءها عوجا ، أن يرى عامة المسلمين كفر الزعماء ونفاقهم وموالاتهم أعداء الأمــّة ، وظلمهم للعباد ، وتمكينهم الكفار في البلاد ، محميا من رجال الشريعة ، قد ألبسوه لباس الحق والعدل ، كما فعل رجال الكنيسة في أوربا مع الملوك والاقطاعيين ، حتى صاح الثائرون اشنقوا آخر ملك إقطاعي بإمعاء آخر قسيس !!

* فالواجب أن ينحاز العلماء نائين بشريعة الله تعالى الآمرة بالعدل ، المحرمة للظلم ، الجامعة لكل صلاح وخير وفلاح ، ينحازون متبرئين من الاستبداد وأهله ، مظهرين النذير ، جاهرين بالنكيـــــر .

* وأن الأمّة اليوم أحوج ما تكون إلى تمييز الحد الفاصل بين الإيمان والكفر ، وبين التوحيد والشرك ، وبين الحق والباطل ، وبين أولياءه وأعداءها ، فهذه أعظم مهمة للعلماء ، وإلى بيان الحق بيانــا لالبس فيه فهذا أوّل واجب على ورثة الأنبياء ، وأن الحكمة هي في أن يقوم العالم اليوم هذا المقام .

* وأن التغيير في الأمّة لم يكن قط إلا بتضحيات من رجال ، تقتحم الطريق اقتحام الأبطال ، وهــم في بادئ الأمر قلـّة ، غير أنهم يوزنون برسالة الحق الذي يحملونه ، وإنكارهم ذواتهم في سبيل تحقيقها ، ومواقف الصدق التي يجتازون فيها الامتحان ، لا بعددهم ، ولا بفصاحة ألسنتهم ، وتقعّرهم في الخطاب والبيان .

* وأن التغيير الجاد يبدأ بالكف عن إملاء حقوق الزعماء على الشعوب !! كيف وقد انتزعوا كل حق لهم في رقبة شعوبهم ، بخلعهم شريعة الله تعالى من رقابهم .

* وينطلق بتوعية الأمّة بما لها من حقوق ، وأنها يجب أن تنهض بحقها فتنتزعه انتزاعا ، وأعظم حقوقها هو انتصار شريعتها ، وجهاد أعداءها ، وحماية مقدساتها ، وأن يحكم فيها بالعدل ، ويُحمى حق كل مسلم في الأرض في إمامة عادلة يؤمر فيها بالمعروف وينهى فيها عن المنكر وتعز فيها الشريعة ، وينصب لواء الجهاد .

*ولا تنتظر حتى يتصدق عليها الزعماء بحقوقها ، فإنهم لم يفعلوا ، ولن يفعلوا ، لأنهم دُمى أقيمت بدور مرسوم لها ، ستؤديه إلى أن تنهي صلاحيتها ، ثم يستبدل غيرها بها ، فمن يستجدي منها حقا ، كمن يستجدي من أعداءه في الحرب نصرا !

* فإلى متى لاينحاز العلماء إلى أمتهم ، ويتقدمونها مطالبين بحقوقها المسلوبة ، ويعلنونها مدوية في وجه الطغاة المستبدين ، "امتازوا اليوم أيها المجرمون " ؟!

مباغت
04-03-2004, 02:12 AM
أولاً : ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أن علاقات المسلمين مع غيرهم ينبغي أن تبنى على أساس الإسلام، فالإسلام هو الأصل في العلاقة مع الآخرين، وقد بينت الآيات موقف المسلم من أهل الشرك والكفر، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين" (المائدة، 51). ويقول سبحانه: "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ، ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير" (آل عمران، 28)، ويقول سبحانه: "لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله" (المجادلة، 22)، ويقول أيضاً : "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" (البقرة، 120)، وقال كذلك: "ألم تر إلى الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم، ويحلفون على الكذب وهم يعلمون" (المجادلة، 14)، وقال سبحانه: "بشر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً، الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، أيبتغون عندهم العزة، فإن العزة لله جميعاً" (النساء، 139).

ثانياً : ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أن إقامة العلاقات على خلاف الأساس الإسلامي يؤدي إلى الكفر والخروج من ملة الإسلام.

قال ابن جرير رحمه الله: (من اتخذ الكفار أعواناً وأنصاراً وظهوراً يواليهم على دينهم، ويظاهرهم على المسلمين فليس من الله في شيء، أي قد برئ من الله وبرئ الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر ..) ثم قال: (... ومن تولى اليهود والنصارى من دون المؤمنين فإنه منهم، أي من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متولٍ أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه، وصار حكمه حكمه) (1).

وقال ابن حزم رحمه الله: (... صح أن قوله: "ومن يتولهم منكم فإنه منهم" (المائدة، 51)، إنما هو على ظاهره، بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين) (2).

وقال ابن تيمية رحمه الله: (أخبر الله في هذه الآية أن متوليهم هو منهم، فقوله سبحانه: "ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء؛ (المائدة، 81)، يدل على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده، ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب، فالقرآن يصدق بعضه بعضاً ...) (3).

وقال ابن القيم رحمه الله: (إن الله قد حكم ولا أحسن من حكمه أنه من تولى اليهود والنصارى فهو منهم، "ومن يتولهم منكم فإنه منهم"، فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن، كان لهم حكمهم، وهذا عام ...) (4).

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ: (... وأخبر سبحانه وتعالى أن من تولاهم فهو منهم ...) (5).

وقال الشيخ حمد بن عتيق: (... قد دلّ القرآن والسنة على أن المسلم إذا حصلت منه موالاة أهل الشرك والانقياد لهم ارتد بذلك عن دينه ...) (6).

قال الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف: (... إن كل من استسلم للكفار ودخل بطاعتهم وأظهر موالاتهم فقد حارب الله ورسوله وارتد عن الإسلام ووجب جهاده ولزمت معاداته ...) (7).

ثالثاً : أن من واجبات الدولة المسلمة بناءً على ذلك أن تسعى لنشر الإسلام وتدعم الدعوة في كل مكان وتنصر المسلمين وقضايا المسلمين وتدافع عنهم، فقد قال تعالى : "وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والوِلدان.." (النساء، 75).

وثبت بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أُمِرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأنّي رسول الله، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله” (8).

وعن سهل بن حنيف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أُذِلّ عنده مؤمن فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره أذلّه الله على رؤوس الأشهاد يوم القيامة” (9).

وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من امرئ ٍ يخذل امرءاً مسلماً في موطن يُنتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يُحبّ فيه نُصرته” (10).

رابعاً : أجمع علماء المسلمين أن الدولة أو الجماعة أو الفرد الذي يظاهر أعداء الإسلام ضد المسلمين بالمال أو بالرجال أو بالسلاح أو بالتجسس والمعلومات فهو خارج من الملة.

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: (إن خرج معهم لقتال المسلمين طوعاً واختياراً وأعانهم في بدنه وماله فلا شك أن حكمه حكمهم في الكفر) (11).

قال الشيخ سلمان بن سحمان: (وأعجب من هذا أن بعض من يتولى خدمة من حادّ الله ورسوله، ويحسّن أمرهم، ويرغب في ولائهم، ويقدح في أهل الإسلام، وربما أشار بحربهم، فإذا قدم بلاد بعض أهل الإسلام تلقاه منافقوها وجهالها بما لا يليق إلا مع خواص الموحّدين، فافهم أسباب الشرك ووسائله، ومن كان في قلبه حياة وله رغبة وله غيرة وتوقير لرب الأرباب يأنف ويشمئز مما هو دون ذلك ...) (12).

وقد عد الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب عليه رحمة الله مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين من نواقض الإسلام، قال في تعداد النواقض: (موالاة المشرك والركون إليه ونصرته وإعانته باليد واللسان أو المال كما قال تعالى "فلا تكونّن ظهيراً للكافرين" (القصص، 17) (13).

خامساً : أفتى علماء المسلمين أن الذي يمكّن أعداء الإسلام من المسلمين أفراداً أو جماعات أو يسلمهم لهم فهو مرتد، فقد ذكر البرزلي في كتاب "القضاء" في نوازله (أن أمير المؤمنين علي بن يوسف بن تاشفين اللمتوني استفتى علماء زمانه ـ وهم من هم في علمهم ـ في استنصار ابن عباد الأندلسي بالإفرنج ليعينوه على المسلمين فأجابه جُلّهم بردّته وكفره) (14).

1) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن ج313/6.
2) ابن حزم، المحلى، ج35/13.
3) ابن تيمية، الإيمان، 14.
4) ابن القيم، أحكام أهل الذمة،ج 67/1-69.
5) سليمان بن عبد الله آل الشيخ، أوثق عرى الإيمان، 26ـ27.
6) انظر الرسائل والمسائل النجدية،ج1 ص745، وكذلك مجموع رسائل حمد بن عتيق (100ـ101).
7) عبد الله عبد اللطيف، الدرر السنية، 11/7.
8) رواه مسلم.
9) رواه أحمد بسند حسن.
10) قال الهيثمي إسناده حسن.
11) انظر الرسائل والمسائل النجدية، 134/2-135.
12) المرجع السابق، 52/3.
13) انظر محمد بن عبد الوهاب، مجموع التوحيد، 29، والمرجع السابق.
14) انظر نصيحة أهل الإسلام، 179.