USAMA LADEN
12-03-2004, 12:18 AM
صورة نبي الله عيسى عليه السلام بين الإسلام والديانات الأخرى
يعتقد النصارى أن عيسى هو ابن الله - سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً . يقول البابا يوحنا بولس الثاني إن المسيح شخصية عجيبة وفريدة بكل معنى الكلمة : فإن قلنا إنه حكيم كسقراط فلن نكون قد وصفناه الوصف المناسب ، وكذا إن قلنا إنه نبي كمحمد ، أو رجل مستنير كبوذا . يقصد البابا أنه لا يمكن وصفه إلا بالألوهية .
هذه هي عقيدة النصارى الذين يمثلون مليارين من البشر في هذا الزمان : أن عيسى هو ابن الله الوحيد وهو - كما يقول بابا الفاتيكان - الوسيط الوحيد بين الله والبشر .
ولكن ما هي صورة عيسى عليه السلام في الإسلام وفي الديانات الآخرى ، سواء منها السماوية المحرفة كاليهودية ، أو الديانات الوثنية كالبوذية والهندوسية ؟! ولنبدأ بالهندوسية ، وهي الديانة الوثنية التي يذهب أتباعها إلى أنها تمتد إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد .
هناك اعتقاد قوي عند الهندوس أن عيسى عليه السلام ذهب في شبابه إلى جنوب شرق آسيا حيث مارس تأملات اليوجا ، ثم بعد ذلك عاد إلى وطنه ، ليصير معلماً لليهود !! ويوضح هذا الاعتقاد بجلاء كيف أن الهندوسية تقبل أي شخصية يعبدها الناس كشخصية مقدسة لديهم أيضا . وهذا ليس عجباً في ديانة بها أكثر من 300 ألف إله ، إذ ما الذي يمنع أن يضاف إلى هؤلاء رجل اسمه عيسى ذهب ليتعلم كيف يستخرج ألوهيته الكامنة هو الآخر؟! ولذا فكثير من الهندوس تجذبهم شخصية عيسى - عليه السلام - ويحبون فيه رحمته ، ودعودته إلى نبذ العنف . وهذا ما يحبونه أيضاً في شخصية زعيمهم غاندي . وهذه أكبر الفضائل التي يزعمون أنها في كتبهم المقدسة .
لكن الشيء الذي لا يعجب الهندوس في عيسى عليه السلام هو فكرة الإله الواحد - الذي يزعم النصارى أن ثلاثة أقانيم - فالهندوس لا يرون أي داعٍ لهذا التضييق ، فكل المخلوقات عندهم أبناء الله حقيقة ، ولدى كل مخلوق منهم قدرة داخلية لأن يصبح إلهاً . ولا يحتاج الأمر إلى رياضة روحية صارمة يمارسها الإنسان حتى يحقق الوعي الإلهي الكوني، فيصير إلهاً ، وهذا بزعمهم - هو نفس ما جاء في إنجيل يوحنا عندما صرخ عيسى وقال : إن الأب وأنا واحد .
عيسى في الديانة البوذية
أما الديانة البوذية فيرى أتباعها تشابها كبيراً جداً بين حياة عيسى عليه السلام ، وحياة بوذا الذي مات قبل الميلاد بـ 483 سنة ، فكلاهما ولد من غير أب ، من أم طاهرة ، وترك وطنه ، وهام في البراري حيث حاول الشيطان إغواءه ولكنه صمد حتى رجع إلى وطنه بالعلم والحكمة ، وأخذ يأتي بالمعجزات ، ويتحدى - بتعاليمه الجديدة - الديانة التي كانت معاصرة له .
ويرى البوذيون أن كلاً من بوذا وعيسى كان يدعو إلى الرحمة والإيثار وحب الآخرين ، وأسّس ديانة نسبت إليه وكان له أتباع وحواريون في حياته خانه أحدهم في نهاية المطاف .
ورغم هذا التشابه الكبير - كما يذهب البوذيون - يبقى الاختلاف الجوهري بين الديانتين في أن النصراني في النصرانية لا يمكنه أن يكون هو نفس المسيح بينما في البوذية يسعى البوذي الصادق إلى أن يحقق شخصية بوذا في نفسه . وإذا كان عيسى يؤمن بوجود الله الذي خلق العالم ودبر أموره ، فالبوذيون لا يؤمنون بذلك . وكذلك فإن عقيدة الخطيئة الموجودة في النصرانية ليس لها مكان في العقيدة البوذية التي ترى أن الرحمة والصلاح هما السبيل إلى حسن العاقبة في الدنيا وليس في الآخرة ، فما الحياة عندهم إلا دورة من الموت ، والعودة إلى الميلاد.
يقول الدالاي لاما زعيم البوذييين في التبت بأن هناك نقاط التقاء بين البوذية والمسيحية ، منها العاقبة الأخلاقية ومفادها أنك إذا تصرفت بشكل أخلاقي فسوف ترى عاقبة حسنة في الدنيا ، والعكس بالعكس . والفرق أن عيسى يرى العاقبة أيضاً في اليوم الآخر بينما اليوم الآخر لا وجود له في البوذية . ومن نقاط الالتقاء أيضاً : فكرة التجلي ، فمثلما كان يشع النور من وجه المسيح - عليه السلام - كذلك كان الإشعاع النوراني يتجلى من جسد بوذا أمام أتباعه . وهكذا فعندما يصل صاحب الممارسة الروحية عند البوذيين إلى درجة معينة يمكن أن يظهر لذلك أثر حسن علىمظهره .ومن نقاط الالتقاء كذلك : الإيمان . فعند البوذيين الإيمان من ثلاث درجات : الأولى الإعجاب ، ثم المحاكاة ، ثم التوحد . فالبوذي يعجب بشخصية بوذا ثم يتطلع إلى محاكاته ، ثم يمكنه أن يصل إلى أن يكون بوذا نفسه . وهذا موجود في النصرانية ، وإن لم يكن بنفس الشكل الحرفي .
ثم أخيراً تلتقي الديانتان في مسألة التقمص حيث يمكن أن يصير الإنسان كاملاً كالإله ، فطبيعة بوذا موجودة في الجميع بنسب متفاوتة ، وعن طريق الرياضة الروحية والممارسة يمكن تطوير ذلك إلى مستويات أعلى ، وهذا يحتاج بالضرورة إلى وجود مرشدين ، وهؤلاء موجودون في البوذية بكثرة . أما في النصرانية فلكي تصير أنت والأب كياناً واحداً لا بد من وجود الوسيط الوحيد وهو المسيح عليه السلام .
ومع ذلك يعترف الدالاي لاما بوجود فرق بين الديانتين ، ويقول إن مزج شخصية عيسى بشخصية بوذا يكون كوضع رأس ثور على جسد حَمَل ، ولا يمكن لهذا أن يخرج لنا كياناً منسجماً .
وتبقى في النهاية حقيقة توضح الفرق بين الديانتين ، وهي الطريقة التي انتهى بها كل من بوذا وعيسى ، فموت بوذا كان هادئاً وطبيعياً ، وهو انتقاله إلى حالة ميلاد جديدة في العقيدة البوذية . أما عيسى عليه السلام فقد مات - كما يزعم البوذيون - على الصليب ، وخذله الله بذلك ، ولكنه خضع لإرادته .
عيسى عليه السلام في اليهودية
يرى اليهود أن عيسى كما يشهد بذلك الإنجيل واحد من اليهود ، ويرون أن معظم تعاليمه مأخوذة من التوراة ، وهو - على أقصى تقدير يهودي - عظيم ، أما فكرة أنه ابن لله فغير مقبولة نهائياً عندهم ، ويقولون : إنه مع نهاية القرن الأول للميلاد ظهرت فكرة ألوهية عيسى ، وأنه مخلّص البشرية من الخطيئة الأصلية ، وبدأ ذلك يطغى على كونه يهودياً مظهراً للخوارق والمعجزات .
أما في كتب التاريخ اليهودية فليس ثم وجود لعيسى عليه السلام ، بل تراه مرتداً لا يليق بيهودي صادق أن ينطق مجرد اسمه بلسانه ، في حين نسبه كثير من أهل القوميات المختلفة إلى أنفسهم فتارة يكون يونانياً ، وتارة يكون رومانياً ، أو هولندياً ، أو حتى نازياً ، ففي ألمانيا الثلاثينيات كان الألمان ينظرون إلى عيسى على أنه أحد أبناء الجنس الآريّ ، ذوي الجسم القوي واللون الأشقر.
وأما في التوراة فقليلة هي الأدلة على وجود عيسى ، حتى إن بعض النقاد اليهود ذهبوا إلى الاعتقاد بأنه شخصية خيالية صنعتها الكنيسة في عصورها الأولى . وهناك ست رسائل تلمودية جاءت فيها الإشارة إلى عيسى بشكل غير مباشر ، منها رسالة تتكلم عن هرطيق مبتدع اسمه يسوع . أما الرسالة الوحيدة التي تشكل أهمية تاريخية من بين هذه الرسائل فهي رسالة من أحد المؤرخين اليهود في القرن الأول يصف فيها عيسى بأنه رجل حكيم ، وله مآثر مذهلة ، ولكنه صُلبَ وصار له أتباع اسمهم المسيحيون .
وفي العصور الوسطى لم يتفق اليهود والنصارى حول شخصية عيسى نظراً لاضطهاد النصارى لليهود . ولم يكن يطبق اليهود رؤية الصليب على ألوية الجيوش الصليبية . وكانت التماثيل وصور المسيح تعتبر عبادة وثنية تحرمها التوراة.
وكان العجز اليهودي أمام سطوة النصاري ينفّس عن نفسه بالطعن في عيسى عليه السلام ، ولذا صوروا عيسى في صورة طفل غير شرعي لمرأة اسمها مريم ، غرّر بها رجل ، ثم بعد ذلك صار هذا الطفل رجلاً يأتي بالخوارق والشعوذة ، ثم بعد ذلك شُنقَ وأخفي جسده ثلاثة أيام ثم اكتشف بعد ذلك .
ولا يزال الأمر كذلك حتى بدأ البحث عن شخصية المسيح التاريخية خارج الإنجيل في القرن الثامن عشر ، من قبل المفكرين البروتستانت المتحررين الذين كانوا يبحثون بنهم عما وراء الشخصية الخارقة لعيسى التي تصورها العقيدة النصرانية . لقد كانوا يبحثون عن المعلم المستنير الذي يعلم الأخلاق للبشر .
فقام المفكر اليهودي إبراهام جيجار - وهو المناصر لحركة الإصلاح اليهودية - بالإدعاء بأنه - من خلال بحثه الحاصل تَوصّل إلى أن ما بأيدي النصاري من التعاليم ما هو إلا اليهودية التي كانت تعتقدها طائفة من اليهود معاصرة للمسيح يُدْعى أتباعها بالفريسيين .
وزعم جيجار أن عيسى - عليه السلام - لم يكن إلا واحداً من هؤلاء ، ثم حرفت تعاليمه بعد ذلك ، وخُلطت بالعقائد الوثنية ،وصارت النسخة النصرانية المحرفة لعقائد الفريسيين هؤلاء .
وهكذا استطاع عيسى عرض تقاليده الموروثة على عامة الناس . والعجيب - كما يقول سوساناه هيسْكل ، أستاذ الدراسات اليهودية - أن الصادوقيين من اليهود - وهم أعداء الفريسيين صاروا فيما بعد أتباع المسيح . وصّورا الفريسيين في صورة المنافقين ، وهي الصورة الموجودة في نصوص الإنجيل الآن .
وهكذا صار عيسى يهودياً ، جاء بصيغة جديدة لليهودية وصار لليهود الحق في الإعجاب به ، ولكن كان لا بد عندهم من التفريق بين إيمان عيسى والإيمان بعيسى فإيمان عيسى هو يهودية متحررة ، أما الإيمان بعيسى فهو النصرانية المعاصرة . ولم يزل الأمر كذلك حتى جاءت النازية ، وحدث الاضطهاد الهتلري لليهود ، فبدأ الفنانون اليهود يقتسبون بعضى العقائد النصرانية لإسقاط بعض المآسي اليهودية عليها ، كما فعل شاجال في لوحاته ، وكذا إيلي ويزيل في رواياته فضلاً عن سلاسل من الأفلام السينمائية والتلفازية . وربط هؤلاء بين اضطهاد عيسى واضطهاد اليهود . ومن هنا بدأ اليهود بالإنجيل حتى صارت دراسته مطلوبة للمتقدمين للحاخامية في المعاهد اليهودية في وقتنا هذا. وأما خارج الدوائر العلمية فلا يشك اليهود المعاصرون أن عيسى - عليه السلام - ليس أكثر من بطل يهودي ، أما أن يكون إلهاً فهيهات أن يؤمنوا به .
وفي لقاء مع مجلة نيوزويك الأمريكية يقول الحاخام اليهودي نوسنار - وهو من أكبر دارسي التلمود المعاصرين وله كتاب بعنوان : "الحاخام يحاور المسيح": على اليهود أن يتمسكوا بالتوراة . ومع التسليم بأن شخصية المسيح لافتة للنظر ، ولا يمكن تجاهلها إلا أنني لو عشت في عصره ، وأتيحت لي فرصة مقابلته لناقشته وتحديته من منطلق التوراة التي يؤمن بها ، والتي تسميها الكتب النصرانية العهد القديم . وسأقول له : يا صديقي اذهب في طريقك فلي طريق آخر ، فأنا عندي توراة موسى الحقيقية ، أما الذي تقوله أنت فليس هو توراة موسى . سأقول له اذهب أنت إلى القدس ، أو المكان الذي تعتقد أن الله قد أعده لك ، أما أنا فسأذهب لأمارس واجباتي اليومية العادية . لماذا ؟ لأن التوراة تعلمنا أن المملكة التي يجب أن تحظى بالاهتمام هي الدنيا التي نحيا فيها إنها مملكة اليهود التي نبنيها ونقدسها في البيت والأسرة والمجتمع . بل في التفاصيل اليسيرة حول ما أتناوله في طعام الإفطار ، وكيف أحب جيراني ؟ التوراة تعلمنا كيف نحقق تلك المملكة ، فلماذا أترك ذلك لأجري خلف مملكة الرب التي يدعو إليها المسيح ؟ هذه لا بد من انتظارها ولكن أثناء انتظاري لها عندي أشياء لا بد من أن أفعلها لا أن أعطلها . فالمسيح يقول : لكي تدخل ملكوت السماء عليك أن تترك الأسرة ، وتعطي ظهرك للبيت ، ولكل ما تملك ، ثم تتبعني . وهذا ما لم تقله التوراة .
يقول نوسنار إن موسى علمنا على جبل سيناء كيف ننظم مملكة من الكهنة والقديسين ، وكيف نمارس عملنا ، ونحب ربنا ونبني مملكته ، ونخضع لوصاياه . وهذا عندي مقدم على كل تعاليم عيسى ذلك الرجل الفاني الذي كان يمشي بين الناس ، ويتكلم معهم ، وكلامه كلام بشر ، أما التوراة فهي كلمة الله الوحيدة .
ويعتقد نوسنار أن النصرانية أخطأت لما تركت التوراة ، لأنك سترى من خلال قراءتك إياها أن أكثر ما قاله عيسى خطأ ، ودين اليهود في عهد عيسى كان الدين الحق ، والعقيدة الصادقة ، ولم يكن في حاجة إلى إصلاح ولا إلى تجديد . وإنما كان اليهود في حاجة إلى إيمان أقوى بالله ، وإخلاص أكثر لله ، وتقديس أكثر للحياة بالخضوع لشرع الله . أما المسيح وحواريوه فقد أخذوا طريقاً آخر ، ونحن لنا طريقنا ، لأننا لا نعتقد أن الله قد أراد الطريق الذي ساروا فيه .
عيسى عليه السلام في الإسلام
جاء في مقال نشر بمجلة نيوزويك الأمريكية في عدد 27 مارس 2000م عن عيسى عليه السلام أنه في بداية رمضان الماضي أرسل الفاتيكان برقية تهنئة لجميع القرآن الموجود بأيديهم . ولكنهم يؤمنون بعيسى كنبي عظيم ويسمونه عيسى ابن مريم وهي المرأة الوحيدة التي ذُكر اسمها في القرآن الكريم .
وفي الوقت الذي كان فيه كثير من النصارى ينكرون أن عيسى ولد لامرأة عذراء كان المسلمون يقرؤون في قرآنهم أن عيسى هو ابن مريم التي أحصنت فرجها ، والتي طهرها الله . وإنه حقاً أمر عجيب أن يدافع المسلمون عن ميلاد عيسى ابن مريم عليه السلام بمعجزة إلهية ، في حين ينكرها كثير من الغربيين اليوم . وفي حين يعتقد كثير من الغربيين أن عيسى لم يصعد إلى السماء يعتقد المسلمون أنه صعد إليها ، لأن الله رفعه . وهكذا يرى المسلمون أنهم أتباع عيسى الحقيقيون .
وإيمان المسلمين بعيسى نابع من القرآن وليس من الإنجيل ، لأن الإنجيل عندهم محرف بدليل تناقضاته وأخطائه . وكذا ينبع إيمانهم بعيسى من السنة النبوية الصحيحة ، وأقوال علماء المسلمين ويعتقد المسلم أن عيسى ولد لمريم عليها السلام من غير أب ، بمعجزة إلهية ، وبإذن الله . ثم نطق وهو في المهد ، وقال : (إني عبد الله آتاني الكتاب) . (مريم : 30) ولم يقل : أنا ابن الله ، فالله تعالى كما في القرآن منزه عن اتخاذ الولد ، ومع ذلك عاش عيسى ، وجرت على يديه معجزات لا يشاركه فيها غيره من الرسل . يقول القرآن الكريم إن الله عز وجل أعاذ عيسى وأمه من الشيطان الرجيم ، في حين أن محمداً قد غسلت الملائكة صدره وقلبه قبل النبوة . ويقول القرآن أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن يأتي بالخوارق التي يطلبها منه الناس بينما كان عيسى يأتيهم بما يريدون ، فكان يبرئ الأعمى والأبرص ويحيي الموتى ، ولكن كل ذلك بإذن الله الذي يقول للشيء كن فيكون . هذا هو المسيح عند المسلمين ، ومعنى كلمة المسيح : المدهون بالزيت المقدس ، ولكنه مع ذلك بشر ، فالمسلمون لا يعبدون إلا الله تعالى ، ولا يصلون لغير الله .
ولا شك أن قول المجلة إن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن يأتي بالمعجزات يومئ بالتنقيص من قدره تعالى وهذه مغالطة مكشوفة لأنه كان لمحمد صلى الله عليه وسلم معجزات حسية كثيرة - تجدها في مظا
ها - كما أن الإتيان بالخوارق التعجيزية لم يجد مع الأمم الأخرى ، فأبدله الله تعالى معجزة باقية على الزمان وهي القرآن الكريم الذي تحدى به المتقدمين والمتأخرين . ثم تسترسل المجلة في مغالطاتها فتقول إن المسلمين يدعون عيسى ومريم في صلواتهم ، وكذلك يدعون يوحنا المعمدان، وتقول: حسب آخر الإحصائيات ظهرت تجليات لصور مريم وعيسى في بلاد المسلمين حوالي 70 مرة منذ عام 1985م . وهذا الكلام مردود ، سواء في شقه الأول أو شقه الثاني : أما دعاء المسلمين لعيسى وأمه وليوحنا المعمدان فباطل ، وحتى لو افترضنا أن ذلك مما يفعله بعض المسلمين ممن يدعون الأنبياء والأولياء . فليست الحجة في أفعال المسلمين بل فيما في الإسلام ذاته ، وإلا فلو فرض أن من المسلمين من يكفر بعيسى ، فلا يحق لأحد أن يقول إن الإسلام يكفر بعيسى عليه السلام وأما قول المجلة أن عيسى وأمه ظهرت لهما تجليات في بلاد المسلمين فهذا من الكذب والدجل الذي يمارسه كثير من دجاجلة النصارى في بلاد المسلمين ممن يريدون من وراء ذلك إما تثبيت أقدام أتباعهم أو بلبلة أفكار المسلمين ، والأمثلة على هذا كثيرة وأظهرها خرافة ظهور العذراء بكنيسة الزيتون بالقاهرة سنة 1968م . (راجع كتاب المسيحية في سلسلة مقارنة الأديان للدكتور أحمد شلبي).
ومن مغالطات المجلة قولها إن محمداً صلى الله عليه وسلم على القول بأنه أفضل من المسيح عليه السلام وبأنه خاتم الرسل وخيرهم - قد مات ، أما عيسى فبنص القرآن لم يمت ولن يبعث . وهذا لا شك خلاف النص الصريح في القرآن الكريم إذ يقول الله تعالى حكاية عن عيسى : ( والسلام عليّ يومَ ولدتُ ويومَ أموتُ ويومَ أُبعثُ حيا ً). (مريم: 33) إذاً فعيسى سيموت ولكن بعد أن ينزل من السماء عند اقتراب الساعة . وبعد موته سيبعث يوم القيامة .
ويعتقد المسلمون أن عيسى لم يُصلبْ لأنه دعا الله تعالى أن ينجيه فاستجاب الله دعاءه ، ورفعه إلىالسماء ، لأن الله تعالى لا يسلم رسوله للقتل ، وإلا كان ذلك خذلاناً منه لواحد من أعظم رسله ، على خلاف ما يعتقد النصارى في تسليم (الأب) للإبن لليهود ليصلبوه .
وعندما تقترب الساعة سينزل عيسى ليقتل المسيح الدجال الذي ينتظره اليهود ليحكموا به العالم ، وبقتله ستعود الأمور إلى نصابها ، وسيكون هذا النزول لعيسى برهاناً على أنه لم يُصلب . وسيعيش عيسى ثم يموت - حينئذٍ - كمسلم يوحّد جميع المؤمنين تحت راية الإسلام .
من هذا العرض لمكانة عيسى عليه السلام في المسيحية ثم في الهندوسية والبوذية ثم في اليهودية ثم في الإسلام نرى أن الإسلام هوالدين الوحيد الذي عظّم عيسى ، كما يليق بمقامه كعبد من عباد الله تعالى ، فلم يرفعه إلى مقام الألوهية كما تفعل النصارى ، وسبقتها الهندوسية والبوذية ، ولعل هذه المسحة الوثنية مما أخذته النصرانية من تلك الأديان الشركية الوثنية . أما اليهودية فقد أنكرت نبوة المسيح ، ورأينا كيف يستخف الحاخام اليهودي الكبير نوسنار بعيسى عليه السلام . ويقول إن توراة موسى هي كلمة الله الحقيقية الوحيدة ، وهذا من مغالطاته ، لأن التوراة محرفة . ولو كانت حقيقية لقرأ فيها عن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ثم لو آمن بالقرآن وقرأه لرأى فيه أن لعيسى كتاباً سماوياً هو الإنجيل . ونحن نعلّق على كلام نوسنار هذا الذي أساء فيه إلىعيسى عليه السلام فنقول له : أنت تتكلم عن عيسى آخر غير عيسى الحقيقي وإلا فلو أردت أن تعرفه فإرجع إلى القرآن لترى عيسى الذي لم تُحَرَفْ تعاليمه ، ولم تشوّه صورته . إن الإسلام يعلّم أتباعه احترام جميع رسل الله عليهم السلام ، ولذا فليس عجباً أن يؤمن المسلمون بولادة عيسى من غير أب في حين ينكر بعض النصارى ذلك . وليس غريباً أن يؤمن المسلمون برفع عيسى إلى السماء في حين ينكر ذلك كثير من النصارى في هذا الزمان .
ولكن لا يتجاوز إيمان المسلمين بعيسى حد عبوديته لله تعالى فهذا أشرق مقاماته ، ولذا فمن الكذب أن يدعي المدعون أن النصارى والمسلمين موحدون ، أو أن اليهودية والمسيحية المعاصرتين من ديانات التوحيد الثلاث . إن التوحيد يعني لا إله إلا الله ، فأين من ذلك النصارى الذي قالوا إن عيسى إبن الله ، أو إن الله هو المسيح ابن مريم ، أو إن الله - تعالى - ثالث ثلاثة ؟ وأين منه اليهود الذين كفروا بعيسى عليه السلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم فلم يستحقوا صفة الإيمان ، مع ما هم عليه من التمسك بالتوراة المحرفة وسعيهم بالإفساد في الأرض.
ونعود إلى النصرانية التي يقولون عنها إنها دين توحيد في حين أنها قائمة على الشرك الصريح ، وعلى أن عيسى هو الوسيط الوحيد بين الله والخلق ، ومع ذلك فلا مانع أيضاً أن يكون البابوات وسطاء كذلك ومن هنا ترى المشابهة بين مبدأ الوساطة في النصرانية مع مثيله في البوذية الوثنية ، كما تلمح حلول الألوهية في المخلوق في النصرانية ، كما تلمحه في الهندوسية وهذا إن دلّ فإنما يدل على أن المشرب واحد وأن المنهل متقارب ، فالنصرانية الحقة دخلتها وصمة الوثنية ، فكانت النسخة الزائفة التي علها النصارى اليوم . أما الإسلام فدين التوحيد الخالص بلا تحريف ولا تزييف .
والقرآن الكريم صحيح لم يحرف ، وأتباعه هم أتباع عيسى وكل الأنبياء عليهم السلام ، لأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو امتداد وخاتم لجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . فهل آن الأوان ليعرف النصارى الإسلام لكي يعرفوا عيسى إبن مريم عليه السلام ؟
المسلمين تدعوهم إلى النظر إلى عيسى كدعوة بارزة ومثالية للإنسانية . ولا شك أن المسلمين يعتقدون أن محمداً هو النموذج الكامل للإنسانية ، وكذلك يؤمنون أن كلام الله الحقيقي هو القرآن الموجود بأيديهم . ولكنهم يؤمنون بعيسى كنبي عظيم ويسمونه عيسى ابن مريم وهي المرأة الوحيدة التي ذُكر اسمها في القرآن الكريم .
وفي الوقت الذي كان فيه كثير من النصارى ينكرون أن عيسى ولد لامرأة عذراء كان المسلمون يقرؤون في قرآنهم أن عيسى هو ابن مريم التي أحصنت فرجها ، والتي طهرها الله . وإنه حقاً أمر عجيب أن يدافع المسلمون عن ميلاد عيسى ابن مريم عليه السلام بمعجزة إلهية ، في حين ينكرها كثير من الغربيين اليوم . وفي حين يعتقد كثير من الغربيين أن عيسى لم يصعد إلى السماء يعتقد المسلمون أنه صعد إليها ، لأن الله رفعه . وهكذا يرى المسلمون أنهم أتباع عيسى الحقيقيون .
وإيمان المسلمين بعيسى نابع من القرآن وليس من الإنجيل ، لأن الإنجيل عندهم محرف بدليل تناقضاته وأخطائه . وكذا ينبع إيمانهم بعيسى من السنة النبوية الصحيحة ، وأقوال علماء المسلمين ويعتقد المسلم أن عيسى ولد لمريم عليها السلام من غير أب ، بمعجزة إلهية ، وبإذن الله . ثم نطق وهو في المهد ، وقال : (إني عبد الله آتاني الكتاب) . (مريم : 30) ولم يقل : أنا ابن الله ، فالله تعالى كما في القرآن منزه عن اتخاذ الولد ، ومع ذلك عاش عيسى ، وجرت على يديه معجزات لا يشاركه فيها غيره من الرسل . يقول القرآن الكريم إن الله عز وجل أعاذ عيسى وأمه من الشيطان الرجيم ، في حين أن محمداً قد غسلت الملائكة صدره وقلبه قبل النبوة . ويقول القرآن أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن يأتي بالخوارق التي يطلبها منه الناس بينما كان عيسى يأتيهم بما يريدون ، فكان يبرئ الأعمى والأبرص ويحيي الموتى ، ولكن كل ذلك بإذن الله الذي يقول للشيء كن فيكون . هذا هو المسيح عند المسلمين ، ومعنى كلمة المسيح : المدهون بالزيت المقدس ، ولكنه مع ذلك بشر ، فالمسلمون لا يعبدون إلا الله تعالى ، ولا يصلون لغير الله .
ولا شك أن قول المجلة إن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن يأتي بالمعجزات يومئ بالتنقيص من قدره تعالى وهذه مغالطة مكشوفة لأنه كان لمحمد صلى الله عليه وسلم معجزات حسية كثيرة - تجدها في مظا
ها - كما أن الإتيان بالخوارق التعجيزية لم يجد مع الأمم الأخرى ، فأبدله الله تعالى معجزة باقية على الزمان وهي القرآن الكريم الذي تحدى به المتقدمين والمتأخرين . ثم تسترسل المجلة في مغالطاتها فتقول إن المسلمين يدعون عيسى ومريم في صلواتهم ، وكذلك يدعون يوحنا المعمدان، وتقول: حسب آخر الإحصائيات ظهرت تجليات لصور مريم وعيسى في بلاد المسلمين حوالي 70 مرة منذ عام 1985م . وهذا الكلام مردود ، سواء في شقه الأول أو شقه الثاني : أما دعاء المسلمين لعيسى وأمه وليوحنا المعمدان فباطل ، وحتى لو افترضنا أن ذلك مما يفعله بعض المسلمين ممن يدعون الأنبياء والأولياء . فليست الحجة في أفعال المسلمين بل فيما في الإسلام ذاته ، وإلا فلو فرض أن من المسلمين من يكفر بعيسى ، فلا يحق لأحد أن يقول إن الإسلام يكفر بعيسى عليه السلام وأما قول المجلة أن عيسى وأمه ظهرت لهما تجليات في بلاد المسلمين فهذا من الكذب والدجل الذي يمارسه كثير من دجاجلة النصارى في بلاد المسلمين ممن يريدون من وراء ذلك إما تثبيت أقدام أتباعهم أو بلبلة أفكار المسلمين ، والأمثلة على هذا كثيرة وأظهرها خرافة ظهور العذراء بكنيسة الزيتون بالقاهرة سنة 1968م . (راجع كتاب المسيحية في سلسلة مقارنة الأديان للدكتور أحمد شلبي).
ومن مغالطات المجلة قولها إن محمداً صلى الله عليه وسلم على القول بأنه أفضل من المسيح عليه السلام وبأنه خاتم الرسل وخيرهم - قد مات ، أما عيسى فبنص القرآن لم يمت ولن يبعث . وهذا لا شك خلاف النص الصريح في القرآن الكريم إذ يقول الله تعالى حكاية عن عيسى : ( والسلام عليّ يومَ ولدتُ ويومَ أموتُ ويومَ أُبعثُ حيا ً). (مريم: 33) إذاً فعيسى سيموت ولكن بعد أن ينزل من السماء عند اقتراب الساعة . وبعد موته سيبعث يوم القيامة .
ويعتقد المسلمون أن عيسى لم يُصلبْ لأنه دعا الله تعالى أن ينجيه فاستجاب الله دعاءه ، ورفعه إلىالسماء ، لأن الله تعالى لا يسلم رسوله للقتل ، وإلا كان ذلك خذلاناً منه لواحد من أعظم رسله ، على خلاف ما يعتقد النصارى في تسليم (الأب) للإبن للهود ليصلبوه .
وعندما تقترب الساعة سينزل عيسى ليقتل المسيح الدجال الذي ينتظره اليهود ليحكموا به العالم ، وبقتله ستعود الأمور إلى نصابها ، وسيكون هذا النزول لعيسى برهاناً على أنه لم يُصلب . وسيعيش عيسى ثم يموت - حينئذٍ - كمسلم يوحّد جميع المؤمنين تحت راية الإسلام .
من هذا العرض لمكانة عيسى عليه السلام في المسيحية ثم في الهندوسية والبوذية ثم في اليهودية ثم في الإسلام نرى أن الإسلام هوالدين الوحيد الذي عظّم عيسى ، كما يليق بمقامه كعبد من عباد الله تعالى ، فلم يرفعه إلى مقام الألوهية كما تفعل النصارى ، وسبقتها الهندوسية والبوذية ، ولعل هذه المسحة الوثنية مما أخذته النصرانية من تلك الأديان الشركية الوثنية . أما اليهودية فقد أنكرت نبوة المسيح ، ورأينا كيف يستخف الحاخام اليهودي الكبير نوسنار بعيسى عليه السلام . ويقول إن توراة موسى هي كلمة الله الحقيقية الوحيدة ، وهذا من مغالطاته ، لأن التوراة محرفة . ولو كانت حقيقية لقرأ فيها عن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ثم لو آمن بالقرآن وقرأه لرأى فيه أن لعيسى كتاباً سماوياً هو الإنجيل . ونحن نعلّق على كلام نوسنار هذا الذي أساء فيه إلىعيسى عليه السلام فنقول له : أنت تتكلم عن عيسى آخر غير عيسى الحقيقي وإلا فلو أردت أن تعرفه فإرجع إلى القرآن لترى عيسى الذي لم تُحَرَفْ تعاليمه ، ولم تشوّه صورته . إن الإسلام يعلّم أتباعه احترام جميع رسل الله عليهم السلام ، ولذا فليس عجباً أن يؤمن المسلمون بولادة عيسى من غير أب في حين ينكر بعض النصارى ذلك . وليس غريباً أن يؤمن المسلمون برفع عيسى إلى السماء في حين ينكر ذلك كثير من النصارى في هذا الزمان .
ولكن لا يتجاوز إيمان المسلمين بعيسى حد عبوديته لله تعالى فهذا أشرق مقاماته ، ولذا فمن الكذب أن يدعي المدعون أن النصارى والمسلمين موحدون ، أو أن اليهودية والمسيحية المعاصرتين من ديانات التوحيد الثلاث . إن التوحيد يعني لا إله إلا الله ، فأين من ذلك النصارى الذي قالوا إن عيسى إبن الله ، أو إن الله هو المسيح ابن مريم ، أو إن الله - تعالى - ثالث ثلاثة ؟ وأين منه اليهود الذين كفروا بعيسى عليه السلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم فلم يستحقوا صفة الإيمان ، مع ما هم عليه من التمسك بالتوراة المحرفة وسعيهم بالإفساد في الأرض.
ونعود إلى النصرانية التي يقولون عنها إنها دين توحيد في حين أنها قائمة على الشرك الصريح ، وعلى أن عيسى هو الوسيط الوحيد بين الله والخلق ، ومع ذلك فلا مانع أيضاً أن يكون البابوات وسطاء كذلك ومن هنا ترى المشابهة بين مبدأ الوساطة في النصرانية مع مثيله في البوذية الوثنية ، كما تلمح حلول الألوهية في المخلوق في النصرانية ، كما تلمحه في الهندوسية وهذا إن دلّ فإنما يدل على أن المشرب واحد وأن المنهل متقارب ، فالنصرانية الحقة دخلتها وصمة الوثنية ، فكانت النسخة الزائفة التي علها النصارى اليوم . أما الإسلام فدين التوحيد الخالص بلا تحريف ولا تزييف .
والقرآن الكريم صحيح لم يحرف ، وأتباعه هم أتباع عيسى وكل الأنبياء عليهم السلام ، لأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو امتداد وخاتم لجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . فهل آن الأوان ليعرف النصارى الإسلام لكي يعرفوا عيسى إبن مريم عليه السلام ؟
يعتقد النصارى أن عيسى هو ابن الله - سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً . يقول البابا يوحنا بولس الثاني إن المسيح شخصية عجيبة وفريدة بكل معنى الكلمة : فإن قلنا إنه حكيم كسقراط فلن نكون قد وصفناه الوصف المناسب ، وكذا إن قلنا إنه نبي كمحمد ، أو رجل مستنير كبوذا . يقصد البابا أنه لا يمكن وصفه إلا بالألوهية .
هذه هي عقيدة النصارى الذين يمثلون مليارين من البشر في هذا الزمان : أن عيسى هو ابن الله الوحيد وهو - كما يقول بابا الفاتيكان - الوسيط الوحيد بين الله والبشر .
ولكن ما هي صورة عيسى عليه السلام في الإسلام وفي الديانات الآخرى ، سواء منها السماوية المحرفة كاليهودية ، أو الديانات الوثنية كالبوذية والهندوسية ؟! ولنبدأ بالهندوسية ، وهي الديانة الوثنية التي يذهب أتباعها إلى أنها تمتد إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد .
هناك اعتقاد قوي عند الهندوس أن عيسى عليه السلام ذهب في شبابه إلى جنوب شرق آسيا حيث مارس تأملات اليوجا ، ثم بعد ذلك عاد إلى وطنه ، ليصير معلماً لليهود !! ويوضح هذا الاعتقاد بجلاء كيف أن الهندوسية تقبل أي شخصية يعبدها الناس كشخصية مقدسة لديهم أيضا . وهذا ليس عجباً في ديانة بها أكثر من 300 ألف إله ، إذ ما الذي يمنع أن يضاف إلى هؤلاء رجل اسمه عيسى ذهب ليتعلم كيف يستخرج ألوهيته الكامنة هو الآخر؟! ولذا فكثير من الهندوس تجذبهم شخصية عيسى - عليه السلام - ويحبون فيه رحمته ، ودعودته إلى نبذ العنف . وهذا ما يحبونه أيضاً في شخصية زعيمهم غاندي . وهذه أكبر الفضائل التي يزعمون أنها في كتبهم المقدسة .
لكن الشيء الذي لا يعجب الهندوس في عيسى عليه السلام هو فكرة الإله الواحد - الذي يزعم النصارى أن ثلاثة أقانيم - فالهندوس لا يرون أي داعٍ لهذا التضييق ، فكل المخلوقات عندهم أبناء الله حقيقة ، ولدى كل مخلوق منهم قدرة داخلية لأن يصبح إلهاً . ولا يحتاج الأمر إلى رياضة روحية صارمة يمارسها الإنسان حتى يحقق الوعي الإلهي الكوني، فيصير إلهاً ، وهذا بزعمهم - هو نفس ما جاء في إنجيل يوحنا عندما صرخ عيسى وقال : إن الأب وأنا واحد .
عيسى في الديانة البوذية
أما الديانة البوذية فيرى أتباعها تشابها كبيراً جداً بين حياة عيسى عليه السلام ، وحياة بوذا الذي مات قبل الميلاد بـ 483 سنة ، فكلاهما ولد من غير أب ، من أم طاهرة ، وترك وطنه ، وهام في البراري حيث حاول الشيطان إغواءه ولكنه صمد حتى رجع إلى وطنه بالعلم والحكمة ، وأخذ يأتي بالمعجزات ، ويتحدى - بتعاليمه الجديدة - الديانة التي كانت معاصرة له .
ويرى البوذيون أن كلاً من بوذا وعيسى كان يدعو إلى الرحمة والإيثار وحب الآخرين ، وأسّس ديانة نسبت إليه وكان له أتباع وحواريون في حياته خانه أحدهم في نهاية المطاف .
ورغم هذا التشابه الكبير - كما يذهب البوذيون - يبقى الاختلاف الجوهري بين الديانتين في أن النصراني في النصرانية لا يمكنه أن يكون هو نفس المسيح بينما في البوذية يسعى البوذي الصادق إلى أن يحقق شخصية بوذا في نفسه . وإذا كان عيسى يؤمن بوجود الله الذي خلق العالم ودبر أموره ، فالبوذيون لا يؤمنون بذلك . وكذلك فإن عقيدة الخطيئة الموجودة في النصرانية ليس لها مكان في العقيدة البوذية التي ترى أن الرحمة والصلاح هما السبيل إلى حسن العاقبة في الدنيا وليس في الآخرة ، فما الحياة عندهم إلا دورة من الموت ، والعودة إلى الميلاد.
يقول الدالاي لاما زعيم البوذييين في التبت بأن هناك نقاط التقاء بين البوذية والمسيحية ، منها العاقبة الأخلاقية ومفادها أنك إذا تصرفت بشكل أخلاقي فسوف ترى عاقبة حسنة في الدنيا ، والعكس بالعكس . والفرق أن عيسى يرى العاقبة أيضاً في اليوم الآخر بينما اليوم الآخر لا وجود له في البوذية . ومن نقاط الالتقاء أيضاً : فكرة التجلي ، فمثلما كان يشع النور من وجه المسيح - عليه السلام - كذلك كان الإشعاع النوراني يتجلى من جسد بوذا أمام أتباعه . وهكذا فعندما يصل صاحب الممارسة الروحية عند البوذيين إلى درجة معينة يمكن أن يظهر لذلك أثر حسن علىمظهره .ومن نقاط الالتقاء كذلك : الإيمان . فعند البوذيين الإيمان من ثلاث درجات : الأولى الإعجاب ، ثم المحاكاة ، ثم التوحد . فالبوذي يعجب بشخصية بوذا ثم يتطلع إلى محاكاته ، ثم يمكنه أن يصل إلى أن يكون بوذا نفسه . وهذا موجود في النصرانية ، وإن لم يكن بنفس الشكل الحرفي .
ثم أخيراً تلتقي الديانتان في مسألة التقمص حيث يمكن أن يصير الإنسان كاملاً كالإله ، فطبيعة بوذا موجودة في الجميع بنسب متفاوتة ، وعن طريق الرياضة الروحية والممارسة يمكن تطوير ذلك إلى مستويات أعلى ، وهذا يحتاج بالضرورة إلى وجود مرشدين ، وهؤلاء موجودون في البوذية بكثرة . أما في النصرانية فلكي تصير أنت والأب كياناً واحداً لا بد من وجود الوسيط الوحيد وهو المسيح عليه السلام .
ومع ذلك يعترف الدالاي لاما بوجود فرق بين الديانتين ، ويقول إن مزج شخصية عيسى بشخصية بوذا يكون كوضع رأس ثور على جسد حَمَل ، ولا يمكن لهذا أن يخرج لنا كياناً منسجماً .
وتبقى في النهاية حقيقة توضح الفرق بين الديانتين ، وهي الطريقة التي انتهى بها كل من بوذا وعيسى ، فموت بوذا كان هادئاً وطبيعياً ، وهو انتقاله إلى حالة ميلاد جديدة في العقيدة البوذية . أما عيسى عليه السلام فقد مات - كما يزعم البوذيون - على الصليب ، وخذله الله بذلك ، ولكنه خضع لإرادته .
عيسى عليه السلام في اليهودية
يرى اليهود أن عيسى كما يشهد بذلك الإنجيل واحد من اليهود ، ويرون أن معظم تعاليمه مأخوذة من التوراة ، وهو - على أقصى تقدير يهودي - عظيم ، أما فكرة أنه ابن لله فغير مقبولة نهائياً عندهم ، ويقولون : إنه مع نهاية القرن الأول للميلاد ظهرت فكرة ألوهية عيسى ، وأنه مخلّص البشرية من الخطيئة الأصلية ، وبدأ ذلك يطغى على كونه يهودياً مظهراً للخوارق والمعجزات .
أما في كتب التاريخ اليهودية فليس ثم وجود لعيسى عليه السلام ، بل تراه مرتداً لا يليق بيهودي صادق أن ينطق مجرد اسمه بلسانه ، في حين نسبه كثير من أهل القوميات المختلفة إلى أنفسهم فتارة يكون يونانياً ، وتارة يكون رومانياً ، أو هولندياً ، أو حتى نازياً ، ففي ألمانيا الثلاثينيات كان الألمان ينظرون إلى عيسى على أنه أحد أبناء الجنس الآريّ ، ذوي الجسم القوي واللون الأشقر.
وأما في التوراة فقليلة هي الأدلة على وجود عيسى ، حتى إن بعض النقاد اليهود ذهبوا إلى الاعتقاد بأنه شخصية خيالية صنعتها الكنيسة في عصورها الأولى . وهناك ست رسائل تلمودية جاءت فيها الإشارة إلى عيسى بشكل غير مباشر ، منها رسالة تتكلم عن هرطيق مبتدع اسمه يسوع . أما الرسالة الوحيدة التي تشكل أهمية تاريخية من بين هذه الرسائل فهي رسالة من أحد المؤرخين اليهود في القرن الأول يصف فيها عيسى بأنه رجل حكيم ، وله مآثر مذهلة ، ولكنه صُلبَ وصار له أتباع اسمهم المسيحيون .
وفي العصور الوسطى لم يتفق اليهود والنصارى حول شخصية عيسى نظراً لاضطهاد النصارى لليهود . ولم يكن يطبق اليهود رؤية الصليب على ألوية الجيوش الصليبية . وكانت التماثيل وصور المسيح تعتبر عبادة وثنية تحرمها التوراة.
وكان العجز اليهودي أمام سطوة النصاري ينفّس عن نفسه بالطعن في عيسى عليه السلام ، ولذا صوروا عيسى في صورة طفل غير شرعي لمرأة اسمها مريم ، غرّر بها رجل ، ثم بعد ذلك صار هذا الطفل رجلاً يأتي بالخوارق والشعوذة ، ثم بعد ذلك شُنقَ وأخفي جسده ثلاثة أيام ثم اكتشف بعد ذلك .
ولا يزال الأمر كذلك حتى بدأ البحث عن شخصية المسيح التاريخية خارج الإنجيل في القرن الثامن عشر ، من قبل المفكرين البروتستانت المتحررين الذين كانوا يبحثون بنهم عما وراء الشخصية الخارقة لعيسى التي تصورها العقيدة النصرانية . لقد كانوا يبحثون عن المعلم المستنير الذي يعلم الأخلاق للبشر .
فقام المفكر اليهودي إبراهام جيجار - وهو المناصر لحركة الإصلاح اليهودية - بالإدعاء بأنه - من خلال بحثه الحاصل تَوصّل إلى أن ما بأيدي النصاري من التعاليم ما هو إلا اليهودية التي كانت تعتقدها طائفة من اليهود معاصرة للمسيح يُدْعى أتباعها بالفريسيين .
وزعم جيجار أن عيسى - عليه السلام - لم يكن إلا واحداً من هؤلاء ، ثم حرفت تعاليمه بعد ذلك ، وخُلطت بالعقائد الوثنية ،وصارت النسخة النصرانية المحرفة لعقائد الفريسيين هؤلاء .
وهكذا استطاع عيسى عرض تقاليده الموروثة على عامة الناس . والعجيب - كما يقول سوساناه هيسْكل ، أستاذ الدراسات اليهودية - أن الصادوقيين من اليهود - وهم أعداء الفريسيين صاروا فيما بعد أتباع المسيح . وصّورا الفريسيين في صورة المنافقين ، وهي الصورة الموجودة في نصوص الإنجيل الآن .
وهكذا صار عيسى يهودياً ، جاء بصيغة جديدة لليهودية وصار لليهود الحق في الإعجاب به ، ولكن كان لا بد عندهم من التفريق بين إيمان عيسى والإيمان بعيسى فإيمان عيسى هو يهودية متحررة ، أما الإيمان بعيسى فهو النصرانية المعاصرة . ولم يزل الأمر كذلك حتى جاءت النازية ، وحدث الاضطهاد الهتلري لليهود ، فبدأ الفنانون اليهود يقتسبون بعضى العقائد النصرانية لإسقاط بعض المآسي اليهودية عليها ، كما فعل شاجال في لوحاته ، وكذا إيلي ويزيل في رواياته فضلاً عن سلاسل من الأفلام السينمائية والتلفازية . وربط هؤلاء بين اضطهاد عيسى واضطهاد اليهود . ومن هنا بدأ اليهود بالإنجيل حتى صارت دراسته مطلوبة للمتقدمين للحاخامية في المعاهد اليهودية في وقتنا هذا. وأما خارج الدوائر العلمية فلا يشك اليهود المعاصرون أن عيسى - عليه السلام - ليس أكثر من بطل يهودي ، أما أن يكون إلهاً فهيهات أن يؤمنوا به .
وفي لقاء مع مجلة نيوزويك الأمريكية يقول الحاخام اليهودي نوسنار - وهو من أكبر دارسي التلمود المعاصرين وله كتاب بعنوان : "الحاخام يحاور المسيح": على اليهود أن يتمسكوا بالتوراة . ومع التسليم بأن شخصية المسيح لافتة للنظر ، ولا يمكن تجاهلها إلا أنني لو عشت في عصره ، وأتيحت لي فرصة مقابلته لناقشته وتحديته من منطلق التوراة التي يؤمن بها ، والتي تسميها الكتب النصرانية العهد القديم . وسأقول له : يا صديقي اذهب في طريقك فلي طريق آخر ، فأنا عندي توراة موسى الحقيقية ، أما الذي تقوله أنت فليس هو توراة موسى . سأقول له اذهب أنت إلى القدس ، أو المكان الذي تعتقد أن الله قد أعده لك ، أما أنا فسأذهب لأمارس واجباتي اليومية العادية . لماذا ؟ لأن التوراة تعلمنا أن المملكة التي يجب أن تحظى بالاهتمام هي الدنيا التي نحيا فيها إنها مملكة اليهود التي نبنيها ونقدسها في البيت والأسرة والمجتمع . بل في التفاصيل اليسيرة حول ما أتناوله في طعام الإفطار ، وكيف أحب جيراني ؟ التوراة تعلمنا كيف نحقق تلك المملكة ، فلماذا أترك ذلك لأجري خلف مملكة الرب التي يدعو إليها المسيح ؟ هذه لا بد من انتظارها ولكن أثناء انتظاري لها عندي أشياء لا بد من أن أفعلها لا أن أعطلها . فالمسيح يقول : لكي تدخل ملكوت السماء عليك أن تترك الأسرة ، وتعطي ظهرك للبيت ، ولكل ما تملك ، ثم تتبعني . وهذا ما لم تقله التوراة .
يقول نوسنار إن موسى علمنا على جبل سيناء كيف ننظم مملكة من الكهنة والقديسين ، وكيف نمارس عملنا ، ونحب ربنا ونبني مملكته ، ونخضع لوصاياه . وهذا عندي مقدم على كل تعاليم عيسى ذلك الرجل الفاني الذي كان يمشي بين الناس ، ويتكلم معهم ، وكلامه كلام بشر ، أما التوراة فهي كلمة الله الوحيدة .
ويعتقد نوسنار أن النصرانية أخطأت لما تركت التوراة ، لأنك سترى من خلال قراءتك إياها أن أكثر ما قاله عيسى خطأ ، ودين اليهود في عهد عيسى كان الدين الحق ، والعقيدة الصادقة ، ولم يكن في حاجة إلى إصلاح ولا إلى تجديد . وإنما كان اليهود في حاجة إلى إيمان أقوى بالله ، وإخلاص أكثر لله ، وتقديس أكثر للحياة بالخضوع لشرع الله . أما المسيح وحواريوه فقد أخذوا طريقاً آخر ، ونحن لنا طريقنا ، لأننا لا نعتقد أن الله قد أراد الطريق الذي ساروا فيه .
عيسى عليه السلام في الإسلام
جاء في مقال نشر بمجلة نيوزويك الأمريكية في عدد 27 مارس 2000م عن عيسى عليه السلام أنه في بداية رمضان الماضي أرسل الفاتيكان برقية تهنئة لجميع القرآن الموجود بأيديهم . ولكنهم يؤمنون بعيسى كنبي عظيم ويسمونه عيسى ابن مريم وهي المرأة الوحيدة التي ذُكر اسمها في القرآن الكريم .
وفي الوقت الذي كان فيه كثير من النصارى ينكرون أن عيسى ولد لامرأة عذراء كان المسلمون يقرؤون في قرآنهم أن عيسى هو ابن مريم التي أحصنت فرجها ، والتي طهرها الله . وإنه حقاً أمر عجيب أن يدافع المسلمون عن ميلاد عيسى ابن مريم عليه السلام بمعجزة إلهية ، في حين ينكرها كثير من الغربيين اليوم . وفي حين يعتقد كثير من الغربيين أن عيسى لم يصعد إلى السماء يعتقد المسلمون أنه صعد إليها ، لأن الله رفعه . وهكذا يرى المسلمون أنهم أتباع عيسى الحقيقيون .
وإيمان المسلمين بعيسى نابع من القرآن وليس من الإنجيل ، لأن الإنجيل عندهم محرف بدليل تناقضاته وأخطائه . وكذا ينبع إيمانهم بعيسى من السنة النبوية الصحيحة ، وأقوال علماء المسلمين ويعتقد المسلم أن عيسى ولد لمريم عليها السلام من غير أب ، بمعجزة إلهية ، وبإذن الله . ثم نطق وهو في المهد ، وقال : (إني عبد الله آتاني الكتاب) . (مريم : 30) ولم يقل : أنا ابن الله ، فالله تعالى كما في القرآن منزه عن اتخاذ الولد ، ومع ذلك عاش عيسى ، وجرت على يديه معجزات لا يشاركه فيها غيره من الرسل . يقول القرآن الكريم إن الله عز وجل أعاذ عيسى وأمه من الشيطان الرجيم ، في حين أن محمداً قد غسلت الملائكة صدره وقلبه قبل النبوة . ويقول القرآن أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن يأتي بالخوارق التي يطلبها منه الناس بينما كان عيسى يأتيهم بما يريدون ، فكان يبرئ الأعمى والأبرص ويحيي الموتى ، ولكن كل ذلك بإذن الله الذي يقول للشيء كن فيكون . هذا هو المسيح عند المسلمين ، ومعنى كلمة المسيح : المدهون بالزيت المقدس ، ولكنه مع ذلك بشر ، فالمسلمون لا يعبدون إلا الله تعالى ، ولا يصلون لغير الله .
ولا شك أن قول المجلة إن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن يأتي بالمعجزات يومئ بالتنقيص من قدره تعالى وهذه مغالطة مكشوفة لأنه كان لمحمد صلى الله عليه وسلم معجزات حسية كثيرة - تجدها في مظا
ها - كما أن الإتيان بالخوارق التعجيزية لم يجد مع الأمم الأخرى ، فأبدله الله تعالى معجزة باقية على الزمان وهي القرآن الكريم الذي تحدى به المتقدمين والمتأخرين . ثم تسترسل المجلة في مغالطاتها فتقول إن المسلمين يدعون عيسى ومريم في صلواتهم ، وكذلك يدعون يوحنا المعمدان، وتقول: حسب آخر الإحصائيات ظهرت تجليات لصور مريم وعيسى في بلاد المسلمين حوالي 70 مرة منذ عام 1985م . وهذا الكلام مردود ، سواء في شقه الأول أو شقه الثاني : أما دعاء المسلمين لعيسى وأمه وليوحنا المعمدان فباطل ، وحتى لو افترضنا أن ذلك مما يفعله بعض المسلمين ممن يدعون الأنبياء والأولياء . فليست الحجة في أفعال المسلمين بل فيما في الإسلام ذاته ، وإلا فلو فرض أن من المسلمين من يكفر بعيسى ، فلا يحق لأحد أن يقول إن الإسلام يكفر بعيسى عليه السلام وأما قول المجلة أن عيسى وأمه ظهرت لهما تجليات في بلاد المسلمين فهذا من الكذب والدجل الذي يمارسه كثير من دجاجلة النصارى في بلاد المسلمين ممن يريدون من وراء ذلك إما تثبيت أقدام أتباعهم أو بلبلة أفكار المسلمين ، والأمثلة على هذا كثيرة وأظهرها خرافة ظهور العذراء بكنيسة الزيتون بالقاهرة سنة 1968م . (راجع كتاب المسيحية في سلسلة مقارنة الأديان للدكتور أحمد شلبي).
ومن مغالطات المجلة قولها إن محمداً صلى الله عليه وسلم على القول بأنه أفضل من المسيح عليه السلام وبأنه خاتم الرسل وخيرهم - قد مات ، أما عيسى فبنص القرآن لم يمت ولن يبعث . وهذا لا شك خلاف النص الصريح في القرآن الكريم إذ يقول الله تعالى حكاية عن عيسى : ( والسلام عليّ يومَ ولدتُ ويومَ أموتُ ويومَ أُبعثُ حيا ً). (مريم: 33) إذاً فعيسى سيموت ولكن بعد أن ينزل من السماء عند اقتراب الساعة . وبعد موته سيبعث يوم القيامة .
ويعتقد المسلمون أن عيسى لم يُصلبْ لأنه دعا الله تعالى أن ينجيه فاستجاب الله دعاءه ، ورفعه إلىالسماء ، لأن الله تعالى لا يسلم رسوله للقتل ، وإلا كان ذلك خذلاناً منه لواحد من أعظم رسله ، على خلاف ما يعتقد النصارى في تسليم (الأب) للإبن لليهود ليصلبوه .
وعندما تقترب الساعة سينزل عيسى ليقتل المسيح الدجال الذي ينتظره اليهود ليحكموا به العالم ، وبقتله ستعود الأمور إلى نصابها ، وسيكون هذا النزول لعيسى برهاناً على أنه لم يُصلب . وسيعيش عيسى ثم يموت - حينئذٍ - كمسلم يوحّد جميع المؤمنين تحت راية الإسلام .
من هذا العرض لمكانة عيسى عليه السلام في المسيحية ثم في الهندوسية والبوذية ثم في اليهودية ثم في الإسلام نرى أن الإسلام هوالدين الوحيد الذي عظّم عيسى ، كما يليق بمقامه كعبد من عباد الله تعالى ، فلم يرفعه إلى مقام الألوهية كما تفعل النصارى ، وسبقتها الهندوسية والبوذية ، ولعل هذه المسحة الوثنية مما أخذته النصرانية من تلك الأديان الشركية الوثنية . أما اليهودية فقد أنكرت نبوة المسيح ، ورأينا كيف يستخف الحاخام اليهودي الكبير نوسنار بعيسى عليه السلام . ويقول إن توراة موسى هي كلمة الله الحقيقية الوحيدة ، وهذا من مغالطاته ، لأن التوراة محرفة . ولو كانت حقيقية لقرأ فيها عن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ثم لو آمن بالقرآن وقرأه لرأى فيه أن لعيسى كتاباً سماوياً هو الإنجيل . ونحن نعلّق على كلام نوسنار هذا الذي أساء فيه إلىعيسى عليه السلام فنقول له : أنت تتكلم عن عيسى آخر غير عيسى الحقيقي وإلا فلو أردت أن تعرفه فإرجع إلى القرآن لترى عيسى الذي لم تُحَرَفْ تعاليمه ، ولم تشوّه صورته . إن الإسلام يعلّم أتباعه احترام جميع رسل الله عليهم السلام ، ولذا فليس عجباً أن يؤمن المسلمون بولادة عيسى من غير أب في حين ينكر بعض النصارى ذلك . وليس غريباً أن يؤمن المسلمون برفع عيسى إلى السماء في حين ينكر ذلك كثير من النصارى في هذا الزمان .
ولكن لا يتجاوز إيمان المسلمين بعيسى حد عبوديته لله تعالى فهذا أشرق مقاماته ، ولذا فمن الكذب أن يدعي المدعون أن النصارى والمسلمين موحدون ، أو أن اليهودية والمسيحية المعاصرتين من ديانات التوحيد الثلاث . إن التوحيد يعني لا إله إلا الله ، فأين من ذلك النصارى الذي قالوا إن عيسى إبن الله ، أو إن الله هو المسيح ابن مريم ، أو إن الله - تعالى - ثالث ثلاثة ؟ وأين منه اليهود الذين كفروا بعيسى عليه السلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم فلم يستحقوا صفة الإيمان ، مع ما هم عليه من التمسك بالتوراة المحرفة وسعيهم بالإفساد في الأرض.
ونعود إلى النصرانية التي يقولون عنها إنها دين توحيد في حين أنها قائمة على الشرك الصريح ، وعلى أن عيسى هو الوسيط الوحيد بين الله والخلق ، ومع ذلك فلا مانع أيضاً أن يكون البابوات وسطاء كذلك ومن هنا ترى المشابهة بين مبدأ الوساطة في النصرانية مع مثيله في البوذية الوثنية ، كما تلمح حلول الألوهية في المخلوق في النصرانية ، كما تلمحه في الهندوسية وهذا إن دلّ فإنما يدل على أن المشرب واحد وأن المنهل متقارب ، فالنصرانية الحقة دخلتها وصمة الوثنية ، فكانت النسخة الزائفة التي علها النصارى اليوم . أما الإسلام فدين التوحيد الخالص بلا تحريف ولا تزييف .
والقرآن الكريم صحيح لم يحرف ، وأتباعه هم أتباع عيسى وكل الأنبياء عليهم السلام ، لأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو امتداد وخاتم لجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . فهل آن الأوان ليعرف النصارى الإسلام لكي يعرفوا عيسى إبن مريم عليه السلام ؟
المسلمين تدعوهم إلى النظر إلى عيسى كدعوة بارزة ومثالية للإنسانية . ولا شك أن المسلمين يعتقدون أن محمداً هو النموذج الكامل للإنسانية ، وكذلك يؤمنون أن كلام الله الحقيقي هو القرآن الموجود بأيديهم . ولكنهم يؤمنون بعيسى كنبي عظيم ويسمونه عيسى ابن مريم وهي المرأة الوحيدة التي ذُكر اسمها في القرآن الكريم .
وفي الوقت الذي كان فيه كثير من النصارى ينكرون أن عيسى ولد لامرأة عذراء كان المسلمون يقرؤون في قرآنهم أن عيسى هو ابن مريم التي أحصنت فرجها ، والتي طهرها الله . وإنه حقاً أمر عجيب أن يدافع المسلمون عن ميلاد عيسى ابن مريم عليه السلام بمعجزة إلهية ، في حين ينكرها كثير من الغربيين اليوم . وفي حين يعتقد كثير من الغربيين أن عيسى لم يصعد إلى السماء يعتقد المسلمون أنه صعد إليها ، لأن الله رفعه . وهكذا يرى المسلمون أنهم أتباع عيسى الحقيقيون .
وإيمان المسلمين بعيسى نابع من القرآن وليس من الإنجيل ، لأن الإنجيل عندهم محرف بدليل تناقضاته وأخطائه . وكذا ينبع إيمانهم بعيسى من السنة النبوية الصحيحة ، وأقوال علماء المسلمين ويعتقد المسلم أن عيسى ولد لمريم عليها السلام من غير أب ، بمعجزة إلهية ، وبإذن الله . ثم نطق وهو في المهد ، وقال : (إني عبد الله آتاني الكتاب) . (مريم : 30) ولم يقل : أنا ابن الله ، فالله تعالى كما في القرآن منزه عن اتخاذ الولد ، ومع ذلك عاش عيسى ، وجرت على يديه معجزات لا يشاركه فيها غيره من الرسل . يقول القرآن الكريم إن الله عز وجل أعاذ عيسى وأمه من الشيطان الرجيم ، في حين أن محمداً قد غسلت الملائكة صدره وقلبه قبل النبوة . ويقول القرآن أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن يأتي بالخوارق التي يطلبها منه الناس بينما كان عيسى يأتيهم بما يريدون ، فكان يبرئ الأعمى والأبرص ويحيي الموتى ، ولكن كل ذلك بإذن الله الذي يقول للشيء كن فيكون . هذا هو المسيح عند المسلمين ، ومعنى كلمة المسيح : المدهون بالزيت المقدس ، ولكنه مع ذلك بشر ، فالمسلمون لا يعبدون إلا الله تعالى ، ولا يصلون لغير الله .
ولا شك أن قول المجلة إن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن يأتي بالمعجزات يومئ بالتنقيص من قدره تعالى وهذه مغالطة مكشوفة لأنه كان لمحمد صلى الله عليه وسلم معجزات حسية كثيرة - تجدها في مظا
ها - كما أن الإتيان بالخوارق التعجيزية لم يجد مع الأمم الأخرى ، فأبدله الله تعالى معجزة باقية على الزمان وهي القرآن الكريم الذي تحدى به المتقدمين والمتأخرين . ثم تسترسل المجلة في مغالطاتها فتقول إن المسلمين يدعون عيسى ومريم في صلواتهم ، وكذلك يدعون يوحنا المعمدان، وتقول: حسب آخر الإحصائيات ظهرت تجليات لصور مريم وعيسى في بلاد المسلمين حوالي 70 مرة منذ عام 1985م . وهذا الكلام مردود ، سواء في شقه الأول أو شقه الثاني : أما دعاء المسلمين لعيسى وأمه وليوحنا المعمدان فباطل ، وحتى لو افترضنا أن ذلك مما يفعله بعض المسلمين ممن يدعون الأنبياء والأولياء . فليست الحجة في أفعال المسلمين بل فيما في الإسلام ذاته ، وإلا فلو فرض أن من المسلمين من يكفر بعيسى ، فلا يحق لأحد أن يقول إن الإسلام يكفر بعيسى عليه السلام وأما قول المجلة أن عيسى وأمه ظهرت لهما تجليات في بلاد المسلمين فهذا من الكذب والدجل الذي يمارسه كثير من دجاجلة النصارى في بلاد المسلمين ممن يريدون من وراء ذلك إما تثبيت أقدام أتباعهم أو بلبلة أفكار المسلمين ، والأمثلة على هذا كثيرة وأظهرها خرافة ظهور العذراء بكنيسة الزيتون بالقاهرة سنة 1968م . (راجع كتاب المسيحية في سلسلة مقارنة الأديان للدكتور أحمد شلبي).
ومن مغالطات المجلة قولها إن محمداً صلى الله عليه وسلم على القول بأنه أفضل من المسيح عليه السلام وبأنه خاتم الرسل وخيرهم - قد مات ، أما عيسى فبنص القرآن لم يمت ولن يبعث . وهذا لا شك خلاف النص الصريح في القرآن الكريم إذ يقول الله تعالى حكاية عن عيسى : ( والسلام عليّ يومَ ولدتُ ويومَ أموتُ ويومَ أُبعثُ حيا ً). (مريم: 33) إذاً فعيسى سيموت ولكن بعد أن ينزل من السماء عند اقتراب الساعة . وبعد موته سيبعث يوم القيامة .
ويعتقد المسلمون أن عيسى لم يُصلبْ لأنه دعا الله تعالى أن ينجيه فاستجاب الله دعاءه ، ورفعه إلىالسماء ، لأن الله تعالى لا يسلم رسوله للقتل ، وإلا كان ذلك خذلاناً منه لواحد من أعظم رسله ، على خلاف ما يعتقد النصارى في تسليم (الأب) للإبن للهود ليصلبوه .
وعندما تقترب الساعة سينزل عيسى ليقتل المسيح الدجال الذي ينتظره اليهود ليحكموا به العالم ، وبقتله ستعود الأمور إلى نصابها ، وسيكون هذا النزول لعيسى برهاناً على أنه لم يُصلب . وسيعيش عيسى ثم يموت - حينئذٍ - كمسلم يوحّد جميع المؤمنين تحت راية الإسلام .
من هذا العرض لمكانة عيسى عليه السلام في المسيحية ثم في الهندوسية والبوذية ثم في اليهودية ثم في الإسلام نرى أن الإسلام هوالدين الوحيد الذي عظّم عيسى ، كما يليق بمقامه كعبد من عباد الله تعالى ، فلم يرفعه إلى مقام الألوهية كما تفعل النصارى ، وسبقتها الهندوسية والبوذية ، ولعل هذه المسحة الوثنية مما أخذته النصرانية من تلك الأديان الشركية الوثنية . أما اليهودية فقد أنكرت نبوة المسيح ، ورأينا كيف يستخف الحاخام اليهودي الكبير نوسنار بعيسى عليه السلام . ويقول إن توراة موسى هي كلمة الله الحقيقية الوحيدة ، وهذا من مغالطاته ، لأن التوراة محرفة . ولو كانت حقيقية لقرأ فيها عن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ثم لو آمن بالقرآن وقرأه لرأى فيه أن لعيسى كتاباً سماوياً هو الإنجيل . ونحن نعلّق على كلام نوسنار هذا الذي أساء فيه إلىعيسى عليه السلام فنقول له : أنت تتكلم عن عيسى آخر غير عيسى الحقيقي وإلا فلو أردت أن تعرفه فإرجع إلى القرآن لترى عيسى الذي لم تُحَرَفْ تعاليمه ، ولم تشوّه صورته . إن الإسلام يعلّم أتباعه احترام جميع رسل الله عليهم السلام ، ولذا فليس عجباً أن يؤمن المسلمون بولادة عيسى من غير أب في حين ينكر بعض النصارى ذلك . وليس غريباً أن يؤمن المسلمون برفع عيسى إلى السماء في حين ينكر ذلك كثير من النصارى في هذا الزمان .
ولكن لا يتجاوز إيمان المسلمين بعيسى حد عبوديته لله تعالى فهذا أشرق مقاماته ، ولذا فمن الكذب أن يدعي المدعون أن النصارى والمسلمين موحدون ، أو أن اليهودية والمسيحية المعاصرتين من ديانات التوحيد الثلاث . إن التوحيد يعني لا إله إلا الله ، فأين من ذلك النصارى الذي قالوا إن عيسى إبن الله ، أو إن الله هو المسيح ابن مريم ، أو إن الله - تعالى - ثالث ثلاثة ؟ وأين منه اليهود الذين كفروا بعيسى عليه السلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم فلم يستحقوا صفة الإيمان ، مع ما هم عليه من التمسك بالتوراة المحرفة وسعيهم بالإفساد في الأرض.
ونعود إلى النصرانية التي يقولون عنها إنها دين توحيد في حين أنها قائمة على الشرك الصريح ، وعلى أن عيسى هو الوسيط الوحيد بين الله والخلق ، ومع ذلك فلا مانع أيضاً أن يكون البابوات وسطاء كذلك ومن هنا ترى المشابهة بين مبدأ الوساطة في النصرانية مع مثيله في البوذية الوثنية ، كما تلمح حلول الألوهية في المخلوق في النصرانية ، كما تلمحه في الهندوسية وهذا إن دلّ فإنما يدل على أن المشرب واحد وأن المنهل متقارب ، فالنصرانية الحقة دخلتها وصمة الوثنية ، فكانت النسخة الزائفة التي علها النصارى اليوم . أما الإسلام فدين التوحيد الخالص بلا تحريف ولا تزييف .
والقرآن الكريم صحيح لم يحرف ، وأتباعه هم أتباع عيسى وكل الأنبياء عليهم السلام ، لأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو امتداد وخاتم لجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . فهل آن الأوان ليعرف النصارى الإسلام لكي يعرفوا عيسى إبن مريم عليه السلام ؟