PDA

View Full Version : كاترينا .. الحرب الأمريكية الثالثة


USAMA LADEN
10-09-2005, 04:45 PM
كاترينا .. الحرب الأمريكية الثالثة

أميـر سعيـد
amirsaid@gawab.com
"والله لو كنتم فوق السحاب لرفعنا الله إليكم أو لأنزلكم الله إلينا". كانت هذه عبارة خالد بن الوليد _رضي الله عنه_ التي أرسلها لأعدائه غداة فتح بلادهم.
خالد بن الوليد مثل ما يشبه الأسطورة العسكرية في زمانه، بل في كل زمان، مخطط استراتيجي بارع ومناور عسكري عبقري وقائد حربي لا يشق له غبار ولا تعرف الهزيمة له سبيلاً، بيد أنه كان دائم الارتباط بوشيجة عقدية لا تمنح أفعاله عبقرية ذاتية، بل تعود على الدوام إلى قدرة الله _سبحانه_ وإرادته وقدره الذي لا يرد.
ولو صيغت كلمات خالد الآن في بيان تحمله فئة ترفع السلاح بوجه أعدائها لربما غاضت منها النرجسية التي لا تخطئها عيوننا الآن "والله لو كنتم فوق السحاب لصعدنا إليكم أو لأنزلناكم"!!
وقد تسبق دعوة مظلوم ألف سيف شهير وألف قائد طرير، وحين تتعلق القلوب بمن "لا تأخذه سنة ولا نوم"، وحين تنحدر الدمعات ثخينة على خد عجوز مكلومة بفقد ولد أو حفيد، وحين تصرخ ألماً أسرة ذاقت مرارة الحرمان من طفل أو عائل، وحين ترتفع أيدي الضعفاء إلى السماء تجأر إلى الواحد الديان ؛ فلا تظن أنهم موكلون إلى ذواتهم الضعيفة "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون"..


وقد تسبق دعوة مظلوم ألف سيف شهير وألف قائد طرير، وحين تتعلق القلوب بمن "لا تأخذه سنة ولا نوم"، وحين تنحدر الدمعات ثخينة على خد عجوز مكلومة بفقد ولد أو حفيد (..)؛ فلا تظن أنهم موكلون إلى ذواتهم الضعيفة "ولا تحسبن أن الله غافلاً عما يعمل الظالمون"..

وما كان أحد من المقاومين قادر على أن يرحل 300 طائرة أمريكية من العراق وأفغانستان دفعة واحدة، ولكن الله قادر وأمره نافذ، ولما اشتد الحصار حول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ في المدينة وعلم الله ما في قلوبهم، قلبت الريح قدور الأحزاب، واقتلعت خيامهم، وألجأتهم إلى الرحيل ..
إعصار كاترينا يحكي لنا من أسراره كيف تطيش الأقدار بالاستراتيجيات، وكيف ينكشف الإنسان أمام نفسه فإذا هو كما قال المولى _عز وجل_: "وخلق الإنسان ضعيفاً"، وإذ تبسط الولايات المتحدة أيديها على منابع النفط في أركان العالم، وتبني سياستها النفطية على وجود احتياطي هائل لا يمس، ترشق شوكة كاترينا في خاصرة الولايات المتحدة وتستلبها كثيراً من عنفوانيتها وجبروتها، وتستدعيها إلى تسول الإغاثة ممن كانت تمن عليهم بأموالها، وتصطف طوابير السيارات كيلو مترات أمام محطات النفط في بلد ما زال يمسك بتلابيب الطاقة في العالم بيديه الحديدية.
كم هي ضعيفة تلك الدولة "العظمى" التي بسطت فرش إمبراطوريتها هنا وهناك، وحثها ظمؤها النفطي أن تغزو أفغانستان لتستولي على احتياطي بحر قزوين الهائل، وتحاصر ثم تغزو العراق لتضع بين يديها أكبر احتياطي نفطي في العالم، ثم تفاجئها الأقدار بأنها لم تتمكن من نيل مبتغاها في أي سبيل، فلا هي مدت أنابيب النفط من بحر قزوين لأوروبا ولا هي نجحت في بسط سيطرتها على نفط العراق (وقد توقف هذا الأسبوع النفط المنتج من كركوك تماماً وهو ما يمثل ربع إنتاج العراق النفطي)، ولا هي حتى حافظت على احتياطيها النفطي الذي بدأت في التعدي عليه، ومن مفارقات القدر أن تجور الولايات المتحدة الأمريكية على احتياطها النفطي وهي قد أصبحت الجهة المتنفذة الأولى نفطياً في العالم، ومن مفارقاته أن تتضاعف أسعار النفط العالمية ثلاث مرات بعد أن تحتل العراق ويكون في مقدورها مضاعفة إنتاج نفطه لأقصى مدى، ومن مفارقاته أن يفاخر البنتاجون بقدرته على خوض حربين في آن معاً ثم لما ينقلب إليه البصر حسيراً ويوقن بعجزه عن ذلك تستدعيه الأقدار لخوض حرب ثالثة في عقر داره مع المياه بعد أن ازدادت حدة الحرب في كل من أفغانستان والعراق!!




وقبل أقل من عام كانت قاعدة دييجو جارسيا البريطانية التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي بنيت في جزيرة بالمحيط الهندي جنوبي بحر العرب غارقة في ثورة تسونامي سومطرة، وتحدثت الأنباء عن فقدان آلاف الجنود فيها لتتصل المآسي الأمريكية بعضها في إثر بعض بعد أن آذنت أمة التوحيد بالحرب، وليفي إعصار كاترينا الذي اجتاح لويزيانا وميسيسيبي في مساحة تكافئ نصف مساحة فرنسا وتجاوز مساحة المثلث السني العراقي المقاوم للمظلومين بقسط من حقوقهم المهدرة بواسطة الدولة الكبرى الباغية، فيموت الآلاف من مواطني مرتزقة الحرب وتلامس الخسائر سقف الـ 100 مليار دولار (ربع تكلفة حرب العراق تقريباً حتى الآن) في أيام قليلة تومئ إلى طلاقة القدرة الإلهية، وتدق مسماراً آخر في نعش الإمبراطورية الأمريكية، ليس في المجال الاقتصادي فحسب، بل في مجال الأخلاق أيضاً التي كشف عنها الإعصار، كم هي مهترئة النسيج، كم هي ضعيفة البناء، سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي ، فالصعيد الرسمي قد شهد تباطؤاً في الحركة باتجاه الإغاثة عزاها البعض للعنصرية التي تستبد بأفكار الإدارة الأمريكية، حيث يقطن المنطقة أغلبية من السود ليست في صدارة الاهتمام الرسمي، وعزاها البعض لقلة اكتراث النظام الفيدرالي بالحفاظ على إمكانات داخلية تأمينية ضد الكوارث في مقابل طموحات إمبراطورية أثرت على خدمات الداخل، وأيضاً على ذات الصعيد أماطت لثام الحقيقة عن وجه لا يكذب في خسائر جنوده بالخارج فحسب، بل يكذب على السود في الداخل أيضاً وعلى شعبه عموماً ليصف الخسائر الإنسانية بأقل من حجمها والمادية بأكبر منها..


والصعيد الشعبي فقد كشفت وجهاً مخزياً لأمريكا لا تراه حتى في أدغال إفريقيا ومجاهلها، حين يفزع الشعب في المناطق المجاورة والناجون كذلك لا لإنقاذ جيرانهم، بل لأكل أموالهم واغتصاب نسائهم ..
هذه هي أمريكا التي نعرف، وهذا هو الحلم الأمريكي أو كابوسها لا فرق.
إنما الفرق هنا هو ما بين ما أراد بوش في مستهل ولايته الأولى أن يقوله، وتحديداً في 21/1/2001م قبل أن يعلنها على المسلمين حرباً صليبية، من أن قوة أمريكا العاصفة هي قوة الخير في مقابل قوة الشر مستشهداً بنص توراتي يقول : "بوسع ملاك أن يركب الزوبعة، وأن يوجه هذه العاصفة". والعاصفة الحقيقية هي التي وجهت إلى خاصرة الولايات المتحدة الأمريكية وقوة الشر العظمى..