password
09-10-2006, 01:40 PM
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن مما يجب العلم به أن معرفة البدع التي أدخلت في الدين أمر هام جداً ، لأنه لا يتم للمسلم التقرب إلى الله تعالى إلا باجتنابها ، ولا يمكن ذلك إلا بمعرفة مفرداتها اذا كان لا يعرف قواعدها وأصولها ، وإلا وقع في البدعة وهو لا يشعر ، فهي من باب "ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب " كما يقول علماء الأصول رحمهم الله تعالى . ومثل ذلك معرفة الشرك وأنواعه ، فإن من لا يعرف ذلك وقع فيه ، كما هو مشاهد من كثير من المسلمين الذين يتقربون إلى الله بما هو شرك كالنذر للأولياء والصالحين والحلف بهم والطواف بقبورهم ، وبناء المساجد عليها ، وغير ذلك مما هو معلوم شركه عند أهل العلم ، ولذلك فلا يكفي في التعبد الاقتصار على معرفة السنة فقط ، بل لا بد من معرفة ما يناقضها من البدع كما لا يكفي في الايمان التوحيد، دون معرفة ما يناقضه من الشركيات، وإلى هذه الحقيقة أشار رسول الله عليه الصلاة والسلام بقوله: (( من قال لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه وحسابه على الله )) . رواه مسلم ، فلم يكتف عليه السلام بالتوحيد ، بل ضم إليه الكفر بما سواه ، وذلك يستلزم معرفة الكفر ، وإلا وقع فيه وهو لا يشعر ، وكذلك القول في السنة والبدعة ولا فرق ، ذلك لأن الاسلام قام على أصلين عظيمين :
أن لا نعبد إلا الله ، وأن لا نعبده إلا بما شرع الله . فمن أخل بأحدهما فقد أخل بالآخر ، ولم يعبد الله تبارك وتعالى .
وتحقيق القول في هذين الأصلين تجده مبسوطاً في كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى .
فثبت مما تقدم أن معرفة البدع أمر لا بد منه ، لتسلم عبادة المؤمن من البدعة التي تنافي التعبد الخالص لله تعالى ، فالبدع من الشر الذي يجب معرفته لا لإتيانه ، بل لاجتنابه على حد قول الشاعر :
عرفت الشر لا للشـــــــ ــــر لكـن لتـوقيـه
ومن لا يعرف الشــــــــر من الخير يقع فيه
وهذا المعنى مستقى من السنة ، فقد قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه :
كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال : (( نعم )) ، فقلت : هل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال : (( نعم ، وفيه دخن )) ، قلت :
وما دخنه؟ قال : (( قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر))، فقلت : هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: (( نعم دعاة على أبواب جنهم، من أجابهم إليها قذفوه فيها )). فقلت: يا رسول الله صفهم لنا.قال :(( نعم ، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ... الحديث)). أخرجه البخاري ومسلم .
قلت : ولهذا كان من الضروري جداً تنبه المسلمين على البدع التي دخلت في الدين وليس الأمركما يتوهم البعض : انه يكفي تعريفهم بالتوحيد والسنة فقط ، ولا ينبغي التعرض لبيان الشركيات والبدعيات ، بل يسكت عن ذلك ! وهذا نظر قاصر ناتج عن قلة المعرفة والعلم بحقيقة التوحيد الذي يباين الشرك ، والسنة التي تباين البدعة ، وهو في الوقت نفسه يدل على جهل هذا البعض بأن البدعة قد يقع فيها حتى الرجل العالم ، وذلك لأن أسباب البدعة كثيرة جداً لا مجال لذكرها الآن ، ولكن أذكر سبباً واحداً منها ، وأضرب عليه مثلاً ، فمن أسباب الابتداع في الدين الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، فقد يخفى على بعض أهل العلم شيء منها ويظنها من الأحاديث الصحيحة فيعمل بها ، ويتقرب إلى الله تعالى ، ثم يقلده في ذلك الطلبة والعامة فتصير سنة متبعة ! . ولذلك فإن التنبيه على البدع أمر واجب على أهل العلم ، وقد قام بذلك طائفة منهم ، فألفوا كتباً كثيرة في هذا الباب ، بعضها في قواعد البدع وأصولها ، وبعضها في فروعها ، وبعضها جمع بين النوعين ، وقد طالعتها جميعاً وقرأت معها مئات الكتب الأخرى في الحديث والفقه والأدب وغيرها ، وجمعت منها مادة عظيمة في البدع ما أظن أن أحداً سبقني إلى مثلها ، وهي أصل كتابي المشار إليه آنفاً "قاموس البدع" الذي أسأل الله أن ييسر لي تهذيبه وتصنيفه وإخراجه للناس
الشيخ الألباني رحمه الله
منقول من
http://www.alalbany.net/albany_doc_abooks.php
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن مما يجب العلم به أن معرفة البدع التي أدخلت في الدين أمر هام جداً ، لأنه لا يتم للمسلم التقرب إلى الله تعالى إلا باجتنابها ، ولا يمكن ذلك إلا بمعرفة مفرداتها اذا كان لا يعرف قواعدها وأصولها ، وإلا وقع في البدعة وهو لا يشعر ، فهي من باب "ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب " كما يقول علماء الأصول رحمهم الله تعالى . ومثل ذلك معرفة الشرك وأنواعه ، فإن من لا يعرف ذلك وقع فيه ، كما هو مشاهد من كثير من المسلمين الذين يتقربون إلى الله بما هو شرك كالنذر للأولياء والصالحين والحلف بهم والطواف بقبورهم ، وبناء المساجد عليها ، وغير ذلك مما هو معلوم شركه عند أهل العلم ، ولذلك فلا يكفي في التعبد الاقتصار على معرفة السنة فقط ، بل لا بد من معرفة ما يناقضها من البدع كما لا يكفي في الايمان التوحيد، دون معرفة ما يناقضه من الشركيات، وإلى هذه الحقيقة أشار رسول الله عليه الصلاة والسلام بقوله: (( من قال لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه وحسابه على الله )) . رواه مسلم ، فلم يكتف عليه السلام بالتوحيد ، بل ضم إليه الكفر بما سواه ، وذلك يستلزم معرفة الكفر ، وإلا وقع فيه وهو لا يشعر ، وكذلك القول في السنة والبدعة ولا فرق ، ذلك لأن الاسلام قام على أصلين عظيمين :
أن لا نعبد إلا الله ، وأن لا نعبده إلا بما شرع الله . فمن أخل بأحدهما فقد أخل بالآخر ، ولم يعبد الله تبارك وتعالى .
وتحقيق القول في هذين الأصلين تجده مبسوطاً في كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى .
فثبت مما تقدم أن معرفة البدع أمر لا بد منه ، لتسلم عبادة المؤمن من البدعة التي تنافي التعبد الخالص لله تعالى ، فالبدع من الشر الذي يجب معرفته لا لإتيانه ، بل لاجتنابه على حد قول الشاعر :
عرفت الشر لا للشـــــــ ــــر لكـن لتـوقيـه
ومن لا يعرف الشــــــــر من الخير يقع فيه
وهذا المعنى مستقى من السنة ، فقد قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه :
كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال : (( نعم )) ، فقلت : هل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال : (( نعم ، وفيه دخن )) ، قلت :
وما دخنه؟ قال : (( قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر))، فقلت : هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: (( نعم دعاة على أبواب جنهم، من أجابهم إليها قذفوه فيها )). فقلت: يا رسول الله صفهم لنا.قال :(( نعم ، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ... الحديث)). أخرجه البخاري ومسلم .
قلت : ولهذا كان من الضروري جداً تنبه المسلمين على البدع التي دخلت في الدين وليس الأمركما يتوهم البعض : انه يكفي تعريفهم بالتوحيد والسنة فقط ، ولا ينبغي التعرض لبيان الشركيات والبدعيات ، بل يسكت عن ذلك ! وهذا نظر قاصر ناتج عن قلة المعرفة والعلم بحقيقة التوحيد الذي يباين الشرك ، والسنة التي تباين البدعة ، وهو في الوقت نفسه يدل على جهل هذا البعض بأن البدعة قد يقع فيها حتى الرجل العالم ، وذلك لأن أسباب البدعة كثيرة جداً لا مجال لذكرها الآن ، ولكن أذكر سبباً واحداً منها ، وأضرب عليه مثلاً ، فمن أسباب الابتداع في الدين الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، فقد يخفى على بعض أهل العلم شيء منها ويظنها من الأحاديث الصحيحة فيعمل بها ، ويتقرب إلى الله تعالى ، ثم يقلده في ذلك الطلبة والعامة فتصير سنة متبعة ! . ولذلك فإن التنبيه على البدع أمر واجب على أهل العلم ، وقد قام بذلك طائفة منهم ، فألفوا كتباً كثيرة في هذا الباب ، بعضها في قواعد البدع وأصولها ، وبعضها في فروعها ، وبعضها جمع بين النوعين ، وقد طالعتها جميعاً وقرأت معها مئات الكتب الأخرى في الحديث والفقه والأدب وغيرها ، وجمعت منها مادة عظيمة في البدع ما أظن أن أحداً سبقني إلى مثلها ، وهي أصل كتابي المشار إليه آنفاً "قاموس البدع" الذي أسأل الله أن ييسر لي تهذيبه وتصنيفه وإخراجه للناس
الشيخ الألباني رحمه الله
منقول من
http://www.alalbany.net/albany_doc_abooks.php