PDA

View Full Version : إلى أخى وأختى هُتَافٌ لِلقُلُوبِ الحَيَّةِ


محب الجهاد
14-12-2000, 03:23 AM
هُتَافٌ لِلقُلُوبِ الحَيَّةِ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله يقول الحق وهو يهدي السبيل, والصلاة والسلام على رسول الله, أكرم هادٍ وأقوم دليل, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لاشريك له ,وأشهد أن محمدا ًعبده ورسوله.

أما بعد :

*أخي (أختي) صاحب القلب الحي :الذي يعي ما أقول!

ويا ذا النفس الزكيَّة .. التي تتأثر بما تقرأ !

ويا ذا الفطرة السويَّة .. التي تتيقظ عند كلِّ ذكرى !

وياذا العقل الذكي .. الذي يدَّكر بكلِّ عبرة !

اسمح لي أهتف في مسمعك, وأخاطب جذوة الإيمان في قلبك, لأذكِّر نفسي ونفسك بربي وربك, فإن الذكرى تنفع المؤمنين !

*أخي (أختي) صاحب القلب الحي :
ماأعظم الله! ماأجله وأكرمه!
ما أحلمه وأرحمه!
لا إله غيره .. ولارب سواه.
يعصى .. فيغفر! يطاع .. فيشكر !
المعصية بعلمه .. والطاعة بفضله ..
فسبحانه على حلمه بعد علمه !
وسبحانه على مغفرته بعد قدرته !
وسبحانه على رحمته بعد قوته!
فماأكثرجوده وبره !
وما أكبرعطاءه وإحسانه !
يستر السوءات ... ثم يغفرها ... ويصفح عن الخطيئات ... وهو قادر على أن يأخذ بها ويؤاخذ عليها ..
فما أعظم شأنه ! وما أكرم سلطانه !
هو أهل التقوى وأهل المغفرة.

*أخي (أختي) صاحب القلب الحي :
عهدتك مسابقا ًفي الخير, منافساً إلى الطاعة ... تبادر الموت, وتسابق المنايا, وتتزود من البر والتقوى للحياة الأخرى ..
وتلك محمدةٌ دونها كل المحامد ..
وأرى - ويالسوء ما أرى! - الغفلة نزلت بساحتك .. وآثار المعصية نصبت رايتها في ميدان حياتك ..
فما الذي أغفلك عما خلقت له ؟ !
ولماذا نسيت ماأوجدك الله من أجله ؟ !
هل اتخذت على الله عهداًً ألا يعذبك ؟ !
هل ضمنت مغفرته لذنب واحد من ذنوبك ؟ ! هل تيقنت قبوله لحسنة واحدة من حسناتك ؟ ! هل أمنت مكره ؟ !
كيف تجرأت عليه وخالفت أمره ؟ !
ألك حجة تدلي بها عند حسابه ؟ !
ألك طاقة بعذابه ؟ !
ومصابرةٌ على شديد عقابه ؟ !
أم لك قدرةٌ على مواجهة قوته وسطوته ؟ ! ونقمته وبطشته ؟ !
وهو عزيز ذو انتقام .. وقاهر ذو اقتدار .. وجبار ذو بطش شديد . قال تعالى ((وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير)) [الأنعام:18] .
فما الذي غرك بربك الكريم ؟ !
وما الذي جرأك على مولاك العظيم ؟ ! أنسيت نفسك ؟ !
أغفلت عن ضعفك ؟ !
أما تذكرت ربك؟ !
قال تعالى ((يا أيها الإنسان ماغرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك ))[الانفطار:6-8] .

أيها الضعيف .. إنه القوي
أيها الفقير .. إنه الغني
أيها المسكين .. إنه القدير
أيهاالجاهل .. إنه العليم
أيها الهين .. إنه المهيمن
أيها المخلوق .. إنه الخالق
قال تعالى ((ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد * إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد * وما ذلك على الله بعزيز))[فاطر:15-17].
عطاياه إليك نازلة ... وخطاياك إليه صاعدة..!
يتحبب إليك بنعمه..وتتبغض إليه بمعاصيك..!
يمهلك فتغفل .. يحلم عليك فتجهل ..
يلطف بك فتستكبر .. يناديك إلى التوبة فتتمادى .. يحذرك من العقوبة فتتمرد .. يدعوك إلى رحمته .. فتعرض .
يذكرك بنعمه .. فتجحد ..
فهل استغنيت عنه؟
وهل لك رب سواه فتدعوه ؟ !
أم هل لك إله غيره فترجوه ؟ !
هل غير الله للذنوب غافر ؟ !
هل غير الله للعيوب ساتر ؟ !
هل غير الله لكسر القلوب جابر؟ !
هل غير الله لدفع الكروب قاهر ؟ !
هل غير الله لمنع المرهوب قادر ؟ !
من تقصد غير الله .. وهو الرب المقصود ؟ ! من تدعو غيره .. وهو الخالق المعبود ؟ ! ومن ترجو سواه .. وهو صاحب الكرم والجود ؟ !
نعم الله لاتحصى .. وفضله لايحد .. وعطاياه لاتنتهي .. وخيره لا ينضب .. يده بالخير سخاء .. ينفق كيف يشاء .. له في كل نعمه منه !
وفي كل تقديرٍ حكمة ! وفي كل تدبير ٍرحمة!

*أخي (أختي) صاحب القلب الحي :
ربحك في معاملته .. أمنك في مخافته .. رضاك في طاعته .. عزك في التذلل لعظمته .. غناك في الافتقار إليه .. شرفك في الاعتماد عليه .. سعادتك في القرب منه .. نجاتك في محبته والأنس بمودته ..
أفلا تحبه ؟ !
أما ترجو قربه ؟ ! أما تسعد برضاه ؟ !
تحبه .. وتعصاه !! أما تخافه وتخشاه ؟ !
خاب عبد بارز المولى بأسباب المعاصي .. ويحه مما جناه لم يخف يوم القصاص .. يوم فيه ترعد الأقدام من شيب النواصي .. ألااستحييت من الله حق الحياء ؟ !

لو عصيت أحد من بني قومك وخالفت مراده .. أكان هينا ًعليك أن تلقاه ؟ !
لا والله ! فالحياء سيعقد لسانك .. والخجل سينكس رأسك ..
يالله ! إنه عبد مثلك !
فأين أنت عن وقوفك بين يديه يوم الدين ؟ ! لاأقول بين يدي ملك من ملائكة الله ..
ولا بين يدي رسول من رسل الله ..
ولا بين يدي ملك من ملوك الدنيا ..
وإنما بين يدي ملك الملوك .. الله رب العالمين !
إله الأولين والآخرين .. وقيوم السموات والأراضين ..
الذي يعلم سرك ونجواك .. مبتداك ومنتهاك .. ما قدمت وما أخرت ..
ماأسررت وما أعلنت ..
فيا للخجل منه ! وياللحياء من عظمته ! ويا للخوف من نقمته !
قال تعالى :((ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد ))[ال عمران :30] .

*أخي (أختي) صاحب القلب الحي :
هل تستطيع الإنكار لما عملت ؟ !
هل تقدر على الاعتذار عما صنعت ؟ !
وهو العليم بكل قول لفظت به ..
وكل فعل عملته .. وكل نية أحدثتها ..
وكل سريرة خبأتها .. وكل صفيرة ٍفعلتها .. وكل كبيرة اجترحتها ..
وكيف تخفى عليه وهو العليم الخبير ؟ !
وأين تتوارى عنه وهو السميع البصير ؟ !
الذي يراك في كل مكان وزمان .. ويعلم بأمرك في كل حال ..
فهو بكل شي عليم , وعلى كل شيءٍ قدير ..
قال تعالى :((ألم تعلم أن الله يعلم مافي السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير))[الحج:70].

*أخي (أختي) صاحب القلب الحي :
افتح كتاب عمرك .. راجع سجل أيامك .. تذكر قبل أن تتحسر !
حد حدوداً .. فلم انتهكتها ؟ !
فرض فرائض .. فلم ضيعتها ؟ !
حرم ذنوباً .. فلم ارتكبتها ؟ !
أغرك حلمه ! أم جراك كرمه ؟ !
أم تمادى بك الغي عندما أحسست إمهاله ؟ !
أنسيت عظمة من عصيت ؟ !
أغفلت عن قدر من بارزت ؟ !
أما تدري على من تعديت ؟ !
أما تشعر في حمى من رتعت ؟ !
أمرك فلم تأتمر ! .. نهاك فلم تنزجر! .. وعظك فلم تعتبر !
عجباً لك !
أقوي فتنتصر ؟ ! أم بريء ٌفتعتذر ؟ !
*ياذا القلب القاسي والعقل الناسي :
أين المفر ؟ !!
إذا نشرك وحشرك .. أين المفر ؟ !
وإذااستدعاك للحساب ربك .. فأين يكون المفر ؟ !
أفي جنة عالية .. قطوفها دانية .. فنهنيك ؟ !
أم في نار حامية .. فنعزيك ؟ !
إلى نعيم وسعادة ورضوان من الله أكبر ؟ !
أم إلىشقاء ونكادة وسخط منه وغضب ؟ !
مع النبيين والصديفين والشهداء والصالحين؟ ! في دا ر الأبرار ..
أم في دا ر سكانها الكفار والفجار والأشرار؟ ! في دار الخيبة والخسارة والبوار ..
غداًتوفى النفوس ماكسبت
ويحصد الزارعون مازرعوا

إن أحسنوا أحسنوالأنفسهم
وإن أساء وافبئس ما صنعوا

*أخي (أختي) صاحب القلب الحي :
لاتغررك الأماني .. ولا يغرنك بالله الغرور ! ف((كن في الدنيا كأنك غريب أوعابرسبيل ))

يا غافل القلب عن ذكر المنيات
عما قليل ستلقى بين أموات

فاذكر محلك من قبل الحلول به
وتب إلى الله من لهو ولذات

لاتطمئن إلى الدنيا وزينتها
قد آن للموت ياذا اللب أن يأتي

فعدإليه .. انطرح بين يديه .. اعترف بتقصيرك .. اندم على تفريطك .. تحسر على ذنوبك ..
قف ببابه .. لذ بجنانه .. أعلن براءتك من الذنوب .. وتوبتك من المعاصي ..
احذرمن الكبائر .. توق الصغائر ..
لاتحتقر في جنب الله طاعة ..
ولاتستصغر عند عظمة الله معصية ..
أعقب كل ذنب بالتوبة .. وكل خطيئةٍ بالاستغفار .. وكل جرم بالندم ..
تناس حسناتك .. ولاتنس سيئاتك .. فالديان لاينسى !!

قال تعالى :((إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين))[الأنعام :133] .
واليوم عمل ولاحساب .. وغداً حسابٌ ولاعمل !
والساعة آتية لاريب فيها ..
والله سيحيي الموتى, وسيبعث من في القبور .. فتزود .. فإن خير الزاد التقوى !
إذاأنت لم ترحل بزاد من التقى
ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لاتكون كمثله
وأنك لم ترصد بما كان أرصدا


كتبه / عبداللطيف بن هاجس الغامدي

نور
17-12-2000, 03:44 PM
جزاك الله خيرا أخي المحب للجهاد ، وجزى الله كاتب المقال كل خير ، فما أروع النصح عندما يوضع في إطار من اللين والكلمات العذبة المشفقة .

صدى الحق
17-12-2000, 03:51 PM
بارك الله فيك وجزاك الله عنا خيراً ورزقك الله قلباً صحيحاً رحيماً واعياً لما يدور حوله ، وأسئل الله لنا ولكم التوفيق والسداد وحفظك الله ورعاك أخي محب الجهاد .

أخوك
صدى الحق

محب الجهاد
20-12-2000, 05:28 PM
الاخت الفاضلة نور والاخ الفاضل صدى الحق اعتز بمداخلتكم وجزاكم الله خير 0

يقول ابن القيم : ـ

إن ما يجد الإنسان فى نفسه ما هو من الرحمن ومنه ما هو من الشيطان ، والمشاعر نبت القلوب وحصادها فمن طهر قلبه طهرت مشاعره وزكت ، ومن خبث قلبه خبثت مشاعره ، والأعمال كذلك نبت المشاعر وحصادها فمن خبثت مشاعره خبث عمله ومن طهرت جعله الله من التوابين ومن المتطهرين 0

ومن المشاعر ما يقذفها الله فى القلوب ، ومنها ما تبعثه النفوس ، ومنه ما ينفثه الشيطان ويقول الله تعالى ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه فى قلوبكم وكره إليكم الكفر والعصيا ن ))0