المهاجر3
22-01-2001, 04:10 AM
الصحبة القديمة
جاء في كتاب (فضائل الصحابة) أن عـبـد الرحمن بن عوف رضي الله عنه شكى خالد بن الوليد إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-لخالد: »يا خالد لمَ تؤذي رجلاً من أهل بدر ، لو أنفـقــت مثل أحد ذهباً لم تدرك عمله«(1). وجاء في صحيح مسلم : "كان بين خالد بن الوليد وبـيـن عبــد الـرحمن بن عوف شيء ، فسبه خالد ، فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:» لا تسبوا أصـحـابـي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه«(2).
ومع بقاء هذه الأحاديث على عمومها ، ولكن من الواضح أن رسول الله وجه خالداً رضي الله عنه إلى احترام صحبة معينة وهي الصحبة القديمة ، فهؤلاء لـهـم مـنـزلـة خـاصـة ، منزلة أوائل من أسلم وسار مع الدعوة في دربها الطويل من التعذيب والحصار والهجـرة ، سار مع الدعوة في السراء والضراء ، وكان مع الوحي الإلهي وهو يتنزل آية آية وســـورة سورة ، هؤلاء الصحب هم أجدر الناس بحب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وتـقـديــره لهم.
والـذين جـــاءوا بـعـد ذلك قد يكون فيهم من يملك طاقات ومواهب ويقدم خدمات جلّى للدعــوة الإســلامية ، ولكن يبقى للرعيل الأول منزلتهم ، والإسلام ليس فيه طبقية ولا كهنوت ، وكل يؤخذ من كلامه ويرد عليه ، وليس عندنا شيخ ومريد ، ولكن من له باع طويل في الدعوة ، والتقى ظاهر عليه فيجب أن يحترم ولا يتطاول عليه من هو ناشئ غِرٌ، والحقيقة أنه ليس أضر على العمل الإسلامي ، بل على الأمم من نشوء صراع بين الجيل القديم والجيل الجديد ، فلا يستفاد من خبرة أولئك ولا من حماسة هؤلاء.
وقد عاتب الله سبحانه وتعالى أهل بدر عتاباً شديداً بسبب اختلافهم حول الغنائم ، وكان هذا الخلاف بين الشباب والشيوخ ، فقال الشباب : نحن جمعنا الغنائم وطاردنا العدو ، وقال الشيوخ : ونحن كنا ردءاً لكم ونحمي رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ، فأنزل تعالى:((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ))[الأنفال:1].
فليحذر الدعاة من هذا المزلق ، الذي يتلبس باسم الأمر بالمعروف أو بشبهة استعجال الطريق ، أو قد يكون جهلاً بعواقب الأمور ، والعجيب أن يسبقنا الغربيون إلى هذه الفضيلة ، فلا يدعون فرصة تفوتهم إلا ويستفيدون من كبارهم وعقلائهم ، ولا يهملونهم بل إن هذا الأمر واضح عند العوام في بلادنا فيقولون :
"الذي ليس عنده كبير ، يشتري له كبير" أو " الذي ليس عنده كبير ما عنده تدبير ".
والمسلمون في هذه الأيام بأشد الحاجة إلى كل طاقة وكل خبرة ، ونرجو أن لا تتبدد بالخصومات المفتعلة .
الهوامش:
1 - الإمام أحمد بن حنبل / فضائل الصحابة ، تحقيق وصي الله بن محمد بن عباسي
2 - صحيح مسلم 7/188.
جاء في كتاب (فضائل الصحابة) أن عـبـد الرحمن بن عوف رضي الله عنه شكى خالد بن الوليد إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-لخالد: »يا خالد لمَ تؤذي رجلاً من أهل بدر ، لو أنفـقــت مثل أحد ذهباً لم تدرك عمله«(1). وجاء في صحيح مسلم : "كان بين خالد بن الوليد وبـيـن عبــد الـرحمن بن عوف شيء ، فسبه خالد ، فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:» لا تسبوا أصـحـابـي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه«(2).
ومع بقاء هذه الأحاديث على عمومها ، ولكن من الواضح أن رسول الله وجه خالداً رضي الله عنه إلى احترام صحبة معينة وهي الصحبة القديمة ، فهؤلاء لـهـم مـنـزلـة خـاصـة ، منزلة أوائل من أسلم وسار مع الدعوة في دربها الطويل من التعذيب والحصار والهجـرة ، سار مع الدعوة في السراء والضراء ، وكان مع الوحي الإلهي وهو يتنزل آية آية وســـورة سورة ، هؤلاء الصحب هم أجدر الناس بحب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وتـقـديــره لهم.
والـذين جـــاءوا بـعـد ذلك قد يكون فيهم من يملك طاقات ومواهب ويقدم خدمات جلّى للدعــوة الإســلامية ، ولكن يبقى للرعيل الأول منزلتهم ، والإسلام ليس فيه طبقية ولا كهنوت ، وكل يؤخذ من كلامه ويرد عليه ، وليس عندنا شيخ ومريد ، ولكن من له باع طويل في الدعوة ، والتقى ظاهر عليه فيجب أن يحترم ولا يتطاول عليه من هو ناشئ غِرٌ، والحقيقة أنه ليس أضر على العمل الإسلامي ، بل على الأمم من نشوء صراع بين الجيل القديم والجيل الجديد ، فلا يستفاد من خبرة أولئك ولا من حماسة هؤلاء.
وقد عاتب الله سبحانه وتعالى أهل بدر عتاباً شديداً بسبب اختلافهم حول الغنائم ، وكان هذا الخلاف بين الشباب والشيوخ ، فقال الشباب : نحن جمعنا الغنائم وطاردنا العدو ، وقال الشيوخ : ونحن كنا ردءاً لكم ونحمي رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ، فأنزل تعالى:((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ))[الأنفال:1].
فليحذر الدعاة من هذا المزلق ، الذي يتلبس باسم الأمر بالمعروف أو بشبهة استعجال الطريق ، أو قد يكون جهلاً بعواقب الأمور ، والعجيب أن يسبقنا الغربيون إلى هذه الفضيلة ، فلا يدعون فرصة تفوتهم إلا ويستفيدون من كبارهم وعقلائهم ، ولا يهملونهم بل إن هذا الأمر واضح عند العوام في بلادنا فيقولون :
"الذي ليس عنده كبير ، يشتري له كبير" أو " الذي ليس عنده كبير ما عنده تدبير ".
والمسلمون في هذه الأيام بأشد الحاجة إلى كل طاقة وكل خبرة ، ونرجو أن لا تتبدد بالخصومات المفتعلة .
الهوامش:
1 - الإمام أحمد بن حنبل / فضائل الصحابة ، تحقيق وصي الله بن محمد بن عباسي
2 - صحيح مسلم 7/188.