PDA

View Full Version : ( تعالوا : نتعلم كيف نتذوق .................. ( 4 )..)


بو عبدالرحمن
12-02-2001, 07:14 PM
-
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا أوان الشروع في عرض أمثلة على القاعدة المتقدمة في الدرس السابق :
http://www.qal3ah.com/vb/showthread.php3?threadid=27892

(1) يريد القرآن الكريم أن يقرر عجز الآلهة التي يعبدونها من دون الله تعالى …
هذا التقرير يمكن أن يؤدى في عدة تعبيرات ذهنية مجردة ..
كأن يقال : إن ما تعبدون من دون الله لأعجز عن خلق أي شيء مهما دق ..
لكن المعنى بهذه الصورة يصل إلى الذهن مجردا باهتاً …
تعال الآن لنرى التعبير القرآني كيف يؤدي هذا التقرير ..:

( إنّ الذينَ تعبدونَ من دون اللهِ لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا لهُ ، وإنْ يسلبهم الذبابُ شيئاً لا يستنقذوهُ منهُ . ضعفَ الطالبُ والمطلوبُ !! )

فيحيا هذا المعنى الساكن ، ويتحرك في صور متعاقبة متحركة ..
أرأيت إلى تصوير الضعف المزري ؟؟ وإلى التدرج في تصويره بما يثير في النفس السخرية اللاذعة والاحتقار المهين ؟؟

تعال .. وتأمل :
( لن يخلقوا ) هذه درجة … ( ولو اجتمعوا له ) وهذه أخرى … ( وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ) وهذه أنكى !!!

ولكن .. أهذه مجرد مبالغة ؟؟
كلا .. فهذه حقيقة واقعة بسيطة ، فهؤلاء الآلهة ( لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له )..
والذباب صغير حقير ، والإعجاز في خلقه ، هو الإعجاز في خلق الجمل والفيل ، لأنها معجزة خلق الحياة ….
لكن الإبداع هنا في عرض هذه الحقيقة ، بصورة ترسم العجز عن بلوغ مسألة هينة في ظاهرها ..

والجمال هنا هو في تلك الظلال التي تلقيها خطوات الصورة من خلال التعبير .. لتقرير حقيقة عجز هذه الآلهة المزعومة .. فلا إله إلا الله وحده لا شريك له .

(2) يريد القرآن الكريم أن يجسم ضعف تلك الآلهة المزعومة ، أو الأولياء من دون الله عامة ، ووهن الملجأ الذي يلجأ إليه عبادهم حين يحتمون بحمايتهم .. فيرسم لهذا كله هذه الصورة المزدوجة :

( مثلُ الذين اتخذوا من دون اللهِ أولياء ، كمثل العنكبوت اتخذتْ بيتاً وإن أوهن البيوتِ لبيت العنكبوت .. لو كانوا يعلمون ..!! )

فهم عناكب ضئيلة واهنة …تأوى من حمى هؤلاء الآلهة إلى بيت كبيت العنكبوت أوهن وأضأل !!!
ولكنهم لا يعلمون حتى هذه البديهية المنظورة ..!
فهم يضيفون إلى الضعف والوهن : جهلاً وغفلة .. حتى ليعجزون عن إدراك البديهي المنظور !!

(3) وإليك المثال الثالث :

هذا منظر من مناظر الطبيعة المتحركة في الجو ، يعرضه القرآن الكريم خطوة خطوة ، وفي كل خطوة مشهد ، ثم ليصل بقلبك إلى تقرير حقيقة كبيرة ضخمة .. تأمل :

( اللهُ الذي يرسلُ الرياحَ ، فيثيرُ سحاباً ، فيبسطه في السماء كيف يشاءُ ، ويجعلهُ كسفاً ، فترى الودق يخرج من خلاله ، فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون .. وإن كانوا من قبل أن يُنزلَ عليهم من قبله لمُـبلسين .. فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرضَ بعد موتها ، إن ذلك لمحيي الموتى ، وهو على كل شيء قدير )

هكذا : لوحة بعد لوحة : إرسال الرياح .. إثارة السحاب .. بسطه في السماء .. جعله متراكبا .. خروج المطر من خلاله .. نزول المطر .. استبشار من يصيبهم بعد أن كانوا يائسين ..إحياء الأرض بعد موتها ….

كل تلك المشاهد الحية المؤثرة المتحركة .. لينتقل بعد استعراضها للعين والخيال … وبعد تركها تؤثر في النفس على مهل .. كل ذلك لينتقل إلى :
( إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير )
فيجيء هذا التقرير .. في أنسب الأوقات ..

متى سنتعلم من مثل هذا العرض الجميل ، كيف نصل بالحقائق إلى القلوب من أجمل طريق ؟
متى سننتقل خطوة نحو الأعلى ، من مجرد عرض المشاهد وكأن أقلامنا آلة تصوير فحسب ، إلى استغلال المشهد الذي عرضناه لتقرير حقيقة ضخمة يترتب عليه سلوك في دنيا الواقع .. ؟
ترى أين شعراؤنا ومبدعونا من سلوك هذا الطريق السماوي الرائع ..

ولنا لقاء إن شاء الله لنتابع عرض نماذج أخرى ..
دعواتكم .....
وملاحظاتكم .......... كي أستمر

جيون
13-02-2001, 05:36 PM
جزيت الخير أخي ابوعبد الرحمن ...


سبحانه الذي ضرب الأمثال بقصد تقريب عبادة منه ... تلك الذبابة التي جعلها الله مثار تحدي وهي من النفوس محل احتقار واستصغار جعلها الله أمامهم مثالا ودرسا لقدرته سبحانه وكل ما صغر المخلوق زاده الله اتقانا وعجبا ... فسبحان الله



أستمر بارك الله فيك حتى بدون ملاحظات ...

ماضر الزارع شيئا ان سقط من متاعه قليل بذور وهو في الطريق يمضي .. ربما حدثت المفاجأة وبطريق العودة ليرى تلك البذور قد أرتفعت بزرع وخير وبركة في نفوس من قرأوها ...

بو عبدالرحمن
15-02-2001, 08:54 PM
-
الأخت الفاضلة الجليلة / جيون
.................. حرسك الله ورعاك وحماك وحفظك

جزاك الله خير الجزاء على هذه المتابعة الواعية ،
والتي اسأل الله أن ينفعك بها دنيا وآخرة .

نعم .... صدقت بارك الله في هذه الأنفاس :
ماضر الزارع شيئا ان سقط من متاعه بعض بذوره ، وهو في الطريق يمضي ..
ربما حدثت المفاجأة .. وبطريق العودة يرى تلك البذور قد أرتفعت بزرع وخير وبركة في نفوس من قرأوها ...