PDA

View Full Version : المسلمون في الغرب ومسئوليتنا عنهم(8)


د . عبد الله قادري الأهدل
21-02-2001, 05:12 AM
(8)
3 - تأثر المسلمين الأوربيين بالطرق الصوفية وأسباب ذلك.
وأكثر المسلمين الأوربيين متأثرون بالطرق الصوفية، والسبب في ذلك يعود إلى الأمور الآتية:
الأمر الأول: قوة نشاط الطرق الصوفية في أوروبا، عن طريق أصحاب تلك الطرق مباشرة، أو عن طريق الكتب المترجمة إلى اللغات الأوربية.
الأمر الثاني: أن عند الأوربيين قلقا نفسيا وخواء روحيا وقسوة قلبية، بسبب الضغوط المادية التي تحيط بهم في كل مكان، ولم يجدوا ما يملأ فراغ قلوبهم ويلينها في الطقوس المسيحية، قبل إسلامهم ولا في الأديان الوثنية، وعندما يلتقون مشايخ الصوفية أو مر يديهم الذين غالبا ما يفدون من مصر والسودان والمغرب وتركيا، بعد أن تعمل لهم دعاية في المناطق التي سيزورونها، فيجتمعون حول الشيخ أو المريد، فيما يسمى بالحضرة، ويأخذ في تلقينهم بعض الإذكار والأوراد المعدة عنده، ويمكثون فترات طويلة وهم يرددونها، ويحضر مع المسلمين غير المسلمين، فيتأثرون بالذكر والمنظر، ويشاركون في ذلك دون أن يطلب منهم الدخول في الإسلام، ثم بعد عدد من الجلسات يزداد تأثرهم، ويدخل بعضهم في الإسلام، لأنهم يشعرون بالراحة والطمأنينة بكثرة الذكر والعبادة، ويتناقلون ذلك فيما بينهم، ويحسون بسهولته مع ترقيقه لقلوبهم، فيبقى كثير منهم على ذلك، ويتخلل تعليمهم بعض البدع والخرافات، وهم يظنون أن ذلك كله من الإسلام، ويتعلقون بالشيخ تعلقا شديدا، ويطرونه إطراء مبالغا فيه، في حياته وبعد موته، وينقلبون من ملحدين أو مثقفين لا يؤمنون إلا بالمحسوسات، إلى مؤمنين بالخرافات وما ينسب إلى الشيخ من كرا مات، ويلقنون أسماء بعض علماء السنة كابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب ويسمونهم لهم بالوهابية، ويحذرون من قراءة كتبهم وأفكارهم.
وقد زرت بعضهم في منازلهم ودكاكينهم ووجدت عند بعضهم استعدادا للحوار والمناقشة والاقتناع.
الأمر الثالث: أنهم قد قرؤوا في كتب المستشرقين الثناء على الطرق الصوفية والإشادة بها، قبل أن يدخلوا في الإسلام، كما يجدون كثيرا من كتب غلاة الصوفية مترجمة إلى لغاتهم، مطبوعة منشورة، في المكتبات التجارية، لأن المستشرقين يرغبون أن يفهم الناس الإسلام فهما صوفيا سلبيا، يعمقون في نفوسهم المعنى الروحاني الخرافي فقط، وليس فهما سليما إيجابيا، كما هو الحال في الكنيسة: صلة بين الفرد وربه، لا علاقة له بتنظيم حياة البشر، لأنهم يخشون أن يفهم الداخلون في الإسلام من الأوربيين الإسلام فهما شاملا، فيقضي ذلك على أفكارهم التي درجوا عليها من زمن بعيد في تشويه حقائق الإسلام،ويكثر الداخلون في الإسلام، وذلك يغيظهم، أما إذا فهموه فهما صوفيا مشابها لما هو معروف في الكنيسة، فلا عليهم أن يدخلوا في الإسلام إن كان ولا بد من الدخول فيه، وهذا ما يرغب فيه رجال السياسة أيضا، لأن فهم الإسلام على حقيقته يصطدم مع الفكر العلماني في أوروبا والغرب كله.
الأمر الرابع: أن القائمين بالدعوة الإسلامية، لا يوجد عندهم متفرغون يحاولون كسب هؤلاء المسلمين ويعلمونهم مبادئ الإسلام من مصادره، كما أنه لا يوجد علماء كبار يملئون عيونهم كمشايخ الصوفية الذين ينالون من الإطراء والتفخيم والدعاية المبالغ فيها، ما لا يناله غيرهم.
الأمر الخامس: التقصير الذي يقع فيه كثير من الدعاة، وهو أن الرجل-وكذا المرأة-إذا دخل في الإسلام، أخذوا يشرحون له مبادئ الإسلام العامة، كالصلاة والصوم ونحو ذلك، وقد يدخلونه في أفكار سياسية واقتصادية، وبعض المسلمين يبدءون في تحذيره من الحزب الفلاني أو الجماعة العلانية، والمتعصبون للمذاهب يحثونه على التمسك بمذهب الإمام فلان دون مذهب الإمام علان، كل ذلك وهو لم يذق حلاوة الإيمان والعبادة بعد، ثم يتركونه ولا يتابعونه بتقوية إيمانه بالمحافظة على الفرائض، والقيام ببعض النوافل، وتعليمه بعض الإذكار الواردة الصحيحة، مطلقة كانت أو مقيدة، ولهذا يصطاد هم الصوفية ويوقعونهم في شباكهم، ويجعلونهم ينصبون العداء لمن يخالفهم.
بل إن بعضهم يتأثرون بالقاديانية، إما بحسن نية وظن أن ذلك من الإسلام كما يقولون لهم، وإما لمشايعتهم وإعانتهم-مع علمهم بضلالهم-من أجل نشر أفكارهم، لمحاربة الدعوة الإسلامية الحقة، وليس بخاف دعم الدول الأوربية للقاديانية وغيرها من مذاهب الكفر والضلال ماديا ومعنويا.
وبعضهم يتأثرون بالفكر الشيعي، بسبب اختلاطهم بالشيعة وأخذهم الإسلام عن طريقهم.