PDA

View Full Version : لا يغرنك هؤلاء الشبان فليس تحت طرابيشهم المائلة إلا أحلام (


أبو لـُجين ابراهيم
06-05-2001, 07:14 AM
لا يغرنك هؤلاء الشبان فليس تحت طرابيشهم المائلة إلا أحلام ( عقول )

لقد طوى الزمان الذي كان قدرك فيه مجهولاً ، وجنسك اللطيف عند أهله مفضولاً أو مرذولا ، وجاء زمان تنبه فيه الفضلاء لما للمرأة من الشأن الكبير في الارتقاء ، وأنت في مستقبلة عصر الكمال ، الذي فيه يظهر سر قول النبي صلى الله عليه وسلم ( النساء شقائق الرجال ) ولكن من سماء عقلك يشرق بدره ، ومن بين ثناياك اللامعة يتنفس فجره ، لأن والدتك وأعيذك بفضلك جاهلة ، ومن مقامها في المجتمع الإنساني غافلة ، فاعذريها على جهلها ، ولا ترضي بأن تكوني مثلها ، أتدرين يا سيدتي بماذا يرتفع قدرك في هذا الزمان .

وتكونين عقد زينة في جيد الوطن ؟ إذا سألتك عمتك ( ألست هانم ) عن هذا السؤال .

تقول لك إن الذي يرفع المقدار ، ويستلفت الأنظار ، إنما هو تجميد الطرة وعقص الذوائب وكحل العيون وتزجيج الحواجب ، وحسن الالتفات والتثني ، وأساليب الدلال والتدني ، واللطف في الإشارة ، والظرف في العبارة ، وإن خفة الحركات ، هي زينة البنات ، وما وراء ذلك إلا الثبات الحريرية ، والحلية الذهبية والجوهرية .

ولكن عمتك غالطة كالسيدة الوالدة فإن هذه الأمور هي التي أضرت بالوطن من قبل لأن المرأة التي تجعل همها في هذه الأمور ،

وتحسب أنها كالرياحين والزهور ، ما خلقت إلا نزهة للناس ..وزينة للحواس ، يدل حسبانها هذا على أنها رضيت بما دون الحيوان . ( أي حيث رضيت أن تكون قيمتها قيمة الزهر وهو من النبات والحيوان أشرف منه ) فكيف يقبل حكمها في رفعة شان الأوطان ، وهي من خصائص الكاملين من نوع الإنسان ، ولكن إذا سألت المدام فلانة أو تربك المدموازيل عن هذا السؤال نفسه تسمعين جواباً عجيباً لأنها تقول لك إن قدر الفتاة إنما يكون رفيعاً بعلومها وآدابها وفضائلها وباستعدادها لمساعدة الرجل على إسعاد منزله وأهله وإسعاد وطنه وأمته فإذا كانت غير متخلقة بالأخلاق الفاضلة كيف يمكنها أن تغرس فسيل الفضائل في نفوس أبناء الوطن الذين يعهد إليها بتربيتهم من يوم يوجدون بحكم الطبيعة والشريعة معاً وإذا كانت لا تعرف قيمة العلوم والفنون والآداب التي تسعد بها البلاد فهل يخطر بالها أن ترغب أولادها في ذلك وتسلك بهم في هذه المسلك ، بل ربما قالت لك حضرة المدموازيل أن الفتاة كالفتى والمرأة كالرجل والوطن يطالبها بحقوقه مطالبة واحدة فيجب أن ترشح الفتاة نفسها لأي عمل من الأعمال العظيمة النافعة التي يقوم بها الرجال حتى الأعمال الحربية والسياسية لكن هذا الأخير إفراط عظيم يقابله ما ترين عندنا من التفريط والإهمال والصواب أن البيت مثال المملكة الجمهورية فالرجل هو الرئيس وناظر الخارجية ( أي ماهو خارج البيت ) ووظيفة المرأة نظارة الداخلية والممالك العظيمة إنما تتألف من هذه البيوت فمتى كانت الحياة فيها سعيدة سعدت بذلك المملكة كلها .

هذه إشارة لطيفة إلى مقامك السامي أيتها الفتاة وأفضل ما تستعدين له هو تربية الأولاد بل هو أفضل الأعمال كلها واستعداد له إنما يكون بمعرفة عقائد الدين الصحيحة والتخلق بأخلاقه الفاضلة والتأدب بآدابه الكاملة ثم معرفة مبادئ الفنون لا سيما حفظ الصحة وتدبير المنزل والحساب والتاريخ فإذا التفت إلى هذه الأشياء ووفيتها حقها من العناية عرف لك الوطن العزيز حقك ورقاك فضلاؤه إلى الأوج الذي تستحقين ولا يغرنك هؤلاء الشبان الأغرار الذين يختالون في الشوارع والمهايع ويرمون بأبصارهم إلى الكوى والنوافذ يفتنون الفتيات الغافلات ، ويستهوون السيدات المصونات ، فليس تحت طرابيشهم المائلة ، إلا أحلام ( عقول ) سفهة وأخلاق سافلة ، وسيذهب فساد طباعهم وقبح أعمالهم ، بما بقي لهم من دثورهم وأموالهم ، فويل لمن اتصل بهم وقرب منهم وهنياً لمن إذا عرفهم قلاهم وبعد عنهم .

المصدر : ورقة قديمة لم يتبين لي مصدرها .