عباد الرحمن
11-05-2001, 02:57 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقفة للتأمل والتمثل مع ذاك الطراز الرفيع المتفرد للنوع الإنساني (عباد الرحمن) في صفاتهم ومواصفاتهم ومقوماتهم، السلوكية والحسية والذوقية ..
أولئك الذين استحقوا أن ينسبوا إلى الله تعالى، وأن يكونوا عباده الأصفياء، وأن يعبأ بهم في الأرض ويوجه إليهم عنايته الكريمة..، أولئك هم عباد الرحمن.
فما يميزهم (عباد الرحمن) عن غيرهم حتى حازوا هذا التكريم والاصطفاء ؟
لأنهم..:
(وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)
فالمشية ككل حركة تعبير عن الشخصية، وعما يستكن فيها من مشاعر؛ ومن سمات عباد الرحمن أنهم يمشون على الأرض مشية سهلة هينة ، ليس فيها تكلف ولا تصنع، وليس فيها خيلاء ولا تنفج، يمشون مشية سوية مطمئنة جادة قاصدة كلها وقار وسكينة، وجد وقوة؛ وهم في جدهم ووقارهم إلى ما يشغل نفوسهم من اهتمامات كبيرة، لا يلتفتون إلى حماقة الحمقى، وسفه السفهاء لا عن ضعف منهم ولكن عن ترفع، ولا عن عجز إنما عن استعلاء.
هذا نهارهم مع الناس فأما ليلهم فهو التقوى ومراقبة الله، والشعور بجلاله، والخوف من عذابه.
( والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما)
وهم في جنح الليل والناس نيام قائمون لربهم سجدا وقياما، يتوجهون له وحده ويقومون له وحده، عباد هم أشغلهم عن النوم المريح اللذيذ، ما هو أروح منه وأمتع، وهم كذلك في قيامهم وسجودهم وتطلعهم تمتلئ قلوبهم بالتقوى، والخوف من عذاب جهنم، فيقولونربنا اصرف عنا عذاب جهنم)..وما رأوا جهنم، ولكنهم آمنوا بوجودها وتمثلوا صورتها مما ذكروا به إيمانا منهم ويقينا، وهم يتوجهون في ضراعة إلى ربهم وخشوع ليصرف عنهم عذابها، ويرتعش تعبيرهم في ضراعة إلى ربهم خوفا وطمعا إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما) وهل أسوأ من جهنم مكانا يستقر فيه الإنسان ويقيم. وأين الاستقرار وهي النار؟ وأين المقام وهو التقلب على اللظى ليل نهار!
وهم في حياتهم نموذج القصد والاعتدال والتوازن:
(والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) وهذه سمة الإسلام التي يحققها في حياة الأفراد والجماعات؛ يقيم بناءه كله على التوازن والاعتدال.
وسمتهم بعد ذلك أنهم لا يشركون بالله، ويتحرجون من قتل النفس، ومن الزنا. تلك الكبائر المنكرات التي تستحق أليم العذاب:
( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما)
وتوحيد الله أساس هذه العقيدة، وهو مفرق الطريق بين الوضوح والاستقامة والبساطة في الاعتقاد؛ والغموض والالتواء والتعقيد، الذي لا يقوم على أساسه نظام صالح للحياة.
والتحرج من قتل النفس – إلا بالحق – مفرق الطريق بين الحياة الاجتماعية الآمنة المطمئنة التي تحترم فيها الحياة الإنسانية؛ وحياة الغابات التي لا أمن فيها ولا اطمئنان.
والتحرج من الزنا مفرق الطريق بين الحياة النظيفة التي يشعر فيها الإنسان بارتفاعه عن الحس الحيواني الغليظ، والحياة الهابطة الغليظة التي لا هم فيها إلا لإرضاء ذلك السعار...
من أجل أن هذه الصفات الثلاثة مفرق الطريق بين الحياة اللائقة بالإنسان الكريم على الله، والحياة الرخيصة الهابطة إلى درك الحيوان.. من أجل ذلك ذكرها الله في سمات عباد الرحمن. أرفع الخلق عند الله وأكرمهم على الله.
(والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما) وأنهم عباد الرحمن لا يشهدون زورا أبدا، بل يفرون حتى من مجرد الوجود في مجلس يقع فيه الزور بكل أنواعه وصنوفه، وهم كذلك يصونون أنفسهم واهتماماتهم عن اللغو والهذر (وإذا مروا باللغو مروا كراما) لا يشغلون أنفسهم به، ولا يلوثونها بسماعه، إنما يكرمونها عن ملابسته ورؤيته.
ومن سماتهم أنهم سريعو التذكر إذا ذكروا، قريبو الاعتبار إذا وعظوا، مفتوحو القلوب لآيات الله، يتلقونها بالفهم والاعتبار. ( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا)
وأخيرا فعباد الرحمن لا يكفيهم أنهم يبيتون لربهم سجدا وقياما؛ وأنهم يتسمون بتلك السمات كلها، بل يرجون أن تعقبهم ذرية تسير على نهجهم، وأن تكون لهم أزواج من نوعهم؛ فتقر بهم عيونهم، وتطمئن بهم قلوبهم، ويرجون أن يجعل الله منهم قدوة طيبة للذين يتقون الله ويخافونه: ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) وهذا هو الشعور الفطري الإيماني العميق: شعور الرغبة في مضاعفة السالكين في الدرب إلى الله، والرغبة في أن يحس المؤمن أنه قدوة للخير، يأتم به الراغبون في الله.
فأما الجزاء: ( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما)
يستقبلون بالترحيب والتكريم ويستقبلون في الغرفة بالسلام والتحية، جزاء صبرهم على تلك الصفات والسمات، وجزاء صبرهم على شهوات النفس، ومغريات الحياة، ودوافع السقوط...
أولئك هم عباد الرحمن، وتلك سماتهم وصفاتهم ومواصفاتهم ومقوماتهم..، فأين نحن منهم ؟
نسأل الله العلي القدير ان يجعلنا منهم انه ولي ذلك والقادر عليه..فطوبى لعباد الرحمن.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقفة للتأمل والتمثل مع ذاك الطراز الرفيع المتفرد للنوع الإنساني (عباد الرحمن) في صفاتهم ومواصفاتهم ومقوماتهم، السلوكية والحسية والذوقية ..
أولئك الذين استحقوا أن ينسبوا إلى الله تعالى، وأن يكونوا عباده الأصفياء، وأن يعبأ بهم في الأرض ويوجه إليهم عنايته الكريمة..، أولئك هم عباد الرحمن.
فما يميزهم (عباد الرحمن) عن غيرهم حتى حازوا هذا التكريم والاصطفاء ؟
لأنهم..:
(وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)
فالمشية ككل حركة تعبير عن الشخصية، وعما يستكن فيها من مشاعر؛ ومن سمات عباد الرحمن أنهم يمشون على الأرض مشية سهلة هينة ، ليس فيها تكلف ولا تصنع، وليس فيها خيلاء ولا تنفج، يمشون مشية سوية مطمئنة جادة قاصدة كلها وقار وسكينة، وجد وقوة؛ وهم في جدهم ووقارهم إلى ما يشغل نفوسهم من اهتمامات كبيرة، لا يلتفتون إلى حماقة الحمقى، وسفه السفهاء لا عن ضعف منهم ولكن عن ترفع، ولا عن عجز إنما عن استعلاء.
هذا نهارهم مع الناس فأما ليلهم فهو التقوى ومراقبة الله، والشعور بجلاله، والخوف من عذابه.
( والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما)
وهم في جنح الليل والناس نيام قائمون لربهم سجدا وقياما، يتوجهون له وحده ويقومون له وحده، عباد هم أشغلهم عن النوم المريح اللذيذ، ما هو أروح منه وأمتع، وهم كذلك في قيامهم وسجودهم وتطلعهم تمتلئ قلوبهم بالتقوى، والخوف من عذاب جهنم، فيقولونربنا اصرف عنا عذاب جهنم)..وما رأوا جهنم، ولكنهم آمنوا بوجودها وتمثلوا صورتها مما ذكروا به إيمانا منهم ويقينا، وهم يتوجهون في ضراعة إلى ربهم وخشوع ليصرف عنهم عذابها، ويرتعش تعبيرهم في ضراعة إلى ربهم خوفا وطمعا إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما) وهل أسوأ من جهنم مكانا يستقر فيه الإنسان ويقيم. وأين الاستقرار وهي النار؟ وأين المقام وهو التقلب على اللظى ليل نهار!
وهم في حياتهم نموذج القصد والاعتدال والتوازن:
(والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) وهذه سمة الإسلام التي يحققها في حياة الأفراد والجماعات؛ يقيم بناءه كله على التوازن والاعتدال.
وسمتهم بعد ذلك أنهم لا يشركون بالله، ويتحرجون من قتل النفس، ومن الزنا. تلك الكبائر المنكرات التي تستحق أليم العذاب:
( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما)
وتوحيد الله أساس هذه العقيدة، وهو مفرق الطريق بين الوضوح والاستقامة والبساطة في الاعتقاد؛ والغموض والالتواء والتعقيد، الذي لا يقوم على أساسه نظام صالح للحياة.
والتحرج من قتل النفس – إلا بالحق – مفرق الطريق بين الحياة الاجتماعية الآمنة المطمئنة التي تحترم فيها الحياة الإنسانية؛ وحياة الغابات التي لا أمن فيها ولا اطمئنان.
والتحرج من الزنا مفرق الطريق بين الحياة النظيفة التي يشعر فيها الإنسان بارتفاعه عن الحس الحيواني الغليظ، والحياة الهابطة الغليظة التي لا هم فيها إلا لإرضاء ذلك السعار...
من أجل أن هذه الصفات الثلاثة مفرق الطريق بين الحياة اللائقة بالإنسان الكريم على الله، والحياة الرخيصة الهابطة إلى درك الحيوان.. من أجل ذلك ذكرها الله في سمات عباد الرحمن. أرفع الخلق عند الله وأكرمهم على الله.
(والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما) وأنهم عباد الرحمن لا يشهدون زورا أبدا، بل يفرون حتى من مجرد الوجود في مجلس يقع فيه الزور بكل أنواعه وصنوفه، وهم كذلك يصونون أنفسهم واهتماماتهم عن اللغو والهذر (وإذا مروا باللغو مروا كراما) لا يشغلون أنفسهم به، ولا يلوثونها بسماعه، إنما يكرمونها عن ملابسته ورؤيته.
ومن سماتهم أنهم سريعو التذكر إذا ذكروا، قريبو الاعتبار إذا وعظوا، مفتوحو القلوب لآيات الله، يتلقونها بالفهم والاعتبار. ( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا)
وأخيرا فعباد الرحمن لا يكفيهم أنهم يبيتون لربهم سجدا وقياما؛ وأنهم يتسمون بتلك السمات كلها، بل يرجون أن تعقبهم ذرية تسير على نهجهم، وأن تكون لهم أزواج من نوعهم؛ فتقر بهم عيونهم، وتطمئن بهم قلوبهم، ويرجون أن يجعل الله منهم قدوة طيبة للذين يتقون الله ويخافونه: ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) وهذا هو الشعور الفطري الإيماني العميق: شعور الرغبة في مضاعفة السالكين في الدرب إلى الله، والرغبة في أن يحس المؤمن أنه قدوة للخير، يأتم به الراغبون في الله.
فأما الجزاء: ( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما)
يستقبلون بالترحيب والتكريم ويستقبلون في الغرفة بالسلام والتحية، جزاء صبرهم على تلك الصفات والسمات، وجزاء صبرهم على شهوات النفس، ومغريات الحياة، ودوافع السقوط...
أولئك هم عباد الرحمن، وتلك سماتهم وصفاتهم ومواصفاتهم ومقوماتهم..، فأين نحن منهم ؟
نسأل الله العلي القدير ان يجعلنا منهم انه ولي ذلك والقادر عليه..فطوبى لعباد الرحمن.