PDA

View Full Version : ،، أئمة الانحطاط ،،


كلاسيك
12-05-2001, 07:35 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،


الفضيحة التي فجرها الجنرال الفرنسي اوسيريس في وجه فرنسا كان لها وقع الصاعقة..

والجنرال التحق بالجيش الفرنسي العامل في الجزائر ايام ثورة الجزائر وكان يتلقي الأوامر بتعذيب المعتقلين من الثوار الجزائريين ليستخرج منهم الاعترافات عن تنظيماتهم الثورية.. وفي اعترافاته يقول كنت اعذبهم حتي الموت فلا ينطقون بحرف حتي يلفظوا بأنفاسهم وكانت التعليمات ان تقيد حالات الموت هذه علي انها انتحار.. وكل ما كنت افعله في ذلك الوقت من وحشية وقسوة لم اكن اندم عليه فقد كنا نسميه بطولة ونأخذ عليه نياشين. وكل ما اقدمت عليه من تصرفات اثناء حرب الجزائر كان علي انسجام تام مع الاخلاق العسكرية السائدة في ظروف الحرب وكان متمشيا مع الاوامر والتعليمات.. وكنا كالآلات وكانت الجرائم تُنسي بعضها بعضا.. وكان القتل في الزنانين يتم في لا مبالاه بغيضة.. وكان وزير العدل علي ايامها هو الراحل فرنسوا ميتران وكان رئيس الحكومة الفرنسية الاشتراكية في ذلك العهد هو جي موليه وهو احد مهندسي العدوان الثلاثي علي مصر مع بن جوريون رئيس اسرائيل ومستر ايدن رئيس الحكومة البريطانية.. ويعترف الجنرال بأنه قتل بيديه 24 ثائرا وشهيدا منهم المناضل العربي بن مهيدي وانه فعل ذلك بتعليمات واوامر شفوية من ميتران ومن قيادات الجيش ايامها.. وبلغ ما قدمته الثورة الجزائرية من قتلي وشهداء في هذه الحقبة السوداء من تاريخ فرنسا مليون وخمسمائة الف شهيد.

وقد اثار كتاب الجنرال سلسلة حادة ومتفجرة من ردود الفعل علي جميع المستويات. وقال وزير الدفاع الفرنسي ألان ريشار.. هذه افعال واقوال لا تدين سوي اصحابها.. بينما صرح رئيس الحكومة الفرنسي ليونيل جوسبان.. بأن هذا شيء قبيح، ومقيت ومثير للاشمئزاز.. ولم يستطع شيراك ان يخفي غضبه وامتعاضه.

وكان اول عقاب لهذا الضابط الذي اذاع هذه الاسرار الشائنة هي سحب كل النياشين والرتب التي حصل عليها باعتبارها شرفا لا يستحقه.

وأذكر بهذه المناسبة الحديث التليفزيوني الذي اذيع للرئيس ميتران في ايامه الاخيرة قبل موته حينما فاجأه المذيع بسؤال هل تظن ان هناك آخره يا سيادة الرئيس.؟ وماذا ستقول لله حينما تقابله، وتغير وجه ميتران بعض الشيء وظهرت ابتسامة باهتة علي وجهه وقال سوف اقول له "Sorry".. شاهدت هذا اللقاء التليفزيوني بعيني في التليفزيون لحظة اذاعته.. تري هل تكفي كلمة Sorry لاعفاء الايدي التي تلوثت بقتل مليون وخمسمائة الف شهيد.

ويقول ربنا عن هذه اللحظة الهائلة في خواتيم سورة سبأ -الآيات 52-53-54.

ولو تري إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب* وقالوا آمنا به.. انه الفزع الاكبر.. والاقرار بالايمان والاعتراف به بعد فوات الاوان ساعة الموت.. فتقول كل نفس لحظة طلوع الروح.. آمنت بالله.. هل تنفعهم بشيء ساعتها.. وأني لهم التناوش (اي التوبة) من مكان بعيد* وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد (سبأ 52-53).

وهكذا كان صاحبنا ميتران يقذف بالغيب من مكان بعيد.. فلا امل ساعتها.. ولا معني لكلمة Sorry فقد عبرت به نفسه الي شاطيء آخر واصبح بينه وبين الدنيا برزخ المستحيل!! انه الآن يواجه المحال.. ولا مهرب وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل انهم كانوا في شك مريب!! (سبأ-54)، انه الفزع الاكبر اذن.. ولن يجد ميتران الكلمة التي ينطق بها.. ولن يخرج من حلقه كلام.. بل سوف يتجمد من الرعب، أما شارون فمصيبته اكبر والأوزار والذنوب التي يحملها سوف تخر لها شم الجبال. وسوف ينادي علي نبيه موسي مستنجدا وسوف ينكره موسي ويلعنه ويتبرأ منه وسوف يلعنه التراب الذي تحت رجليه وسوف يُلقي به الي جهنم التي هي من جنس نفسه حيث يبقي بها الي الابد حيث التجانس الكامل بين حريق جهنم وحريق احقاده وسعير شفاوته ونيران كبريائه، وساعتها سوف تفصح النفس عن نارها وتأججها وسوف تحترق بما فيها من غل وساعتها سوف تطلب كل نفس مسكنها الطبيعي. النفوس النارية تطلب النار بحكم ناريتها. والنفوس القدسية المطهرة تطلب الجنة بحكم صفائها وطهارتها. اما الجنرال أوسيريس الشاهد المعترف النادم التائب الذي خلعوا عنه نياشينه.. فربما تكون قد قبلت توبته واختلف مصيره. الله اعلم به وبقلبه، والاعتراف بالذنوب في الدنيا بداية الراحة وبداية الخروج والخلع من النفس الأمارة. أما الاعتراف في الآخرة بعد الموت وبعد البعث وبعد رؤية الحقيقة وانكشاف الاسرار فلا جدوي منه. ان حكاية الجنرال اوسيريس وحكاية الاستعمار واذلال الاقوياء للضعفاء في كل مكان.. هي ايضا حكاية عاد وثمود.. وهي حكاية الجبابرة في كل زمان. وينسي الاقوياء دائما ان قوتهم وتفوقهم ونبوغهم كان امتحانا وابتلاء واختبارا من الله. اما القوة التي تقتل الاطفال وتهدم البيوت علي رؤوس الارامل والعجائز وتجرف التربة وتسرق المياه من افواه العطاش.. فهي ليست قوة وانما هي نذالة وجبن وانحطاط، وشارون قوته مستعارة من جبروت اميركي ومن تواطؤ اميركي اكثر منها عمي واشد منها بطشا.. فهو ليس اصيلا حتي في قوته بل هو تابع لشيطان اكبر وطاغوت اشد هو الطاغوت الاميركي.. وهذه القوي كلها زائلة واصحابها صائرون الي شيخوخة وعجز وفناء وزوال. انه سباق ابالسة. وبناة الاهرامات في مصر كانوا فراعنة في علمهم وقوتهم.. وكانت الارض علي ايامها تتكلم بالهيروغليفية.. وايام اليونان وامجاد اثينا كانت تتحدث باليونانية.. وايام نابليون نطقت بالفرنسية.. وايام العرب والمسلمين الاوائل نطقت بالعربية.. وترك لنا هؤلاء العماليق علوما وفلسفة وحكمة وقرآنا ملهما من الله وآدابا تذكر وتدرس وتعلم.

فماذا سيترك لنا شارون ونتنياهو وباراك سوي بصمات السفالة والعدوان والغدر وقتل الاطفال وهدم البيوت علي رؤوس الايتام والعجائز. ان التاريخ الآن يتعفن ويبلي وينتن، وليس فيما يجري بطولة ولا فحولة.. وانما خسة وانحطاط وتدهور.. وما نراه الآن هم أئمة الانحطاط وسادة التدهور. واقرأوا التاريخ من جديد، وتصفحوا الماضي وابكوا علي ماضيكم وتحسروا علي تاريخكم. وانتظروا الطامة التي سوف تنزل علي رأس كل ظالم. ان شهادة التاريخ تكتب الآن عليهم ولا تكتب لهم. ان قتلة الاطفال لا يسجلون انتصارا ولا يكتبون لأنفسهم مجدا.. بل هم مثل ذلك الجنرال الفرنسي الذي عاش يحلم برد نياشينه وخلع رتبته العسكرية التي يري فيها عاره وشناره.. ولم يسترح ضميره الا حينما خلعها عنه، وللحوادث التي نراها الآن. ملحق عكسي يكتب بمداد مختلف.

هناك مذكرة ادانة سوف تعلن يوما علي ملأ.. تطمس فيها كل هذه الاسماء اللامعة التي تعلق اوسمة النصر علي صدورها وتتصور انها صنعت مجدا. وانها سجلت نصرا وفخارا.. وما سجلت في الحقيقة الا ذلا وانكسارا، وسوف يسحب التاريخ علي أوسمتهم ونياشينهم ستار النسيان.

إننا نقرأ الآن بدهشة ما يحدث من ارهاب في القطر الجزائري الشقيق وما يصنعه امثال عنتر الزوابري واشباهه من الارهابيين الذين يهاجمون المساجد ويقتلون المصلين ولا يدعون راكعا ولا ساجدا الا قطعوا رقبته.. ثم تنشر الصحف الفرنسية ان القتلة هم من الجماعات الاسلامية.. كيف..؟!!

كيف يحدث هذا بعد ان يعلن الرئيس بوتفليقة حالة العفو والسماح والوفاق.. وكيف تسمي هذه الجماعات الارهابية نفسها بالجماعات الاسلامية وهي تهاجم المساجد وتقتل الركع السجود في صلاتهم.. انها عملية تلبيس وتدليس غير مفهومة.. هل هي جماعات من البربر مسلطة لقتل المسلمين بايعاز من طرف ثالث لتشويه الوجه الاسلامي في الجزائر.. وبين البربر وبين المسلمين كما هو معلوم عداء قديم، وهل هذا الطرف الثالث هو الجيش الفرنسي والحكومة الفرنسية صاحبة المصلحة في استئصال الاسلام من جذوره، وقد ذاقت من الثورة الاسلامية السابقة هزيمة مريرة.

ان اعترافات الجنرال الفرنسي اوسيرس وما كان يفعله اثناء الثورة الجزائرية بأوامر من رؤساته لاستئصال الثوار.. لا يستبعد هذا الاحتمال ومقتل المطرب البربري معطوب الوناس الذي كان يسب الاسلام والمسلمين في اغانيه تؤكد هذا الفهم.. فقد اوصي هذا المطرب قبل ان يموت بأن يسب المشيعون في جنازته القرآن واهله وان يديروا اغانيه الوقحة وتسجيلاته التي كانت تسب المسلمين اثناء تشييع جثمانه حتي يرقد في سلام علي حد قوله.. في مثواه الاخير.

في هذا الجو العدواني.. يمكن ان نجد التفسير لهذا الظلم البشع.. الذي كان يباشره الضباط والجنرالات علي الثوار المسلمين بأوامر من حكومتهم.. التي وصلت الي حد التعذيب في الزنازين حتي الموت.. وهكذا كان يفعل الاستعمار الانجليزي مع الثوار الهنود.. وهكذا كان يفعل الانجليز في مصر. وهكذا كانوا يفعلون في السودان، والاستعمار كله ملة واحدة.. وهذا يفسر الصاعقة التي نزلت علي فرنسا باعترافات الجنرال اوسيريس.. والوجه القبيح الذي ظهر تحت طلاء حقوق الانسان. ذلك الوجه الذي يتخذه الاستعمار الاوروبي ستارا كلما تكلم عن الشعوب الافريقية المتخلفة.. ذلك الوجه الكئيب المغطي بمساحيق التجميل والذي ظهر بكل قبحه من تحت الطلاء، والصيحة الجديدة الآن هي الاستعمار الاميركي الذي يلبس ثوب العولمة وحقوق الانسان ويخال بدعاوي التقدم والعلمانية، واداة التعذيب الجديدة التي تعمل في خدمته هي اسرائيل.. والايدي التي تنفذ هي نتنياهو وباراك، والجلاد المكلف من السادة الجدد هو شارون.. الجلف الاسرائيلي الذي يضع نجمة داود علي صدره، والاسلام هو المتهم في جميع الاحوال.. وهو موضع الهجوم من الكل.. لأنه الخطر الحقيقي علي الجميع، والسؤال.. كيف سينتهي هذا المسلسل الدامي...؟؟ وكيف ستأتي الخاتمة، علامة استفهام كبري.. ربما امتدت سنين وسوف نعيش نحن سنين الانتظار هذه علي الجمر حتي يصحو المارد العربي من رقاده الطويل لا ندري متي تأتي هذه الصحوة ولا كيف، ولكنها آتية يقينا تزفها ايات القرآن التي تخاطب اليهود في خواتيم سورة الاسراء فاذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كلما دخلوه أول مرة وليتبروا (اي ليدمروا) ما علوا تتبيرا وتظن اسرائيل ان القرآن يتحدث عن اخر الزمان.. ولكن القرأن يتحدث عن ميقات معلوم قد بدأ بالفعل. يقول القرآن عن هذا الوعد (وعد الآخرة) في سورة الاسراء مخاطبا اليهود فاذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا اي جمعناكم اشتاتا عبر الهجرات المتتالية وحشدناكم من جديد في اسرائيل وقد حدث.. لتكون نهايتكم ونحن الآن في الميقات وعلي ابواب الوعد ولم يبق الا ان يأتي الامر. وما يفعله شارون من كوارث وبشاعات، انما ينادي به علي هؤلاء الابطال القادمين من ظلمات المستقبل.. ان قسوته المفرطة وهمجيته البشعة هي التي سوف تستصرخ هؤلاء القادمين وهم آتون ايها المارشال.. فالدم ينادي علي الدم. ونهايتكم وشيكة باذن الله

كلاسيك
12-05-2001, 07:35 PM
بقلم: د. مصطفي محمود


مفكر وكاتب مصري

جيون
17-05-2001, 12:33 PM
جزيت الخير كلاسيك

مقال أكثر من رائع

جزى خير الدكتور مصطفى محمود

..