PDA

View Full Version : ( رسالــة مفتوحــة .. لأنها مثيــرة .. )


بو عبدالرحمن
18-05-2001, 08:53 AM
_
شكت إحدى الأخوات الفاضلات المبدعات
من أصحاب الأقلام المتميزة جدا ( في القلعة )
شكت من أحوال نفسها معها ، ومعاناتها بها ولها ..
ولعلها تتحدث عن غيرها على لسانها _ كما جرت عادة الأدباء _
فكتبت بتوفيق من الله هذه السطور _ لها ولغيرها __
ولأني رأيت أنها قضية عامة وهامة
فها أنا أبادر إلى نشرها لتعم فائدتها ..
- - -

أما جفاء نفسك .. وعدم التفاهم معها .. ورميها عليك بشقائها ..
وتعبها لك .. ودلالها عليك .. وفرض سلطانها وجبروتها عليك ..
وتلاعبها بك ..ولهوها معك .. ومللك منها .. وتعجبك من غفلتها .....

ثم ضجيجها المرتفع إذا ألم بها ملم مما يقهرها
فلا تملك إلا أن تنادي في انكسار : يااااااااااااا رب ...!
إلى آخر ما سطره يراعك ببلاغة نادرة .. وإبداع ملفت للنظر ، محبب إلى القلب ..

أقول :
أما هذا الذي تصفين في روعة ..
فهل تحسبين أنك وحدك في هذه القصة أيتها الفاضلة ..؟
رحم الله والديك ..
لا أراك إلا أبدعت في وصف ما أعاني .. ويعاني .. ويعانون .. ويعانين ..!!
أحسن الله إلى والديك ..
لا يغيبن عن قلبك المتوقد أن في كل وادٍ بنو سعد ..!
أو كما قيل : كلنا في الهم شرقُ ..!
نعم كلنا كذلك حفظك المولى .. فلا يخادعنك الشيطان عن هذه الحقيقة ..
- -
تبقى مسألة مهمة .. منا من عرف القصة: مبتدأها ومنتهاها
فوضع يده على أسرار فن التعامل معها ..
ووقد كشف هذه الحقيقة وأسرارها .. ومفاتيحها .. كتاب ربنا سبحانه
فهو أرحم بنا من أنفسنا .. فلم يتركنا هملا ..
نواجه الطوفان وهو ينظر ..

بل لقد نصب الأدلة .. وحرك الأدلاء .. ووضع المعالم ..
وأبان الطريق حتى غدا أوضح من بساط الكف الممدودة ..
لينجو من نجا عن بينة ... وليهلك من هلك عن بينة كذلك ..
- -
فمن عرف هذه النفس وأعاجيبها .. ومراوغتها .. وما تريد وما تأمل
عرف كيف يخطو بها ومعها خطوة خطوة
في طريق شاق نحو القمة .. نحو الذرا .. نحو السماء ..
لكن هذه المشقة ليست سوى في بدايات الطريق وأوائله
لأنه لم يعتد السير في شعاب الجبال ..

أما إذا مضى عازما .. وسار قاصدا .. واتجه قدما ..
فما أعجب ما سيراه في طريقه !!
سينقلب التعب لذة .. !
وسيجد في المشقة عذوبة ..!
وسيدرك أن كل خطوة إلى القمة نصر أكيد ..
تتهلل له النفس ، وتطرب له الروح ، ويهتز له القلب ..
مما سيدفعه دفعا إلى مزيد من بذل جهد مضاعف وهو يترنم في ابتهاج :
ما أعذب الوحي في قلبي واشهاهُ ....!!
- -

النفوس ايتها الفاضلة .. رفع الله قدرك وأكرمك ..
كما قرر رب هذه النفوس وبارئها ... ثلاثة أنفس :
نفس أمارة بالسوء .. وما أعجب هذه النفس وأشقاها . وأشقى الخلق بها ..
ونفس لوامة .. ما أروع هذه النفس .. رغم تعبها لصاحبها ..
ونفس مطمئنة .. وهذه الدائرة هي الهدف الذي ينبغي الوصول إليه ..
فمن عرف أسرار هذه القضية ..
وأدرك ما تريد به وله كل نفس من هذه الأنفس ..
عرف كيف يأتي البيوت من أبوابها ..

أكثر ما يتعب الخلق
أنهم يمضون في رحلة الحياة ، ولا يدرون عن أسرارها شيئا
يخبطون فيها ، كمن يخبط في ليل دامس حالك ،
ومع هذا فهو يحسب أنه يرى كل شيء بوضوح ..!!
وهو في الحقيقة لا يرى إلا الليل وظلمته ..!!!
والذين عرفوا أن النور ليس من الخارج ،، بل هو ابتداء من الداخل
فإذا شع الداخل بالنور اضاء الطريق وبانت المعالم ..
وأصبح الدرب مشرقا أوضح من الضحى ....!

وشتان بين مسافر يخبط في ليل بهيم وهو يغني ويضحك ويرقص ،
ويتزين بألوان من المكياج ، ويرش على جسده ألوانا من العطور الساحرة ..ويتوهم الأوهام الكثيرة ..
مع أنه في ظلمة حالكة لا يكاد يرى يده إذا أخرجها ..
لأن النور من داخله مفقود _ أو هو ضعيف لغاية_ .. لأن المصباح يوشك أن يكون مكسورا فلا إضاءة
في الوقت الذي يحسب هو أن كل شيء عال وتمام التمام ....!!!!
شتان بين هذا الإنسان ، وبين آخر ..
هذا الآخر يرى كل شيء من حوله في أتم رؤية ..

أما الأول فلا يزال يتعثر .. كلما قام وقع على أم رأسه ..!
لأن الظلمة من حوله كثيفة وهو لا يدري.. فهو
تارة يسقط في حفرة ، يتكدس فيها ، ثم يقوم ، ويشرع في الغناء ..!!
ولا يلبث إلا قليلا حتى يسقط في مستنقع فيئن ويبكي ويتضجر
غير أنه يقوم ، لينفض ثيابه ، ويشرع في الرقص !!
ولا يلبث إلا قليلا حتى يتعثر على أم رأسه ليجد نفسه في وحل ..!!
فيضج بالشكوى ، وربما بالسب والشتم للأقدار ...!
غير أن الله برحمته يمهله ( لعله يتعظ ويعتبر ) فيمكنه من القيام ليستوي على رجليه
فيقوم وهو ينفض ثيابه ، ويشرع من جديد في ................ألوان من الفجور جديدة !!
- -

أما الآخر فيمشي مسدداً كأنه السهم ..
ماضيا كالنور .. لأنه مع النور .. وفي النور .. وإلى النور
للنور يعيش .. ومن أجل النور يتنفس أنفاس الحياة .. !!
هذا الآخر لا يصبح ملكاً من الملائكة الكرام ،
( وإن كان هو أقرب إلى طبيعتهم ، لأنه يخوض في أجوائهم !! )
هذا الإنسان حتى إذا تعثر ووقع __ في لحظة من لحظات الغفلة .__
فإن نهوضه غير نهوض الأول بالتأكيد ..
ثم أنه لا يضج بالسخط على أقدار الله ، أو بالتأفف منها .. أو بالتضجر بها ..

نعم .. قد ينفجر السد فيبكي ملء عينيه ، بسبب ما حدث له
لكنه بكاء ليس كالبكاء .
بكاء يمحو العثرة .. ويصفي الكدرة .. وينقي القلب مما أصابه .
والأصل عند هذا :
أن البكاء أنيسه وسلوته وزاده حتى في حال استقامته ، فكيف في حال تعثره !؟
كما قيل :
فيبكي إن نأوا شوقاً إليهم *** ويبكي إن دنوا خوف الفراق
ِ
هذه الصورة لهذين الصنفين رسمها القرآن الكريم في سطر واحد
من يتأمل هذا السطر ، تتوالى أمام عينيه ألوان من المشاهد العجيبة !
تأملي هذه الكلمات الربانية ، وعيشي معها لحظة روحية شفافة :
( أفمنْ يمشي مكباً على وجهه أهــدى ..
أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم .. ؟! )
فلا تملك إلا أن تقول : بل من يمشي سويا على صراط مستقيم ..!
- - -

يبقى سطر في الختام ..
وهو من باب التنويه فحسب ...
أني أعلم واثقا أنك من أصحاب النفوس الراقية ..
وإنما سقت الكلام هاهنا بهذا الفيض ، لأني رايت مناسبة لاحت ، وفرصة عرضت
فالكلام للجميع .. بل هو إلى نفسي من باب أولى ..
فما أكثر ما أعاني من هذه النفس ..
إذا استقامت فترة ... تردت فترة ..
ولكن سيف المجاهدة لا يزال على رقبتها .. !
فإما أن ...... وإما أن .......!!!
بارك الله فيك ..
وأكرمك الله بكرامة الصالحين ..
ونفعنا الله بك ، وبدعواتك الطيبة ..
- - -

العهد
18-05-2001, 09:10 AM
جزاك الله أخي الكريم .

نعم ما تشعر به إختنا كلنا نشعر به.

و النفس إن لم نشغلها بالخير شغلتنا بالشر

فما إن نتراخى قليلا ... حتى تفلت سيطرتنا عليها من بين أيدينا

لذلك على المؤمن دائما أن يشغلها بالخير .

سئل أحد الصالحين ... كيف وصل إلى هذه المرتبه من العباده و الطاعه
فأجابهم.
قمت على نفسي في بدايتي ...فكلما تكاسلت عن أداء شي أنبتهاحتى يئست و خضعت فأشرقت بنور الإيمان.

بارك الله فيك أخي الفاضل

اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين

بو عبدالرحمن
18-05-2001, 09:30 AM
-
الأخت الفاضلة الجليلة /العهد
............... رعاك المولى وحفظ ورفع قدرك

مع أن عادتي أن لا أبادر بكتابة رد على التعقيب
ولكني حين رأيت مبادرتك السريعة للتعقيب
لم أملك نفسي من المبادرة أيضا إلى الرد على التعقيب
فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟
أو من باب رد التحية بمثلها ، إن لم يكن بأحسن منها
رعاك الله وحماك من شر كل ذي شر .
تعقيبك رائع .. وكلماتك موزونة
وقد عجيبت كيف فاتني أن أسجل في أصل الموضوع هذه الجملة البديعة الرائعة التي أحفظها منذ زمن طويل :
نفسك إن شغلتها بالحق ، وإلا شغلتك بالباطل ..
نعم .. ما أروعها من قاعدة ..
ولكن ما أقل المنتبهين لها .. وأقل العاملين بها !!
بارك الله فيك ، ونفعنا بك وبدعواتك ..
- - -