PDA

View Full Version : ( المشهد الخامس... انصفوا هذه المرأة العظيمة أيها العقلاء .)


بو عبدالرحمن
25-05-2001, 05:16 AM
-
آخر ما ذكرناه في الحلقة السابقة ..
كيف أن الله جل جلاله ، لتكريمه لهذه المرأة العظيمة ، جعل الجنة _دار كرامته __
هدية متواضعة لمن قرر أن يحسن إلى أمه ، ووطن النفس على أن يكون لها خادما ،
وان يكون بها ومعها رفيقا ، وعليها صبورا ، ومعها حليما ،
ولها محبا مشتاقا ، ومن أجلها جندياً مسارعا لمالا تطلبه منه _ في غير معصية _
وهذا هو رابط الحلقة السابقة لمن لم يقرأها ، أو أراد أن يعيد النظر فيها :
http://www.qal3ah.com/vb/showthread.php3?threadid=36034
- - -
واليوم نواصل الرحلة المثيرة ...
… هذا ما فهمه السلف الصالح .. فأظهروا ضروباً عجيبة في حب أمهاتهم ،
والإحسان إليهن ، والتلطف معهن ، والتودد لهن ، والحرص على نيل رضاهن ..
ولنعرض هاهنا قبسا من تلك الأنوار ..

يروي أصحاب السير أن أخوين صالحين فاضلين عالمين ،
كان أحدهما يقطع الليل كله في صلاة ودعاء وبكاء وضراعة ،
وتلاوة ومناجاة ، وركوع وسجود حتى ينشق عمود الفجر ..!!
وكان الآخر لا يزيد على أن يسهر مع أمه يمسد لها قديمها ،
وهو يؤنسها بأعذب الكلام ، ويلاطفها بأجمل العبارات ،
ويضاحكها بأرق الطرائف ، حتى إذا طلبت منه أن ينصرف لتنام ،
قام وصلى الوتر ، ونام طول ليله إلى قبيل أذان الفجر ..!!
ولما سئل أحد الأئمة ( أحسبه الإمام أحمد رحمه الله ) :
أي الرجلين أفضل وأقرب إلى الله ، وأكثر أجراً ؟؟…
قال بلا تردد : الثاني بلا شك .. !!
ذلك لأن عمل الأول قاصر على نفسه ، وعمل الثاني متعدٍ إلى غيره ، وما ذلك الغير إلا أحب الناس ، وأولى الناس .. وهو أمه ..
فتأمل أخي الكريم في هذه القصة فإن فيها أعظم عبرة ودرس ..
***

ويروي أصحاب السير أيضا :
أن رجلا دخل المسجد ذات نهار ليصلي الضحى ،
فرأى أخا له في زاوية المسجد يبكي ، فبادر يصلي ويخفف صلاته ،
ثم أقبل على أخيه يلح عليه بالسؤال عن سر بكائه في هذه الساعة ..
فكان مما ذكره له ..( اسمع العجب )
أنه منذ الصباح قد تصدق .. وصلى .. وأكثر من الاستغفار .. والدعاء والبكاء ،
ومع هذا ….. فهو يخشى : أن لا يغفر الله له ما ارتكبه هذا الصباح ..!
فسأله عما فعل .. وما الجريمة التي ارتكبها ..!؟
فأخبره أنه كان منهمكا في قراءة كتاب ،
وأن أمه نادته مرتين أو ثلاثاً ولم ينتبه ، فلما انتبه لها ..
فزع وصاح وهو يطوي كتابه ، ويبادر بالقيام إليها ملبيا نداءها :
لبيك .. لبيك أماه ..!!
قال : وشعرت أن صوتي علا فوق صوتها …!!
ومنذ الصباح وأنا أحاول جاهداً :
أن أكفر عما فعلت ، وأخاف أن لا يغفر الله لي ما كان مني معها ..!!
فانظر يا مسكين ..
هذا رجل بلغت به حساسية الإيمان ، أنه يرى ارتفاع صوته ( بالتلبية ) لأمه وهو يبادر إليها ..
يرى ارتفاع صوته :عقوق لوالدته فدفعه ذلك إلى أعمال خير كثيرة ..
لعل حسناتها تمحو تلك السيئة .. ومع هذا .. ومع هذا . فهو يخاف !!
***

فماذا يقول أكثرنا وهو لا يصيح بكلمة ( لبيك ) ..
ولكن يصيح في وجهها بما يشيب لها الولدان ، فيسبها ويلعنها ، ويتلفظ بأقذر الألفاظ ، ثم هو كأنه لم يفعل شيئاً..!!
( وتحسبونه هيناً ، وهو عند الله عظيم ) ..
وفي الحديث يخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ..
رب كلمة لا يلقي لها المرء بالاً من سخط الله يهوي بها في النار سبعين سنة
_ أو كما قال صلى الله عليه وسلم __
***

ومما قرأته في هذا الباب …
قصة أحد الصالحين يموت ولده البكر الشاب ،
فيتقبل ذلك بإظهار الرضا ، والصبر الجميل ، وشكر الله على ما قضى وقدر ..
وتموت زوجه فيتلقى ذلك بنفس الروح الرضية ..
ولكنه حين ماتت أمه ………..زضج بالبكاء ، ولم يتمالك نفسه ..!!
فقيل له في لك ..
فقال : اليوم فقط شعرت أنه أغلق علي بموت أمي باب من أبوب الجنة ..!!
***

ومما سمعته في هذا الباب ..
قصة الشاب الذي أقبل من اليمن ، يحمل أمه العجوز على كتفيه ،
وكانت مشلولة ، ليحج بها ، وكان بيده يطعمها ويسقيها ويلبسها ..
وكان يظهر لها ألوانا من صور الإحسان إليها ،
يداعبها .. ويضاحكها .. ويلاطفها .. ويؤنسها ..
حتى إذا رآه أحد الصحابة ودار بينهما حديث ، سأل الشاب الصحابي الجليل :
هل تراني وفيتها حقها ؟؟
فقال له : كلا والله .. ولا بطلقة وجع __ صاحتها لحظة الولادة __ !!!

فانظر يا مسكين ..
عمل هذا الشاب ، وهو يحمل أمه على ظهره ،
ويمشي بها المسافات الشاسعة .. ويطعمها بيده ويلبسها .. ويغسلها .. بطيبة نفس ،
ومع هذا كله لا يُعد كل ذلك شيئاً يُذكر إلى جنب حقها العظيم عليه ..!!
قارن بين عمل هذا الشاب .. وبين ما تفعله معها من ألوان العقوق …!!!!!
***

ومما سمعته في هذا الباب ..
أن موسى عليه السلام سأل الله سبحانه ، أن يريه رفيقه في الجنة ..
فقال له : ستراه الليلة إذا نمت ..
ورأى موسى عليه السلام ، شابا اسمر ، فسأل أهذا نبي أم صديق ..
قيل له : لا هذا ولا ذاك .. بل هو رجل عادي ..
فسأل : فهل هو من أمة مضت ، أم من أمة لم تأتي بعد أم هو من أمتي ؟
قيل له : بل هو من أمتك .. وستجده في مكان كذا وكذا ..
وبادر موسى عليه السلام في الصباح مهرولا إلى ذلك المكان ..
هناك رأى الشاب نفسه ، فأخذ يرقبه من بعيد ، ليعرف عمله الذي أهله إلى هذه المنزلة العظيمة عند الله ،
فلم ير شيئا ذا بال ، غير أنه رآه يتردد كل حين إلى بيته ، ثم يخرج ، ثم يعود إليه وهكذا ..
وحين انصرف الشاب ، استأذن موسى على من في البيت ،
فإذا امرأة عجوز مقعدة ، وإذا هي أم ذلك الشاب ،
ودار بينه وبينها حديث شجي ، علم أنها راضية تمام الرضى عن ولدها ،
فسألها وهل تدعين له في دعائك ..أو هل تخصينه بدعوة ما ..
قالت : هي دعوة واحدة لا أبدلها بغيرها ، وأسأل الله أن يجبها لي ..
إنني لا أمل ولا أكل من قول : اللهم اجعل ابني هذا رفيق موسى في الجنة .. !!!
فأخذ موسى عليه السلام يرفع صوته بالتكبير ..
ثم أخبرها أنه موسى وأن الله قد استجاب دعاءها …!!
***

والقصص في هذا الباب كثيرة ومؤثرة ..
وإنما هذا غيض من فيض .. وفصل من رواية ..
تجعلك وأنت تتابعها تشعر بأنك تتضاءل وتتقزم ، وتغدو كعصفور منتوف الريش !!

والقصص على النقيض من هذه أكثر _ أعني قصص العقوق _ لكنها قصص دامية ..
ولولا الإطالة .. لأوردت نماذج شديدة المرارة من صور العقوق التي تحز في القلب ..وتدمي الفؤاد …
لكن غايتنا هنا أن نحرك القلوب لألوان من البر بهذه الأم العظيمة ..
ولذا سنضرب صفحا عن ذكر صور العقوق مكتفين بما ذكرناه من صور البر الرائعة ،
لعل هممنا تتحرك شوقا للإقبال على أمهاتنا .
نستدرك ما فات ، قبل أن نندم في ساعة لا ينفعنا فيها الندم شيئا ..
- - - - - -
في الحلقة القادمة سنقدم برنامجا مقترحا..
نسعى من خلاله لتحصيل مرضاة أمهاتنا علينا …
فتابعونا ..! ......... تابعونا يرحم الله أمهاتكم وأمهات المسلمين …
- - - -

العهد
25-05-2001, 08:36 AM
بارك الله فيك أخي الفاضل ...

أي نحن من هؤلاء؟!!!

بو عبدالرحمن
26-05-2001, 06:03 PM
-
الأخت الفاضلة / العهد
.............. رعاك الله وغفر لك

جزاك الله خير الجزاء على هذه المتابعة الواعية
والتي أسأل الله عز وجل أن ينفعك بها في دنياك وأخراك ..
بارك الله فيك ..