بو عبدالرحمن
18-09-2001, 06:31 PM
-
مشهدان جديران بالتوقف عندهما ، وإطالة النظر فيهما ..
واستخراج العبرة منهما . والاستفادة العملية من معطياتهما ..
أما المشهد الأول :
فموقف سحرة فرعون من موسى عليه السلام وهم يواجهونه في صلف ..
هاهو المشهد ، تمثله جيدا ،
انظر مدى الصلف الذي كانوا عليه ..
( فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ .. وَقَالُوا : بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ)
ثم .. ثم تحدث المفاجأة ..
في إغماضة عين ينقلب السحر على الساحر ..
ويتغير المشهد كله ،
هاهم يقولون في خشوع وضراعة وإخبات وبقلوب واجفة :
( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً .. قَالُوا : آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ..)
ليس بين المشهدين فاصل زمن طويل .. مجرد كلمات معدودة
لكن الفارق بين المشهدين هائل جدا ..
مشهد يتجلى فيه الكفر صريحا ( بعزة فرعون )
وتظهر فيه العنجهية والصلف وانتفاشة الباطل وغروره
( إنا لنحن الغالبون)
نحن بلا ريب .. ومن مثلنا ..؟! وليس أمام موسى إلا أن يستسلم لنا !!
ثم لا يلبثون إلا قليلا حتى تنقلب الصورة تماماً ..
فإذا القوم أنفسهم في قمة الإيمان واليقين ..
إيمان يبلغ مستقر القلب ..
فتشرق الروح ، وتشد صاحبها إلى الأعلى ..
ولا يرضى بغير الفردوس .. مستهينا بالحياة كلها ولو كانت في القرب من فرعون
ومن فرعون ؟ ذلك الذي كان يرى أنه رب ، له ملك مصر والأنهار تجري من تحته !!
لكن هذا الإنسان الذي استقر اليقين في شغاف قلبه ..
يصبح له منطق آخر .. ورأي آخر ..
هذا الإنسان الذي كان قبل قليل لا يملأ العين إلا ازدراء به ، واستخفافا بفكره ، وربما احتقارا له بسبب مواقفه وهو يقسم ( بعزة ) مخلوق !!
فإذا هو الآن في قمة العطاء الإيماني يسترخص بذل نفسه من أجل الله تعالى ..
غير مكترث لما قد يتعرض له من صنوف الأذى ..
لقد بلغ بهم الأمر أن يتحدوا فرعون نفسه !!
وهاهم يقفون في وجهه في روعة مبهرة ..
هاهم يتحدونه غير مكترثين يعدده وعتاده وما يحشد من أتابع واقزام وحثالة ومصفقين ومهرجين من حوله ..!!
هاهم ينظرون إلى هذا كله نظرة المؤمن الذي يرى بنور الله عز وجل ..
فيرى أن هذا كله لا يستحق الاكتراث به طالما كان هو مع الله بكلية قلبه .
فإما حياة كريمة عزيزة .. وإما شهادة حبيبة يزف بها إلى الجنة
والجنة خير وأبقى ..!
هاهم يتحدون فرعون نفسه الذي كانوا قبل قليل يقسمون ( بعزته ) !!!!!
هاهم يواجهونه في كبرياء الروح المؤمنة المستعلية بإيمانها
( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)
الله أكبر .. ما أروع ما يصنع الإيمان ..
هاهم ينقلبون اسودا بعد أن كانوا أرانب يتملقون فرعون ليحظوا برضاه !!
هاهم يعلنونها بكل شجاعة وبملء الفم ..
يا فرعون . اتق الله قبل أن تندم ..
يا فرعون أن جندك وحشدك وعددك وعتادك لن ينجيك من الله ..
يا فرعون عد إلى الله ليرضى عنك .واعلم أن الدنيا _ حتى لو ملكتها _
فإنها لا تساوي شيئا أبدا .. وإنما الدنيا ساعة من نهار وستقضى لا محالة ..
يا فرعون ان موعدك مع الله سينتقم منك لكل مظلوم .. ولن ينفعك الندم يومها .. يا فرعون .. يا فرعون …!!!!
وأخذوا يرفعون أصواتهم في وجهه وهو يدعونه ليرعوي ..
وهم يحببونه في العودة إلى الله والاصطلاح معه ..
فلما هددهم وتوعدهم وأرغى وأزبد وأبرق وأرعد ..
لم يزدهم ذلك إلا يقينا ، ولم يكترثوا بهذه الانتفاشة لأنهم يعلمون يقينا أن الأمر كله بيد الله ..
وأن انتفاشة الباطل ليست سوى انتفاشة غرور ،
أشبه بقط يعمد إلى تضخيم نفسه ليبدو كبيرا وهو صغير في الحقيقة ..!
ولأنهم يثقون أن ذلك كله ليس سوى ابتلاء لهم من الله لينظر كيف يعملون
فإن استعلاء بهم الإيمان ..تولى الله الدفاع عنهم وحمايتهم ..
وأن سفلوا وخاروا .. وكلهم الله إلى أنفسهم فهانوا ..
عرفوا ذلك كله فاختاروا الطريق الأصعب .. اختاروا أن يموتوا شهداء كراما على أن يعيشوا أذلاء يقبعون تحت أقدام فرعون يمسحون له نعاله ..لعله يرضى عنهم ..!!
( قَالُوا : لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ ..
وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ..
إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا )
الله أكبر .. يا لروعة ما يصنعه الإيمان من معجزات .. تدير عقل المتأمل ..
إنه لمشهد عجيب ملئ بالعظات والعبر
ويستطيع المتأمل في هاذين المشهدين أن يستخرج دروسا كثيرة ينتفع بها في حياته لو كان ذا فهم ..
نسأل الله سبحانه بكرمه
أن يملأ قلبونا بنور اليقين به .. ونور الثقة بموعوده
إنه نعم المولى ونعم النصير ..
مشهدان جديران بالتوقف عندهما ، وإطالة النظر فيهما ..
واستخراج العبرة منهما . والاستفادة العملية من معطياتهما ..
أما المشهد الأول :
فموقف سحرة فرعون من موسى عليه السلام وهم يواجهونه في صلف ..
هاهو المشهد ، تمثله جيدا ،
انظر مدى الصلف الذي كانوا عليه ..
( فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ .. وَقَالُوا : بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ)
ثم .. ثم تحدث المفاجأة ..
في إغماضة عين ينقلب السحر على الساحر ..
ويتغير المشهد كله ،
هاهم يقولون في خشوع وضراعة وإخبات وبقلوب واجفة :
( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً .. قَالُوا : آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ..)
ليس بين المشهدين فاصل زمن طويل .. مجرد كلمات معدودة
لكن الفارق بين المشهدين هائل جدا ..
مشهد يتجلى فيه الكفر صريحا ( بعزة فرعون )
وتظهر فيه العنجهية والصلف وانتفاشة الباطل وغروره
( إنا لنحن الغالبون)
نحن بلا ريب .. ومن مثلنا ..؟! وليس أمام موسى إلا أن يستسلم لنا !!
ثم لا يلبثون إلا قليلا حتى تنقلب الصورة تماماً ..
فإذا القوم أنفسهم في قمة الإيمان واليقين ..
إيمان يبلغ مستقر القلب ..
فتشرق الروح ، وتشد صاحبها إلى الأعلى ..
ولا يرضى بغير الفردوس .. مستهينا بالحياة كلها ولو كانت في القرب من فرعون
ومن فرعون ؟ ذلك الذي كان يرى أنه رب ، له ملك مصر والأنهار تجري من تحته !!
لكن هذا الإنسان الذي استقر اليقين في شغاف قلبه ..
يصبح له منطق آخر .. ورأي آخر ..
هذا الإنسان الذي كان قبل قليل لا يملأ العين إلا ازدراء به ، واستخفافا بفكره ، وربما احتقارا له بسبب مواقفه وهو يقسم ( بعزة ) مخلوق !!
فإذا هو الآن في قمة العطاء الإيماني يسترخص بذل نفسه من أجل الله تعالى ..
غير مكترث لما قد يتعرض له من صنوف الأذى ..
لقد بلغ بهم الأمر أن يتحدوا فرعون نفسه !!
وهاهم يقفون في وجهه في روعة مبهرة ..
هاهم يتحدونه غير مكترثين يعدده وعتاده وما يحشد من أتابع واقزام وحثالة ومصفقين ومهرجين من حوله ..!!
هاهم ينظرون إلى هذا كله نظرة المؤمن الذي يرى بنور الله عز وجل ..
فيرى أن هذا كله لا يستحق الاكتراث به طالما كان هو مع الله بكلية قلبه .
فإما حياة كريمة عزيزة .. وإما شهادة حبيبة يزف بها إلى الجنة
والجنة خير وأبقى ..!
هاهم يتحدون فرعون نفسه الذي كانوا قبل قليل يقسمون ( بعزته ) !!!!!
هاهم يواجهونه في كبرياء الروح المؤمنة المستعلية بإيمانها
( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)
الله أكبر .. ما أروع ما يصنع الإيمان ..
هاهم ينقلبون اسودا بعد أن كانوا أرانب يتملقون فرعون ليحظوا برضاه !!
هاهم يعلنونها بكل شجاعة وبملء الفم ..
يا فرعون . اتق الله قبل أن تندم ..
يا فرعون أن جندك وحشدك وعددك وعتادك لن ينجيك من الله ..
يا فرعون عد إلى الله ليرضى عنك .واعلم أن الدنيا _ حتى لو ملكتها _
فإنها لا تساوي شيئا أبدا .. وإنما الدنيا ساعة من نهار وستقضى لا محالة ..
يا فرعون ان موعدك مع الله سينتقم منك لكل مظلوم .. ولن ينفعك الندم يومها .. يا فرعون .. يا فرعون …!!!!
وأخذوا يرفعون أصواتهم في وجهه وهو يدعونه ليرعوي ..
وهم يحببونه في العودة إلى الله والاصطلاح معه ..
فلما هددهم وتوعدهم وأرغى وأزبد وأبرق وأرعد ..
لم يزدهم ذلك إلا يقينا ، ولم يكترثوا بهذه الانتفاشة لأنهم يعلمون يقينا أن الأمر كله بيد الله ..
وأن انتفاشة الباطل ليست سوى انتفاشة غرور ،
أشبه بقط يعمد إلى تضخيم نفسه ليبدو كبيرا وهو صغير في الحقيقة ..!
ولأنهم يثقون أن ذلك كله ليس سوى ابتلاء لهم من الله لينظر كيف يعملون
فإن استعلاء بهم الإيمان ..تولى الله الدفاع عنهم وحمايتهم ..
وأن سفلوا وخاروا .. وكلهم الله إلى أنفسهم فهانوا ..
عرفوا ذلك كله فاختاروا الطريق الأصعب .. اختاروا أن يموتوا شهداء كراما على أن يعيشوا أذلاء يقبعون تحت أقدام فرعون يمسحون له نعاله ..لعله يرضى عنهم ..!!
( قَالُوا : لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ ..
وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ..
إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا )
الله أكبر .. يا لروعة ما يصنعه الإيمان من معجزات .. تدير عقل المتأمل ..
إنه لمشهد عجيب ملئ بالعظات والعبر
ويستطيع المتأمل في هاذين المشهدين أن يستخرج دروسا كثيرة ينتفع بها في حياته لو كان ذا فهم ..
نسأل الله سبحانه بكرمه
أن يملأ قلبونا بنور اليقين به .. ونور الثقة بموعوده
إنه نعم المولى ونعم النصير ..