PDA

View Full Version : ( التـاريخ لا يُعيـدُ نفسَـه ... ولـكن ..!! )


بو عبدالرحمن
01-05-2004, 02:07 AM
لنْ تستطيعَ هذه الأمةُ أنْ تخرجَ من مأزقها الذي تترنحُ فيهِ ،
إلا بأنْ تأتيَ البيوتَ من أبوابها ، وكل طريقٍ غير هذا الطريقِ فمسدودٌ مسدودٌ مسدود ..!
مهما طنطنَ المفكرونَ ، وطالتْ ألسنتهمْ ، وتزخرفتْ كلماتهم ..!
وصفق لهم المعجبون ، وامتلأت جيوبهم من الفضائيات ..!
إنما هو طريقٌ واحد ، وبابٌ مفضٍ إلى المجد واحد ..
ما عدا ذلك فهراء .. وفرقعاتٌ في الهواء ..!!

إنّ التاريخَ لا يعيدُ نفسهُ ، ولكنهُ يساعدكَ على أن ترسمَ طريقكَ في ثقةٍ ، وهو يُقدمُ لكَ صوراً مشابهةً لما أنتَ فيه ، وما تعاني منهُ ، ويريكَ مواطنَ الضعفِ ، ومكامنَ القوةِ ، ويضعَ يدكَ على أسبابِ التردي والهوانِ والمذلة ، ثم يفتحُ عينيكَ على أسبابِ الخروجِ من نفقِ هذا الهوانِ ..إذا كنتَ فعلاً ترغب جاداً في الخلاصِ مما أنتَ فيه !!
فإنْ كنتَ عاقلاً .. فتعلّمْ ..
وإنْ كنتَ عاقلاً .. فاعتبرْ من غيركَ قبل أن تكونَ أنتَ عبرةً لغيرك..

وحين تعتبر من غيركَ تكونَ محموداً في السماءِ والأرضِ معاً ..
وحينَ تُصر أن تديرَ ظهركَ لكل دروسِ التاريخِ وعِبَرهِ ومواعظهِ لتعيشَ ذليلاً مهاناً ، ثم تغدو عبرة للآخرين ، فعندها لا تلومنَ إلا نفسكَ إذا تابعتكَ الألسنةُ باللعنات !! أو على الأقل بالسخرية منكَ ، والاستخفاف بعقلكَ ..!!
يُعلمنا التاريخُ أن هذهِ الأمةَ يومَ كانتْ لا تعرفُ شيئاً عن دين اللهِ سبحانه ، كانتْ تعيشُ كالقطيعِ الهائمِ في دروبِ الحياةِ ، يسوقُها جزارٌ ويشتريها جزارٌ .. !!
وهي بين هذا وهذا تتلهى بالكلأ والمرعى والماء والجو الطيب !!

كانتْ تعيشُ على هامش الهامش ، حياة أشبهَ ما تكونُ بحياةِ البهيمةِ ، همُها ضرسُها وفرجُها .. ولا شيء غير ذلك ..!!!!
ثم تنتظرها شفرةُ الجزارِ حينَ يرغب أن يُضحي بها ..!!

ظلمٌ يتمشى بين الأزقة مع العنجهية والطغيان ، في صحبتهم تسيرُ مجموعةُ من مساوئ الأخلاقِ ، كالزنى بألوانهِ المختلفةِ ، والربا ، والميسر ، وألوانٌ من الانحرافات ، في أجواءٍ من الخرافاتِ والأساطيرِ ، التي تشيعُها طقوس عبادة الأوثان ...!!
ودماءٌ تسيلُ كالشلالاتِ لا تتوقفُ من سيوفِ أبناءِ القبيلةِ الواحدة ، على أتفه الأسبابِ ، في الوقتِ الذي يتحكمُ بمنافذِ بلادهم أعداءٌ لا يرقبونَ فيهم إلاً ولا ذمة ..!!
يرمون في وجوههم فتاتِ موائدهم ليتلهوا بها ..!!
ولا يملكُ هؤلاء إلا الخضوعَ والخنوع لهم ، والهيبة والخوف منهم ، والطمع والرجاء فيهم !!

ووسط هذهِ الأجواء الخانقةِ ، والظلماتِ المترادفةِ ، والخرافات الشائعة ، والتي يبدو للوهلةِ الأولى ، أنه لا بصيصَ أملٍ يلوحُ في الأفق ، للخلاصِ من حالةِ الاحتقانِ هذه..
وسط هذهِ الأجواءِ الكالحةِ المخيبة للآمالِ ، يولدُ النورُ في قلبِ رجلٍ واحدٍ أعزل ، لكنه رجلٌ غير كلّ رجالِ الدنيا ، سيغيرُ اللهُ بهِ ويبدّل ، ويعيدُ وضعَ الحروفِ على نقاطها في هذا العالم كله ..!
رجلٌ ذو همة ، أحيا اللهُ به الأمة ..!
لقدْ بزغَ نجمُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وهل مثل محمدٍ أحدٌ في العالمين ؟
وهل عرفتِ الدنيا _ كل الدنيا _ منذ أنْ خلقها الله عز وجل، رجلاً يداني هذا الإنسانَ الرباني الفذ صلى الله عليه وسلم ؟؟

واللهِ ما خلقَ الإلهُ ولا بَرى ** بشراً يُـرى كمحمدٍ بينَ الورى
رجلٌ دانتْ لهُ السماء ، قبل أن تدينَ له الأرض ..
رجلٌ عرفتهُ الملائكةُ وأحبتهُ ، قبل أن يعرفهُ أهلُ الأرضِ ، فتشغف بحبهِ قلوبهم ، ويستميتون في الدفاع عنه ، ويطيبُ لهم الموتَ بين يديهِ صلى الله عليه وسلم ..ويفتدونه بآبائهم وأمهاتهم وأنفسهم وأموالهم ، طيبةً بذلك نفوسهم ....

خرجَ محمدٌ صلى الله عليه وسلم على الدنيا يتلألأُ ، اشد إشعاعاً من الشمس في ضحاها ..!!
خرجَ وهو يعلمُ أنهُ سيقاومُ التيارَ الجارفَ الذي لا يرحم ، وأنه لا يملكُ شيئاً إلا إيمانه العميق الواثق بالله ، ولا يستندُ إلى قوة إلا قوة الله ،
الله الذي بعثه ليُصلحَ أخطاءَ الحياة ، ويعيدُ رسمَ خارطةََ الدنيا من جديد ..
بعثهُ إلى هذهِ الأمة بالذات ، لينتشلها من قاعَ القاعِ ، فيضعها في عينِ الشمس ، كي تصنعَ النهار ..!!


رجلٌ يقفُ وحدهُ ، والعالمُ كلهُ من حولهِ من أقصاهُ إلى أقصاه ، يقفُ ضده ، ويسخرُ منه ، ويستخفُ بهِ ، ويحملُ عليه بضراوةٍ ، ويشنُ عليه حملاتٍ لا تتوقفُ ، ويكيدُ له ، ويتربصُ به الدوائر ، ويتآمرُ عليهِ ، ويودونَ لو يزلقونهُ بأعينهم ..!!!
فلمْ تخرْ قواهُ ، ولا ضعفتْ همتهُ ، ولا سمحَ لخيوطِ اليأسِ أنْ تتسربَ إلى قلبهِ ، ولا أفزعهُ هذا الظلام الكثيف ، ولا أرعبتهُ هذهِ القوى الكرتونية ، ولا زعزعَ يقينهُ كلّ تلكَ السخرياتِ والسفاسفِ ، التي يصبُها أناسٌ لهم ألسنةٌ أطول من أجسادهم.. !!
بل مضى وحدهُ .. ومعه السماءُ والأرضُ والريحُ وملائكة السماء وملائكة الأرض ..!
ومعه الشجر والحجر والمدر والمطر ..!!

مضى وحدهُ واكتفى أن يكونَ معهُ الله جل جلاله ..
ومن كانَ الله معهُ ، فمعهُ كل شيءٍ ..
ومن أنقطعَ عن اللهِ ، تمرّدَ عليهِ كلّ شيءٍ ، وخَافَ من كل شيءٍ ، وهانَ على كل شيءٍ ..لأنه في الحقيقة لا يسوى شيئاً ..!!

مضى وحدهُ واكتفى أن يكونَ معهُ الله جل جلاله ..
ومن كانَ الله معهُ ، فمعهُ كل شيءٍ ..
ومن أنقطعَ عن اللهِ ، تمرّدَ عليهِ كلّ شيءٍ ، وخَافَ من كل شيءٍ ، وهانَ على كل شيءٍ ..لأنه في الحقيقة لا يسوى شيئاً ..!!

................................... بقية الموضوع على هذا الرابط :
http://alwahah.net/alawi/101.htm