تسجيل الدخول

View Full Version : الانتفاضة ومقاطعة السلع الأميركية


فتى دبي
01-12-2000, 03:20 AM
مرر لي احدهم ورقة ما.. وبعد ان القيت نظرة سريعة علي محتواها قال لي الرجل
بامكانك الاحتفاظ بها تلك الورقة احتوت علي قائمة اجتهد من اعدها او اعدوها ان
يحصروا بداخلها اكبر عدد من السلع والمنتجات الاميركية، ضمنوها ايضا عددا من
المؤسسات الثقافية الاميركية واعني بها المؤسسات ومحلات تقديم الوجبات السريعة من
ماكدونالدز واخواتها.

الورقة والدعوة لمقاطعة المنتجات الاميركية كلها من مضاعفات الوضع المتألم في الشرق
الاوسط. وربما لم تكن مثل هذه الدعوة لائقة للمقاطعة لولا الانتفاضة البطولية التي يقوم
بها الشعب الفلسطيني والتي عكرت من صفو الماء في المنطقة.

صفو يذكرنا به الوزراء والمسؤولين العرب في مبتدر كل حديث عن العالم اليوم. حتي
اصبحت عبارات المسؤولين عن العولمة والاسواق الحرة والسماوات المفتوحة جزءا من
صميم توصيف الحالة العالمية الآن.

الانتفاضة البطولية للفلسطينيين دفعت الي ان يعيد الناس ترتيب الاشياء في البيت العربي.
واكتشف البعض ان هنالك كماً كبيراً من السلع الاميركية التي ينبغي طردها من البيت
العربي، وحرمان الناس منها بل وتحريمها، وهذا ما ينبغي ان يسجل به الشارع العربي
صوت شكر عظيم للشعب الفلسطيني وانتفاضته ولكن هناك جزءاً اساسياً وهاماً في هذا
النداء العاطفي بالمقاطعة وفي هذاالجزء تكمن اسئلة يعود بنا بعضها الي العولمة ويقودنا
البعض الاخر الي حقيقة الوضع العربي.

ومن جملة الاسئلة كيف ندعو الي مقاطعة السلع الاميركية في وقت تمتليء فيه جميع
المحلات التجارية بغالبية من هذه المنتجات؟ ألا يضر ذلك بالتاجر.. الا يؤدي ذلك بشركات
عدة الي الافلاس؟ وحتي المطاعم الاميركية الا يعود الضرر من مثل هذه المقاطعة علي
اصحابها (الوكلاء) وهم عرب ويعرض اعمالهم الي خسائر جمة؟ ولماذا هذا الانتقاء؟
وكيف الحكم علي السلع الاخري الفنية.. من الكمبيوتر وحتي الماكينات التي تستخرج
النفط وكلها سلع اميركية!

وبصيغة اخري ألا تطرح الكثير من المجتمعات العربية نماذج جديدة وشبيهة من الناحية
الحياتية بالنموذج الاميركي في العيش؟ ومن هنا السؤال هل هي دعوة الي مقاطعة سلع
اميركية ام مقاطعة نهج متكامل للحياة وفقا للنمط الاميركي؟ وما اود قوله ان من الافضل
والاعدل ان تتم معالجة الامر في اطار النفاذ الي القرار المدروس من جميع جوانبه وبما
في ذلك ما قد يفرزه من اثار سالبة علي التجار والوكلاء، وحتي علي المستهلك نفسه.
لأن كلمة مقاطعة هكذا مطاطة وتبدا من المطعم وحتي الدواء.. ومن السلعةر في المتجر
وحتي ابار النفط. ومن حق التاجر ان يسأل وماذا سيحدث لي وبضاعتي مجلوبة منذ وقت
او قد تأتي بعد وقت بحسب اتفاقات سابقة؟ اذن من يتحمل مسؤولية التاجر البسيط؟ هل
هي الدولة ام مصادر اخري؟

واعتقادي ان ما هو جدير بالوقوف عنده هو مراجعة النمط المعيشي نفسه وبصورة تجعل
تغييره بالأمر الممكن أفضل من الدخول في المقاطعة المضرة بمصالح العباد. واعتقد ان
الانتفاضة الفلسطينية قد قدمت فرصة طيبة لتداول الأمر - فلنسأل كم هو حجم المسلسلات
والأفلام الأميركية في التليفزيون العربي وكم نطمح نحن كأمة عربية ودول إسلامية في
تحقيقه في سبل رفع نسبة المنتج العربي الإسلامي في هذا الجهاز الحساس؟

وبغض النظر عن الملابسات والظروف الراهنة المحيطة بما يدور في الشرق الأوسط ألا
يدعو انتشار المؤسسات والسلاسل الأميركية وأقصد المطاعم من ماكدونالدز وغيرها
وبهذه الكثافة التي تراها بها إلي طرح سؤال جوهري ألا يمثل ذلك غزوا صارخاً يهدد
ثقافتنا في الصميم؟

فالمطاعم إلي جانب طرحها إلي وجبات سريعة تجلب معها ثقافة أخري في الطعام وآدابه..
وتجلب معها نمطاً حياتياً وغذائياً غريباً علي المجتمع العربي.. ومن هنا ألا يجدر بنا ان
نعتد بالمطبخ العربي؟ ألا يغير وجود النمط الغذائي الأميركي من كثير من العادات التي جبل
عليها المواطن العربي في كل المنطقة؟ ألا يعني انتشار هذه المطاعم انتشار ثقافة
اجتماعية وغذائية جديدة كلية؟ وبكل ما يعنيه ذلك من تذوق أطعمة غربية علي المواطن
العادي وتعود الأكل في الاماكن العامة وانعكاسات ذلك علي العادات العربية الاصيلة في
التقاء الأسرة علي المائدة وما صاحب ذلك من مآثر الكرم واستقبال الضيف والاحتفاء به.

وفي الواقع لسنا استثناء في هذا الجانب في المعاناة من ثقافة المطبخ الأميركي السريع
فقد نشأت جمعيات في عدد من بلدان أوروبا وفي فرنسا بشكل خاص لمواجهة ما أطلق
عليه ثقافة المطبخ الأميركي ، لقد وجدت شعوب كثيرة غيرنا نفسها أمام معضلة النمط
الأميركي للوجبات السريعة، إذن فالأمر يحتاج إلي الدراسة المتروية لا الدعوة للمقاطعة
التي لا اعتقد انها ستغير كثيرا في الأمر طالما جاءت بغير دراسة لقد مل الناس من
الحديث المكرر عن العولمة ومخاطرها وبات من المهم ان نسبر غور المصطلح إلي
معالجة الواقع.

فالثقافة رأس الرمح في العولمة لأنها تمهد التربة الخصبة للمنتج اجتماعياً والمجتمع
الذي يقبل التخلي عن تراثه الثري في الأكل والمطبخ يمكن له ان يتخلي عن عادات جبلت
عليها كثير من المجتمعات العربية..

ولقد قالها الاكاديمي الأميركي بروفيسور برتش بربروجلو قبل أسابيع في القاهرة ان هدف
العولمة هو تحويل الكرة الارضية برمتها إلي مشروع رأسمالي عملاق يتحكم فيه بشكل
مباشر وول ستريت.. بهدف رئيس واحد وهو الارباح .

ومن هنا أخلص إلي ان المقاطعة للسلع الأميركية علي احترامنا لها ومن دعا إليها ليست
هي السبيل الأمثل للخروج من الشبكة الثقافية الأميركية وإنما الأجدر معالجة تعاملنا
وتعاطينا مع النموذج الأميركي ومحاولة الاستعاضة عنه بمزيد من التمسك بالميراث
الثقافي الذي تمتد جذور إلي قرون كثيرة سابقة لوجود العالم الجديد برمته.

سردال
01-12-2000, 03:34 PM
أخي فتى دبي، عندي الكثير لأكتبه تعليقاً على ما قلت، وحقيقة ما قلته صحيح، نحن نحتاج إلى أن نتمسك أكثر بثقافتنا وبحاجة إلى تنمية هذه الثقافة وتقويتها في مجتمعنا العربي.

وأستغرب من عدم رد أي شخص على موضوعك هذا مع أنه مهم جداً وقد صغته أنت بطريقة تنم عن ثقافة عالية.

أحببت فقط أن أرفع الموضوع للأهمية! :)