دكتور_احمد
06-03-2001, 04:44 PM
^1
ذكره من الماضي
كانت خائفة تركض في ظلمة الطرقات , مبللة من جراء المطر الغزير المنهمر في ذلك اليوم , يداها ترتعشان , وجسمها لا يقوى على الحركة , وشفتاها مذعورتان , وعيناها تذرفان الدمع دون توقف , انسانة محطمة يائسة لا يعرف المرء كيف يصفها . استمرت في الركض وهي لا تعرف حتى الى اين متجهة , فقط تركض وتركض لا تعي ما هو مصيرها في هذه الحياة
تعبت من طول المسافة فرأت أمامها كرسي واسرعت للجلوس عليه علها ترتاح وتتحاشى غزارة الامطار المتساقطة , جلست وهي تتأمل الشارع الطويل امامها وتتأمل الامطار المتساقطة ورجعت بأفكارها للوراء .. حيث رأت نفسها وهي تلميذة في السنة الاولى الابتدائي ووالدها يحمل حقيبتها ويوصلها بيده لباب المدرسة وكيف كان اليوم الاول لها في المدرسة وكيف احبت الدروس والطالبات والمدرسات وتذكرت عندما يدق جرس (الهدة) فتركض فرحة خارج سور المدرسة لتلتقي بوالدها فيحضنها ويحمل حقيبتها وتركب السيارة معه وتجلس تكلمه عن يومها الدراسي وعن الطالبات والمدرسات والدروس التي حفظتها وكانت في غاية السعادة .. وتذكرت ايضا عندما خرجت يوما من باب المدرسة ولم ترى والدها وكيف حزنت وبان على وجهها الشحوب وخافت وظلت واقفة تحت حرارة الشمس منتظرة وقلبها يدق ويدق ويدق الى ان رأت من بعيد سيارة والدها وكم كانت سعادتها لا توصف في هذه اللحظات .. وفجأة ترتعش من صوت رعد هز الدنيا بأكملها وجعلها تفيق من أحلامها ولا تعرف لماذا ذهبت بأفكارها الى تلك الأيام
وبعدما هدأت العاصفة ارغمت نفسها على الوقوف والسير .. ولكن الى اين ؟ لا تعلم فقط ستسير وهي جاهلة اين تتجه , وخلال سيرها مرت على مطعم وكانت تتضور جوعا ولكن للأسف فهي لا تملك فلسا واحدا تشتري به شيء وبكت بكت كثيرا وهي ترى الطعام امامها وهي لا تستطيع تناوله وتذكرت كيف كانت وكيف اصبحت اليوم حيث كانت تتغدى وتتعشى في أفخم الفنادق بصحبة عائلتها (ابويها) كانت طفلة مدللة تحصل على ما تريد من أفخر الملابس ومن أغلى اللعب تحصل على كل ما تحتاج اليه وما لا تحتاج اليه تذكرت حياتها الماضية في ظل عائلتها قبل ذلك اليوم المشؤوم الذي رأته فيه وليتها لم تره .. كان وسيما نعم كان كذلك شابا طويلا , عريض المنكبين , جميل الطلة , خفيف الظل , مهذب , رومانسي , أي فتاة تراه تغرم به ولكن المشكلة تكمن بأنه كان من جنسية أخرى غير جنسيتها لا تعرف كيف احبت ذلك الشاب وتعلقت به وبدأت العلاقة بينهما وجمعتهما قصة حب أو بالاصح ما تراءى لها بأنها قصة حب فمن ناحيتها أحبته من كل قلبها ووجدانها وخيل لها بأنه كذلك احبها من كل قلبه ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن !
لم تعرف بأنه كان يخطط لأشياء كان مستوى تفكيرها لايصله فهي البنت الرقيقة الجميلة الحساسة التي لا تستطيع ان تؤذ احدا لم تفهم ما هو هدفه من حبها , ومرت الايام وهما يتقابلان كل يوم وكانت تلفق الاكاذيب والاعذار لأهلها وقد خانت بذلك الثقة التي امنوها عليها تخلت عن كل هذا من أجله وتوطدت العلاقة بينهما وزاد حبها له واتى يوم تخرجها من الثانوية وكم كانت فرحتها لاتوصف في تلك اللحظات وكم كانت فرحة ابيها وامها فوق مستوى الوصف وبالمناسبة هذه اهداها ابيها أفخم سيارة كهدية لتخرجها ودخولها الجامعة وكانت في غاية السعادة ولكن !!
حدث أمر لم يكن في الحسبان حيث انها كانت في يوم من الايام مع عشيقها الذي لا تستطيع مفارقته أبدا وكانا معا في سكنه الخاص او شقته التي كان يؤجرها بما انه يشتغل في الكويت ولا يملك النقود لشراء منزل لذلك فانه يؤجر شقة ليسكن بها الى ان يجمع المال ويرجع لموطنه الاصلي وفي تلك الاثناء وهي جالسة معه وبما انهم عشيقان , لعب الشيطان لعبته في تلك الاثناء ووقعت المصيبة التي من اثرها فقدت الفتاة أغلى ما تملك وهو شرفها .. وصدمت لتك الحادثة وبكت ولكنه طمأنها بأنه غدا سوف يأتي لخطبتها وارتاحت لكلامه ولكنه جبان فقد خطط لذلك وهذه كانت اول خططه النكراء البشعة !
جاء الغد وبالفعل حضر حبيبها متقدما لخطبتها وذهل الاب لطلبه وضحك باستهزاء وقال له : "انت تتزوج ابنتي ؟؟ انت حقا لا تعرف من أنا لتتجرأ وتطلب هذا الطلب" وطرده من المنزل وخرج حبيبها وهو يلعن اللحظة التي دخل بها ذلك المنزل وأقسم بان يلقن ذلك الوالد المتعجرف درسا لن ينساه ابدا
وعلمت الفتاة بما حصل ووقفت بوجه أباها تؤنبه على فعلته وترجوه بان يسمح لها بالزواج من الشاب , بكت وتوسلت ولكن دون فائدة فالاب خائف على مصلحة ابنته ولكن الفتاة كانت على عينيها غشاوة الحب والمصيبة التي ربما ستحملها بين احشائها واستمر الاب في الرفض الى ان اتفقت الفتاة مع عشيقها على الهرب وبالفعل خططوا لكل شيء اليوم والوقت وكل شيء واتى الموعد وكتبت البنت للأب رسالة واعترافا منها بالهرب لتضعه امام الامر الواقع , وهربت معه وبالفعل تزوجا
وفي اليوم التالي قرأت الام الرسالة وانهارت انهيارا شديدا مما ادى الى اصابتها بأزمة قلبية شديدة ذهبت على اثرها الى المستشفى والاب المسكين لم يتمالك اعصابه خرج من المنزل مسرعا يبحث عن ذلك النذل الذي سرق منه ابنته فلذة كبده الوحيدة وبالفعل بعد ثلاثة ايام حصل على عنوانه وذهب اليهم وطرق جرس الباب والا بابنته تفتح له الباب وترحب به ولكن لم يشعر الاب الا بيده تمتد لتصفعها على وجهها وتسقط الابنة على الارض من قوة الصفعة ويأتي الزوج مذهول ويمسكه الاب من ملابسه ويقول له : "ايها الجبان سأدفعك الثمن غالي" وقال لابنته :" انت لست ابنتي ولا اعرفك ولن اسامحك ليوم القيامة " , وبكت البنت متوسلة والدها عدم الرحيل ولكن الاب غادر المكان وهو منهار كليا
ومرت الايام وعاشت الفتاة في هدوء تام مع حبيبها زوجها , عاشت أسعد ايام حياتها , كان يعاملها بحنية وعطف ولكن مع مرور الايام بدأت تصرفاته تتغير وبانت عليه علامات غريبة وكأنه انسان غير طبيعي , في البداية بدأ يطالبها بالنقود ويقول لها انت غنية اطلبي من والدك حقك من الميراث وكانت ترد عليه ااطالبه بالميراث وهو حي هذا جنون ولكنه لا يعلم ما يقول فقط كان يطالبها بالاموال واكتشفت بعد ذلك بأنه بتعاطى الكحول حيث كان يرجع لها في منتصف الليل وهو سكران لا يعلم عن الدنيا شيء ويلقنها انواع الضرب والسب والاهانة ولكنها كانت تسكت وتتحمل فهذا اختيارها ومع مرور الايام ايضا اكتشفت بأنه يتعاطى المخدرات وكان يطلب المال ليشتري الابر المخدرة وكم صعقت بهذا الخبر وكم ندمت على زواجها منه ولكن لا يفيد الندم بعد فوات الاوان .. ومرت الايام وهي تعيش في دنيا من العذاب ضرب واهانة وفقر , كانت لا تملك المال لأن معاشه الشهري يصرفه على المخدرات والخمر وهي لم تكمل دراستها وتعمل وكل هذا ضحت به لأجله فقد استغلها وباع سيارتها وكل الذهب الذي تملكه وكل ملابسها الفاخرة وكل شيء لهثا وراء شهواته وهذا كله غير الخيانات التي اكتشفتها حيث كان يمارس الفاحشة مع جارتهم وهي امرأة مطلقة لا تخلو شقتها من الرجال , يا لسخرية القدر ما هذه الحياة أيعقل ان تبيع انسانة حياة طاهرة شريفة رفيعة مثل حياتها السابقة من اجل حياة مذلة وهوان وعذاب ولكن هذا هو القدر الذي يجهله الانسان ولو علم به لخربت الحياة بأكملها
ومرت الايام والاشهر وهي على هذه الحال ضرب كل يوم اهانة وسب الى ان أتى اليوم الذي اكتشفت فيه بأنها حامل وصدمت من ردة فعل زوجها حيث قال لها بالحرف الواحد : " هذا الولد يجب ان تنزليه بأي طريقة والا ستندمين " ورفضت فبدأ بضربها ورماها على الارض وأخذ يركلها برجليه وهي تصرخ وتستغيث ولم تدري بنفسها الا ان مسكت شيء وضربته به فسقط على الأرض وسالت الدماء من رأسه واسرعت في هذه اللحظة بالهرب ولم تفكر سوى في مكان واحد تتوجه اليه .. بيت والدها ذهبت مسرعة الى هناك في هذه اللحظة كانت السماء على وشك الامطار وبعدما وصلت لبيت والدها طرقت الباب بقوة وكان الوقت متأخرا ولم يفتح احد الباب واستمرت بالطرق الى ان جاء احد الخدم وفتح الباب ودخلت المنزل واذا به شاحبا من غير روح مظلما كئيبا ورحب الخادم بالفتاة وذهب مسرعا لينادي الوالد وفي تلك اللحظة نزل الوالد من السلم العالي وسط صالة الاستقبال الفخمة وصرخ في وجه ابنته : "ماذا تريدين لماذا جئت , الم اقل لك انت لست ابنتي ؟ الم اقل لك انسي هذا البيت ؟ " بكت الفتاة ورجت اباها لكي يسامحها وتوسلته ونزلت لتقبل قدميه ولكن هيهات دون فائدة فقال الوالد : " كنت بالفعل اعتبرك كابنتي واحببتك وكأنك من دمي ولكنك ناكرة للجميل , انت بالفعل لست ابنتي " !
صدمت الفتاة وقالت :" انت ابي ولكن انت غاضب مني انا اعرف ذلك " ولكن الوالد اصر على كلامه وقال لهــا : لالالالا انت لست ابنتي !
وسقطت الفتاة على الارض من هول الصدمة واستمر الوالد بالحديث وقال : " لقد تزوجت عن حب عظيم ولكن كتب الله ان لا نرزق بأطفال ولكن هذا الشيء لم يقلل من حبي لزوجتي واستمرت حياتنا الى ان فكرنا بان نتبنى طفل يملي علينا حياتنا , وبالفعل ذهبنا لدار الايتام ورأينا الاطفال وتم اختيارك كابنة لنا فزوجتي احبتك من اول ما وقعت عينيها عليك واحضرناك لمنزلنا واطعمناك بملعقة من ذهب وكنا نلبي لك جميع طلباتك وكل ما تريدينه تجدينه امامك , ولكنك ناكرة للمعروف , والان بعدما عرفت كل الحقيقة اخرجي عن منزلي فانت الان لا تستحقى ان تكوني هنا فانت مكانك الشارع اخرجي" ..
ذهلت الفتاة ولم تتفوه بكلمة واحدة وخرجت من المنزل راكظة باكية تحت غزارة الامطار المتساقطة وفكرها مشوش والدنيا بها تدور فلا بيت ولا ام ولا اب ولا حتى حبيب ولا زوج انسانة حقا محطمة كانت ضحية الاقدار القاسية التي اوصلتها الى هذا الطريق وفي وسط تلك الافكار المتضاربة لم تعي الفتاة الا ضوء سيارة امامها فتصرخ ولكن فجأة يحل الصمت المكان وتسقط تلفظ آخر انفاسها وتودع الحياة وتذهب عن الدنيا تاركة وراءها ألم وحزن ودموع وذكرى كانت .. وليتها لم تكن !
----------------------------
تحياتي لكم اخوكم د\احمد
ذكره من الماضي
كانت خائفة تركض في ظلمة الطرقات , مبللة من جراء المطر الغزير المنهمر في ذلك اليوم , يداها ترتعشان , وجسمها لا يقوى على الحركة , وشفتاها مذعورتان , وعيناها تذرفان الدمع دون توقف , انسانة محطمة يائسة لا يعرف المرء كيف يصفها . استمرت في الركض وهي لا تعرف حتى الى اين متجهة , فقط تركض وتركض لا تعي ما هو مصيرها في هذه الحياة
تعبت من طول المسافة فرأت أمامها كرسي واسرعت للجلوس عليه علها ترتاح وتتحاشى غزارة الامطار المتساقطة , جلست وهي تتأمل الشارع الطويل امامها وتتأمل الامطار المتساقطة ورجعت بأفكارها للوراء .. حيث رأت نفسها وهي تلميذة في السنة الاولى الابتدائي ووالدها يحمل حقيبتها ويوصلها بيده لباب المدرسة وكيف كان اليوم الاول لها في المدرسة وكيف احبت الدروس والطالبات والمدرسات وتذكرت عندما يدق جرس (الهدة) فتركض فرحة خارج سور المدرسة لتلتقي بوالدها فيحضنها ويحمل حقيبتها وتركب السيارة معه وتجلس تكلمه عن يومها الدراسي وعن الطالبات والمدرسات والدروس التي حفظتها وكانت في غاية السعادة .. وتذكرت ايضا عندما خرجت يوما من باب المدرسة ولم ترى والدها وكيف حزنت وبان على وجهها الشحوب وخافت وظلت واقفة تحت حرارة الشمس منتظرة وقلبها يدق ويدق ويدق الى ان رأت من بعيد سيارة والدها وكم كانت سعادتها لا توصف في هذه اللحظات .. وفجأة ترتعش من صوت رعد هز الدنيا بأكملها وجعلها تفيق من أحلامها ولا تعرف لماذا ذهبت بأفكارها الى تلك الأيام
وبعدما هدأت العاصفة ارغمت نفسها على الوقوف والسير .. ولكن الى اين ؟ لا تعلم فقط ستسير وهي جاهلة اين تتجه , وخلال سيرها مرت على مطعم وكانت تتضور جوعا ولكن للأسف فهي لا تملك فلسا واحدا تشتري به شيء وبكت بكت كثيرا وهي ترى الطعام امامها وهي لا تستطيع تناوله وتذكرت كيف كانت وكيف اصبحت اليوم حيث كانت تتغدى وتتعشى في أفخم الفنادق بصحبة عائلتها (ابويها) كانت طفلة مدللة تحصل على ما تريد من أفخر الملابس ومن أغلى اللعب تحصل على كل ما تحتاج اليه وما لا تحتاج اليه تذكرت حياتها الماضية في ظل عائلتها قبل ذلك اليوم المشؤوم الذي رأته فيه وليتها لم تره .. كان وسيما نعم كان كذلك شابا طويلا , عريض المنكبين , جميل الطلة , خفيف الظل , مهذب , رومانسي , أي فتاة تراه تغرم به ولكن المشكلة تكمن بأنه كان من جنسية أخرى غير جنسيتها لا تعرف كيف احبت ذلك الشاب وتعلقت به وبدأت العلاقة بينهما وجمعتهما قصة حب أو بالاصح ما تراءى لها بأنها قصة حب فمن ناحيتها أحبته من كل قلبها ووجدانها وخيل لها بأنه كذلك احبها من كل قلبه ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن !
لم تعرف بأنه كان يخطط لأشياء كان مستوى تفكيرها لايصله فهي البنت الرقيقة الجميلة الحساسة التي لا تستطيع ان تؤذ احدا لم تفهم ما هو هدفه من حبها , ومرت الايام وهما يتقابلان كل يوم وكانت تلفق الاكاذيب والاعذار لأهلها وقد خانت بذلك الثقة التي امنوها عليها تخلت عن كل هذا من أجله وتوطدت العلاقة بينهما وزاد حبها له واتى يوم تخرجها من الثانوية وكم كانت فرحتها لاتوصف في تلك اللحظات وكم كانت فرحة ابيها وامها فوق مستوى الوصف وبالمناسبة هذه اهداها ابيها أفخم سيارة كهدية لتخرجها ودخولها الجامعة وكانت في غاية السعادة ولكن !!
حدث أمر لم يكن في الحسبان حيث انها كانت في يوم من الايام مع عشيقها الذي لا تستطيع مفارقته أبدا وكانا معا في سكنه الخاص او شقته التي كان يؤجرها بما انه يشتغل في الكويت ولا يملك النقود لشراء منزل لذلك فانه يؤجر شقة ليسكن بها الى ان يجمع المال ويرجع لموطنه الاصلي وفي تلك الاثناء وهي جالسة معه وبما انهم عشيقان , لعب الشيطان لعبته في تلك الاثناء ووقعت المصيبة التي من اثرها فقدت الفتاة أغلى ما تملك وهو شرفها .. وصدمت لتك الحادثة وبكت ولكنه طمأنها بأنه غدا سوف يأتي لخطبتها وارتاحت لكلامه ولكنه جبان فقد خطط لذلك وهذه كانت اول خططه النكراء البشعة !
جاء الغد وبالفعل حضر حبيبها متقدما لخطبتها وذهل الاب لطلبه وضحك باستهزاء وقال له : "انت تتزوج ابنتي ؟؟ انت حقا لا تعرف من أنا لتتجرأ وتطلب هذا الطلب" وطرده من المنزل وخرج حبيبها وهو يلعن اللحظة التي دخل بها ذلك المنزل وأقسم بان يلقن ذلك الوالد المتعجرف درسا لن ينساه ابدا
وعلمت الفتاة بما حصل ووقفت بوجه أباها تؤنبه على فعلته وترجوه بان يسمح لها بالزواج من الشاب , بكت وتوسلت ولكن دون فائدة فالاب خائف على مصلحة ابنته ولكن الفتاة كانت على عينيها غشاوة الحب والمصيبة التي ربما ستحملها بين احشائها واستمر الاب في الرفض الى ان اتفقت الفتاة مع عشيقها على الهرب وبالفعل خططوا لكل شيء اليوم والوقت وكل شيء واتى الموعد وكتبت البنت للأب رسالة واعترافا منها بالهرب لتضعه امام الامر الواقع , وهربت معه وبالفعل تزوجا
وفي اليوم التالي قرأت الام الرسالة وانهارت انهيارا شديدا مما ادى الى اصابتها بأزمة قلبية شديدة ذهبت على اثرها الى المستشفى والاب المسكين لم يتمالك اعصابه خرج من المنزل مسرعا يبحث عن ذلك النذل الذي سرق منه ابنته فلذة كبده الوحيدة وبالفعل بعد ثلاثة ايام حصل على عنوانه وذهب اليهم وطرق جرس الباب والا بابنته تفتح له الباب وترحب به ولكن لم يشعر الاب الا بيده تمتد لتصفعها على وجهها وتسقط الابنة على الارض من قوة الصفعة ويأتي الزوج مذهول ويمسكه الاب من ملابسه ويقول له : "ايها الجبان سأدفعك الثمن غالي" وقال لابنته :" انت لست ابنتي ولا اعرفك ولن اسامحك ليوم القيامة " , وبكت البنت متوسلة والدها عدم الرحيل ولكن الاب غادر المكان وهو منهار كليا
ومرت الايام وعاشت الفتاة في هدوء تام مع حبيبها زوجها , عاشت أسعد ايام حياتها , كان يعاملها بحنية وعطف ولكن مع مرور الايام بدأت تصرفاته تتغير وبانت عليه علامات غريبة وكأنه انسان غير طبيعي , في البداية بدأ يطالبها بالنقود ويقول لها انت غنية اطلبي من والدك حقك من الميراث وكانت ترد عليه ااطالبه بالميراث وهو حي هذا جنون ولكنه لا يعلم ما يقول فقط كان يطالبها بالاموال واكتشفت بعد ذلك بأنه بتعاطى الكحول حيث كان يرجع لها في منتصف الليل وهو سكران لا يعلم عن الدنيا شيء ويلقنها انواع الضرب والسب والاهانة ولكنها كانت تسكت وتتحمل فهذا اختيارها ومع مرور الايام ايضا اكتشفت بأنه يتعاطى المخدرات وكان يطلب المال ليشتري الابر المخدرة وكم صعقت بهذا الخبر وكم ندمت على زواجها منه ولكن لا يفيد الندم بعد فوات الاوان .. ومرت الايام وهي تعيش في دنيا من العذاب ضرب واهانة وفقر , كانت لا تملك المال لأن معاشه الشهري يصرفه على المخدرات والخمر وهي لم تكمل دراستها وتعمل وكل هذا ضحت به لأجله فقد استغلها وباع سيارتها وكل الذهب الذي تملكه وكل ملابسها الفاخرة وكل شيء لهثا وراء شهواته وهذا كله غير الخيانات التي اكتشفتها حيث كان يمارس الفاحشة مع جارتهم وهي امرأة مطلقة لا تخلو شقتها من الرجال , يا لسخرية القدر ما هذه الحياة أيعقل ان تبيع انسانة حياة طاهرة شريفة رفيعة مثل حياتها السابقة من اجل حياة مذلة وهوان وعذاب ولكن هذا هو القدر الذي يجهله الانسان ولو علم به لخربت الحياة بأكملها
ومرت الايام والاشهر وهي على هذه الحال ضرب كل يوم اهانة وسب الى ان أتى اليوم الذي اكتشفت فيه بأنها حامل وصدمت من ردة فعل زوجها حيث قال لها بالحرف الواحد : " هذا الولد يجب ان تنزليه بأي طريقة والا ستندمين " ورفضت فبدأ بضربها ورماها على الارض وأخذ يركلها برجليه وهي تصرخ وتستغيث ولم تدري بنفسها الا ان مسكت شيء وضربته به فسقط على الأرض وسالت الدماء من رأسه واسرعت في هذه اللحظة بالهرب ولم تفكر سوى في مكان واحد تتوجه اليه .. بيت والدها ذهبت مسرعة الى هناك في هذه اللحظة كانت السماء على وشك الامطار وبعدما وصلت لبيت والدها طرقت الباب بقوة وكان الوقت متأخرا ولم يفتح احد الباب واستمرت بالطرق الى ان جاء احد الخدم وفتح الباب ودخلت المنزل واذا به شاحبا من غير روح مظلما كئيبا ورحب الخادم بالفتاة وذهب مسرعا لينادي الوالد وفي تلك اللحظة نزل الوالد من السلم العالي وسط صالة الاستقبال الفخمة وصرخ في وجه ابنته : "ماذا تريدين لماذا جئت , الم اقل لك انت لست ابنتي ؟ الم اقل لك انسي هذا البيت ؟ " بكت الفتاة ورجت اباها لكي يسامحها وتوسلته ونزلت لتقبل قدميه ولكن هيهات دون فائدة فقال الوالد : " كنت بالفعل اعتبرك كابنتي واحببتك وكأنك من دمي ولكنك ناكرة للجميل , انت بالفعل لست ابنتي " !
صدمت الفتاة وقالت :" انت ابي ولكن انت غاضب مني انا اعرف ذلك " ولكن الوالد اصر على كلامه وقال لهــا : لالالالا انت لست ابنتي !
وسقطت الفتاة على الارض من هول الصدمة واستمر الوالد بالحديث وقال : " لقد تزوجت عن حب عظيم ولكن كتب الله ان لا نرزق بأطفال ولكن هذا الشيء لم يقلل من حبي لزوجتي واستمرت حياتنا الى ان فكرنا بان نتبنى طفل يملي علينا حياتنا , وبالفعل ذهبنا لدار الايتام ورأينا الاطفال وتم اختيارك كابنة لنا فزوجتي احبتك من اول ما وقعت عينيها عليك واحضرناك لمنزلنا واطعمناك بملعقة من ذهب وكنا نلبي لك جميع طلباتك وكل ما تريدينه تجدينه امامك , ولكنك ناكرة للمعروف , والان بعدما عرفت كل الحقيقة اخرجي عن منزلي فانت الان لا تستحقى ان تكوني هنا فانت مكانك الشارع اخرجي" ..
ذهلت الفتاة ولم تتفوه بكلمة واحدة وخرجت من المنزل راكظة باكية تحت غزارة الامطار المتساقطة وفكرها مشوش والدنيا بها تدور فلا بيت ولا ام ولا اب ولا حتى حبيب ولا زوج انسانة حقا محطمة كانت ضحية الاقدار القاسية التي اوصلتها الى هذا الطريق وفي وسط تلك الافكار المتضاربة لم تعي الفتاة الا ضوء سيارة امامها فتصرخ ولكن فجأة يحل الصمت المكان وتسقط تلفظ آخر انفاسها وتودع الحياة وتذهب عن الدنيا تاركة وراءها ألم وحزن ودموع وذكرى كانت .. وليتها لم تكن !
----------------------------
تحياتي لكم اخوكم د\احمد