الطارق
18-07-2001, 02:45 PM
حوار مع أحمد أمين
الطارق : أرحب بك في حوارنا هذا .. وأبدأ بسؤالي الأول بالتعريف بنفسك اختصارا ؟!
أحمد أمين : أسمي أحمد أمين ابن الشيخ إبراهيم الطباخ ، عالم بالأدب ومن كبار الكتاب في عصر العرب الحديث ( 1 )
الطارق : بداية الأمر أحببت أن أوضح أن أسمك هو أحمد أمين وأسم والدك إبراهيم ، وقد لا يعلم الكثير بهذه المعلومة ؟!
أحمد أمين : هذا صحيح فأسمي مركب من هذين الاسمين وهما أحمد وأمين ...
الطارق : حسنا .. أحببنا أن تخبرنا عن مولدك ونشأتك ؟!
أحمد أمين : نعم .. ولدت سنة 1295هـ الموافق لـ 1878 م في القاهرة بحي المنشية في حارة أسمها حارة العيادية .
وكانت حالتنا المادية جيدة فقد كان والدي مدرسا في الأزهر ومدرسا في مسجد الأمام الشافعي وأمام مسجد ويتقاضى من كل ذلك مبلغا لا بأس به .
وقد كان والدي مولعا بالكتب في مختلف العلوم قد مكنه عمله مصححا في المطبعة الأميرية أن يقتني الكثير مما طبع فيها ، وقد كانت هذه المكتبة التي لدى والدي أكبر متعة لي في صباي ، واتخذتها نواة لمكتبتي فيما بعد ( 2 )
الطارق : أهتم والدك بتعليمك تنشئتك نشأة دينية ؟!
أحمد أمين : نعم ، وقد كنت رابع أبنا لوالدي ، ولم يهتم بتعليم أخواني كاهتمامه بي ، وكان طبيعيا أن أربى تربية دينية ووالدي من درس في الأزهر ، مع شدة وحزم من والدي في تربيتي ( 3 ) .
الطارق : أحببنا أن تذكر رؤية رأتها والدتك في منامها تنبأت بنجاحك في حياتك ؟!
أحمد أمين : نعم .. رأت والدتي في ليلة في منامها أني كنت بجانبها أسير معها ، فدخلنا بيتا فتح لنا فيه كنز ، وإذا غرف مملوءة ذهبا فأمرتني أن أملأ حجري منه على عجل ، فقال لها الملك الموكل بالكنز : لا تعجلي فكل هذا لابنك هذا ، ففرحت والدتي بهذا الحلم واستبشرت به ( 4 )
الطارق : حسنا ، أحببنا أن تخبرنا عن بدياتك التعليمية ؟!
أحمد أمين : نعم .. كعادة التعليم في ذلك الزمن بدأت في الكتاب ، قد عانيت الكثير من الكتاب بل وكرهت طريقة التعليم هذه مما لقينا منها من ضرب ( الفلقة ) وغرابة أطوار سيدنا معلم الكتاب ، ورغم هذا فقد استمريت في الكتاتيب مدة خمس سنوات ( 5 )
ثم أدخلني والدي مدرسة ( أم عباس ) وكانت مدرسة فخمة وقد استمريت في دراستي في هذه المدرسة حتى السنة الرابعة فأخرجني والدي من هذه المدرسة وأدخلني إلى الأزهر ( 6 )
الطارق : ومع هذا فقد أهتم الدك بتعليمك في هذه الفترة وتدريسك بنفسه ؟!
أحمد أمين : نعم .. وقد وضع لي جدول مرهق عجبت من تحملي آيها ( 6 )
الطارق : حسنا .. وقد تعلمت في الأزهر بعد ذلك ؟!
أحمد أمين : نعم .. وقد كنت أبلغ من العمر الرابعة عشرة وقد قرأت لمدة قصيرة في الأزهر حتى قرأت أعلانا في أحد الجرائد عن حاجة الجمعية الخيرية الإسلامية إلى مدرسين للغة العربية بمدارسها وقدمت نفسي وامتحنت ونجحت وعينت بطنطا وكان عمري في السادس عشر ( 7 )
الطارق : وكانت هذه أول تجربة لك في السفر ؟!
أحمد أمين : نعم .. فلم أركب القطار في عمري ، ولا رأيت الأهرام ، ودنياي هي بيتي والأزهر .
وحزمت متاعي وذلك بعد موافقة والدي ، ونزلت محطة طنطا حائرا مرتبكا لا أدري ماذا أصنع بيت أدرس مدة من الزمن في طنطا حتى مللت ذلك وحاولت أن أنقل من طنطا للقاهرة فلم استطع فاستقلت ورجعت إلى الأزهر مرة أخرى ( 8 )
الطارق : حسنا .. وماذا جرى بعد ذلك ؟!
أحمد أمين : بقيت في الأزهر مدة من الزمن وتفوقت في دراستي ، وكان ذلك بفضل والدي الذي استفدت من علمه ووجهني للكثير من الكتب المهمة وحببني للقراءة في مكتبته ، وقد تفوقت بسبب ذلك .
ورغم هذا فلم أكن مرتاحا لدراستي في الأزهر ، وقد رأيت بعض زملائي يقدمون في مدرسة دار العلوم فقدمت مثلهم ، لكن كان من السوء أن لا يقبل أحد إلا بعد الكشف الطبي وكان من السوء أني قصير النظر ومنذ صغري ، ورثت هذا عن والدتي فذهبت إلى أكبر طبيب إنجليزي وكتب إلي أضخم نظارة تناسب عيني ، ورغم هذا فقد فشلت في الامتحان ( 9 )
وفي الثامنة عشر من عمري اطلعت على إعلان في وزارة المعارف تطلب في مدرسين فتقدمت للامتحان ونجحت ، وكان من نصبي التدريس في مدرسة بالإسكندرية أسمها مدرسة راتب باشا .
وقد بقيت فيها مدة سنتين ، وكان أعظم ما كسبته بها تعرفي بشخص أثر في هو الشيخ عبد الحكيم بن محمد وقد كان تأثيره كبيرا في تلك المرحلة من حياتي كما تأججت عاطفتي الوطنية بعد حادث دنشواي الشهيرة سنة 1906 م . ( 10 )
الطارق : وقد عينت بعد ذلك في مدرسة ( أم عباس ) بعد سعاية والدك في ذلك ؟!
أحمد أمين : نعم … وقد فرحت بهذا فرحا شديد وكان عودتي لها بعد غيبة ستة سنوات ، وقد توسعت وكبرت هذه المدرسة .
وقد مرضت في تلك السنة بحمى التيفود وكدت أن أهلك ، ونجوت بأعجوبة . ( 11 )
ولم أمكث في هذه المدرسة إلا سنة في سنة 1907 م فقد تقرر فتح مدرسة القضاء الشرعي وتقدمت للدراسة في هذه المدرسة ولم أقبل إلا بشق الأنفس وسبب هذا ضعف نظري الذي ابتليت به .. ( 12 )
المصادر
( 1 ) الأعلام ( الزركلي ) : ج1 /ص101
( 2 ) حياتي ( أحمد أمين ) : ص56-61
( 3 ) حياتي : ص63-64
( 4 ) حياتي : ص254
( 5 ) حياتي : ص 81 ، 82
( 6 ) حياتي : ص 85-89
( 7 ) حياتي : ص90 ، 99 – 101
( 8 ) حياتي : 101 –103
( 9 ) حياتي : ص103 ، 104
( 10 ) حياتي : 105 –112
( 11 ) حياتي ص 113 ، 114
( 12 ) حياتي : ص114 ، 115
الطارق : أرحب بك في حوارنا هذا .. وأبدأ بسؤالي الأول بالتعريف بنفسك اختصارا ؟!
أحمد أمين : أسمي أحمد أمين ابن الشيخ إبراهيم الطباخ ، عالم بالأدب ومن كبار الكتاب في عصر العرب الحديث ( 1 )
الطارق : بداية الأمر أحببت أن أوضح أن أسمك هو أحمد أمين وأسم والدك إبراهيم ، وقد لا يعلم الكثير بهذه المعلومة ؟!
أحمد أمين : هذا صحيح فأسمي مركب من هذين الاسمين وهما أحمد وأمين ...
الطارق : حسنا .. أحببنا أن تخبرنا عن مولدك ونشأتك ؟!
أحمد أمين : نعم .. ولدت سنة 1295هـ الموافق لـ 1878 م في القاهرة بحي المنشية في حارة أسمها حارة العيادية .
وكانت حالتنا المادية جيدة فقد كان والدي مدرسا في الأزهر ومدرسا في مسجد الأمام الشافعي وأمام مسجد ويتقاضى من كل ذلك مبلغا لا بأس به .
وقد كان والدي مولعا بالكتب في مختلف العلوم قد مكنه عمله مصححا في المطبعة الأميرية أن يقتني الكثير مما طبع فيها ، وقد كانت هذه المكتبة التي لدى والدي أكبر متعة لي في صباي ، واتخذتها نواة لمكتبتي فيما بعد ( 2 )
الطارق : أهتم والدك بتعليمك تنشئتك نشأة دينية ؟!
أحمد أمين : نعم ، وقد كنت رابع أبنا لوالدي ، ولم يهتم بتعليم أخواني كاهتمامه بي ، وكان طبيعيا أن أربى تربية دينية ووالدي من درس في الأزهر ، مع شدة وحزم من والدي في تربيتي ( 3 ) .
الطارق : أحببنا أن تذكر رؤية رأتها والدتك في منامها تنبأت بنجاحك في حياتك ؟!
أحمد أمين : نعم .. رأت والدتي في ليلة في منامها أني كنت بجانبها أسير معها ، فدخلنا بيتا فتح لنا فيه كنز ، وإذا غرف مملوءة ذهبا فأمرتني أن أملأ حجري منه على عجل ، فقال لها الملك الموكل بالكنز : لا تعجلي فكل هذا لابنك هذا ، ففرحت والدتي بهذا الحلم واستبشرت به ( 4 )
الطارق : حسنا ، أحببنا أن تخبرنا عن بدياتك التعليمية ؟!
أحمد أمين : نعم .. كعادة التعليم في ذلك الزمن بدأت في الكتاب ، قد عانيت الكثير من الكتاب بل وكرهت طريقة التعليم هذه مما لقينا منها من ضرب ( الفلقة ) وغرابة أطوار سيدنا معلم الكتاب ، ورغم هذا فقد استمريت في الكتاتيب مدة خمس سنوات ( 5 )
ثم أدخلني والدي مدرسة ( أم عباس ) وكانت مدرسة فخمة وقد استمريت في دراستي في هذه المدرسة حتى السنة الرابعة فأخرجني والدي من هذه المدرسة وأدخلني إلى الأزهر ( 6 )
الطارق : ومع هذا فقد أهتم الدك بتعليمك في هذه الفترة وتدريسك بنفسه ؟!
أحمد أمين : نعم .. وقد وضع لي جدول مرهق عجبت من تحملي آيها ( 6 )
الطارق : حسنا .. وقد تعلمت في الأزهر بعد ذلك ؟!
أحمد أمين : نعم .. وقد كنت أبلغ من العمر الرابعة عشرة وقد قرأت لمدة قصيرة في الأزهر حتى قرأت أعلانا في أحد الجرائد عن حاجة الجمعية الخيرية الإسلامية إلى مدرسين للغة العربية بمدارسها وقدمت نفسي وامتحنت ونجحت وعينت بطنطا وكان عمري في السادس عشر ( 7 )
الطارق : وكانت هذه أول تجربة لك في السفر ؟!
أحمد أمين : نعم .. فلم أركب القطار في عمري ، ولا رأيت الأهرام ، ودنياي هي بيتي والأزهر .
وحزمت متاعي وذلك بعد موافقة والدي ، ونزلت محطة طنطا حائرا مرتبكا لا أدري ماذا أصنع بيت أدرس مدة من الزمن في طنطا حتى مللت ذلك وحاولت أن أنقل من طنطا للقاهرة فلم استطع فاستقلت ورجعت إلى الأزهر مرة أخرى ( 8 )
الطارق : حسنا .. وماذا جرى بعد ذلك ؟!
أحمد أمين : بقيت في الأزهر مدة من الزمن وتفوقت في دراستي ، وكان ذلك بفضل والدي الذي استفدت من علمه ووجهني للكثير من الكتب المهمة وحببني للقراءة في مكتبته ، وقد تفوقت بسبب ذلك .
ورغم هذا فلم أكن مرتاحا لدراستي في الأزهر ، وقد رأيت بعض زملائي يقدمون في مدرسة دار العلوم فقدمت مثلهم ، لكن كان من السوء أن لا يقبل أحد إلا بعد الكشف الطبي وكان من السوء أني قصير النظر ومنذ صغري ، ورثت هذا عن والدتي فذهبت إلى أكبر طبيب إنجليزي وكتب إلي أضخم نظارة تناسب عيني ، ورغم هذا فقد فشلت في الامتحان ( 9 )
وفي الثامنة عشر من عمري اطلعت على إعلان في وزارة المعارف تطلب في مدرسين فتقدمت للامتحان ونجحت ، وكان من نصبي التدريس في مدرسة بالإسكندرية أسمها مدرسة راتب باشا .
وقد بقيت فيها مدة سنتين ، وكان أعظم ما كسبته بها تعرفي بشخص أثر في هو الشيخ عبد الحكيم بن محمد وقد كان تأثيره كبيرا في تلك المرحلة من حياتي كما تأججت عاطفتي الوطنية بعد حادث دنشواي الشهيرة سنة 1906 م . ( 10 )
الطارق : وقد عينت بعد ذلك في مدرسة ( أم عباس ) بعد سعاية والدك في ذلك ؟!
أحمد أمين : نعم … وقد فرحت بهذا فرحا شديد وكان عودتي لها بعد غيبة ستة سنوات ، وقد توسعت وكبرت هذه المدرسة .
وقد مرضت في تلك السنة بحمى التيفود وكدت أن أهلك ، ونجوت بأعجوبة . ( 11 )
ولم أمكث في هذه المدرسة إلا سنة في سنة 1907 م فقد تقرر فتح مدرسة القضاء الشرعي وتقدمت للدراسة في هذه المدرسة ولم أقبل إلا بشق الأنفس وسبب هذا ضعف نظري الذي ابتليت به .. ( 12 )
المصادر
( 1 ) الأعلام ( الزركلي ) : ج1 /ص101
( 2 ) حياتي ( أحمد أمين ) : ص56-61
( 3 ) حياتي : ص63-64
( 4 ) حياتي : ص254
( 5 ) حياتي : ص 81 ، 82
( 6 ) حياتي : ص 85-89
( 7 ) حياتي : ص90 ، 99 – 101
( 8 ) حياتي : 101 –103
( 9 ) حياتي : ص103 ، 104
( 10 ) حياتي : 105 –112
( 11 ) حياتي ص 113 ، 114
( 12 ) حياتي : ص114 ، 115