الطارق
09-09-2001, 01:59 AM
حوار مع عبد القدوس الأنصاري :
رجل معتدل القامة ، أقرب إلى الطول منه إلى القصر معتدل الجسم ، أقرب إلى النحافة منه إلى الامتلاء ، شديد اسمرار ، عالي الجبين واسع العينين ، عظيم الشفتين ( 1 ) .
كانت هذه صفة محاوري الذي بدأت بطرح سؤالي التالي عليه :
الطارق : أحببنا أديبنا الفاضل أن تعرفنا بشخصكم الكريم ؟!
عبد القدوس الأنصاري : أنا عبد القدوس الأنصاري كاتب وأديب وشاعر وصحفي ومن أحد أهم أدباء وكتاب المملكة العربية السعودية ومن أهم كتاب الجزيرة العربية في العصر الحديث ، ومؤسس مجلة المنهل المجلة الشهيرة في الأدب والثقافة .
الطارق : حسنا .. بداية الأمر أحببنا أن تعرفنا عن مولدك ونشأتك ؟!
عبد القدوس الأنصاري : نعم .. بداية الأمر أسمي عبد القدوس بن القاسم بن محمد بن محمد الأنصاري الخزرجي ( 2 ) .
ولدت سنة 1324 هـ في المدينة المنورة كان والدي يعمل مدرسا بالحرم النبوي الشريف ( 1 ) .
وقد توفي والداي ولم أبلغ السابعة من عمري فقد توفيت والدتي وعمري نحو أربع سنوات وتوفي والدي وعمري ست سنوات فكفلني عمي ( خال أبيه ) الشيخ محمد الطيب الأنصاري .. ( 2 )
الطارق : وكان لهذا الشيخ دورا كبير في بداية حياتك ؟!
عبد القدوس الأنصاري : أحسنت .. فقد كان هذا أحد علماء المدينة المنورة الأفاضل ، ومن وجوه العلماء بالمدينة المنورة وله رياسة علمية بمدرسة العلوم العلوم الشرعية التي أنشأها السيد أحمد الفيض أبادي ، وقد خصني برعايته واهتمامه ومحبته والتحقت بتلك المدرسة عند افتتاحها سنة 1341 هـ بعد أن مهد لي بدراسة ابتدائية تشمل متون النحو والفقه وشذورا من قضايا البيان والبديع والتفسير والحديث ( 3 ) ، ( 2 ) ، ( 4 )
الطارق : عرفت في صغرك بإقبالك على العلم ،وتعلقك بدروسك وجدك في التحصيل ، وبعدك عن اللهو، حتى نلت رضى معلميك ( 3 ) ؟!
عبد القدوس الأنصاري : نعم .. وقد درست القرآن الكريم والسير النبوية ودرست علم النحو مبتدئا بالأجرومية ، ثم قواعد الاعراب لابن هشام ثم " الدرة الثمينة في علم النحو " تأليف شيخنا محمد الطيب الأنصاري ثم " شذور الذهب " لابن هشام ثم " الفية ابن مالك " ثم كتاب : التوضيح على شرح الألفية " و" الأشموني على حاشية الألفية " وأخيرا " المغني " لابن هشام .
ودرست " الجوهر المكنون " في علم المعاني والبيان ، وحفظت المعلقات العشر وديوان النابغة الذبياني وديوان زهير بن أبي سلمى ودواوين أخر ( 2 )
الطارق : كان جل اطلاعك على الأدب العربي القديم الذي جعلت منه الحذو الذي تسير عليه في بداية كتاباتك ؟!
عبد القدوس الأنصاري : نعم … ولكن صلتي بصديق صباي وزميلي في حلقة الشيخ " الطيب الأنصاري " السيد عبيد مدني – رحمه الله – قد فتحت لي المجال للإطلاع على الأدب الحديث فقرأت دواوين شوقي وحافظ والزهاوي وسامي البارودي ..
كما قرأت مؤلفات المنفلوطي والرافعي فتفتحت أمامي الآفاق لأسلك هذا الطريق ( 5 ) وتحولت من الأدب القديم إلى الأدب الحديث بفضل المرحوم السيد عبيد مدني ( 6 ) .
الطارق : حسنا .. وقد تخرجت من تلك المدرسة عام 1346 هـ ، وعينت موظفا في ديوان أمارة المدينة المنورة ؟!
عبد القدوس الأنصاري : نعم .. وقد كان سبب ذلك أن الاختبارات العامة الأخيرة تتولها لجنة يرأسها أمير المدينة ، قد أعجب الأمير عبد العزيز بن إبراهيم ( 1346 هـ – هـ1355 ) بإجاباتي فقال لمدير المدرسة : ( أريد أن ينتقل هذا الولد –مشيرا إلي – الى امارة المدينة ليكون موظفا لدي ) ( 2 ) .
الطارق : وقد تقلدت عدة مناصب في تلك الفترة !؟
عبد القدوس الأنصاري : نعم .. وقد عينت أول الأمر بوظيفة مأمورية أوراق ديوان إمارة المدينة المنورة ، ثم رقيت إلى عمل وظيفة مأمور أوراق
، وعينت بعد ذلك نائباً لرئيس سكرتير مجل الإدارة ، وسكرتير للجنة تسوية الديون ، ولجنة الإسعاف الطبي ، ولجنة الصدقات ، فأستاذا للأدب العربي بمدرسة العلوم الشرعية – وهي المدرسة التي تخرجت منها - ، ثم معاونا لرئيس الديوان بالمدينة ( 1 ) .
الطارق : حتى انتقلت إلى مكة المكرمة لرئاسة تحرير جريدة " أم القرى " الحكومية ؟!
عبد القدوس الأنصاري : هذا صحيح .. فقد انتقلت إلى مكة المكرمة عندما صدر الأمر الملكي برقيا من جلالة الملك عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – إلى سمو نائبه ( بالحجاز ) إذ ذاك – الأمير فيصل بن عبد العزيز – بنقل عبد القدوس الأنصاري لتحرير جريدة " أم القرى " ( 1 )
و كتب الأمير فيصل إلى الأمير عبد الله السديري أمير المدينة المنورة ( 1355 هـ – 1379 ) أن يتم إرسالي لأتولى تحرير هذه الجريدة
الطارق : ولم تكن راضي عن هذه المهمة ؟!
عبد القدوس الأنصاري : ( أبتسم وقال ) : نعم .. فلم أمارس من قبل رئاسة تحرير جريدة رسمية حكومية فلم أرأس إلا مجلة ( المنهل ) هي مجلة
أدبية ثقافية .. تجمع المقالات وتنشرها .. وموضوعها بسيط ومنهجها سهل بالنسبة إلى جريدة " أم القرى " الرسمية ومسئوليتها الكبيرة ..
وقد طلبت من الأمير عبد الله السديري إعفاءي من هذه المهمة الشاقة ، فقال لي هذا الأمير : " أذهب وتوكل على الله .. فسيفتح الله عليك ما دمت مؤمنا .. واحمد الله على أن الملك عبد العزيز وضع ثقته الغالية فيك " فصدعت بالأمر وذهبت إلى مكة ( 6 ) وقد توليت رئاسة تحريرها من سنة 1359 هـ إلى سنة 1361 هـ ، وفي وقت وزمن حرج .. زمن حرب عالمية ضارية ( 6 )
الطارق : وماذا بعد ذلك ؟!
عبد القدوس الأنصاري : نقلت بأمر سمو الأمير فيصل بن عبد العزيز النائب العام لجلالة الملك إلى ديوان سموه .
وتقلدت من بعد ذلك في ديوان سموه عدة مناصب منها : سكرتير مجلس الوكلاء ، فمدير شؤون المشاريع والأنظمة للدولة ، فمدير الشؤون المالية للمملكة بالديوان ، فمستشار بديوان رئاسة مجلس الوزراء ، وفي أثناء ذلك عينت عوا بمجلس المعارف في عهد الشيخ " محمد بن مانع " مدير المعارف العام .
كما ساهمت في العديد من المؤتمرات واللجان الحكومية وانتدبت إلى الرياض في عهد المغفور له مؤسس المملكة لتنظيم شؤون التابعيات الإحصائيات والإقامة لسكان مدينة الرياض ، على رأس مختارة من مختلف الوزارات والدوائر الرئيسية
وبعد ذلك تفرغت لأعمالي ، ولمجلة المنهل التي أصدرتها عام 1355 هـ ولمؤلفاتي وكتبي ( 1 )
الطارق : الحقيقة ما أن يذكر عبد القدوس الأنصاري إلا وتذكر مجلة المنهل الأدبية والثقافية والتي كان لها دور كبير في الثقافة العربية في العصر الحديث ، وتعتبر من أهم المصادر لدراسة الأدب السعودي ، أحببنا أدبينا الفاضل أن تعرفنا كيف بدأت فكرة هذه المجلة وكيف خرجت إلى النور ؟!
عبد القدوس الأنصاري : كان بداية ذلك إطلاعي على بعض الجرائد والمجلات الأدبية والثقافية التي كانت تصل من مصر أيام وصول الري من مصر كل مرتين في الشهر وعلى ظهور الجمال !!
ثم بدأت اتصل بكثير من الأدباء والكتاب من مكة المكرمة والذين لم أكن أعرف عنهم شيء ..
وقد بدأت الحركة الأدبية والثقافية تنشط وتتسع ، وأراد بعض الكتاب إنشاء صحف في المدينة المنورة إلا أن العائق الكبير كان عدم وجود مطبعة في المدينة ..
وفي عام 1349 هـ غامر السيدان علي حافظ وعثمان حافظ وأحضروا مطبعة إلى المدينة من مصر ..
ففكرت في إصدار مجلة ثقافية باسم ( المنهل ) ثم بدأت عملي الاستعداد لإصدارها غير أنه لم يكن هناك مال يساعد على إصدارها فكتبت عريضة في تلك السنة لوكيل أمير منطقة المدينة المنورة الأمير عبد العزيز بن إبراهيم أعرض عليه الأمر وأطل منه رفعه لسمو الأمير فيصل، فأعجب هذا الأمير وفرح لذلك ورفع الأمر إلى ديوان النائب العام ، وعادة المعاملة بعد إحالتها لمجلس الشورى الذي وافق على الفكرة مبدئيا ..
وفي تلك الفترة اتصلت بالصحافة الخارجية مثل " المقطم " و " المقتطف " و " الهلال " و " المرشد العربي " و " الأهرام " في مصر و المرشد العربي " في سوريا ( 6 ) .
و " المرشد العربي " بظفار " و " مجلة العالم الإسلامي " بسومطرة ( 4 )
ولم تصدر مجلة " المنهل " إلا في سنة 1355 هـ بسبب إجراءات الدوائر الرسمية ، وبعد توسط فؤاد حمزة الذي كان في منصب وكيل وزارة الخارجية في ذلك الوقت ..
وتمت موافقة الأمير فيصل على صدور هذه المجلة على أن لا تتعدى أمور الأدب !
مع دفع كفالة قدرها خمسون جنيها ذهبية لدى المالية ! وكانت عقبة شديدة لولا مساعدة صديقي الكريم السيد أحمد الخياري
وانتهت هذه العقبة وغيرها من الإجراءات الأخرى وسمح لي بإصدار المجلة ( 6 ) .
الطارق : وبدأت إصدار هذه المجلة في المدينة المنورة ومن بعد ذلك انتقلت طباعتها إلى مكة المكرمة وأخيرا إلى جدة حيث لا زالت تصدر حتى الآن ؟!
عبد القدوس الأنصاري : أحسنت ..
الطارق : أديبنا الفاضل ، أحببنا أن تذكر لنا بعض من الكتب التي ألفتها ؟!
عبد القدوس الأنصاري : نعم ، ألفت عدة كتب هي :
1- تاريخ مدينة جدة : وقد صدرت الطبعة الأولى منه سنة 1384 هـ
وهو دراسة شاملة عن مدينة جدة
2- الملك عبد العزيز في مرآة الشعر : هو دراسة لشخصية الملك عد العزيز آل سعود من خلال الشعر الذي قيل فيه مدحا ووصفاً ..
3- بين التاريخ والآثار : وهو دراسة تاريخية مستخلصة من الآثار والمشاهدات للآثار القائمة والباقية .
4- طريق الهجرة النبوية : والكتاب دراسة ومتابعة للأماكن التي وردت في السيرة النبوية . 1398 هـ
5- بنو سليم : دراسة عن قبيلة بني سليم .
6- الصيام وتفسير الأحكام : مجموعة أحاديث حول الصيام أذيعت من إذاعة نداء الإسلام بمكة المكرمة في شهر رمضان عام 1391 هـ .
7- الأنصاريات : ديوان شعر . 1384 هـ
8- آراء في اللغة .
9- مع ابن جبير في رحلته : تأملات وملاحظات في رحلة ابن جبير .
01- التوأمان : عام 1349 هـ ، وهي أول قصة وتعتبر من البدايات القصصية في الحجاز .
11- آثار المدينة المنورة : طبع سنة 1353 هـ ، دراسة لآثار المدينة
21- إصلاحات في لغة الكتاب والأدب : صدرت الطبعة الأولى سنة 1353 هـ
31- تحقيق أمكنة في الحجاز و تهامة : عام 1379 هـ
41- تاريخ العين العزيزية بجدة ولمحات عن مصادر المياه في المملكة العربية السعودية : 1389 هـ
51- الأجوبة المعدة في حتمية ضم جيم جدة – بالاشتراك مع الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين والشيخ أبو تراب الظاهري .. ( 7 ) .
وغيرها من الكتب
الطارق : قد أثريت المكتبة السعودية بكتبك ، حتى تعد كتبك من أهم المراجع وأصدقها ، وتعتبر مؤلفاتك بالفعل موسوعة أدبية وتاريخية ..
لم يبقى من شيء أديبنا الفاضل إلا أن نذكر أنك كنت عضو في المجمع اللغوي العراقي ، وحزت على براءة رائد من رواد الأدب في المملكة العربية السعودية من جامعة الملك عبد العزيز " بجدة " .
وكان لك السبق في اقتراح جائز الملك فيصل العالمية ( 1 ) ..
شكرا لك ..
توفي الأديب والرائد الكبير عبد القدوس الأنصاري سنة 1403 هـ بعد كفاح عظيم في مجال الأدب والثقافة وكان له الدور الكبير في بروز الكثير من الأدباء في المملكة العربية السعودية ، رحمه الله ،،،،
-------------------------------------------------------
المصادر :
( 1 ) عبد القدوس الأنصاري من رواد الأدب والفكر العربي الإسلامي : / ص 11 ، 12 (أكرم جميل قنبس - دار الفرائد للطباعة والنشر التوزيع ( دمشق – 1996م )
( 2 ) " الكتابة والتاريخية عند عبد القدوس الأنصاري " / ( أحمد سالم باعطب ) : مجلة المنهل (ص 122 ) العدد ( 553 ) في ( جماد الأخر ورجب ) .
( 3 ) " عبد القدوس الأنصاري .. علم النهضة الفكرية .. في الجزيرة العربية " ( شمس الدين الحاج يوسف ) : ( مجلة المنهل ) العدد ( 492 ) جمادى الأولى والأخرة لعام 1412 هـ .
( 4 ) " عبد القدوس الأنصاري في ذكراه السابعة " ( د . محمد رجب البيومي ) : ( مجل المنهل ) العدد ( 477 ) جماد الآخر 1410 هـ .
( 5 ) عبد القدوس الأنصاري من رواد الأدب والفكر العربي الإسلامي : / ص 20 (أكرم جميل قنبس - دار الفرائد للطباعة والنشر التوزيع ( دمشق - 1996 م )
( 6 ) "عبد القدوس الأنصاري ، رائد الصدق والالتزام " ( عبد الكريم عبد الله نيازي ) : ( مجلة المنهل ) العدد ( 520 ) رجب ، شعبان 1415 هـ
( 7 ) موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين ( أعداد : أحمد سعيد بن سلم ) : الجزء الأول / ص 32 ) .
ملاحظة : سأذكر مختارات من ما كتبه عبد القدوس الأنصاري ، بإذن
الله …
رجل معتدل القامة ، أقرب إلى الطول منه إلى القصر معتدل الجسم ، أقرب إلى النحافة منه إلى الامتلاء ، شديد اسمرار ، عالي الجبين واسع العينين ، عظيم الشفتين ( 1 ) .
كانت هذه صفة محاوري الذي بدأت بطرح سؤالي التالي عليه :
الطارق : أحببنا أديبنا الفاضل أن تعرفنا بشخصكم الكريم ؟!
عبد القدوس الأنصاري : أنا عبد القدوس الأنصاري كاتب وأديب وشاعر وصحفي ومن أحد أهم أدباء وكتاب المملكة العربية السعودية ومن أهم كتاب الجزيرة العربية في العصر الحديث ، ومؤسس مجلة المنهل المجلة الشهيرة في الأدب والثقافة .
الطارق : حسنا .. بداية الأمر أحببنا أن تعرفنا عن مولدك ونشأتك ؟!
عبد القدوس الأنصاري : نعم .. بداية الأمر أسمي عبد القدوس بن القاسم بن محمد بن محمد الأنصاري الخزرجي ( 2 ) .
ولدت سنة 1324 هـ في المدينة المنورة كان والدي يعمل مدرسا بالحرم النبوي الشريف ( 1 ) .
وقد توفي والداي ولم أبلغ السابعة من عمري فقد توفيت والدتي وعمري نحو أربع سنوات وتوفي والدي وعمري ست سنوات فكفلني عمي ( خال أبيه ) الشيخ محمد الطيب الأنصاري .. ( 2 )
الطارق : وكان لهذا الشيخ دورا كبير في بداية حياتك ؟!
عبد القدوس الأنصاري : أحسنت .. فقد كان هذا أحد علماء المدينة المنورة الأفاضل ، ومن وجوه العلماء بالمدينة المنورة وله رياسة علمية بمدرسة العلوم العلوم الشرعية التي أنشأها السيد أحمد الفيض أبادي ، وقد خصني برعايته واهتمامه ومحبته والتحقت بتلك المدرسة عند افتتاحها سنة 1341 هـ بعد أن مهد لي بدراسة ابتدائية تشمل متون النحو والفقه وشذورا من قضايا البيان والبديع والتفسير والحديث ( 3 ) ، ( 2 ) ، ( 4 )
الطارق : عرفت في صغرك بإقبالك على العلم ،وتعلقك بدروسك وجدك في التحصيل ، وبعدك عن اللهو، حتى نلت رضى معلميك ( 3 ) ؟!
عبد القدوس الأنصاري : نعم .. وقد درست القرآن الكريم والسير النبوية ودرست علم النحو مبتدئا بالأجرومية ، ثم قواعد الاعراب لابن هشام ثم " الدرة الثمينة في علم النحو " تأليف شيخنا محمد الطيب الأنصاري ثم " شذور الذهب " لابن هشام ثم " الفية ابن مالك " ثم كتاب : التوضيح على شرح الألفية " و" الأشموني على حاشية الألفية " وأخيرا " المغني " لابن هشام .
ودرست " الجوهر المكنون " في علم المعاني والبيان ، وحفظت المعلقات العشر وديوان النابغة الذبياني وديوان زهير بن أبي سلمى ودواوين أخر ( 2 )
الطارق : كان جل اطلاعك على الأدب العربي القديم الذي جعلت منه الحذو الذي تسير عليه في بداية كتاباتك ؟!
عبد القدوس الأنصاري : نعم … ولكن صلتي بصديق صباي وزميلي في حلقة الشيخ " الطيب الأنصاري " السيد عبيد مدني – رحمه الله – قد فتحت لي المجال للإطلاع على الأدب الحديث فقرأت دواوين شوقي وحافظ والزهاوي وسامي البارودي ..
كما قرأت مؤلفات المنفلوطي والرافعي فتفتحت أمامي الآفاق لأسلك هذا الطريق ( 5 ) وتحولت من الأدب القديم إلى الأدب الحديث بفضل المرحوم السيد عبيد مدني ( 6 ) .
الطارق : حسنا .. وقد تخرجت من تلك المدرسة عام 1346 هـ ، وعينت موظفا في ديوان أمارة المدينة المنورة ؟!
عبد القدوس الأنصاري : نعم .. وقد كان سبب ذلك أن الاختبارات العامة الأخيرة تتولها لجنة يرأسها أمير المدينة ، قد أعجب الأمير عبد العزيز بن إبراهيم ( 1346 هـ – هـ1355 ) بإجاباتي فقال لمدير المدرسة : ( أريد أن ينتقل هذا الولد –مشيرا إلي – الى امارة المدينة ليكون موظفا لدي ) ( 2 ) .
الطارق : وقد تقلدت عدة مناصب في تلك الفترة !؟
عبد القدوس الأنصاري : نعم .. وقد عينت أول الأمر بوظيفة مأمورية أوراق ديوان إمارة المدينة المنورة ، ثم رقيت إلى عمل وظيفة مأمور أوراق
، وعينت بعد ذلك نائباً لرئيس سكرتير مجل الإدارة ، وسكرتير للجنة تسوية الديون ، ولجنة الإسعاف الطبي ، ولجنة الصدقات ، فأستاذا للأدب العربي بمدرسة العلوم الشرعية – وهي المدرسة التي تخرجت منها - ، ثم معاونا لرئيس الديوان بالمدينة ( 1 ) .
الطارق : حتى انتقلت إلى مكة المكرمة لرئاسة تحرير جريدة " أم القرى " الحكومية ؟!
عبد القدوس الأنصاري : هذا صحيح .. فقد انتقلت إلى مكة المكرمة عندما صدر الأمر الملكي برقيا من جلالة الملك عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – إلى سمو نائبه ( بالحجاز ) إذ ذاك – الأمير فيصل بن عبد العزيز – بنقل عبد القدوس الأنصاري لتحرير جريدة " أم القرى " ( 1 )
و كتب الأمير فيصل إلى الأمير عبد الله السديري أمير المدينة المنورة ( 1355 هـ – 1379 ) أن يتم إرسالي لأتولى تحرير هذه الجريدة
الطارق : ولم تكن راضي عن هذه المهمة ؟!
عبد القدوس الأنصاري : ( أبتسم وقال ) : نعم .. فلم أمارس من قبل رئاسة تحرير جريدة رسمية حكومية فلم أرأس إلا مجلة ( المنهل ) هي مجلة
أدبية ثقافية .. تجمع المقالات وتنشرها .. وموضوعها بسيط ومنهجها سهل بالنسبة إلى جريدة " أم القرى " الرسمية ومسئوليتها الكبيرة ..
وقد طلبت من الأمير عبد الله السديري إعفاءي من هذه المهمة الشاقة ، فقال لي هذا الأمير : " أذهب وتوكل على الله .. فسيفتح الله عليك ما دمت مؤمنا .. واحمد الله على أن الملك عبد العزيز وضع ثقته الغالية فيك " فصدعت بالأمر وذهبت إلى مكة ( 6 ) وقد توليت رئاسة تحريرها من سنة 1359 هـ إلى سنة 1361 هـ ، وفي وقت وزمن حرج .. زمن حرب عالمية ضارية ( 6 )
الطارق : وماذا بعد ذلك ؟!
عبد القدوس الأنصاري : نقلت بأمر سمو الأمير فيصل بن عبد العزيز النائب العام لجلالة الملك إلى ديوان سموه .
وتقلدت من بعد ذلك في ديوان سموه عدة مناصب منها : سكرتير مجلس الوكلاء ، فمدير شؤون المشاريع والأنظمة للدولة ، فمدير الشؤون المالية للمملكة بالديوان ، فمستشار بديوان رئاسة مجلس الوزراء ، وفي أثناء ذلك عينت عوا بمجلس المعارف في عهد الشيخ " محمد بن مانع " مدير المعارف العام .
كما ساهمت في العديد من المؤتمرات واللجان الحكومية وانتدبت إلى الرياض في عهد المغفور له مؤسس المملكة لتنظيم شؤون التابعيات الإحصائيات والإقامة لسكان مدينة الرياض ، على رأس مختارة من مختلف الوزارات والدوائر الرئيسية
وبعد ذلك تفرغت لأعمالي ، ولمجلة المنهل التي أصدرتها عام 1355 هـ ولمؤلفاتي وكتبي ( 1 )
الطارق : الحقيقة ما أن يذكر عبد القدوس الأنصاري إلا وتذكر مجلة المنهل الأدبية والثقافية والتي كان لها دور كبير في الثقافة العربية في العصر الحديث ، وتعتبر من أهم المصادر لدراسة الأدب السعودي ، أحببنا أدبينا الفاضل أن تعرفنا كيف بدأت فكرة هذه المجلة وكيف خرجت إلى النور ؟!
عبد القدوس الأنصاري : كان بداية ذلك إطلاعي على بعض الجرائد والمجلات الأدبية والثقافية التي كانت تصل من مصر أيام وصول الري من مصر كل مرتين في الشهر وعلى ظهور الجمال !!
ثم بدأت اتصل بكثير من الأدباء والكتاب من مكة المكرمة والذين لم أكن أعرف عنهم شيء ..
وقد بدأت الحركة الأدبية والثقافية تنشط وتتسع ، وأراد بعض الكتاب إنشاء صحف في المدينة المنورة إلا أن العائق الكبير كان عدم وجود مطبعة في المدينة ..
وفي عام 1349 هـ غامر السيدان علي حافظ وعثمان حافظ وأحضروا مطبعة إلى المدينة من مصر ..
ففكرت في إصدار مجلة ثقافية باسم ( المنهل ) ثم بدأت عملي الاستعداد لإصدارها غير أنه لم يكن هناك مال يساعد على إصدارها فكتبت عريضة في تلك السنة لوكيل أمير منطقة المدينة المنورة الأمير عبد العزيز بن إبراهيم أعرض عليه الأمر وأطل منه رفعه لسمو الأمير فيصل، فأعجب هذا الأمير وفرح لذلك ورفع الأمر إلى ديوان النائب العام ، وعادة المعاملة بعد إحالتها لمجلس الشورى الذي وافق على الفكرة مبدئيا ..
وفي تلك الفترة اتصلت بالصحافة الخارجية مثل " المقطم " و " المقتطف " و " الهلال " و " المرشد العربي " و " الأهرام " في مصر و المرشد العربي " في سوريا ( 6 ) .
و " المرشد العربي " بظفار " و " مجلة العالم الإسلامي " بسومطرة ( 4 )
ولم تصدر مجلة " المنهل " إلا في سنة 1355 هـ بسبب إجراءات الدوائر الرسمية ، وبعد توسط فؤاد حمزة الذي كان في منصب وكيل وزارة الخارجية في ذلك الوقت ..
وتمت موافقة الأمير فيصل على صدور هذه المجلة على أن لا تتعدى أمور الأدب !
مع دفع كفالة قدرها خمسون جنيها ذهبية لدى المالية ! وكانت عقبة شديدة لولا مساعدة صديقي الكريم السيد أحمد الخياري
وانتهت هذه العقبة وغيرها من الإجراءات الأخرى وسمح لي بإصدار المجلة ( 6 ) .
الطارق : وبدأت إصدار هذه المجلة في المدينة المنورة ومن بعد ذلك انتقلت طباعتها إلى مكة المكرمة وأخيرا إلى جدة حيث لا زالت تصدر حتى الآن ؟!
عبد القدوس الأنصاري : أحسنت ..
الطارق : أديبنا الفاضل ، أحببنا أن تذكر لنا بعض من الكتب التي ألفتها ؟!
عبد القدوس الأنصاري : نعم ، ألفت عدة كتب هي :
1- تاريخ مدينة جدة : وقد صدرت الطبعة الأولى منه سنة 1384 هـ
وهو دراسة شاملة عن مدينة جدة
2- الملك عبد العزيز في مرآة الشعر : هو دراسة لشخصية الملك عد العزيز آل سعود من خلال الشعر الذي قيل فيه مدحا ووصفاً ..
3- بين التاريخ والآثار : وهو دراسة تاريخية مستخلصة من الآثار والمشاهدات للآثار القائمة والباقية .
4- طريق الهجرة النبوية : والكتاب دراسة ومتابعة للأماكن التي وردت في السيرة النبوية . 1398 هـ
5- بنو سليم : دراسة عن قبيلة بني سليم .
6- الصيام وتفسير الأحكام : مجموعة أحاديث حول الصيام أذيعت من إذاعة نداء الإسلام بمكة المكرمة في شهر رمضان عام 1391 هـ .
7- الأنصاريات : ديوان شعر . 1384 هـ
8- آراء في اللغة .
9- مع ابن جبير في رحلته : تأملات وملاحظات في رحلة ابن جبير .
01- التوأمان : عام 1349 هـ ، وهي أول قصة وتعتبر من البدايات القصصية في الحجاز .
11- آثار المدينة المنورة : طبع سنة 1353 هـ ، دراسة لآثار المدينة
21- إصلاحات في لغة الكتاب والأدب : صدرت الطبعة الأولى سنة 1353 هـ
31- تحقيق أمكنة في الحجاز و تهامة : عام 1379 هـ
41- تاريخ العين العزيزية بجدة ولمحات عن مصادر المياه في المملكة العربية السعودية : 1389 هـ
51- الأجوبة المعدة في حتمية ضم جيم جدة – بالاشتراك مع الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين والشيخ أبو تراب الظاهري .. ( 7 ) .
وغيرها من الكتب
الطارق : قد أثريت المكتبة السعودية بكتبك ، حتى تعد كتبك من أهم المراجع وأصدقها ، وتعتبر مؤلفاتك بالفعل موسوعة أدبية وتاريخية ..
لم يبقى من شيء أديبنا الفاضل إلا أن نذكر أنك كنت عضو في المجمع اللغوي العراقي ، وحزت على براءة رائد من رواد الأدب في المملكة العربية السعودية من جامعة الملك عبد العزيز " بجدة " .
وكان لك السبق في اقتراح جائز الملك فيصل العالمية ( 1 ) ..
شكرا لك ..
توفي الأديب والرائد الكبير عبد القدوس الأنصاري سنة 1403 هـ بعد كفاح عظيم في مجال الأدب والثقافة وكان له الدور الكبير في بروز الكثير من الأدباء في المملكة العربية السعودية ، رحمه الله ،،،،
-------------------------------------------------------
المصادر :
( 1 ) عبد القدوس الأنصاري من رواد الأدب والفكر العربي الإسلامي : / ص 11 ، 12 (أكرم جميل قنبس - دار الفرائد للطباعة والنشر التوزيع ( دمشق – 1996م )
( 2 ) " الكتابة والتاريخية عند عبد القدوس الأنصاري " / ( أحمد سالم باعطب ) : مجلة المنهل (ص 122 ) العدد ( 553 ) في ( جماد الأخر ورجب ) .
( 3 ) " عبد القدوس الأنصاري .. علم النهضة الفكرية .. في الجزيرة العربية " ( شمس الدين الحاج يوسف ) : ( مجلة المنهل ) العدد ( 492 ) جمادى الأولى والأخرة لعام 1412 هـ .
( 4 ) " عبد القدوس الأنصاري في ذكراه السابعة " ( د . محمد رجب البيومي ) : ( مجل المنهل ) العدد ( 477 ) جماد الآخر 1410 هـ .
( 5 ) عبد القدوس الأنصاري من رواد الأدب والفكر العربي الإسلامي : / ص 20 (أكرم جميل قنبس - دار الفرائد للطباعة والنشر التوزيع ( دمشق - 1996 م )
( 6 ) "عبد القدوس الأنصاري ، رائد الصدق والالتزام " ( عبد الكريم عبد الله نيازي ) : ( مجلة المنهل ) العدد ( 520 ) رجب ، شعبان 1415 هـ
( 7 ) موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين ( أعداد : أحمد سعيد بن سلم ) : الجزء الأول / ص 32 ) .
ملاحظة : سأذكر مختارات من ما كتبه عبد القدوس الأنصاري ، بإذن
الله …