PDA

View Full Version : أبليس ينتصر......


حلا
13-09-2001, 12:04 AM
مرحبا كلكم...
اتمنى كونكم بخير و عساكم على القوة...
هذه روايه قصيرة اعجبتني وحبيت تشاركوني بالمعنى الرائع اللي فهمته منها...
وانشالله يعجبكم اختياري...

(( اتخذ قوم شجرة ، صاروا يعبدونها... فسمع بذلك ناسك مؤمن بالله ، فحمل فاسا وذهب الى الشجرة ليقطعها.. فلم يكد يقترب منها ، حتى ظهر له ابليس حائلا بينه وبين الشجرة، وهو يصيح به:
_ مكانك ايها الرجل !...لماذا تريد قطعها؟...
_ لانها تضل الناس...
_ وماشانك بهم؟...دعهم في ضلالهم!...
_ كيف ادعهم...ومن واجبي ان اهديهم...
_ من واجبك ان تترك الناس احرارا، يفعلون ما يحبون...
_ انهم ليسوا احرارا... انهم يصغون الى وسوسة الشيطان...
_ او تريد ان يصغوا لصوتك انت!...
_ اريد ان يصغوا الى صوت الله ..صوت الحق.. صوت العقل...
_ لن ادعك تقطع هذه الشجرة...
_ لابد لي من قطعها...
فامسك ابليس بخناق الناسك...وقبض الناسك على قرن الشيطان ...وتصارعا طويلا...الى ان انجلت المعركة عن انتصار الناسك..فقد طرح ابليس على الارض و جلس على صدره وقال له:
_ هل رأيت قوتي...
فقال ابليس المهزوم بصوت مخنوق:
_ ما كنت احسبك بهذه القوة..دعني وافعل ما شئت...
فأخلى الناسك سبيله..وكان الجهد الذي بذله في المعركه قد نال منه...فرجع الى صومعته واستراح ليلته...فلما كان اليوم التالي حمل فاسه و ذهب يريد قطع الشجرة، واذا ابليس يخرج له من خلفها صائحا:
_ اعدت اليوم ايضا لقطعها؟...
_ قلت لا بد لي من قطعها...
_ او تظنك قادرا على ان تغلبني اليوم ايضا؟...
_ ساظل اقاتلك حتى اعلي كلمة الحق...
_ ارني اذن قدرتك...
وامسك الناسك بقرنه..وتقاتلا وتصارعا ..الى ان اسفرت الموقعة عن سقوط ابليس تحت قدمي الناسك..فجلس على صدره وقال له:
_ ما قولك الان في قدرتي؟..
_ حقا ان قوتك لعجيبة..دعني وافعل ما تريد..لفظها الشيطان بصوت مخنوق متهدج..فاطلق الناسك سراحه..وذهب الى صومعته واستلقى من التعب والاعياء حتى مضى الليل و طلع الصبح فجمل فاسه وذهب الى الشجرة فبرز له ابليس صائحا فيه:
_ الن ترجع عن عزمك ايها الرجل؟...
_ ابدا لابد من قطع دابر هذه الشر...
_ اتحسب اني اتركك تفعل...
_ ان نازلتني فساغلبك...
فتفكر ابليس لحظة..وراى ان النزال والقتال والمصارعة مع هذا الرجل لن تتيح له النصر عليه..فليس اقوى من رجل يقاتل من اجل فكرة او عقيدة..
ما من باب يستطيع ابليس ان ينفذ منه الى حصن هذا الرجل غير باب واحد..الحيلة..
فتلطف الى الناسك وهو يقول له بلهجة المشفق:
_ اتعرف لماذا اعارضك في قطع هذه الشجرة؟...اني ما اعارض الا خشية عليك ورحمة بك...فانك بقطعها ستعرض نفسك لسخط الناس من عبادها.. مالك وهذه المتاعب تجلبها على نفسك؟..اترك عنك قطعها وانا اجلب لك كل يوم دينارين تستعين بهما على نفقاتك..وتعيش في امن وطمأنينة وسلام!...
_ دينارين!؟...
_ نعم..في كل يوم..تجدهما تحت وسادتك!...
فاطرق الناسك مليا يفكر ثم رفع راسه وقال لابليس:
_ ومن يضمن لي قيامك بالشرط؟...
_ اعاهدك على ذلك..وستعرف صدق عهدي...
_ ساجربك...
_ نعم ..جربني...
_ اتفقنا...
***
ووضع ابليس يده في يد الناسك وتعاهدا..و انصرف الناسك الى صومعته ..وصار يستيقظ كل صباح، ويمد يده ويدسها تحت وسادته فتخرج بدينارين..حتى انصرم الشهر..وفي ذات صباح دس يده تحت الوسادة فخرجت قارغة..لقد قطع ابليس عنه فيض الذهب..فغضب الناسك..ونهض فاخذ فاسه ..وذهب الى قطع الشجرة..فاعترضه ابليس في الطريق ، وصاح فيه:
_ مكانك ..الى اين؟
_ الى الشجرة اقطعها..
فقهقه الشيطان ساخرا...
_ تقطعها لاني قطعت عنك الثمن....
_ بل لازيل الغواية واضيء مشعل الهداية!...
_ انت؟...!!
_ اتهزأ بي ايها اللعين...
_ لا تؤاخذني ...منظرك يثير الضحك!..
_ انت الذي يقول هذا، ايها الكاذب المخاتل....
_ وانقض الناسك على ابليس وقبض على قرنه...وتصارعا لحظة..واذا المعركة تنجلي عن سقوط الناسك تحت حافر ابليس... فقد انتصر وجلس على صدر الناسك مزهوا مختالا يقول له:
_ اين قوتك ايها الرجل الان...
فخرج من صدر الناسك المقهور صوت كالحشرجة يقول:
_ اخبرني كيف تغلبت علي ايها الشيطان!...
فقال له ابليس:
لما غضبت لله غلبتني ، ولما غضبت لنفسك غلبتك...لما قاتلت لعقيدتك صرعتني ، ولما قاتلتك لمنفعتك صرعتك!...
****

الى لقاء قريب ان شاء ربي
(*__*)