سردال
17-12-2001, 12:06 AM
خرجت من المنزل في الصباح الباكر، وأنا أجر رجلي نحو المدرسة متثاقلاً مكتئباً، والسماء ملبدة بالغيوم، وأتوقع أن يهطل المطر غزيراً، بدت لي المدرسة كأنها بيت الأشباح، أو كسجن يجمعنا نحن الأطفال مع بعضنا البعض في فناء واحد، ويعاملوننا معاملة القائد العسكري لجنوده، أوامر وانضباط تام، ومن يخالف فالويل له، فإما عصاً تضربه، أو كف يصفعه أو كلام نابٍ يجرحه.
لم أكن أحب المدرسة بل وأكرهها بشدة، فالأستاذة يلقون علينا كلام يصعب فهمه فإن لم نفهم من المرة الأولى صبوا علينا من الشتائم والإهانات ما لا يتحمله إنسان، وبعضهم يصفع الطلاب بسهولة ويسر، كأنما يشرب الماء أو أيسر من ذلك، والتقييد والإلتزام بالصمت وعدم الحركة، كلها مطالب تطلب منا نحن الأطفال، وهم يعرفون أننا لن نستطيع أن نفعل ذلك، ومع ذلك يعاقبوننا على أمر هو من طبيعتنا!
دخلت فناء المدرسة وكأنما أحمل هموم الدنيا على كتفي، الطلاب حولي يلعبون فرحين، وأنا أنظر لهم نظرة شفقة، أيعدون هذا اللعب مسلياً؟! كيف أفرح وأنا سجين؟! أكملت سيري وألقيت بكتبي في زاوية وانتظرت جرس بداية الطابور. لم يطل الأمر كثيراً حتى بدأ الطابور، وانتهى كما بدأ، وكالمعتاد لم يكن هناك شيء جديد في الطابور، فقد حفظناه عن ظهر قلب، وذهبنا إلى الفصل، بدأت الحصص، وذهني مشغول في فكرة ما، لم أعر الأساتذة أي اهتمام، فيوم كهذا ملبد بالغيوم لا يفوت ولا يضيع في المدرسة.
وانتهت الحصص الثلاث، رن الجرس، وتدافع الطلاب على باب الفصل ليخرجوا إلى ساحة المدرسة، أو لكي يتكدسوا على المقصف، ليحصلوا على وجبة خفيفة، وهم حين يفعلون هذا، تخالهم لم يأكلوا منذ سنوات أو أن الطعام سيختفي أو سيموتون من الجوع إن لم يأكلوا! أنتظرت مدة حتى اطمأننت أن الجميع قد خرج، فحملت كتبي، وخرجت من الفصل متجهاً نحو بوابة المدرسة، والعجب أنه لم يكن هناك من يمنعني من الهرب، فخرجت من الباب! والأساتذة الكرام يظنون أن الطلاب يهربون فقط من الأسوار أو من أماكن أخرى تسهل عليهم مهمة الخروج، إلا أنهم غفلوا عن الباب فكان أفضل وسيلة لي للخروج بدون تعب أو خوف :)
واتجهت مباشرة إلى البحر، ولا أدري لماذا اخترت البحر بالذات، ولم يكن بعيداً عن المدرسة، فمشيت وأنا أحس بأني أطير، نعم هذه هي الحرية بالنسبة لي، لا قيد ولا أمر، كنت في قمة السعادة وأنا أرى القوارب متجمعة على شاطئ البحر، لم يكن هذا لعب كلعب الأطفال، ولا أدري لماذا كنت أحب الجلوس لوحدي والتأمل طويلاً، مشيت نحو الشاطئ لكي أتأمل البحر والقوارب والطيور وأراقبها، جلست مسنداً ظهري نحو قارب وضع على البر، واتخذته غطاء من أن يراني الناس وغطاء من المطر الذي انهمر في هذه اللحظات، وجلست هكذا لا أفعل أي شيء، هذه هي السعادة والمرح بالنسبة لي.
توقف المطر بعد ساعة أو أكثر من ساعة بقليل، فقمت لكي أعود إلى المنزل، دخلت المنزل وإذا بأمي تسألني: هل ذهبت إلى المدرسة؟ فقلت بشيء من التلعثم: نعم!
- لكن المدرسة اتصلت بي وأخبرتني أنك لم تذهب؟!
- آه.... نعم! لكن....!
- أين كنت؟
- كنت في البحر!
فلم أجد إلا ضربة والحمدلله أنها لم تكن على وجهي كالعادة، وبدأت أمي في كلامها المعتاد عن الدراسة والعلم، فجلست أستمع وأنا أحدث نفسي بالعودة مرة أخرى إلى البحر!
لم أكن أحب المدرسة بل وأكرهها بشدة، فالأستاذة يلقون علينا كلام يصعب فهمه فإن لم نفهم من المرة الأولى صبوا علينا من الشتائم والإهانات ما لا يتحمله إنسان، وبعضهم يصفع الطلاب بسهولة ويسر، كأنما يشرب الماء أو أيسر من ذلك، والتقييد والإلتزام بالصمت وعدم الحركة، كلها مطالب تطلب منا نحن الأطفال، وهم يعرفون أننا لن نستطيع أن نفعل ذلك، ومع ذلك يعاقبوننا على أمر هو من طبيعتنا!
دخلت فناء المدرسة وكأنما أحمل هموم الدنيا على كتفي، الطلاب حولي يلعبون فرحين، وأنا أنظر لهم نظرة شفقة، أيعدون هذا اللعب مسلياً؟! كيف أفرح وأنا سجين؟! أكملت سيري وألقيت بكتبي في زاوية وانتظرت جرس بداية الطابور. لم يطل الأمر كثيراً حتى بدأ الطابور، وانتهى كما بدأ، وكالمعتاد لم يكن هناك شيء جديد في الطابور، فقد حفظناه عن ظهر قلب، وذهبنا إلى الفصل، بدأت الحصص، وذهني مشغول في فكرة ما، لم أعر الأساتذة أي اهتمام، فيوم كهذا ملبد بالغيوم لا يفوت ولا يضيع في المدرسة.
وانتهت الحصص الثلاث، رن الجرس، وتدافع الطلاب على باب الفصل ليخرجوا إلى ساحة المدرسة، أو لكي يتكدسوا على المقصف، ليحصلوا على وجبة خفيفة، وهم حين يفعلون هذا، تخالهم لم يأكلوا منذ سنوات أو أن الطعام سيختفي أو سيموتون من الجوع إن لم يأكلوا! أنتظرت مدة حتى اطمأننت أن الجميع قد خرج، فحملت كتبي، وخرجت من الفصل متجهاً نحو بوابة المدرسة، والعجب أنه لم يكن هناك من يمنعني من الهرب، فخرجت من الباب! والأساتذة الكرام يظنون أن الطلاب يهربون فقط من الأسوار أو من أماكن أخرى تسهل عليهم مهمة الخروج، إلا أنهم غفلوا عن الباب فكان أفضل وسيلة لي للخروج بدون تعب أو خوف :)
واتجهت مباشرة إلى البحر، ولا أدري لماذا اخترت البحر بالذات، ولم يكن بعيداً عن المدرسة، فمشيت وأنا أحس بأني أطير، نعم هذه هي الحرية بالنسبة لي، لا قيد ولا أمر، كنت في قمة السعادة وأنا أرى القوارب متجمعة على شاطئ البحر، لم يكن هذا لعب كلعب الأطفال، ولا أدري لماذا كنت أحب الجلوس لوحدي والتأمل طويلاً، مشيت نحو الشاطئ لكي أتأمل البحر والقوارب والطيور وأراقبها، جلست مسنداً ظهري نحو قارب وضع على البر، واتخذته غطاء من أن يراني الناس وغطاء من المطر الذي انهمر في هذه اللحظات، وجلست هكذا لا أفعل أي شيء، هذه هي السعادة والمرح بالنسبة لي.
توقف المطر بعد ساعة أو أكثر من ساعة بقليل، فقمت لكي أعود إلى المنزل، دخلت المنزل وإذا بأمي تسألني: هل ذهبت إلى المدرسة؟ فقلت بشيء من التلعثم: نعم!
- لكن المدرسة اتصلت بي وأخبرتني أنك لم تذهب؟!
- آه.... نعم! لكن....!
- أين كنت؟
- كنت في البحر!
فلم أجد إلا ضربة والحمدلله أنها لم تكن على وجهي كالعادة، وبدأت أمي في كلامها المعتاد عن الدراسة والعلم، فجلست أستمع وأنا أحدث نفسي بالعودة مرة أخرى إلى البحر!