PDA

View Full Version : مؤسسة الزكاة


سردال
30-12-2001, 02:14 PM
تداولت الصحف قبل مدة حديثاً يدور حول استحداث نظام للضرائب، تجني من خلاله الدولة دخلاً يعود عليها بالنفع ويغطي بعض تكاليف الخدمات التي تقدمها الحكومة للناس، وهذا أمر طيب وحسن، خصوصاً أن القطاع الخاص مثلاً يمارس أعماله في بيئة تكاد تخلوا من أية ضرائب مستحقة على الأرباح أو رأس المال، وليس هناك أي قانون يلزم المؤسسات أن تقدم نسبة مئوية من أرباحها لدعم الأنشطة الاجتماعية، إلا أن تبادر المؤسسة بنفسها لهذا الأمر رغبة منها في خدمة المجتمع وبالتالي تحسين صورتها أمام جمهورها.

ولكن قبل هذا كله، ألا يجدر بنا أن ننظر إلى تطبيق نظام آخر للضرائب، وأعني بذلك الزكاة، فهي فريضة ربانية، وركن من أركان الإسلام، وقد طبقت من قبل في زمن الخلافة الراشدة، وطبقها الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، فكانت خير وسيلة للقضاء على الفقر في الدولة الإسلامية الواسعة آنذاك، وفوق هذا تم تزويج الشباب الغير قادر على الزواج، وتم تسديد جميع الديون التي يتحملها بعض الناس، وبقي من أموال الزكاة الشيء الكثير فأنفقت في إعمار الدولة الإسلامية من مشرقها إلى مغربها.

وفي زماننا هذا تم تطبيق الزكاة في دول عربية وإسلامية عدة، فلماذا لا نستفيد من خبرات هذه الدول في تطبيق نظام الزكاة؟ حتى نتلافى بعض الأخطاء التي وقعت في تجارب من سبقنا، ونستفيد من كيفية تطبيقها في بلدانهم، وأنا متأكد من أن نظام الزكاة سيحل الكثير من المشاكل التي نعاني منها، لأن الزكاة تختلف عن الضرائب في أمور أذكرها هنا باختصار.

تأخذ الزكاة من رأس المال والأرباح، وليس كما في أنظمة الضرائب حيث تحتسب الضريبة على الأرباح فقط، وهذا يعني أن كل رأس مال سواء كان نقدياً أم عينياً تأخذ منه نسبة الزكاة في كل سنة هجرية، وبذلك تخرج الزكاة من الأموال، والذهب والفضة، والزروع المختلفة والعروض التجارية....الخ.
ومن المعروف أن الزكاة تأخذ من كل من يملك النصاب وقد حدد العلماء هذا النصاب بمقادير معلومة، وعندما يمر الحول أو السنة الهجربة على هذا المال أي كان نوعه، يتم إخراج نسبة معلومة منه، وتأخذ الزكاة من الأغنياء وتعطى للفقراء، وعندما يعطى الفقير فيجب أن يعطى حتى يستغني تماماً عن المسألة واستجداء الناس، فيعتمد على نفسه ولا يكون عالة على الآخرين، وقد قامت إحدى الدول العربية بإتاحة فرص استثمارية للفقراء بأموال الزكاة، فيعمل الفقير على اختيار الفرصة الاستثمارية المناسبة له، ويعمل بنفسه ويحصل من هذا العمل على مال يكفي احتياجاته، وبذلك تصبح الزكاة وسيلة فعالة في تنمية المجتمع والقضاء على الفقر.

ولا يفوتني أن أذكر بأن أموال الزكاة تصرف أولاً في البلد الذي أخذت منه، ولا ترسل للخارج، وهذا أيضاً ما تفعله إحدى الدول العربية، والتي تستثمر أموال الزكاة كاملة في بلدها ولا تخرج منها شيئاً للخارج، وهناك أحكام فقهية كثيرة متعلقة بالزكاة شرحها العلماء والفقهاء بالتفصيل في كتبهم، فليرجع إليها من أراد الاستزادة حول هذا الموضوع.

وأود أن أذكركم أخيراً بتصريحات أحد المسؤولين قبل سنوات، حينما ذكر بأنه يطالب بتأسيس مؤسسة للزكاة، تقوم على جمع أموال الزكاة وتنظم توزيع هذه الأموال للفقراء، وتكون كحلقة وصل بين المحتاج وصاحب الزكاة، وتقدم استشاراتها لكل من يود إخراج الزكاة من أمواله، وأتمنى أن يتم تحقيق هذا المطلب الحيوي، خصوصاً إن علمنا فائدة إنشاء مثل هذه المؤسسة على الفرد والمجتمع.