PDA

View Full Version : القيود الخفية


زمردة
05-10-2002, 03:38 PM
السلام عليكم ..

دائماً أشعر أني أريد أن أفعل أموراً كثيرة ..

كأن لا أكتفي بالدعوة عبر النت .. ولكن أتواصل مع كل من أعرفهم دائماً وأدعوهم إلى ما يصلحهم قدر الإمكان ..

ولكن ظروف الحياة .. وانشغال الناس .. وتحرجي من الاتصال بالناس في أي وقت .. وعجزي عن أن أتصل بكل من أعرفهم دائماً .. وعدم رغبتي في فرض نفسي على الآخرين .. حيث من هم أهل للأخوة في الله والصداقة وإخلاص النصح كثر .. ومن لم يتصل بي لعله وجد غيري ممن يعينه على ما كنت أدعوه إليه من الخير ( ففي الناس أبدال كما قال الشافعي ) ..

هذا هو الواقع ..

ولكن في طبع لا أحبه ولا أتعمده .. وهو أني أقع باللوم على نفسي وأتهمها بالتقصير وأشعر بالذنب والعجز ( القيود الخفية ) ..

فأحزن لذلك وأتألم كثيراً .. لم أنا هكذا ؟؟؟

وأنسى : أن الإنسان لا يمكن أن يكون كاملاً أبداً .. فإن كمل في ناحية نقص في أخرى .. والمواهب وزعها الله على خلقه ..

وهو سبحانه يقدر الأمور .. ويهب المواهب ..

وقد رأيت بالأمس برنامجاً عن التوأم السيامي .. وقد عرضوا فيه تؤأم سيامي ملتصق بالرأس .. وهما امرأتان وتبلغان من العمر 41 عاماً .. إحداهما قصيرة والأخرى طويلة .. والقصيرة صنع لها كرسي عالي من الاستيل تجلس عليه .. وربما صنع لها لأنهما لا تستطيعان المشي في نفس الوقت ..

والمنظر كأن رأس إحداهما داخل في رأس الأخرى والعكس صحيح .. وجه إحداهما للأسفل .. والأخرى إلى اليمين ..

تخيلوا هذا المنظر .. :(

ولكن هذه المرأة وأختها عاشوا كل هذه المدة وتكيفوا مع الوضع الذي خلقهما الله عليه .. وهما يذهبان إلى كل مكان لقضاء حوائجهما أو العمل ..

فقلت : سبحان الله .. والحمدلله الذي عافانا مما ابتلاهما به ..

فكل واحدة منها قيد على الأخرى تحد من حركتها .. وتمنعها من أن تدير رأسها لترى كل الجهات بسهولة ( قيود ظاهرة )

ولكن رغم ذلك تقبلا حياتهما وهما تلبسان وتخرجان وتصادقان وتعملان .. وتعيشان الحياة برضا ..

حتى حين سؤلتا إن كانتا ترغبان في إجراء عملية فصل لهما .. قالتا ليس هناك ضمان لنجاح العملية لذلك لا يرغبان بإجرائها ( حرصاً على الحياة ) ..

والحقيقة : أن المعوق ليس من أصيب بإعاقة معينة في جسده .. وإنما المعوق من كان سليماً معافى في جسده وعقله ولكن لا يستطيع أن يستغل ما وهبه الله من نعم ( مقولة أقولها دائماً ) ..

ولكن ..

(( وما تشاءون إلا أن يشاء الله )) ..

والمجتهد لا يرضى عن نفسه أبداً ..

ولو أراد إرضاء الناس فهي غاية لا تدرك ..

فالمرء طالما أنه في هذه الحياة يريد أن يقوم بأشياء كثيرة .. ويتمنى أشياء أكثر .. ولا يكون إلا ما يريده الله ..

وربما عمل قليل بإخلاص .. يسبق أعمالاً كثيرة ..

وأختم بدعاء الصحابي الملهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( أسأل الله أن يجعلنا من المقتدين به ) :


اللهم اجعل عملي كله صالحاً ولوجهك خالصاً ولا تجعل لأحد فيه منة