غريب نجد
14-12-2002, 08:37 AM
بعض النساء يصطحبن خادماتهن لحمل العباءة فقط
مفاهيمنا للتطور بنيت على تبعية ساذجة وتقليد أعمى
يوجد في مجتمعنا العربي ولا سيما الخليجي بعض المفاهيم التي لا يدرك معناها على الوجه الصحيح والأمثل ... بل تقوم بعض من فئات المجتمع بتكوين معان مختلفة لهذه المفاهيم ...ومنها ما يسلك المجرى الخاطئ سواء في التفكير أو في التعبير!.
من هذه المفاهيم، مفهوم التطور فالتطور بمعناه العام هو: التجديد والإبداع، والظهور بكل ما هو مفيد وجديد بحد ذاته ولكن ما الذي حدث للتطور؟ خاصة في منطقتنا الخليجية؟ المتأمل في حال شبابنا يشعر بالأسى لما آل إليه وضع التطور لديهم فالمشكلة هنا لا تكمن في كيفية التطور ولكن المشكلة هي مشكلة عقليات تملي عليهم التطور في شتى المجالات وخاصة في المنطق والملبس على حد سواء.
فالتطور في الكلام والمنطق وطريقة التحدث يتم بإدماج بعض المصطلحات المتعددة من اللغات الأجنبية بالإضافة إلى العربية ليخلق جوا من الحوار المتطور في وجهة نظره. وذلك لكي يعبر عن حالته أو عن هيئته أو عن موقف تعرض له أثناء يومه ولأن هذا المتطور عجز عن التعبير بلغته الأم فاضطر إلى اللجوء لبعض اللغات الأجنبية المساعدة له. علما بأن هناك شريحة واسعة من هؤلاء المتطورين لا يجيدون هذه اللغات. وينطقون ما لا يفهمون مجرد تطور... تطور فقط.
ويا ليت عددا من هؤلاء المتشدقين بتلك المصطلحات يقومون بتعلم هذه اللغات ويصبحون من الناطقين بها ليدخلوا عالم التطور الحقيقي الذي حث عليه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله:" من تعلم لغة قوم أمن شرهم".
كذلك نجد التطور الخاطئ يدخل في بعض المستلزمات التي وضعت للضرورة والضرورة القصوى مثل الهاتف الخلوي"النقال" والتي تحولت من خدمة مهمة في المجتمع إلى تطور... وانطلاقه بل أصبح أولوية من أولويات الحياة المتطورة ومن خالفها يصنف من فئة الرجعيين..... فلا تندهش عندما توصف ذات يوم بأنك امرؤ رجعي ودوني وتعيش في عالم الجهل وحدك لماذا؟ لأنك لا تحمل هاتفك النقال! والذي يدعى بلغة التطور" الموبايل".
ولعل التطور يكون في أسوأ حالاته عندما تبحث عنه في الأوساط النسائية على اختلاف طبقاتها العُمرية والعلمية ففي أرقى الأماكن العلمية كالجامعات والكليات ومكاتب الإشراف التربوي والمعاهد والإدارات التعليمية النسائية المختلفة ترى الأعاجيب! ولأنني ممن اختلط بهذه المجموعات فقد رأيت ما لا يصدق كما رأيته وشاهدته، فالطالبات في الجامعات مثلا وبعض أعضاء هيئة التدريس والمشرفات التربويات تجد بعضهن تأتي من منزلها وخادمتها برفقتها! لماذا؟ كي تقوم بمساعدتها في حمل حقيبتها من السيارة حتى تصل إلى القاعات الدراسية أو المكاتب الخاصة أو الإدارة ولكي تحمل عنها بعضا من كتبها"إن وجدت" كذلك تقوم بمساعدتها في خلع عباءتها والعودة بها إلى المنزل والحجة في ذلك واهية طبعا وهي عدم توفر أماكن نظيفة توضع بها العباءات! وفي نهاية الدوام الرسمي تجد الخادمة بانتظارها عند بوابة الخروج تحمل العباءة "النظيفة" وتستعد لحمل الكتب وما رافقها من مستلزمات! إنه التطور أليس من الأجدر أن تمارس هذه المتعلمة والمثقفة التطور بمعناه الحقيقي المشرف بأن تخلص وتتقن عملها الموكل إليها وأن تؤديه بكل أمانة؟ وأن تقوم بتطوير هذا العمل حتى تتفوق في مجالها بعمل الأبحاث المختلفة والأفكار المستجدة لتستفيد منها في خطة عمل مستقبلية لم يسبقها إليها أحد؟ ولكن للأسف بمجرد أن تقدم شهادتها الجامعية أو شهادات عليا وتسلمها مركزا مرموقا يبدأ عندها التوقف الذهني وينضب لديها التفكير العلمي ويبدأ معها صراع الطبقات الذي ما زال معول هدم لحضارتنا وتقدمنا بين الشعوب وهو السبب في تراجعنا الملحوظ يوما بعد يوم!
ومن ضروب التطور في مجتمعنا النسائي ما تراه في الملبس وطريقة اللبس فقد أصبح أتباع كل ما تحت الموضة من مفيد وفاسد نوعا من التطوير! ومواكبة العصر! ونحن في هذا المقام لا نعارض كل ما هو جديد في عالم الموضة وفي دنيا الأزياء ولكننا نعارض ما يراه العقل سذاجة وتبعية حمقاء لما هو غير مألوف سواء في اللبس أو في الشعر... قصاته وصابغاته! فقد أمسى اللبس غير المحتشم والموديلات المبالغ في خلاعتها والظهور بالصورة الغربية المشوهة والتي لا تراها في طبقات المجتمع الغربي... أمست أمرا مفروضا علينا نراه في كل مكان ونسمع عنه وكل يعبر بطريقته عن قناعاته في هذا المجال كل هذا من مبدأ تطور!!
فلم لا يكون التطور في الملبس باتباع ما هو مناسب من هذه الموضات وتسخيرها لنا كي نظهر بالشكل اللائق والمحترم والمتجدد يوما بعد يوم يحكمنا في هذا التطور الذوق الرفيع والجمال المتناهي.
أضف إلى ما سبق ذكره من أنواع التطور... التطور في السفرفهناك الكثير في أوساطنا منحت لهم فرص السفر داخليا وخارجيا وأمكن لهم التعرف على أصقاع الأرض شرقا وغربا فاستبدلوا ما هو أدنى بالذي هو خير... وقاموا بتجميع الأفكار المنحلة والمبادئ المنحطة وغلفوها بغلاف العولمة ثم قدموا بها إلى بلادهم ليطبقوها بحذافيرها بدعوى أزلية تعرف بالتطور الحديث.
ولو تحدثنا عن الحاسب الآلي ومجالاته فإننا سوف نعترف ونؤمن بأن هذا الاختراع البشري ما هو إلا سلاح ذو حدين ولكن ما يشعر بالأسى حقيقة هو الاستخدام الخاطئ والسلبي لهذا الإنجاز المتطور فهو إما أن يوصلك إلى القمة أو يهوى بك إلى القاع. وهذه الأخيرة هي حال معظم مستخدمي الحاسب الآلي في وطننا العربي الكبير وما يجعلك تتجرع مرارة الحزن هو أن التطور لدى مستخدمي هذا الجهاز يكمن في زيارة مواقع المحادثة السخيفة والتي تعرف بـ"Chat" أو في زيارة ما هو محظور ومن أمكن له اختراقها فهو متربع على عرش المتطورين أجمعين... يا للعجب!!
أهذا هو التطور في وجهة نظر شريحة عريضة من مجتمعنا الذي نعيش فيه فما يحدث داخل مجتمعنا ما هو إلا حالة من التوتر ... التوتر وليس التطور! إنه التوتر الذهني... إنه التوتر السلوكي. إنه التخلف والجهل بكل ما تحمل هذه النعوت من معان... إنه المرض الخبيث الذي انتشر في أوساطنا انتشار النار في الهشيم!.
إن التطور لدينا ما هو إلا تبعية ساذجة آن لنا أن نتخلص منها وأن نرمي بأفكارها لمفكريها ومنتجيها لنا حتى لا يصبح حالنا كحالهم ... يجب علينا التطور . نعم... التطور بالعلم والثقافة وأن نستفيد من كل ما يصلنا من إنجازات واختراعات لصالحنا أولا ولصالح أجيالنا من بعدنا... وأن نخرج من دائرة التقليد الأحمق الساذج... ونحاول القضاء على آفة التطور الخاطئ وأن نحد من ظاهرته . يجب أن يخرج منا المتطورون حقا والمثقفون فعلا، فكل شيء متوافر لدينا فالعقول ممنوحة والمادة موجودة ولله الحمد.
جريدة الوطن
نورة السعد الشهري ـ أبها
مفاهيمنا للتطور بنيت على تبعية ساذجة وتقليد أعمى
يوجد في مجتمعنا العربي ولا سيما الخليجي بعض المفاهيم التي لا يدرك معناها على الوجه الصحيح والأمثل ... بل تقوم بعض من فئات المجتمع بتكوين معان مختلفة لهذه المفاهيم ...ومنها ما يسلك المجرى الخاطئ سواء في التفكير أو في التعبير!.
من هذه المفاهيم، مفهوم التطور فالتطور بمعناه العام هو: التجديد والإبداع، والظهور بكل ما هو مفيد وجديد بحد ذاته ولكن ما الذي حدث للتطور؟ خاصة في منطقتنا الخليجية؟ المتأمل في حال شبابنا يشعر بالأسى لما آل إليه وضع التطور لديهم فالمشكلة هنا لا تكمن في كيفية التطور ولكن المشكلة هي مشكلة عقليات تملي عليهم التطور في شتى المجالات وخاصة في المنطق والملبس على حد سواء.
فالتطور في الكلام والمنطق وطريقة التحدث يتم بإدماج بعض المصطلحات المتعددة من اللغات الأجنبية بالإضافة إلى العربية ليخلق جوا من الحوار المتطور في وجهة نظره. وذلك لكي يعبر عن حالته أو عن هيئته أو عن موقف تعرض له أثناء يومه ولأن هذا المتطور عجز عن التعبير بلغته الأم فاضطر إلى اللجوء لبعض اللغات الأجنبية المساعدة له. علما بأن هناك شريحة واسعة من هؤلاء المتطورين لا يجيدون هذه اللغات. وينطقون ما لا يفهمون مجرد تطور... تطور فقط.
ويا ليت عددا من هؤلاء المتشدقين بتلك المصطلحات يقومون بتعلم هذه اللغات ويصبحون من الناطقين بها ليدخلوا عالم التطور الحقيقي الذي حث عليه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله:" من تعلم لغة قوم أمن شرهم".
كذلك نجد التطور الخاطئ يدخل في بعض المستلزمات التي وضعت للضرورة والضرورة القصوى مثل الهاتف الخلوي"النقال" والتي تحولت من خدمة مهمة في المجتمع إلى تطور... وانطلاقه بل أصبح أولوية من أولويات الحياة المتطورة ومن خالفها يصنف من فئة الرجعيين..... فلا تندهش عندما توصف ذات يوم بأنك امرؤ رجعي ودوني وتعيش في عالم الجهل وحدك لماذا؟ لأنك لا تحمل هاتفك النقال! والذي يدعى بلغة التطور" الموبايل".
ولعل التطور يكون في أسوأ حالاته عندما تبحث عنه في الأوساط النسائية على اختلاف طبقاتها العُمرية والعلمية ففي أرقى الأماكن العلمية كالجامعات والكليات ومكاتب الإشراف التربوي والمعاهد والإدارات التعليمية النسائية المختلفة ترى الأعاجيب! ولأنني ممن اختلط بهذه المجموعات فقد رأيت ما لا يصدق كما رأيته وشاهدته، فالطالبات في الجامعات مثلا وبعض أعضاء هيئة التدريس والمشرفات التربويات تجد بعضهن تأتي من منزلها وخادمتها برفقتها! لماذا؟ كي تقوم بمساعدتها في حمل حقيبتها من السيارة حتى تصل إلى القاعات الدراسية أو المكاتب الخاصة أو الإدارة ولكي تحمل عنها بعضا من كتبها"إن وجدت" كذلك تقوم بمساعدتها في خلع عباءتها والعودة بها إلى المنزل والحجة في ذلك واهية طبعا وهي عدم توفر أماكن نظيفة توضع بها العباءات! وفي نهاية الدوام الرسمي تجد الخادمة بانتظارها عند بوابة الخروج تحمل العباءة "النظيفة" وتستعد لحمل الكتب وما رافقها من مستلزمات! إنه التطور أليس من الأجدر أن تمارس هذه المتعلمة والمثقفة التطور بمعناه الحقيقي المشرف بأن تخلص وتتقن عملها الموكل إليها وأن تؤديه بكل أمانة؟ وأن تقوم بتطوير هذا العمل حتى تتفوق في مجالها بعمل الأبحاث المختلفة والأفكار المستجدة لتستفيد منها في خطة عمل مستقبلية لم يسبقها إليها أحد؟ ولكن للأسف بمجرد أن تقدم شهادتها الجامعية أو شهادات عليا وتسلمها مركزا مرموقا يبدأ عندها التوقف الذهني وينضب لديها التفكير العلمي ويبدأ معها صراع الطبقات الذي ما زال معول هدم لحضارتنا وتقدمنا بين الشعوب وهو السبب في تراجعنا الملحوظ يوما بعد يوم!
ومن ضروب التطور في مجتمعنا النسائي ما تراه في الملبس وطريقة اللبس فقد أصبح أتباع كل ما تحت الموضة من مفيد وفاسد نوعا من التطوير! ومواكبة العصر! ونحن في هذا المقام لا نعارض كل ما هو جديد في عالم الموضة وفي دنيا الأزياء ولكننا نعارض ما يراه العقل سذاجة وتبعية حمقاء لما هو غير مألوف سواء في اللبس أو في الشعر... قصاته وصابغاته! فقد أمسى اللبس غير المحتشم والموديلات المبالغ في خلاعتها والظهور بالصورة الغربية المشوهة والتي لا تراها في طبقات المجتمع الغربي... أمست أمرا مفروضا علينا نراه في كل مكان ونسمع عنه وكل يعبر بطريقته عن قناعاته في هذا المجال كل هذا من مبدأ تطور!!
فلم لا يكون التطور في الملبس باتباع ما هو مناسب من هذه الموضات وتسخيرها لنا كي نظهر بالشكل اللائق والمحترم والمتجدد يوما بعد يوم يحكمنا في هذا التطور الذوق الرفيع والجمال المتناهي.
أضف إلى ما سبق ذكره من أنواع التطور... التطور في السفرفهناك الكثير في أوساطنا منحت لهم فرص السفر داخليا وخارجيا وأمكن لهم التعرف على أصقاع الأرض شرقا وغربا فاستبدلوا ما هو أدنى بالذي هو خير... وقاموا بتجميع الأفكار المنحلة والمبادئ المنحطة وغلفوها بغلاف العولمة ثم قدموا بها إلى بلادهم ليطبقوها بحذافيرها بدعوى أزلية تعرف بالتطور الحديث.
ولو تحدثنا عن الحاسب الآلي ومجالاته فإننا سوف نعترف ونؤمن بأن هذا الاختراع البشري ما هو إلا سلاح ذو حدين ولكن ما يشعر بالأسى حقيقة هو الاستخدام الخاطئ والسلبي لهذا الإنجاز المتطور فهو إما أن يوصلك إلى القمة أو يهوى بك إلى القاع. وهذه الأخيرة هي حال معظم مستخدمي الحاسب الآلي في وطننا العربي الكبير وما يجعلك تتجرع مرارة الحزن هو أن التطور لدى مستخدمي هذا الجهاز يكمن في زيارة مواقع المحادثة السخيفة والتي تعرف بـ"Chat" أو في زيارة ما هو محظور ومن أمكن له اختراقها فهو متربع على عرش المتطورين أجمعين... يا للعجب!!
أهذا هو التطور في وجهة نظر شريحة عريضة من مجتمعنا الذي نعيش فيه فما يحدث داخل مجتمعنا ما هو إلا حالة من التوتر ... التوتر وليس التطور! إنه التوتر الذهني... إنه التوتر السلوكي. إنه التخلف والجهل بكل ما تحمل هذه النعوت من معان... إنه المرض الخبيث الذي انتشر في أوساطنا انتشار النار في الهشيم!.
إن التطور لدينا ما هو إلا تبعية ساذجة آن لنا أن نتخلص منها وأن نرمي بأفكارها لمفكريها ومنتجيها لنا حتى لا يصبح حالنا كحالهم ... يجب علينا التطور . نعم... التطور بالعلم والثقافة وأن نستفيد من كل ما يصلنا من إنجازات واختراعات لصالحنا أولا ولصالح أجيالنا من بعدنا... وأن نخرج من دائرة التقليد الأحمق الساذج... ونحاول القضاء على آفة التطور الخاطئ وأن نحد من ظاهرته . يجب أن يخرج منا المتطورون حقا والمثقفون فعلا، فكل شيء متوافر لدينا فالعقول ممنوحة والمادة موجودة ولله الحمد.
جريدة الوطن
نورة السعد الشهري ـ أبها