PDA

View Full Version : {صفحاتٌ مشرقة من سيرة الإمام أحمد بن حنبل}


المجاهد عمر
20-12-2002, 07:35 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ، ،

قررت نشر صفحات من سيرة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله على خمس حلقات ، والله يا إخواني ما قرأته عن الإمام أحمد جعلني أضع
يدي فوق رأسي ، حق لنا أن نتخذه إماما ، فنعم الإمام ونعم المربي
فهل تشاركونني متابعة هذه الصفحات البسيطة العطرة ؟؟


المجــــاهـــد عمــــر

المجاهد عمر
20-12-2002, 07:36 AM
الحـــلقـــة الأولى.......:)


هو شيخ الإسلام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني بن بكر بن وائل ، نشأ في خراسان واستقر ببغداد . نشأ يتيماً وطلب العلم وهو فتى وتعب في الرحيل إلى الأشياخ حتى لقد بلغ عدد من روى عنهم في المسند مائتين وثمانين شيخاً منهم عبد الرزاق الذي تتلمذ عليه أحمد في صنعاء ، وروى عنه عددٌ كبيرٌ من الفضلاء ، منهم البخاري ومسلم وأبو داو ود والنسائي والترمذي وابن ماجة ووكيع بن الجراح ويحي بن معين . رحل رحمه الله في طلب العلم إلى الكوفة والبصرة واليمن ومكة المكرمة حيث حج خمس مرات منها ثلاث حجها ماشياً .

كان رحمه الله طويل البنية أسمر اللون يخضب بالحناء ، يجلس في بيته متربعاً خاشعاً وفي بيوت الناس مؤنساً مبتسماً وقلما دخل عليه في بيته طالب علم إلا رأى في يده دفتراً يدرس منه أو يقرأ فيه ، ولانشغاله بالعلم لم يتزوج إلا بعد الأربعين ، وتزوج زوجتين وجارية ورزقه الله من الزوجتين عبد الله وصالحاً ومن الجارية زينب والحسن والحسين توأمين ماتا بعد ولادتهما ، ثم ولدت له الحسن ومحمداً وسعيداً .

كان رحمه الله شديد الورع والتقوى منذ كان في الرابعة عشرة من عمره وكان يشبه أستاذه سفيان الثوري في ورعه وتقواه ، وكان إذا افتقر لا يقبل عطاءً من أي إنسان ولكنه قد يكتب بالأجرة ليسد رمقه ويسلم من ذل السؤال ، وقد عرض عليه أصدقاؤه أموالاً في أيام شدته فكان يرفضها ، حتى لقد رفض عشرة دنانير عرضها عليه عبد الرزاق أستاذه ومائة درهم من يزيد بن هارون ، وعرض عليه شيخ من مكة مائة درهم حين ضاعت ثيابه فرفض أن يأخذها وأخذ منها عشرة فقط كتب بها للرجل ملزمة بخطه الجميل واشترى لنفسه بها ثوبين ، كان يفعل ذلك ويرد عطاء إخوانه وربما يكون جائعاً . فقد صلى عبد الرزاق يوماً وراء أحمد فأخطأ أحمد في القراءة ، فعلم عبد الرزاق أنه أخطأ لأنه لم يأكل منذ ثلاثة أيام .

وحدث اسحق بن راهويه أنه سكن في غرفة فوق غرفة أحمد في بيت عبد الرزاق فكان ربما سمعه ليلاً وهو سهران ، يصنع حبالاً وأشياء ليبيعها ويأكل من عمل يده ، يكف بهذا وجهه عن قبول هدايا الناس . وكان بعض الأشياخ من أهل المنصب والثراء من أمثال ابن علية ويزيد بن هارون إذا دخل عليهم الإمام أحمد لا يضحكون طوال المجلس ولا يسمحون لأضيافهم أن يضحكوا ما دام أحمد جالساً .

كان رحمه الله شجاعاً صلباً في الحق ، أرخص ما لديه روحه ، وقد أعز به الله الإسلام في فتنة خلق القرآن ، فصبر على الضرب والسجن والإهانة ، واقتدى به عدد من العلماء وظل ثابتاً ما وهن ، ولا استكان إلى أن رأى بعينه أقطاب الفتنة وهم يضربون ويعذبون في عهد الخليفة المتوكل الذي قمع الفتنة ، ونكل بمشعليها ، وفي مقدمتهم أحمد بن أبي دؤاد ومحمد بن عبد الملك الزيات وغيرهم .


يـتـبـع……

المجاهد عمر
21-12-2002, 02:54 PM
الحـــلـــقـــة الــثــانـــيـــــة..........:o


قال بعض تلاميذ أحمد إني لأتقرب إلى الله بذكر سيرة أحمد بن حنبل ، فما ذكر أحمد في مجلس إلا امتلأ المجلس بذكر الله وخشعت قلوب الناس ، واقشعرت جلودهم وهم يذكرون ما تحمله في سبيل الله من عذاب .
وقيل لبشر الحافي وكان من كبار الزاهدين حين ضرب الإمام أحمد وسجن : لماذا لا تعلن أنك لا تقول إلا بقول أحمد ، فقال : أقولها وأنا أتوقع العذاب والموت ؟ هذه منزلة لا يقدر عليها إلا الأنبياء . وكان العلماء السجناء الذين أودعوا السجون في الفتنة يسألون من يزورهم في السجن : كيف حال سيدنا –يعنون أحمد بن حنبل- الذي كان قدوتهم في الصبر والاحتساب .

قال أبو داو ود كانت مجالس أحمد مجالس الآخرة لا يذكر فيها شيء عن تجارة أو أعراض زائلة وما رأيته ذكر الدنيا قط . وقال عنه ابن النحاس : عرضت عليه الدنيا فأباها والبدع فنفاها . وقيل في أحمد : لسوطٌ ضربه أحمد في الله أكرم على الله من أيامنا كلها . لقد قام أحمد في الفتنة مقام الأنبياء وامتحن بالسراء والضراء فما كان فيهما إلا معتصماً بالله .

بلغ من ورعه أنه رهن سطلاً عند بائع حمص في مكة في مقابل شيء يقوته ، فلما أحضر الثمن قال له البائع هذان سطلان فخذ أيهما شئت ، فقال أحمد لقد امتحنني ، خذ السطلين والنقود ، فركض الرجل وراءه يعطيه سطله ويطلب دعاءه . ساءت حال الإمام أحمد أيام الخليفة الواثق فبعث إليه أحد المحسنين أربعة آلاف درهم ومعها خطاب يقول فيه : بلغني يا أيها الإمام ما أنت فيه من ضيق وما عليك من دين ووالله إن هذه ليست صدقة ولا زكاة ، فكتب إليه أحمد بارك الله فيك وصل كتابك ونحن في عافية . الدين لرجل لا يرهقنا وعيالنا في نعمه وردها الرجل مرتين وأحمد لا يقبلها مخافة أن يتعود قبول عطاء العبيد ، وحضر إليه غنيٌ محسن أيام فقره فقال له أحضرت إليك ميراثاً تركه لي أحد الأقارب وأنا في غنى عنه ، وما هو بصدقة مني ولا زكاة ، فلم يقبله أحمد فقال له الغني واسمه ابن الجروي : إنه ثلاثة آلاف دينار وكأنه يغريه بكثرتها فما كان منه إلا أن قام وتركه في المجلس عند ابنه صالح . وبعد مدة قال له ابنه صالح لو أخذناها لسددنا بها ديننا . فقال أحمد لو أخذناها لنفدت كأي مال وكتب علينا فضل الرجال . ورهن رحمه الله نعاله عند خباز باليمن فأسف لذلك شيخه عبد الرزاق وأهداه هدية من المال فردها ، ولما رحل من اليمن اكترى نفسه عند بعض الجمالين ليحصل مئونة الطريق .

وبعث الخليفة المتوكل يوم موته كفناً وحنوطاً فردها ابنه صالح ، فراجعه الوزير ابن طاهر ، فقال صالح : إن أمير المؤمنين أكرم أبي فأعفاه من كل أمر يكرهه ، وأبي يكره أن نقبل هذا لأنه أعد كفنه وحنوطه قبل موته . وكان إذا ذكر الدنيا قال قليلها يكفي وكثيرها لا يكفي ، وإذا ذكر الفقر والغنى قال أكثر ما يأتي الخير والتقوى مع الفقر . وكان رحمه الله لا يحب أن يذكر عند الوزراء كي لا يطلبوه . كتب مرةً خطاباً بليغاً إلى زميله اسحق بن راهويه فأعجب به اسحق وعرضه على الوزير عبد الله بن طاهر لشدة إعجابه به ، فلما بلغ ذلك أحمد انقطع عن الكتابة إلى اسحق .

كان يتأنق في ملبسه ونظافته وطيبه أما في الطعام فكان يتخشن مخافة أن تبطر نفسه وكان ربما جمع كسر الخبز فنفض عنها الغبار ثم نقعها في ماء وأكلها بشيء من الملح ، وما كان يشتري الفواكه الكمالية كالرمان والسفرجل إلا أن تكون بطيخة فيأكلها بخبز أو عنب أو تمر . وكانت زوجته أم صالح تغزل ليلاً وتبيع .




يـتـبـع……

الرميصاء
21-12-2002, 03:50 PM
الأخ الفاضل المبارك المجاهد عمر
اسأل الله لك الثبات والزيادة

سيرة عطرة ، ورائحة عبقه
ونور مضيء أنا سوالف
بسيرة إمام السنة وخير الامة في زمانه
ناصر الحق ، ومبطل الباطل
ذاق صنوف العذاب سنين طويلة من عمره
فما انحنى لدعاة الضلال
رفق بالإمة من الضلال وقسى على نفسه
امتحن امتحان الإنبياء فصبر واحتسب
مزق جلد عن لحمه وعظمه
فمازاده إلا صبرا وقوة
فأجزل الله له العطاء
ومن عليه بالنصر
وخذل عدوه ورد كيده في نحره
ونصره بصبره
فهو عبرة لكل صبار
فهو قدوتنا في علم الحديث
وقدوتنا في الصبر على الفتن 00000000

تابع أخي الفاضل بارك الله فيك فنحن في شوق لسماع المزيد 0000

Huda76
21-12-2002, 07:05 PM
أخي الكريم الفاضـل المجاهـد عمـر

مسـاء الخيـر ..

جزاك الله خيرا أخي الكريم على جهودك الكريمة وعرض هذه السيرة العطرة ..

في انتظار بقية الأجزاء ..

لك كل الإحترام والتقدير

مدردش متقاعد
22-12-2002, 12:17 AM
^1

سيرة عطرة و زكية لشيح و عالم جليل ناصر لحق و محيي السنة..

جزاك الله خيرا أخي المجاهد عمر على تكرمك بنقلها لنا.. (ما عليه نستثنيك من المنع;) )


تحياتي لك:glasses:

المجاهد عمر
22-12-2002, 01:50 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الموضوع غير منقول 100% ، بل من عدة مصادر ، وأنا قمت بكتابتها على الوورد وتنسيقها ، فهل تلغي جهودي ؟

عمر

F_Ashoor
22-12-2002, 04:04 AM
بارك الله فيك أيها المجاهد عمر وعوضك على تعبك

ننتظر بقية الحلقات لهذا الإمام القدوة

رحمه الله تعالى

هايدي
22-12-2002, 12:43 PM
أخي الفاضل .. المجاهد عمر

كم أحب سيرة الإمام أحمد بن حنبل ..

تبعث في نفسي نشوة غريبة ..
أتلمس من أسمه العزة والفخر بانتمائه لهذا الدين الخالد ..

جزاك الله خيراً أخي الفاضل .. وبورك في علمك ووقتك ..

المجاهد عمر
22-12-2002, 04:57 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ، ،

جزاك الله خيراً ، أسعدني مرورك وتعقيبك ، ونحن على ما وعدناكم من
إكمال لسيرة الإمام أحمد .


عمر

المجاهد عمر
22-12-2002, 04:59 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ، ،

وفيك بارك إن شاء الله ، وسعدنا بوجودك بيننا :)


ابو عمر المجاهد

المجاهد عمر
22-12-2002, 05:02 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ، ،

كلنا نحب الإمام أحمد ونفخر به ، رحمه الله تعالى . شكرا لمشاركتك وانتظري بقية الحلقات من سيرة هذا الجهبذ .


عمر

المجاهد عمر
22-12-2002, 05:04 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ، ،

تشرفت بمرور قلم بحجم قلمك على موضوعي ، فجزاك الله خيرا وأتمنى أن تكوني من المتابعات فذلك يهمني جداً .

عمر

المجاهد عمر
22-12-2002, 06:20 PM
الحــلـــقـــة الثالثة........:o

كان النصارى يحبون الإمام أحمد لحلاوة منطقه ، دخل عليه راهب وقال له : إني لأشتهي أن أراك منذ سنين وليس من أصحابنا أحد إلا وهو راض بك . وسئل رحمه الله : أيجوز أن يقول المسلم للكتابي : أكرمك الله . فقال : نعم ، إذا نوى أن يكرمه الله بالإسلام .

وكان يصلي في كل يوم ثلاثمائة ركعة ، فلما ضرب بالسياط ضعف فكان ورده في نافلته مائة وخمسين ركعة . وجاءه رجلٌ فقال له : إن أمي مريضة وقد أرسلتني لأطلب لها منك الدعاء ، فأجابه غاضباً : تظن بنا والدتك هذا الظن ونحن والله أحوج إلى دعائها منها إلى دعائنا ، ما نحن إلا خلقٌ مقصرٌ مذنب . ولما خرج الرجل أخذ أحمد يدعو لها ولشد ما كانت دهشة الرجل حين وصل إلى البيت فوجدها في خير وعافية . وإنما فعل أحمد ذلك حتى لا يقال شفيت بدعاء أحمد .

كان رحمه الله على فقره سمحاً كريماً يأتيه السائل لا يرد وكان كثيراً ما يتصدق بنصف ما في بيته وكان يستحي من الله أن يرجع السائل خائباً من بيته . وكان إذا قبل هدية ردها بعد وقت بأغلى منها . وأرسل إليه الخليفة المتوكل مبلغاً من المال ليفرقه على الفقراء ، فلم يأخذ شيئاً لنفسه ، وجاءه رجل من جلساءه معسر يقال له هارون المستملي فأعطاه أحمد مائتي درهم فقال هارون : إنها قليلة ، فقال له : ليس لك غيرها ولكن خذ هذه الثلاثمائة ففرقها ، قال هارون : والله سآخذها لنفسي ولا أفرق . فضحك أحمد إشارة الرضا .

كان رحمه الله صديقاً حميماً للشافعي ، فقال له الشافعي وهو في الثلاثين من عمره : أنت تحب أن تقابل عبد الرزاق في صنعاء وقد طلب إلي الخليفة الأمين أن ألتمس له قاضياً لليمن ، فاقبل الوظيفة لأنها تمكنك من الأخذ عن عبد الرزاق . فقال للشافعي : إن سمعت هذا منك ثانية لم ترني عندك . اعفني وإلا تركت البلد .

وقال له يوماً بعض جلساءه كيف أصبحت ؟ فقال : كيف يصبح من ربه يطالبه بالفرائض ، ونبيه يطالبه بأداء السنة ، وعياله يطالبونه بالنفقة ، والملكان يطلبانه بتصحيح العمل ، ونفسه تطالبه بهواها ، وملك الموت يراقب قبض روحه ؟


امتحـان الإمـام :-

ظل المسلمون في عافية من المذاهب المنحرفة والفرق الضالة ، وظلت شراذم الجهمية والمعتزلة وغلاة الشيعة خانسين في أوكار الريبة والذل ، خائفين من الخلفاء الأقوياء كالسفاح وأبي جعفر والمهدي والهادي والرشيد . وكان أولئك الخلفاء لا يتسامحون في من يدعو إلى ضلالة ، حتى إن الخليفة الرشيد رحمه الله أهدر دم بشر المريسي ، وقال : لله علي لئن أظفرني به لأقتلنه .
فلما كان عهد الخليفة المأمون بدأ عهد انفتاح على الثقافة اليونانية والرومانية ، وفتح عصر الترجمة فعرب كتب الإغريق والروم واستعان على ذلك بنصارى العرب ، فاختلطت الثقافة والتف عدد من الروافض والمعتزلة على المنافقين والجبناء وأصحاب المصالح حول المأمون ، فزينوا له مذهب الاعتزال وهو الذي يقول بأن القرآن مخلوق ، وبأن الإنسان مطلق الاختيار بلا حدود ، فاعتنق المأمون المذهب المنحرف وجعله مذهب الدولة وعاقب من لم يوافقه عليه ، وسار على خطوات المأمون خليفته المعتصم ، وتبعه على ذلك هارون الواثق فاشتد الكرب على علماء السنة وأئمة الحنفية القيمة ، وأصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر .

يتبــع…

220
22-12-2002, 11:04 PM
بارك الله فيك وجعل ذلك في ميزان حسناتك .

muhajer
23-12-2002, 01:31 AM
رد مقتبس من 220
بارك الله فيك وجعل ذلك في ميزان حسناتك .

طاح الحطب
23-12-2002, 07:02 PM
نحن نحتاج مثل هؤلاء في هذا الزمان الي كثر فيه شيوخ الرأساء

المجاهد عمر
24-12-2002, 05:45 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....

أعتذر إليكم عن إكمال سيرة الإمام أحمد ، يؤسفني هذا حقاً ، عوضكم الله عنها خيرا .


أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .


عمر

ARAE
25-12-2002, 12:11 PM
أخوي المجاهد عمر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أخي الكريم والله العظيم .. يشهد عليه الله أنني طبعت الحلقات الثلاث .. وأنتظر غيرها من الحلقات .. لأنني ..استمتع بقراءة هذا العالم .. إمام أهل السنه الجماعه .. وأريد أن اعرف بسيرته الذي لا يعرفه .. ودمتم .. لنا

الرميصاء
25-12-2002, 03:08 PM
هذا من أكبر الظلم لنا ولك أخي الفاضل أن تبدأ معنا سيرة هذا الجهبذ العظيم من العلماء ، ثم بعد أن ننتفع ونتأثر وننتظر البقية تقول أسف !!!

لن نعذر عن إكمالها نحن بانتظار البقية لأن أسف ليست بعذر 00

المجاهد عمر
04-01-2003, 08:33 AM
الحــلــقــة الرابــعــة.........:o

مات المأمون بعد إعلانه ذلك المذهب البدعي بسنة واحدة ، فانتقلت الخلافة إلى المعتصم ونجا الإمام أحمد من المأمون وذلك لأن المأمون طلبه إلى مدينة طرسوس ليمتحنه ، فلما وصل إلى طرسوس على الساحل السوري بشره الناس بموت المأمون ، فأعيد إلى بغداد هو وزميل له من خيرة العلماء يقال له محمد بن نوح . وكانا في قيودهما فتوفي محمد بن نوح ، وفك قيده وصلى عليه الإمام أحمد وقال أحمد بعد أن صلى عليه : رحم الله محمد بن نوح ، استراح من الفتنة ، وأرجو أن يكون قد ختم الله له بخير . لقد كنا معاً في طريقنا لامتحان المأمون وهو طول الطريق يوصيني ، يقول لي : يا أحمد أنت لست مثلي ، أنت إمام يقتدي بك ألوف العلماء ، فاصبر ولا تقل إلا ما يرضي ربك ، فإن قتلوك فلك الجنة إن شاء الله عند الله ولك في الدنيا ثواب كل من يثبت على الحق إلى يوم القيامة .
فلما استتب الأمر للمعتصم ، ظل أحمد رحمه الله في قيوده في السجن حتى مضى عليه في سجنه أكثر من سنتين ونصف ، كان أثناءها يصلي بالمساجين وهو في قيوده ويقرأ عليهم فصولاً من كتب العلم .
وأرسل إليه عالمان من المعتزلة يجادلانه في السجن فغلبهما فأضيف على رجليه قيدان آخران ، فأصبح في أربعة قيود . ومن طريف ما غلبهما به أنه سألهما : تقولان إن القرآن مخلوق ، فماذا تقولان في علم الله ؟ أهو مخلوق أم قديم ؟ قالا : هو مخلوق ، فقال لهما أنتما كافران بالله ، لأن كلامكما يعني أن الله جل جلاله مكث وقتاً بلا علم ، إلى أن خلق له علماً ، والمهم أن المعتصم سامحه الله أرسل وزيره بغا لإحضار أحمد من سجنه إلى دار الخلافة . وقبل أن يحمل الإمام إلى دار الخلافة حضر إليه اسحق بن إبراهيم نائب بغداد ، وكان اسحق في مطلع حياته متقشفاً زاهداً حافظاً للحديث ، وكان زميلاً لأحمد أيام كانا يلازمان الإمام الشافعي ، فقال له : يا أحمد ، إنه ليس أمامك والله إلا القتل ، ولو كان القتل بالسيف لهان الأمر ، ولكن المعتصم أقسم أن يقتلك ضرباً بالسياط وأنت لا طاقة لك بمثل هذه الميتة ، ولقد أقسم أن يقتلك في موضع لا يرى فيه شمسٌ ولا قمر ، يا أحمد قال الله تعالى ((إنا جعلناه قرآناً عربياً)) وجعلناه معناها أوجدناه وخلقناه ، قال أحمد : قال الله تعالى ((فجعلهم كعصفٍ مأكول)) معناها أوجدهم وخلقهم ؟
فسكت اسحق وسار الجنود بأحمد إلى مكان يقال له باب البستان ، وهناك أحضروا له دابة ، وحمل عليها وهو في القيود الثقيلة وكاد مراراً يسقط لثقل القيد على وجهه ، حتى أوصلوه إلى دار الخلافة . وهناك رأى آلافاً من العلماء ومن العامة ، جاءوا ليروا موقف أحمد ، فعلم أحمد أن الأمر جد ، وأنه إذا انحرف ولو بكلمة واحدة فسوف يقتدي به ألوف الناس ، فدخل أحمد وقد أجمع أمره أن يتحمل أبشع الموت في سبيل الله ، وألا يتحمل أوزار هؤلاء الناس الذين ارتضوه قدوة في الدنيا وحجة في القيامة .
وفي صباح اليوم التالي جاء من المعتصم رسول ليدخله مجلس الخليفة ، فقام والقيود الثقيلة في قدميه فرآه رسول المعتصم يشد تكة سرواله إلى أحد الأقياد ويحمل القيد على كتفه ، فقال له : لم تفعل ذلك ؟ قال : أخاف إذا اشتد الضرب أن تسقط سراويلي فأتعرى ، فتعجب الرجل . ثم لما دخل به على الخليفة المعتصم إذا عددٌ كبيرٌ من علماء المعتزلة ، وكان معظمهم من زملاء أحمد ولكن الخوف والتقية وحب المال والمنصب نالت من قلوبهم . ولاحظ أحمد أن المعتصم ينظر إليه برفق وأخوة ، وأن على وجه المعتصم سيما من الحنو والرغبة في نجاة الإمام ، بينما رأى الوزير أحمد بن أبي داؤد وعلى وجهه غبرة حقد يمازجها تخوف وكراهية. وأشار الخليفة المعتصم إلى الإمام أن يدنو منه حتى قربه جداً وقال له : اجلس . فجلس وهو في أقياده . ثم قال للخليفة أتأذن لي أن أتكلم وأخاطب هؤلاء . قال المعتصم : تكلم . فقال أحمد يخاطبهم : إذا جئتموني بكلمة من كتاب الله وسنة رسوله تؤيد ما تمذهبتم به فإني أتبعكم . فانبرى إليه أحد علمائهم وقال له : يقول الله تعالى ((الله خالق كل شيء)) والقرآن شيء . قال أحمد : يقول الله تعالى عن الريح التي أهلكت قوم هود ((تدمر كل شيء بإذن ربها)) وهي لم تدمر إلا ما أراد الله لها أن تدمره ، فقال المعتصم : لولا أني وجدتك في قيد من قبلي ما عرضت لك ، ثم قال لمدير الشرطة : ألم آمرك برفع المحنة ؟ فاستبشر أحمد لكن أحمد بن أبي داؤد قال للخليفة : هو والله يا أمير المؤمنين كافرٌ مبتدع ، وهو يسفه رأي الدولة ، فقال : إذن ناقشوه ، فطفق علماؤهم يجادلونه وهو يجيبهم أجوبة مسكتة كأنما يصفعهم بالإجابة صفعاً .

فماذا حدث بعد ذلك ؟ هذا ما سوف نعرفه في الحلقة الأخيرة من هذه الصفحات من سيرة الإمام أحمد …….يتبع .

ARAE
04-01-2003, 08:37 AM
جزاك الله خيرا يا مجاهد !!! واحسبك قد نسيته ونسيتني . ولكن الحمد لله:)

المجاهد عمر
07-01-2003, 08:25 AM
الحلــقــة الأخـــيرة..........:o


ثم أراد ابن أبي دؤاد أن يناقش الإمام ، فلما كلمه لم يلتفت الإمام إليه فقال له الخليفة : لماذا لا تجيب الوزير ؟ فقال : يا أمير المؤمنين هذا ليس من أهل العلم ، فقال الخليفة : يا أحمد والله لئن أجبتنا إلى ما ندعوك إليه ورجعت إلى آراء زملائك أهل العلم لأطلقن عنك بيدي ولأركبن إليك بجندي . وقال للإمام : يا أحمد ، والله إني لأشفق عليك كشفقتي على ابني هارون ، فالتفت إلى الخليفة وقال : أريد يا أمير المؤمنين أي شيء من كتاب الله وسنة رسوله ، ومكث المعتصم أربعة أيام يحضره كل يوم إلى المجلس ويرسل إليه في السجن من يرجوه أو يقنعه أن يقول كلمة واحدة تنجيه فلم يزد أحمد على قوله أريد شيئاً من كتاب الله وسنة رسوله ، وعندئذٍ حنق المعتصم وقال : أحضروا العقابين والسياط ، والعقبتان خشبتان يوضع المضروب بينهما ليظل واقفاً للعذاب فما أوقف بين الخشبتين ، لان المعتصم له ، فقال ابن أبي دؤاد : إن تركته استهان الناس برأي أخيك المأمون رحمه الله وهانت عليهم أوامر الدولة ، وعندئذٍ أمر المعتصم بضربه على أن يضربه كل جلاد سوطين يرجو بذلك أن يعود أحمد لمقال الخليفة بين دور الجلاد والذي يليه ، حتى انخلعت يدا أحمد ، وعلماء المعتزلة يقولون له إمامك وإمام المسلمين على رأسك وترد رجاءه وتعصي قوله ، وهو يقول بل كتاب الله وسنة رسوله ، ثم لم يزل الجلادون يتعاورونه حتى لم يعد فيه فائدة ، وذهب عقله ولم يفق إلى نفسه إلا والقيود محلولة عنه ، فجاءه رجلٌ بشراب فقال الإمام أنا صائم لا أفطر ، وحضرت صلاة الظهر فصلاها والدم ملء ثيابه ، فقال له القاضي ابن سماعه : تصلي والدم ملء ثيابك ؟ فقال : لقد صلى عمر يوم قتل والدم يثعب من جرحه . ثم أمر الخليفة أن يخلى سبيله فعاد إلى بيته في نفس بغداد ، وهو بين الحياة والموت ، واستغرقت محنته بين السجن والقيود والتعذيب ثمانية وعشرين شهراً ، خرج منها ممزق الجسم ، شامخ الروح ، إماماً لكل عالم في الصبر على البلاء في الله .

ومنذ عاد إلى بيته ثبت الله به السنة ، وقوى شوكة الجماعة ، وجمع به شمل الصابرين ، وأصبح الناس يرون في أحمد ولياً من أولياء الله ، إذا سأل الله أجابه ، وإذا استعانه أعانه ، وأرسل إليه أغنياء المسلمين بالعطايا الجزيلة ، فما عرف عنه أنه قبل من الناس درهماً واحداً ينفقه على نفسه ، وعاش رحمه الله حتى جاوز الخامسة والسبعين ، وقدر الله له أن يرى أحمد بن أبي دؤاد في أشد العذاب ، وكل رؤوس المعتزلة ، ولما توفي رحمه الله سارت بغداد خلف جنازته عن بكرة أبيها ، وبكى عليه المسلمون والنصارى واليهود ، حتى لقد قدر من حضروا جنازته بمليون ، وأوصل البعض عددهم لمليونين ، رحم الله الإمام أحمد وجزاه عن الإسلام خير ما يجزى به عالم مجاهد ، بذل في الله روحه وراحته .


تمت


المجــاهــد عمــر

الرميصاء
07-01-2003, 03:39 PM
جزاك الله خيرا ألأخ الفاضل المجاهد عمر وبارك في جهودك المباركة والتي أسأل الله أن يثيبك عليها 000000

dbooor
07-01-2003, 05:27 PM
رد مقتبس من الرميصاء
جزاك الله خيرا ألأخ الفاضل المجاهد عمر وبارك في جهودك المباركة والتي أسأل الله أن يثيبك عليها 000000

فتى الإيمان
07-01-2003, 05:57 PM
جزاك الله خيراً
يا أخي في الله
( المجاهد عمر )
وبارك الله فيك على ذكر
سيرة إمام أهل السنة والحماعة
أحمد بن حنبل رحمه الله

وللإستفادة أكثر الرجاء سامع هذا الشريط الرائع
للسيرة العطره فهذا هو الرابط

http://www.islamway.com/bindex.php?section=lessons&lesson_id=4687&scholar_id=154


ولا تنسانا من دعائكم الصالح