القوية بالله
26-12-2002, 11:40 PM
ذكر ابن كثير في تاريخه أن رجلا من الضعفاء كان له عند بعض الكبراء مال كثير فماطله و منعه حقه و كلما طلبه الفقير آذاه و أمر غلمانه بضربه فاشتكاه الى قائد الجندفما زاده ذلك إلا منعا و جحودا ، قال هذا الضعيف المسكين : فلما رأيت ذلك يئست من المال الذي لي عليه و دخلني غم عظيم فبينما أنا حائر إلى من اشتكي؛إذ قال لي رجل: ألا تأتي فلان الخياط إمام المسجد فقلت و ما عسى أن يفعل الخياط من هذا الظالم و أعيان الدولة لم يقطعوا به من شيء فقال الرجل: الخياط هو أقطع عنده من جميع أعيان الدولة فاذهب لعلك أن تجد عنده فرجا فقال: فقصدته و أنا يائس من أن ينفعني بشيء فذكرت له حاجتي و مالي و ما لقيت من هذا الظالم فقام وأقفل دكانه حتى وصل إلى بيت الرجل فلما رأى الخياط فزع و أكرمه و احترمه قال له الخياط أعطي هذا الرجل حقه فأنكر فصاح الخياط : ادفع إلى الرجل و إلا أذنت فتغير لونه قال: لا إلا الأذان فقال كم حقك : فأخبرته به فدفعه إلي كاملا ، فسألته عن خبره فألححت عليه لماذا هددته بالأذان قال: قد أخذت مالك فاذهب، فقلت لا بد أن تخبرني، قال الخياط قبل سنين كلن عندنا أمير تركي من أعوان الدولة ، و كان هناك شاب جميل فمرت امرأة حسناء قد خرجت من الحمام فقام إليها و هو سكران و حاول أن يدخلها منزله و هي متزوجة و حاولت أن أدفعه فضربني و شج رأسي و غلب المرأة على نفسها فأدخلها منزله قهرا و صحت بالناس: أن هذا الرجل قد فعل ما فعل فذهبت أنكر عليه أنا مع الناس فضربني ضربا مبرحا و أخرجنا من منزله و تحيرت ماذا أصنع فألهمت أن أصعد المنارة و أأذن الفجر في أثناء الليل لكي يظن الخبيث أن الصبح طلع ، وبدأت أأذن فلم يخرج أحد من داره و قلت سأقيم الصلاة ، فبينما أنا أقيم الصلاة امتلأ الطريق حراس الملك و قالوا :من أذن، قلت: أنا أذنت ، قالوا : انزل و أجب الخليفة و ساقوني حتى أدخلوني على الخليفة فلما رأيته ارتعدت فقال لي : أدنو و دنوت منه قال: ليسكن روعك وليهدأ قلبك فما يزال يلاطفني حتى اطمأنت نفسي و ذهب خوفي قال: ما حملك أن أذنت في هذه الساعة؟ قلت: يأمرني أمير المؤمنين حتى أقص عليه خبري قال : أنت آمن فذكرت له القصة و ما فعل الشاب ، فأمر بإحضاره و إحضار المرأة و زوجها ، فقال للرجل كم عندك من الرزق و الزوجات ؟ فذكر له شيئا كثيرا قال: ويحك! لما انتهكت حرمة الله و دميت رجل نهاك عن المنكر ثم أمر به فأدخل في كيس و ربطه به ثم أمر بالسكاكين حتى خمد و القي به في دجلة و الدماء من تسير ثم قال الخليفة : يا أيها الرجل الصالح كلما رأيت منكر صغيرا أو كبيرا كان .. و لو حتى على هذا(يعني أمير الشرطة ) فأعلمني فاءن استطعت أن تؤذن فبيني و بينك الآذان.