PDA

View Full Version : نورة وآخرين ....أيتام ليسوا كغيرهم .


andalusya
01-07-2003, 07:13 PM
يا لطفولتهم البائسة ...
رسم ذات مرة أحد الرسامين صورة لطفل بائس حزين ...فاشتهرت صورته ...وجعلت منه رساما مغموراَ..
على الرغم من أن تلك الصورة لم تنقل لنا قصة ذلك الصبي الشقي...
ولم تشر إلى أي نوع من الظلم قد تعرض له ...
غير أن دموعه التي أنطقها الرسام بحرفية عالية ..
وهي تتساقط من عينيه ..
كانت كصورة ثلاثية الأبعاد .. توحي لمن يتأملها صنوفا من العذاب قد مر بها الصبي الصغير...

ليت ذلك الرسام كان معي .. في المكان الذي ذهبت إليه والتقيت فيه بعدد من الأيتام الصغار ..
ليته التقى بهم لينقل صورهم للعالم ...
ويرسم كل ما فيها من تعابير ظاهرة للعيان عن معاناة عاشوها في حياتهم ..
حياة لم تتجاوز سنوات بعدد اليد الواحدة...أو اكثر بقليل ..

وجوه شاحبة ..أجسام هزيلة كأجسام الأشباح ..ذبول كذبول الأزهار الصغيرة قبل تفتحها...
كيف اغتيلت الضحكات والابتسام من على شفاههم ؟؟!! ...
وكيف سرقت البراءة من عيونهم...تلك العيون ..
لن ترى فيها سوى سهاماَ عدوانية تحاصرك وأنت تحدق في وجوههم ..
تتهمك وتجعل منك شريكا مع من كان سببا في آلامهم و عذابهم ..
لقد غُدِرَ بهم ...وتم رفضهم من المجتمع ...وانتهى بهم المطاف إلى ((دار رعاية الأيتام ))

****
لفتت انتباهي ...
ليست كغيرها من الأطفال ...ربما لأنها لازالت تتمسك بقليل من الأمل !! في أن تلتقي بيد تربت على كتفيها وتمسح الدموع من على خدها ..
تلتقي بمن يعوضها عما فقدته من حب وحنان ..
كان لها حضن دافئ ومطمئن ..فأبت بعض النفوس الدنئة إلا أن تنتزعها من ذلك الحضن وتسحقه بكل ما أوتيت من وحشية ..وخسة ..

اقتربت منها ..وكنت حذرة خوفا من أن تهرب مني ....
لكنها فاجأتني حين اقتربت مني أكثر ..
نظرت إلى كيس الهدايا في يدي ..
عرفت ما كانت تريده أخرجت لها هدية صغيرة وأعطيتها لها ...
قبل أن تمسكها سألتها ...ما اسمك يا وردتي الصغيرة ..أجابتني ..نورة ..أخذت الهدية وانصرفت بهدوء غير مبالية بشيء آخر سواها ..

فضول شديد دفعني لطلب ملف نورة ..قدمته لي الموظفة المسئولة ..
أخذته معي للمنزل ..وكنت أتعجل الوقت لأتفرغ لقراءته ..
ومعرفة ولو جزء بسيط عن حياة تلك الوردة الصغيرة الذابلة ..نورة

وقرأت الآتي ...

......................................

لطول الموضوع ...يتبع


تحياتي

أندلسية

زمردة
02-07-2003, 08:15 AM
بانتظار البقية ..

لكن عندي استفسار أو أكثر .. وهو :

لو أراد مسلم أن يكفل يتيماً أو يتيمة بأن يحتضنهما في بيته حتى يعوضهم شيئاً ولو قليلاً عن فقد آبائهم وأمهاتهم ..

فهل يمكن ذلك ؟

وما هي الإجراءات ؟؟

وأين يجدهم .. إن لم يكن لهم أقارب ؟؟؟

يعني ما هو المكان الذي ذهبت إليه ؟

هل هو ملجأ أم مستشفى ؟

وهل هو هنا عندنا في الإمارات ؟

ولم لا يعرض على الأسر تربية هؤلاء الأيتام .. بدلاً من تجميعهم في مكان واحد ؟

على أن يتأكدوا تماماً من قدرة هذا الشخص المربي على الإنفاق .. والإحسان إلى هذا اليتيم ..

حروف سوالف
02-07-2003, 09:42 AM
أكملي اختي andalusya
فنحن ننتظر ؟؟!!
تحياتي لك ولتواجدك بيننا :)
اخوك حروف سوالف

Huda76
02-07-2003, 11:11 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أختي العزيزة أندلسية

مسـاء الخيـر أختي الكريمة ..

مع قراءة كل مشاركة لك - من خلال الردود - كنت أتوق شـوقا إلى قراءة إبداع ذلك القلم في موضوع متكامل (( بإسمك )) لما كنت أراه من فكر واع وذوق رفيع ..

وهأنذا أقرأ هذا الموضوع الإنساني الذي أقل ما يقال عنه بأنه موضوع راقي .. طرح بأسلوب راااااااااائع ومشـوق ..

بارك الله فيك وحفظك من كل ســـوء ..

غاليتي .. نحن في الإنتظــار ..

لك كل الإحترام والتقدير

عروبة
03-07-2003, 07:38 AM
عزيزتي أندلسية:

أنا في شوق لمتابعة الموضوع ......

الأسلوب رائع .....

يالله نبي نعرف عن نورة أكثر ....

تحياااااااتي:)

andalusya
03-07-2003, 03:40 PM
أختي الفاضلة زمردة
بارك الله فيك على متابعتك الواعية وتعليقك الطيب
اما عن تساؤلاتك ..فقد حاولت أن أجيبك عليها عن طريق البريد لكني لم أتمكن من ذلك ...لسرية مالدي من معلومات ...
وأتمنى أن تراسليني للضرورة ..


أندلسية

andalusya
03-07-2003, 03:42 PM
أخي حروف سوالف
بارك الله فيك ....وأنت من يجب علي شكره ..لمرورك وردك الطيب


أندلسية

andalusya
03-07-2003, 03:55 PM
هدى الغالية :)
جزاك الله خير الجزاء عن كل كلمة سطرتها بحقي ... والله إن كلماتك تحملني مسؤلية عظيمة في طرح المواضيع القادمة ...وأنا مقلة جدا من حيث الكتابة ..ولا أتمنى إلا أن أكون عند حسن ظنكم بي..
وفقك ربي لما يحب من الخير دائما

شكرا لك ..جزيل الشكر
أندلسية

andalusya
03-07-2003, 03:58 PM
في بيت قديم متهالك حيث يمتزج البؤس .. والعجز .. والألم والحرمان .. عاشت أم نورة ...
بيت خلا إلا من بعض الأثاث البسيط التالف و أم مقعدة ضريرة لا حول لها ولا قوة ....

طلبها يوما أحد الأغنياء للزواج بعد أن أعجب بجمالها الباهر وصغر سنها واشترط أن يكون زواجا سريا ....
ولأنها ما كانت " أو لم تكن " تحلم بأبعد من ثري ينقلها من البؤس الذي تجرعته في كل دقيقة من حياتها ..
إلى حياة الترف والرفاهية ... وافقت على الزواج منه مع ذلك الشرط الجائر بحقها.

لم يمض الكثير من عمر زواجهما غير المتكافئ ..
لتكتشف أن ذلك الحلم الوردي الذي طالما راودها ...
ما كان سوى سراب بقيعان سرعان ما انتهى وتلاشى ..
لتجد أمامها رجل جمعت الأيام فيه مساوئ الأخلاق كلها ....
لا هم له سوى الجري وراء المحرمات و ارتكاب الكبائر
فمن تعاطي المخدرات و إدمان للكحول ... إلى تعلقه بالنساء ...
بخله وطمعه ..ثم عصبيته ..كلها صفات حطمت أحلام أم نورة الوردية ولونت حياتها بألوان داكنة وكئيبة ..أكثر مما كانت عليه ..

وفي ظل تلك الظروف السيئة أبصرت نورة الحياة ..
هبة ربانية علها تخفف عن والدتها المسكينة بعضا من همومها ...فتكون سلوتها وملاذها الذي إليه تهرب كلما داعبتها أو نظرت إليها ...
ما اهنأ تلك الصغيرة بحنان أمها..دون أن تعلم ما تخفيه لها الأقدار. وما أهنأ الأم بها.


مرارا وتكرارا حاولت الأم أن تطلب من زوجها الانتقال للعيش في بيئة أفضل ...
لخاطر تلك الصغيرة على الأقل ..لكن طلباتها وأمانيها لم تكن سوى زفرات وحسرات تزيد من آلامها وعذابها.
.وتزيد من مرضها الذي بدأت تعاني منه .

..........

في إحدى الليالي المظلمة ..
دخل والد نورة على زوجته وهو يعاني من حالة سكر شديدة ...
تذمرت المسكينة من تلك الحالة المزرية ...
لكن سرعان ما بدأ صراخه يعلو دون سبب...
وفجأة حمل معه نورة دون أن تعلم الأم إلى أين ؟؟
أو لماذا فعل ذلك ؟؟

طال غياب ذلك الوحش ...وطال غياب نورة !!
بقيت أياما طويلة وهي تبكي بحرقة لفراق قرة عينها آملة أن يرق قلبه فيعود بها .

لكن أيا من ذلك لم يحدث ..اشتد بها الحزن ...
وازداد عليها المرض حتى ماتت في ذلك البيت الكئيب حسرة وألما ...
...وتركت أمها العجوز الضريرة ...لتروي هذه الأحداث ..

....
وفي بيت والد نورة ...حيث أخذها لتعيش مع زوجته الأجنبية ...بدأت سلسلة العذابات تتوالى على تلك الصغيرة

فزوجة والدها لم تعرف الرحمة طريقا إلى قلبها ...
كم نامت نورة بجوعها وعطشها .. وكم تقرح جسدها الطري من شدة الإهمال وتراكم الأوساخ ..

وكم مرضت وارتفعت حرارتها فلم تجد من يسهر بجانبها ..ليعتني بها

وكم حاولت أن تفهم سبب الضرب الوحشي والعنيف الذي تناله باستمرار ....
كم أحرقت جسدها بالنار عندما كانت تخطئ كغيرها من الأطفال ..
والكثير الكثير من الذكريات المؤلمة التي لن تنساها تلك الطفلة البريئة ...

وإن نستها جميعها فمحال أن تنسى تلك الجريمة الوحشية...
التي كادت أن ترتكب بحقها وهي لم تتجاوز عامها السادس بعد

كان والد ها مسافرا إلى إحدى دول شرق آسيا كعادته ....
وبلا رحمة او خوف من ربها ...
اتفقت زوجته القاسية مع أحد الذئاب البشرية على بيع جسد نورة له ....
مقابل حفنة من المال عن كل ليلة..
لم ينقذ تلك الصغيرة سوى صوت صراخها الذي سمعه أحد المارة خلف نافذتها المنطفئة ...
وأبلغ على أثره مركز الشرطة

اقتحم رجال الأمن المكان وأخرجوا الصغيرة منه وهي في حالة يرثى لها من الذعر والهلع
فاقتادت تلك المجرمة إلى مركز الشرطة مع من كان معها من عبدة الشيطان ..
......
يا إلهي .. أحسست بارتباك وحيرة شديدة ... وتعطلت قدرتي على التفكير من هول ما قرأت ... كدت أصرخ بصوت عالٍ ... هل هكذا وحوش ...تعيش بيننا !!!

أودعت نورة دار رعاية الأيتام بعد أن أُبلغ المركز أنه
لا تتوافر عنها أية بيانات أو مكان تؤخذ له...
سوى بيت جدتها العجوز الضريرة المقعدة.

رحلت نورة إلى تلك الدار وهي لا تحمل معها سوى خلفية ماض معتم وموحش لمستقبل مجهول وكئيب.

مسكينة أنت يا نورة ....

ومسكين كل من كان يعيش حياة كحياتك البائسة .
هل ستكون الأيام القادمة كفيلة بأن تتصالح معها ...فتنسى كل ماجرى لها ؟؟
ربي ارحمها ...وارحم من كان في مثل مكانها ...ربي فاض الظلم ...وانتشر الفساد في البر والبحر ...فأنقذ عبادك من ظلم أنفسهم ومن ظلم الآخرين لهم ...



تحياتي لكم

أندلسية

andalusya
03-07-2003, 04:24 PM
أختي الفاضلة عروبة
جزيت كل الخير لمرورك على الموضوع ...وترك بصمتك فيه:)

أندلسية

زمردة
03-07-2003, 06:05 PM
هل يعقل أن يوجد أناس كتلك المرأة ؟؟؟

والله أني بعد أن قرأت الجزء الأول من قصة نورة .. وأنا أكتب لك الرد الأول .. لم أستطع أن أكف عيني من البكاء لحال هؤلاء الأيتام .. حين تخيلتهم يعيشون بدون أهل محرومين من الحب والحنان ..

فكيف بتلك المرأة أن تتجرد من فطرتها و تصنع هذا الصنيع بهذه الطفلة ؟؟؟

إنها الغفلة .. بل الكفر بما شرع الله ..

والمحروم من حرم الأجر .. وإلا فأين هم عن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - :

{ أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وقال بإصبعيه السبابة والوسطى } [البخاري:10/365].


وأين هم من هذا الثواب العظيم ؟ :

عن أبي أمامة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرَّت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين" وفرَّق بين إصبعيه السبابة والوسطى (رواه أحمد).


من لليتامى؟
http://www.lahaonline.com/Studies/DesertedSu/a1-12-08-2002.doc_cvt.htm


بارك الله فيك أختي أندلسية .. وكثر من أمثالك ..

Huda76
04-07-2003, 03:46 PM
لا حول ولا قوة إلا بالله

أختي الحبيبة أندلسية

بارك الله فيك وفي قلمك الذي استطاع أن يجسّد حالة البؤس والشقاء الذي عانت منه تلك الطفلة البريئة ..

كلماتك اخترقت الآذان لتجد لها صدى بل مستقرا لكل صاحب قلب رحيم ..

مأســاة يـتـيـــم (http://www.anashed.net/audio/alyatem/masat_yatem.rm)

الله المستعــان ..

لك تقديري وإحترامي

متاهه
05-07-2003, 12:11 AM
تناثرت دموع طفل..
فتلقفها (رسام)!
تماماً كما يحدث اليوم..
لـ(ـدموع) أطفال شتى..
تحتضنها شاشات (التلفزة)..!
وكما تنافست من أجلها (الأقلام)..!

غريبة هي الدنيا..!
وكأنما أصبح الصعود على الأكتاف..
طبيعة (بشرية) محضة!
لعل في كل تلك الجهات..
تعاطف من جانب ما..
و(غالباً) هناك هدف (ذاتي) يلازمه!

ليست الدنيا الغريبة..
بل هو الإنســـــان(!)

أترى مدخلك(المختلف) للموضوع..
أخذني بعيداً حتى أني لم أعد قادرة..
على التمييز بين هذا وذاك!
فعــــــــذراً..

وجاءت (البقية)..
و(رافقتك) في قراءة ملف الصغيرة..!
لنعايش عبر حروفك..
مأساة تتكرر..
وألماً ما يلبث أن يلتئم..
حتى يعاود النزف..
من جديد..

كان (الهادي) في عونها..
ومن مثلها..
وجزيت خير الجزاء..
على هكذا طرح..
وعدينا بالمزيد..

فكيف لي أن أتخلف..
عن هكذا (قلــــــم)..!

متاهــــــه..

بو عبدالرحمن
06-07-2003, 11:05 PM
-
الأخت الفاضلة / أندلسية
......... رحم الله والديك ورفع الله قدرك

ابتداء ... أحيي فيك هذا الحس المرهف . وابارك لك هذه الموهبة الأدبية البديعة ..
وأسأل الله سبحانه أن يعينك على توظيف هذا الحس مع هذه الموهبة الكتابية ،
لنرى مع الأيام مقطوعات رائعة مؤثرة ينتفع بها خلق كثير

كانت مقطوعتك اليوم متألقة ومؤثرة ..
مدخلها رائع .. وسردها جميل .. وموضوعها مختار بعناية
واصلي السير فإنك منطلقة بشكل رائع .واستعيني بالله ولا تعجزي

ورب كلمة يقولها الإنسان يرفعه الله بها درجات في الجنة ..
اجعلي هذا همك الأول ... وسيعينك الله سبحانه
وسيضع لك القبول .. ولموضوعاتك البركة ..
وسيجد الآخرون صدى هذه الكلمات ان شاء الله ..
تحياتي إليك وخالص دعواتي من أجلك
ولا تنسي أخاك من دعواتك الكريمة

aziz2000
27-07-2003, 05:27 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رائع اختي اندلسية ماكتبتيه رغم شدة ألمه

نتمنى رؤية مساهماتكِ المتميزة مرة أخرى في سوالف

تقبلي تحياتي :)