(+_+)
18-07-2003, 07:09 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تتنوع وتتغير رؤى الاصلاح والتغيير وفقا للظروف المحيطة والتي يراعى فيها دائما وضع الزمان والمكان ولغة الخطاب اضافة لردات الافعال والتي تشكل مع بعضها منظومة تسير وفق فهم وإعمال واستنباط ما يلائم ذلك من الموروث المقدس الذي جاء محكما قطعيا في ثبوته ودلالاته بعيدا عن أفهام الشخوص واجتهاداتهم التي هي قابلة للأخذ والرد وفق تأكيدات النص المقدس نفسه
ولا شك ان مراجعة مثل هذه الافهام والتأمل فيها ظاهرة صحية يراعى فيها واقع الامة ومصلحتها ومدى جدوى ما طرح وقدم من حيث التقدم والتقهقر ومن حيث المصالح والمفاسد.
وبنظرة متأملة لما كان سائدا في واقعنا المحلي نجد
ان هذا الطرح قديما اكتنفه الكثير من التراكمات والتجنيات والتي هي ليست عامة وشاملة ولكنها طالت شريحة كبيرة جدا من رموزنا ومتلقينا على اختلاف مشاربهم والتي تبدأ من التعالي والاعتداد برؤى شخصية للموروث الثقافي والذي صورت فيه هذه الرؤى وكأنها وحي مرادف للنص من ناحية التقديس والاجلال والذي اضفي على مفسره وناقله كاريزما مخيفه تمنع عنه الهفوة ناهيك عن الخطأ التنظيري الذي يتجاوز ضرره الفرد الواحد بل يتجاوز مداه الى مجاهيل عقول المريدين الموغلين في اطروحات هذه النخب والزعامات المقدسة من وجهة نظرهم .
وتنتهي هذه التراكمات بالجلد للمخالف لهذه الرؤى غير المعصومة ونقل مخالفته من اختلاف تنوعي الى معاداة لأصل الدين ومن ثم التبديع أو التفسيق أو التكفير أو الظلامية والرجعية وكأن البعض هم المتملكون للحقيقة الناطقون باسم الرب بينما يجعل من هفوة الآخر ادّا عظيما وصوابه تمويها منزويا مردودا وصوليا لأهداف وانتهازيات ميكافيلية
ان هذه الازمة التي عاشها الكثير منا ولازال البعض من بقايا الحرس القديم موغلا فيها والتي ادت بالكثير الى الأنكفاء والتقوقع على مفردات وادبيات لا تلائم هذه المرحلة بل ان اعادة قراءتها والتأمل في معطياتها وانزالها في ظرفها التي قيلت او اعملت فيه يجعل من هذه المفردات مرتكزا ومعينا على فهم واقعنا الحالي والارتقاء به ويجعل من هذا الموروثات قاعدة للانطلاق لا تخالف مشروع الامة النهضوي بل تنزل منزلها المناسب لها الذي تسير فيه سيرا متسقا مع بقة تراثنا العظيم والتي بها جميعا يتم لنا البناء التكاملي المنشود .
والمشكلة التي يعاني منها هؤلاء الرموز وهذه القمم هو ذلك الجمهور العريض الذي وقف مهللا ومقدسا للأطروحات الماضية ويقف الان عاجزا وغير مستوعب لهذه التغييرات الآنية المعاصرة فيقف البعض حائرا ويقف البعض جامدا مغمضا عينية صاما اذنيه اما البعض الاخر فارتد على اسياده متجنيا يرميهم بتهم الارتكاس والارتداد وكأنه يذكر هذه الرموز بصورتهم الماضية التي يستميتون في تصحيحها
ويجب ان يعي احبابنا من رموزنا ودعاتنا ومثقفينا ان التغيير الفكري هو اصعب انواع التغيير فاطروحاتكم وافكارككم التي مضت ليس من السهل اجتثاثها ما بين عشية وضحاها بل انتم بحاجة لنفس الجهد والبذل والصبر لاعادة رسم الطريق او توجيهه ولعل في خطواتكم المباركة والناضجة من الاعتراف بتغير المرحلة وخطابها ومراجعة وحذف بعض الدفاتر القديمة وفتح قنوات من الحوار مع الآخر مهما كان طيفه , إن كل ذلك يعطينا مؤشرا قويا على حبكم للخير وحرصكم على الحق ويجعل رصيدكم عند العقلاء في صعود وتميز أما الجهلاء والمنكفئين فهم ثقل على الصف يصبر عليه ويؤمل أن توظف قدراته لإكمال البناء .
ولا بد من التنويه في هذه العجالة ان التغيير والاصلاح الذي ينشده دعاتنا ومثقفينا _ كما يؤكدون دائما _ أنه لا يمس المحكمات والضرورات الدينية التي قام وسيقوم عليها ديننا وحضارتنا كما لا يعني ايضا تمييعها وتقديمها ممسوخة مفصلة بحسب الاهواء خالية من مضامينها وروحها وانما المعني اعادة ومراجعة بعض الافهام والاجتهادات والقراءات التي قيلت في فترة ماضية لم يعد واقعنا يستوعبها ويتجاوب معها
كما اختم بالتنويه بعدم الوقوع بما وقعنا فيه سابقا من أن نقدس هذه الافكار والمراجعات الاصلاحية فهي اجتهادات بشريه قابله للمراجعة والتغير وإنما هو اجتهاد آني مرحلي نراه مناسبا الآن ولا يمنع أن نصلح إصلاحنا وان نراجع مراجعتنا حينما نوقن يقينا بعدم جدواها
ابو زياد
( المقال منشور باسمي في بعض الصحف )
تتنوع وتتغير رؤى الاصلاح والتغيير وفقا للظروف المحيطة والتي يراعى فيها دائما وضع الزمان والمكان ولغة الخطاب اضافة لردات الافعال والتي تشكل مع بعضها منظومة تسير وفق فهم وإعمال واستنباط ما يلائم ذلك من الموروث المقدس الذي جاء محكما قطعيا في ثبوته ودلالاته بعيدا عن أفهام الشخوص واجتهاداتهم التي هي قابلة للأخذ والرد وفق تأكيدات النص المقدس نفسه
ولا شك ان مراجعة مثل هذه الافهام والتأمل فيها ظاهرة صحية يراعى فيها واقع الامة ومصلحتها ومدى جدوى ما طرح وقدم من حيث التقدم والتقهقر ومن حيث المصالح والمفاسد.
وبنظرة متأملة لما كان سائدا في واقعنا المحلي نجد
ان هذا الطرح قديما اكتنفه الكثير من التراكمات والتجنيات والتي هي ليست عامة وشاملة ولكنها طالت شريحة كبيرة جدا من رموزنا ومتلقينا على اختلاف مشاربهم والتي تبدأ من التعالي والاعتداد برؤى شخصية للموروث الثقافي والذي صورت فيه هذه الرؤى وكأنها وحي مرادف للنص من ناحية التقديس والاجلال والذي اضفي على مفسره وناقله كاريزما مخيفه تمنع عنه الهفوة ناهيك عن الخطأ التنظيري الذي يتجاوز ضرره الفرد الواحد بل يتجاوز مداه الى مجاهيل عقول المريدين الموغلين في اطروحات هذه النخب والزعامات المقدسة من وجهة نظرهم .
وتنتهي هذه التراكمات بالجلد للمخالف لهذه الرؤى غير المعصومة ونقل مخالفته من اختلاف تنوعي الى معاداة لأصل الدين ومن ثم التبديع أو التفسيق أو التكفير أو الظلامية والرجعية وكأن البعض هم المتملكون للحقيقة الناطقون باسم الرب بينما يجعل من هفوة الآخر ادّا عظيما وصوابه تمويها منزويا مردودا وصوليا لأهداف وانتهازيات ميكافيلية
ان هذه الازمة التي عاشها الكثير منا ولازال البعض من بقايا الحرس القديم موغلا فيها والتي ادت بالكثير الى الأنكفاء والتقوقع على مفردات وادبيات لا تلائم هذه المرحلة بل ان اعادة قراءتها والتأمل في معطياتها وانزالها في ظرفها التي قيلت او اعملت فيه يجعل من هذه المفردات مرتكزا ومعينا على فهم واقعنا الحالي والارتقاء به ويجعل من هذا الموروثات قاعدة للانطلاق لا تخالف مشروع الامة النهضوي بل تنزل منزلها المناسب لها الذي تسير فيه سيرا متسقا مع بقة تراثنا العظيم والتي بها جميعا يتم لنا البناء التكاملي المنشود .
والمشكلة التي يعاني منها هؤلاء الرموز وهذه القمم هو ذلك الجمهور العريض الذي وقف مهللا ومقدسا للأطروحات الماضية ويقف الان عاجزا وغير مستوعب لهذه التغييرات الآنية المعاصرة فيقف البعض حائرا ويقف البعض جامدا مغمضا عينية صاما اذنيه اما البعض الاخر فارتد على اسياده متجنيا يرميهم بتهم الارتكاس والارتداد وكأنه يذكر هذه الرموز بصورتهم الماضية التي يستميتون في تصحيحها
ويجب ان يعي احبابنا من رموزنا ودعاتنا ومثقفينا ان التغيير الفكري هو اصعب انواع التغيير فاطروحاتكم وافكارككم التي مضت ليس من السهل اجتثاثها ما بين عشية وضحاها بل انتم بحاجة لنفس الجهد والبذل والصبر لاعادة رسم الطريق او توجيهه ولعل في خطواتكم المباركة والناضجة من الاعتراف بتغير المرحلة وخطابها ومراجعة وحذف بعض الدفاتر القديمة وفتح قنوات من الحوار مع الآخر مهما كان طيفه , إن كل ذلك يعطينا مؤشرا قويا على حبكم للخير وحرصكم على الحق ويجعل رصيدكم عند العقلاء في صعود وتميز أما الجهلاء والمنكفئين فهم ثقل على الصف يصبر عليه ويؤمل أن توظف قدراته لإكمال البناء .
ولا بد من التنويه في هذه العجالة ان التغيير والاصلاح الذي ينشده دعاتنا ومثقفينا _ كما يؤكدون دائما _ أنه لا يمس المحكمات والضرورات الدينية التي قام وسيقوم عليها ديننا وحضارتنا كما لا يعني ايضا تمييعها وتقديمها ممسوخة مفصلة بحسب الاهواء خالية من مضامينها وروحها وانما المعني اعادة ومراجعة بعض الافهام والاجتهادات والقراءات التي قيلت في فترة ماضية لم يعد واقعنا يستوعبها ويتجاوب معها
كما اختم بالتنويه بعدم الوقوع بما وقعنا فيه سابقا من أن نقدس هذه الافكار والمراجعات الاصلاحية فهي اجتهادات بشريه قابله للمراجعة والتغير وإنما هو اجتهاد آني مرحلي نراه مناسبا الآن ولا يمنع أن نصلح إصلاحنا وان نراجع مراجعتنا حينما نوقن يقينا بعدم جدواها
ابو زياد
( المقال منشور باسمي في بعض الصحف )