مسدد
19-07-2003, 05:16 AM
جاء صباح يوم الجمعة في مدينة ماركفيلد وطلب مني أحد الأخوة أن أخطب الجمعة في المركز الإسلامي الي كنا نقطن فيه ، أحسست بقلبي يخفق بشكل غير طبيعي وأصبحت بين نار الإقدام والإحجام فقررت الإقدام مستعينا بالله متوكلا عليه ، وكان ذلك قبل الخطبة بما يزيد على الساعة ولكننا كنا متوجهين للغداء لأن موعد الغداء كان يسبق خطبة الجمعة ، وانطلقت بسرعة لأكتب ما استطيع في قصاصة من الورق ، تذكرت حضوري في أحد مساجد لندن وأن الخطيب خصص خطبته في ذلك اليوم للهجوم على حكام البلاد الإسلامية واتهامهم بشتى الاتهامات في يوم أحسست فيه بالقرف ، قلت في نفسي إن هل استخف بعقول الناس وازمجر كما زمجر ذلك الخطيب؟ أم ابحث عن موضوع من مواضيع الرقائق؟ فحددت عناصر الخطبة عن أهمية الإيمان باليوم الآخر ومقتضى ذلك الإيمان ، ولم تتجاوز الخطبة الربع ساعة ، ومع شروعي في الخطبة في مسجد لا تزيد مساحته عن 9 متر في 12 متر ، شاهدت الصفوف الأولى من الرجال وفي آخر صف النساء الملتزمات بالحجاب الشرعي ومعهن الأطفال ، قلت في نفسي (هنيئا لعودة الأخت المسلمة إلى المسجد بعد غياب طويل) حتى أن أحد الأخوة تحدث بشغف مساء ذلك اليوم عن أن هذا المجتمع الذي عايشناه في تلك الأيام المباركة كان أقرب من المجتمعات العربية لمجتمع الصحابة رضوان الله عليهم – مع فارق في التشبيه ، وبعد الصلاة جائني شخص باكستاني وحاورني في ملحظ معين ، ثم عرفني بنفسه فأحسست بالحرج لأنه دكتور في الدراسات الإسلامية ، ثم تعرفت على مجموعة من الأخوة الآسيويين والعرب فإذا هم ممن أستحي أن أقف أمامهم ، بعدها مضيت في طريقي نحو أخوتي فصادفني رجل في خارج المسجد وصافحني بحرارة وعرفني بنفسه فإذا هو من خيرة من التقيت بهم في ذلك اليوم ، ثم بدأ بالحديث ، الحقيقة شدني حديثه حول مفهوم قوله تعالى ((كنتم خير أمة أخرجت للناس)) وقال: لم يقل الله تعالى ((أخرجت من بين الناس)) بل ((للناس)) أي أن مفهوم الخير وأثره يصيب جميع الناس بفضل هذه الأمة فيما لو اتبعت أمر الله ، ثم قال: هل الأفضل أن ينظر لك النصارى أنك قنبلة متحركة يفرون كلما رأوك ويخوفون أبناءهم منك أم الأفضل أن يشيرون إليك قائلين These are the good people ويقولون لأبناءهم Learn from those how to be nice قلت له الصورة الثانية أفضل ، قال: لقد كانت فرحتكم لا توصف بعد أحداث نيويورك وكنا نعيش في شيء من الضنك والتعب وسوء الفهم وسوء الظن ، وكنا نحن نبذل قصارى جهدنا لإجلاء أفهام الناس ، قبل أحداث نيويورك كانت الناس تنظر إلينا باحترام منقطع النظير وبعد الأحداث بدأ التضييق وخلال السنتين الماضيتين فرغنا جهودا مضنية وأموال كثيرة وأوقات مهدرة في توضيح المباديء العامة للإسلام والآن أصبح حالنا أفضل مما كنا عليه قبل أحداث نيويورك ، فقلت له ولكن أحداث نيويورك جعلت الكثير من النصارى واللادينيين يدخلون الإسلام ، فقال: لم يدخلوا الإسلام بفضل هذه الأحداث بل أنهم قرأوا وبحثوا وتحروا بأنفسهم ، وكل من قابلته ممن أسلم بعد الأحداث يقر بأن الإسلام صورته مشوهة في نفوس الغربيين وأنه وإن أعلن إسلامه بعيد الأحداث فإنه يرفض تلك التفجيرات ويعتبرها جريمة وفق الشريعة الإسلامية وأن سبب إسلامه ليس انهيار المبنيين بل لأن هذه الأحداث دفعته للقراءة عن الإسلام بشكل منصف فوجد أن الإسلام ضد مثل هذه التصرفات ، شكرته على حديثه الممتع وانصرفت عنه.
وفي أحد الأيام قررنا أن نعمل جلسة شواء في أحد المواقع السياحية القريبة من مدينة ليدز البريطانية ، وفي جلستنا تلك لم نكن الوحيدين الذين يمارسون هواية الشواء ، كان حولنا العديد من المواطنين الإنجليز ، وكان يمر بين الفينة والأخرى رجل عجوز ، فأخذ الشباب بالتندر – ليس سخرية به ولكن بأنفسهم – قائلين "صاحبنا الانجليزي ما تحمل ريحة الشواء العربي ارحموه واكرموه" ، وأخذنا نحلل الموقف فيما لو أردنا أن نقدم له هدية بسيطة ، فبادر أحد الزملاء وأخذ صحنا ووضع فيه خبزة وقليلا من السلطة ووضع فيه شيئا من الكباب والمشاوي اللذيذة وتوجه نحو الرجل العجوز الذي كاان جالسا مع حفيده وأعطاه الصحن وهو يشرح له ميزة كل أكله ، الرجل شكر صاحبنا وأخذ يتناول الطعام هو وحفيده وكان يبدو عليهم مظاهر التلذذ بتلك الوجبة ، وقبيل مغادرة الرجل العجوز موضع الشواء توجه صوبنا هو وحفيده وشكرنا ووجه حفيده لشكرنا وكانت الابتسامة تعلو محياهما ، فقال أحد الأخوة العرب الذين يعيشون في بريطانيا "لا يمكن أن تتخيلوا مدى تأثير تصرفكم ، البريطانيون يحبو الهدية ويقدرونها بشكل كبير جدا" ، ثم انطلقنا ماشين نحو جسر خشبي فوق النهر يبعد عنا ما يقرب الكيلومتر ، وعند البوابة (وهي على شكل سور خشبي ارتفاعه متر) شاهدنا عجوزا تدفع زوجها في عربته لأنه لا يقوى على السير (عربة المشلولين) ولكي يفتح الباب كان على الزوج أن يمسك الباب ثم تعود الزوجة لتسحب العربة ويسحبان معهما الباب في منظر يدعو للشفقة ، فركض نحوهما أحد الزملاء وفتح لهما الباب فضحكت العجوز وهي تقول Thanks sun وكانت متعجبة من تصرفه هذا ، وبعد عودتنا من رحلة الشواء تحدثنا عن ما قام به الأخوان ، هل هذا التصرف البسيط له تأثير؟ ، فقال أحد الشباب: اعتقد أنه مخزون يبقى في ذاكرة هذا النصراني حتى إذا كثرت التراكمات الحسنة وبذل جزءا يسيرا من التحري والبحث وفقه الله إلى كل خير ، ولن يفسد هذه التراكمات إلا التصرفات الرعناء والأفعال الهوجاء والأخلاق السيئة ، وهذا هو الفرق بين الأرهاب والكباب.
نستطيع أن نجعل الناس يتوددون لنا ، إما بحزام متفجرات في وسط خواصرنا أو بقطعة من الكباب ، لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم.
وفي أحد الأيام قررنا أن نعمل جلسة شواء في أحد المواقع السياحية القريبة من مدينة ليدز البريطانية ، وفي جلستنا تلك لم نكن الوحيدين الذين يمارسون هواية الشواء ، كان حولنا العديد من المواطنين الإنجليز ، وكان يمر بين الفينة والأخرى رجل عجوز ، فأخذ الشباب بالتندر – ليس سخرية به ولكن بأنفسهم – قائلين "صاحبنا الانجليزي ما تحمل ريحة الشواء العربي ارحموه واكرموه" ، وأخذنا نحلل الموقف فيما لو أردنا أن نقدم له هدية بسيطة ، فبادر أحد الزملاء وأخذ صحنا ووضع فيه خبزة وقليلا من السلطة ووضع فيه شيئا من الكباب والمشاوي اللذيذة وتوجه نحو الرجل العجوز الذي كاان جالسا مع حفيده وأعطاه الصحن وهو يشرح له ميزة كل أكله ، الرجل شكر صاحبنا وأخذ يتناول الطعام هو وحفيده وكان يبدو عليهم مظاهر التلذذ بتلك الوجبة ، وقبيل مغادرة الرجل العجوز موضع الشواء توجه صوبنا هو وحفيده وشكرنا ووجه حفيده لشكرنا وكانت الابتسامة تعلو محياهما ، فقال أحد الأخوة العرب الذين يعيشون في بريطانيا "لا يمكن أن تتخيلوا مدى تأثير تصرفكم ، البريطانيون يحبو الهدية ويقدرونها بشكل كبير جدا" ، ثم انطلقنا ماشين نحو جسر خشبي فوق النهر يبعد عنا ما يقرب الكيلومتر ، وعند البوابة (وهي على شكل سور خشبي ارتفاعه متر) شاهدنا عجوزا تدفع زوجها في عربته لأنه لا يقوى على السير (عربة المشلولين) ولكي يفتح الباب كان على الزوج أن يمسك الباب ثم تعود الزوجة لتسحب العربة ويسحبان معهما الباب في منظر يدعو للشفقة ، فركض نحوهما أحد الزملاء وفتح لهما الباب فضحكت العجوز وهي تقول Thanks sun وكانت متعجبة من تصرفه هذا ، وبعد عودتنا من رحلة الشواء تحدثنا عن ما قام به الأخوان ، هل هذا التصرف البسيط له تأثير؟ ، فقال أحد الشباب: اعتقد أنه مخزون يبقى في ذاكرة هذا النصراني حتى إذا كثرت التراكمات الحسنة وبذل جزءا يسيرا من التحري والبحث وفقه الله إلى كل خير ، ولن يفسد هذه التراكمات إلا التصرفات الرعناء والأفعال الهوجاء والأخلاق السيئة ، وهذا هو الفرق بين الأرهاب والكباب.
نستطيع أن نجعل الناس يتوددون لنا ، إما بحزام متفجرات في وسط خواصرنا أو بقطعة من الكباب ، لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم.